الخميس، 26 نوفمبر 2009

أمة الدعوة

قال:سمعت كافرا منزعجا لأن خطباءنا يلعنونهم على منابر المساجد .
قلت :وما رأيك أنت ؟
قال :إنهم يستحقون اللعنة فى الدنيا والآخرة ."إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا "هذا كلام الله .فكيف لانلعن من لعنهم الله ؟
قلت :أمّا أن الله يلعنهم فالله جل جلاله يفعل ما يشاء .وأما أن نلعنهم نحن فلا حق لنا إلا بأمر من الله .فأين هذا الأمر ؟
قال :-متعجبا-قولك غريب .لقد جرت عادة الأمة على لعن الكفار.
قلت :للأسف هذا وهم .فالأمة لم تتواضع على هذا أبدا .وإنما هو
أمر فعله الناس فى عصور الضعف عندما تداعى علينا الأمم ولم
نجد حيلة إلا الدعاء .فاخترع لنا الفقهاء الجاهلون فى تلك العصور حكاية الدعاء هذه ليدغدغوا بها مشاعر الجماهير الغافلة الكسول .ولو كان هؤلاء الفقهاء على مستوى دينهم لدعوا إلى الجهاد وإيقاظ الأمة بدلا من الركون إلى بدعة الدعاء غير البصير والذى لاسند له من نقل ولا عقل .
قال :بل له سند فالرسول صلى الله عليه وسلم دعا على قريش فقال "اللهم اجعلها عليهم سنين كسنى يوسف "ودعا على قبيلة عُضَل
والقارة لأنهم غدروا بأكثر من سبعين من الصحابة .هذا السند من السنة ومن القرآن قوله تعالى "إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا " .أما الدليل العقلى فهو كراهيتهم للإسلام وأهله وظلمهم
لنا باغتصاب حقوقنا .فهل يطلب منا -بعد ذلك -أن نباركهم وندعو
لهم ؟
قلت :ما قلتَه حق كله .ولكنه يحتاج إلى ترشيد .
قال :أرشدنى يرحمك الله .
قلت :بل الله تعالى يرشدنا جميعا .استمع إلى قوله عزوجل فى سورة الممتحنة "لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين .إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك
هم الظالمون " .
هاتان الآيتان وضعتا النقاط على الحروف وفرقت بين قوم معتدين وقوم مسالمين ولم تذكر كفارا وغير كفار .أى أن الحكم فى الآيتين ينطبق على المعتدين ولو كانوا مسلمين .
قال :ولوكانوا مسلمين ؟كيف ؟
قلت :ألم يقل جل شأنه فى سورة الحجرات "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى
فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء إلى أمر الله ".
فالمسألة ليست مسألة كفر وإسلام كما هو بيّن .ولقد هادن الرسول
صلى الله عليه وسلم يهود المدينة وهم على غير دينه ولم يخفوا
أبدا عداءهم له .ولم يباديهم إلا عندما تحركوا وتآمروا .
ومعنى هذا أن للكافر أن يعتقد ما يشاء فلا إكراه فى الدين وحسابه
على الله .فإذا ما تحولت كاهيته إلى عدوان فهذا شىء آخر .
قال :تريد أن تقول لا يجوز لعن الكفار على سبيل العموم إنما يجوز لعن المعتدين فقط ؟
قلت :هذا هو الحكم الشرعى كما علمت .على أن هناك أمرين هامين :
الأول :أن علماء الإسلام يقسمون الناس إلى أمتين :أمة الدعوة
وأمة الإجابة .الأولى هى الناس جميعا .والثانية هم نحن المسلمين.
فالذى يطلق اللعن خاطىء وعليه أن يدعوهم ويدعو لهم .
الثانى :أننا إذا قلنا لهم :أنتم كفار قالوا لنا :بل أنتم كفار .وهذا التنابز لن يحل مشكلة .وإنما الحل أن يترك لكل مقتقد حرية الاعتقاد .مع حق كل صاحب عقيدة فى الدعوة بالحسنى إلى عقيدته والحكم فى النهاية لقوله تعالى "فأما الزبد فيذهب جُفاء وأما
ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض "أى أن البقاء والغلبة للأصلح
ونحن على يقين أن الإسلام هو الدين الأقوم للعالمين .
قال :والخلاصة ؟
قلت :لا يجوز اللعن إلا على المعتدين مثل -الصهاينة-الذين يحتلون فلسطين ومن يساعدونهم على ألا يكون الدعاء سلاحنا
الوحيد وإلا فهو دعاء المستكينين الخوّارين وهؤلاء ليسوا أهلا لأن يستجاب لهم .
وفى الختام أذكّر بقول الله تعالى لنبيه الكريم -بعد دعائه على نفر
من الكفار "ليس لك من الأمر شىء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون "فترك الرسول صلى الله عليه وسلم الدعاء عليهم .
........مصطفى فهمى ابو المجد

هناك تعليق واحد:

أشرف العدل يقول...

احييك اخى الفاضل على ما تفضلت به من تبيان هام فى هذه المسالة الحساسة والتى يقع فيها الكثيرون .ولقد دعا امام مسجدنا قريبا على اليهود ومن هادنهم والمسيحيين ومن سامحهم ولنا جيران مسيحيون لا يبادلوننا الا كل احترام وتقدير فكنت استحى ان القاهم بوجهى اذ انهم يسمعون اهات شيخنا من على منبر الجمعة وهو يدعو عليهم بالهلاك فهل هذا هو الاسلام؟ للاسف نحن نحتاج الى مزيد من الوعى الذى يجعلنا نقدم الاسلام على انه حل لجميع مشكلات الناس بكل طوائفهم واختلاف دياناتهم وليس منبر لسبهم .والان اقول لماذا اخفى نبينا الكريم امر المنافقين ولم يعلن اسماءهم الا عند موتهم ؟حتى لا يتحول مجتمع المسلمين الى مجتمع متطاحن متباغض كل همه ان يعرى المنافقين ويتبنى فضحهم ويسب ويدعو علىهم وهذه ليست مهمة المسلمين فى اى حال .
اخيرا احييك اخى على ما تفضلت به
والسلام