قال صاحبى :لاجدال فى أن الحضارة الحديثة أم العلم و(التكنولوجيا ) فقد كانت العلوم من قبل تخضع لمجرد الحدس والتخمين بل كانت الأساطير والنصوص الدينية أساس العلم رغم عدم خضوعها للتجربة وقد كان الناس يجبرون على اعتقادات باطلة لمجرد أن رجال الدين
فهموها من النصوص وقد أدى هذا -فى أوربا-ألى التمرد على الكنيسة مما أدى ألى الطلاق
البائن بين الكنيسة والعلم الذى انطلق متحررا من القيود الدينية وكان من ثمار ذلك هذه الثورة والطفرة العلمية الهائلة والتى لم تكن أبدا فى صالح الدين .
قلت :كلامك صحيح تماماخاصة أنك أسندته إلى أوربا.
قال :ولكن أقطارالعالم الأخرى لم تكن بدعا فى ذلك .
قلت :من هنا يبدأ الخلاف يا صاحبى .فما قلته عن العداء بين العلم والكنيسة لا ينطبق بحال على العلم والإسلام .قال :ولمه ؟
قلت لأن موقف الإسلام من العلم واضح كالشمس فى رائعة النهار.
قال :لا تنس أن نبى الإسلام -صلى الله عليه وسلم-كان أميا.
قلت وهذا النبى الأمى كان أول ما أنزل عليه "اقرأباسم ربك الذى خلق خلق الإنسان من علق اقرأوربك الأكرم الذى علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم "أرأيت ؟قراءة وعلم وقلم .
قال :نعم ولكن لماذا لم يكن عالما تنزل عليه آيات العلم ؟
قلت :اختاره الله أميا ليكون علمه من عند الله يقينياصادقا لا يتطرق إليه شك .
ولكنك لا تزعم أنه -صلى الله عليه وسلم -كان أستاذا فى الهندسة أو (الفيزياء )مثلا .
قلت :كلا وليس هذا من مهمته ولكن حسبه أن دينه يطلق العقول من عقالهاويسمح لها بل يدعوها بل يأمرها بالبحث والسعى وراء المعرفة "قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشىءالنشأة الآخرة ""أو لم يسيروافى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها".بل هاجم إهدار القوى المفكرة فقال فى مجال السخرية بهؤلاء :"أفلا تعقلون " ؟ااوفى مجال الموازنة بين العلماء والجهال "هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون "؟
قال :وماذا كانت نتيجة تلك الدعوة ؟
قلت :انطلق المسلمون فى مدارات ثلاثة :
الأول :الاطلاع على تراث الأمم السابقة من الفرس والروم واليونان والفراعنة .
الثانى :غربلة كل ما اطلعواعليه ونقده وبيان غثه من ثمينه .
الثالث :إفراز النتاج الإسلامى وبدت ثمار التلقيح بين الحضارات فى صورة الحضارة الإسلامية التى قبلت وطوعت وطورت كثيرا من معطيات الحضارات السابقة وأعطتها وجهها الإسلامى .وعطاء الحضارة الإسلامية للعالم فى شتى المجالات لا ينكره إلا جاهل
أو حاسد .والمنصفون من رواد الحضارة الغربية يعترفون بريادة علماء الإسلام فى شتى
العلوم وفى أساليب البحث العلمى بوجه عام .
ولم يحدث أبدا أن حرم الإسلام البحث والمعرفة .
قال :ولكن التاريخ يذكر أن عمروبن العاص -رضى الله عنه- إبان فتح مصر حرق مكتبة
الإسكندرية وهذا يناكد ما تقول .
قلت :هذه فرية كبرى أطلقها الأعداء الحاقدون والبحث العلمى والتاريخى أثبت يقيناأن مكتبة
الإسكندرية أحرقت فى نار الحرب بين (انطونيو)و(يوليوس قيصر)ولا شأن للمسلمين به .
قال :ولكن الثابت أيضا أن غير المسلمين من اليهود والنصارى كان لهم دور فى هذه الحضارة .
قلت :لا شك وهذا يثبت سماحة الإسلام التامة واعتماده مبدأ احترام العلماء بغض النظر عن الجنس واللغة والدين وهذا هو الإسلام .
على أن الإسلام يضع أمام العلماء خطوطا حمراء تتلخص فى البعد عن العلم الضار وغير الأخلاقى وفى هذا الإطاريحق للعلماء أن ينطلقوا ويحلقوا إلى أبعد الغايات .
مصطفى فهمى أبو المجد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق