الاثنين، 2 نوفمبر 2009

الود والاختلاف


كان (أبوبكر)الصديق رضى الله عنه يرى عدم قتل أسرى بدروأن
يؤخذ الفداء منهم لينتفع به فقراء المسلمين .
وكان (عمر )الفاروق رضى الله عنه يرى قتلهم .
واختار الرسول صلى الله عليه وسلم رأى أبى بكر,وكان رأى عمر هو الأصوب .
والسؤال المهم هنا :
لماذا لم ينزل (جبريل )عليه السلام بحكم الله تعالى وينتهى الامر؟
والجواب المهم :أن الله تعالى يعلمناكيف يكون الاجتهاد ولايكون اجتهاد إلا بتعدد وجهات النظرأى لا اجتهاد إلا باختلاف الآراء .
والاختلاف غير الخلاف لأن الخلاف مقرون بالخصومة والخلاف
مجرد الرأى والرأى الآخر.
ودعونا نتساءل :أيهما كان على صواب أبو بكر أم عمر ؟
كلاهما كان مصيبا .إلا أن الصواب درجات فهناك الصائب وهناك
الأصوب ,هناك الجميل والأجمل هناك الراقى والأرقى .
وقد كان أبوبكر ينظر من نافذة المستقبل ويأمل أن يدخل هؤلاء فى الإسلام وهو ما حدث بالفعل .
وكان عمر ينظرمن نافذة الحال ويرى أن هؤلاء الأسرى إذا أطلق سراحهم سيعودون كرة أخرى لحرب المسلمين وهو ماحدث فعلا.
ولقد نزل الوحى برأى عمر,أى رجحه على رأى أبى بكر .
وهنا الدرس المستفاد :
أن خلافنا حول قضية ما لايعنى خطأواحد منا فيمكن أن يكون كلا الرأيين صوابا .
وإذا كان رأى أحدنا خطأً ظاهرا فهذا لا يقتضى الصدام وإنمايحبذ
الاحتكام إلى مرجعية مشتركة ,لتكن التحكيم أو القرعة أوأى طريقة أخرى .
إن الاحتكام إلى لغة القوة يخنق المودة ويخلق الأحقاد ويؤجج نيران الفتن التى تحصد كل الأطراف .
ويجب ألا ننسى أن الاختلاف تنوع وأنه سنة الله فى خلقه لا تقوم
الحياة إلا به ,وتقدس قول الحق -جل وعلا -:"ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم "هود 117-118
تأمل قول ربنا جل وعلا "ولذلك خلقهم "
نعم خلقهم ليختلفواولتتعدد وجهات النظر وتتنوع الرغبات والحاجات ومظاهر الحياة وهذا الذى تدور عليه حركة الإعمارفى
الأرض ,ولو كان الناس طبعة واحدة مطيعة مصيبة لوقعوا فى
مصيبة فادحة لأنهم بشر لا ملائكة وهم فى حاجة إلى تبادل المنافع
والخدمات ولن يكون ذلك إلا بالتنوع فى الطاقات والإمكانات وهذا
عطاء الله "كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا "الإسراء20
وقبل أن أضع القلم أذكركم بتلك المقولة الرائعة :
(اختلاف الرأى لايفسد للود قضية )
.......مصطفى فهمى ابو المجد

ليست هناك تعليقات: