الأربعاء، 18 نوفمبر 2009

نجوى الأشجار

الحاج على الفلاح وابنه عطية يجلسان على راس الغيط فى ظل شجرة .طلب الحاج على من ابنه أن يناوله القُلّة .لكن الولدلم يسمع


زعق أبوه :إنت مسطول زى الشجرة دى.هات القلة .
نظرت الشجرة إلى زميلتها وقالت :
سامعة قلة أدب بنى آدم ؟   قالت أختها :ليسواكلهم مثل
الحاج على .قالت الأولى :
تقصدين الشيخ إبراهيم ؟هذا رجل عسل .بنى آدم يفهم صح .
-إى والله .ما زال صوته فى أذنى وهو مقبل علينا يقول :
سبحان الخلاق العظيم .أنبتنى من الأرض مثل هذه الأشجار.أنا
أشعر أنها أختى .أليس الأصل واحدا ؟والمرجع واحد ا؟صدق
القائل جل وعلا "منها خلقناكم وفيها نعيدكم ".
-ولما أوى إلى الظل اعتمد على ذراعيه وهو ينظر ويقول :
أيتها الشجرة يا أمة الله .إنك كائن حى متكامل .تأكلين وتشربين مثلى .وتتنفسين مثلى وتعرقين مثلى .وتتكاثرين وتكبرين وتهرمين مثلى .لعل الفارق بيننا أنك تتحركين مكانك وأنا أمشى هنا وهناك .سبحان الخلاق العظيم .
-ولكن يا أختاه .لماذايتمتع الشيخ إبراهيم بالحس العالى ؟والحاج على بكل هذه البلادة ؟
-لاتكونى قاسية .فالرجل أمى لم يقرأ كتابا .ولم يسمع محاضرة
فكيف يكون مثل الشيخ الذى يحيا بالعلم وللعلم ؟
-عفوا يا عزيزتى ليست المسألة مسألة علم بل إحساس فطرى
فطر الله الخلق عليه .
-صدقت فنحن الأشجار التى يقول عنا الحاج على مساطيل نحن
نحس ونستجيب للعوامل المحيطة نحن نحيا بالآخرين ومعهم
ولهم .ولكن بعض البشر قست قلوبهم فهى كالحجارة أو أشد قسوة
-سمعت أن شجرتين من أسلافنا جاءتا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أشار إليهما .
-ومن قبل كانت النخلة مأوى وغذاء وشرابا للسيدة مريم عليها
السلام .
-وهل نسيت قصة الجذع الذى حن شوقا إلى حبيبه صلى الله عليه
وسلم وبكى عندما تركه صلى الله عليه وسلم وصعد المنبر .
رحم الله ذلك الجذع .إنه لم يهدأ حتى ضمه حبيبه صلى الله عليه
وسلم ووعده بلقاء فى الجنة .
-من أجل أننا مخلوقات مفيدة ومحترمة نبه الرسول صلى الله عليه
وسلم إلى أنه "من قطع سدرة فى فلاة يستظل بها ابن السبيل بغير
حق يكون له فيها صوب الله رأسه فى النار "
-ولكن الإنصاف يقتضينا أن نعترف أن فينا شجراخبيثا ما له من قرار .
-نعم .ولكن هذه الشجرة الخبيثة عندما تجتث من فوق الأرض
ينتفع بها الناس .فهى وبال على نفسها خير لغيرها .
-معك حق .والله إننا لمخلوقات رائعة .نؤثر الآخرين على أنفسنا
نحن مصانع لتنقية الهواء لتعيش المخلوقات .ونحن عمائر سكنية
تؤوى مئات وربما الملايين .كلنا منافع ولله الحمد .
-وهذا الإنسان الجحود هل كان يستطيع الحياة لولانا ؟نحن أساس حياته شاء أم أبى .نحن فى مأكله ومشربه وملبسه ومسكنه وأدوات مهنته .
قالت الأخرى -ضاحكة- :بل نحن نصحبه إلى قبره فلا نتركه إلا
فى أحضان أمنا الكبرى الأرض .
وهبت ريح عاصف أسقطت كثيرا من(الجميز ) على رأس الحاج على وابنه اللذين ابتعدا وهما (يبرطمان )بكلمات غير مفهومة .
.....مصطفى فهمى ابو المجد

ليست هناك تعليقات: