السبت، 3 أكتوبر 2009

عطاء الحضارات (الطريق الثالث )

مضت البشرية ردحا طويلا من الزمان تبحث عن طريق يحل مشكلاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية .
ووصل الغرب -بعد حربين عالميتين وحروب صغيرة كثيرة إلى طريق (الرأسمالية )وألقى عندها عصاه باعتبارها الحل الأمثل لكل مشكلاته
وهذه الرأسمالية تقوم على فكرة الحرية الفردية باعتبار الفرد أساس المجتمع وبتحرره
وتقدمه يتحررالمجتمع ويتقدم .
أى أن إرادة الأفراد هى الحاكمة .فهى تأى بالحكومةأوتسقطها .
ولكن ماهو معيار الأفراد لإقامة حكومة ؟
إنها رغبات الأفراد .وبالتالى فمن يحقق هذه الرغبات يحكم .ولكن ماحدود هذه الرغبات ؟
لا حدود لها إلا القانون الذى رضيه الأفراد .
وخير تعبير عن النظام الرأسمالى (السوق )فهو المرآة الكاملة لهذاالنظام .
والعرض يمثل المنتج الاقتصادى والاجتماعى والأخلاقى للنظام .فالخمر سلعة اقتصادية
يسمح بها نظام العلاقا بين الناس وهى تصرف يمس الجانب الأخلاقى .
والحرية الجنسية تتمخض عن نشاط اقتصادى يتمثل فى بيوت البغاء ومافيه من حركة المال
وهو نوع معترف به اجتماعيا.وهو تصرف سمس الأخلاق .
ولعل الربا أوضح مثل لذلك كله .
ولكن المجتمع الرأسمالى أفاق منذ عقود على ثورة العمال الذين رأوا أنفسهم وقوداللتقدم
الصناعى تطحنهم آلاته الجبارة دون أن يحصلوا على كامل حقوقهم .فكانت الصيحات :
(يا عمال العالم اتحدوا ) .
واتحدوا ..وتمخض الاتحاد فولد النظام (الشيوعى ) أو (الاشتراكى ) .
وهو يقوم على عكس أسس الرأسمالية .فالمجتمع هوالأساس لأن الأفراد بدونه لاشىء .لذا
فلا بد أن تكون يده العليا .
ولكن من هو المجتمع ؟ إنه الدولة .ومن الدولة ؟إنها الحكومة .والحكومة هى الأفراد التى
بيدها السلطة والثروة والسلاح .
ووجد الفرد نفسه عبدا قِنّابعد أن كان حرا عربيدا.
ولم يصح إلا الصحيح .فصحا العالم اوائل التسعينات من القرن الماضى ليرى النظام الشيوعى أنقاضا وركاما .
والتقطت الرأسمالية أنفاسها وأيقنت أنهاالطريق الأمثل .ولكن شماتتها لم تدم طويلا .فرأينا
نظامها المالى -وهو عصبها-يجثو على ركبتيه .ولا يزال يحاول النهوض .
ورأينا أحد أقطابه (الرئيس سركوزى )يصرح :(إننا فى حاجة إلى نظام جديد أكثرأخلاقا.
والحق الذى لاشك فيه أن الغرب أخطأ خطأجسيما -وهو يبحث عن الخلاص بعيدا عن ظلام الإقطاع-أخطأ عندما لم يحسن قراءة التاريخ .ودفعه التعصب الأعمى إلى تجاهل
النظام الإسلامى وتجربته الفذة التى أضاءت العالم خلال القرن السابع الميلادى ومابعده .
وقد كان جديرا بالباحثين عن الحق أن يروا فيه سفينة النجاة .ولكن قاتل الله التعصب الذى
يُعيى ويُصِم .
وها نحن -بعد الأزمة الماليةالتى تطحن العالم نسمع أصواتا-غربية-تقترح الأخذ بنظام
الاقتصاد الإسلامى .بل ويصيرسعر الفائدة فى بعض الاقتصادات (صفرا )مما يعنى عمليا
إلغاء الربا .
وهذا أمر نسر به ولا نؤيده .
نسر به لأنه يعنى إقرار الغرب -راغما-أنه لم يكن على صواب .ويعنى أنه بدأيستفيق على
حقيقة دامغة تقول :إن هناك نظاما آخركان أجدر بالتقدمة .
ولا نؤيده لأن الأخذ بنظام الاقتصاد فى الإسلام سيكون تجربة فاشلة حتما .لأن الإسلام
ليس نظاما اقتصاديا .إنما هو نظام حياة متكامل .ولن يطبق الاقتصاد الإسلامى إلا مسلمون
ولأن الإسلام نظام أخلاقى اجتماعى سياسى اقتصادى حياة كاملة .
وكيف يتكيف الاقتصاد الإسلامى مع لحوم الخنازير وعدم تذكية الحيوان ذكاة شرعية ؟
وكيف يتكيف الاقتصاد الإسلامى مع الربا وأموال الدعارة والخمور .والمخادنة وكلهاأمور
لها وجهها الاقتصادى والاجتماعى والأخلاقى والعقدى ؟اا
من أراد الحق فالحق أبلج إنه الإسلام كله كيانا واحدا .
ويبدو أنه ليس أمام العالم ألا خيار واحد هو الإسلام .
والإسلام قادم .
والله متم نوره ولو كره المشركون .
مصطفى فهمى ابو المجد

ليست هناك تعليقات: