السبت، 5 سبتمبر 2009

عطاء الحضارات (الشمولية )

قال صاحبى :من مسا وىء الحكم فى الأعصر الماضيات تجمع السلطات (التشريعية والقضائية والتنفيذية )فى يد الحاكم الذى يتحكم فى العباد والبلاد وكان -تبعا لذلك- ما كان
من عموم الظلم والفساد .
قلت :هذا ما كان بالفعل .وأكاد أقرأ فى عينيك التساؤل عن موقف الإسلام من (الشمولية )
قال :إى والله .قلت :لواعتقدت -جازما -مصدر هذا الدين وأنه وحى يوحى من الله رب
العالمين لأرحت واسترحت .ولكن لامناص من إجابتك .
فى عهده -صلى الله عليه وسلم -كان هو النبى والقائد والحكم بين الناس لأن الوحى لم ينزل إلا عليه .وكان لابد أن يتأكد من دقة تنفيذ تعاليم الوحى ولا يكون ذلك إلابإشرافه .
قال :يعنى كانت السلطات كلها فى يده -صلى الله عليه وسلم - ؟
قلت :لا تعجل يا صاح .فإن التشريع الإسلامى يعنى الوحى والوحى ليس فى يده -عليه الصلاة والسلام -إقرأ قوله تعالى :"وما ينطق عن الهوى إن هوإلا وحى يوحى "هل رأيت ؟
ليس الأمر من عنده بل من الله جل وعلا .فهو المشرع لاغير .
قال :أتعنى أنه لم يكن له -صلى الله عليه وسلم -دور فى التشريع ؟
قلت :كان التشريع -أحيانا-ينزل من السماء كاملا ,وأحياناكان الوحى لاينزل بداية ويترك للنبى -صلى الله عليه وسلم -الاجتهاد ,فإن جاء الاجتهاد صوابا فالحمد لله وإن كان غيرذلك
نزل الوحى بالصواب ,أى أن الأمر أولا وأخيراأمر الوحى الإلاهى .
قال :وما الحكمة فى نزول الوحى ابتداء ونزوله بعد فرصة الاجتهاد ؟
قلت :الحكمة أن يكون مفهوماأن الوحى صواب مطلق ويكون فى الأمور العاجلة والتى تتصل بلب الإسلام ,وأن يكون مفهوما -أيضا - أن هنا ك طريقا مشروعا للتعامل بين الناس لابد أن يتضح أساسه وهو التعامل (بالقرائن الظاهرة ) .
قال :لم أفهم .قلت :إن الرسول -صلى الله عليه وسلم -بشر يدركه الموت حتما,وعندئذ سينقطع نزول الوحى فمن للناس بمن يقضى بينهم ؟لذا كان لابد من اعتمادأسلوب القضاء
بظواهر الأدلة .
قال :وحديثنا عن (الشمولية )
قلت :هذه الكلمة تعنى -فى الإسلام-أمرين :الأول :أن التشريع شامل لكل جوانب حياة المسلم حياته الخاصة وصلاته بأسرته والمجتمع وغير المسلمين أى تهيمن وتنظم كل أمور حياته , والمعنى الآخر ما تقصد إليه ,وبهذا الخصوص لم تتركز هذه السلطات-بعد النبى- صلى الله عليه وسلم -فى يد حاكم وكان القضاء مستقلا وغاية فى النزاهة أما التشريع فقد ظل الوحى -بما وضع من ضوابط وقواعد وأصول هو المهيمن مع وجود الاجتهاد فى محيطه وتبقى للحاكم السلطة التنفيذية ولكن باعتبار أنه مكلف بالقيام على حدود الله ورعاية
المصالح العامة فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته .
مصطفى فهمى أبو المجد

ليست هناك تعليقات: