الأحد، 17 مايو 2009

اللهم لا تستجب لى

اللهم لا تستجب لى
قال صاحبى:قرأت فى حديث قدسى:"ياعبادى لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا فى صعيد واحد فسألونى فأعطيت كل إنسان مسألته مانقص ذلك مما عندى إلا كما ينقص المخيط إذاأدخل البحر"وأظن الحديث صحيحا.
قلت:الحديث صحيح أخرجه مسلم والترمذى وابن ماجة عن أبى ذر-رضى الله عنه-عن
النبى-صلى الله عليه وسلم-عن الله-جل وعلا- قال:عندما أقرأهذا الحديث يلح علىّ سؤال:لماذالايعطى الله تعالى كل واحد مسألته فيرتاح العباد ويعم الأمان؟
قلت:يغفر الله لك أتظن أنه لو أعطى الله كل أحد مسألته تحل جميع المشكلات؟
قال:ولم لا ؟ قلت:فأين أنت من حديث ابن عباس-رضى الله عنهما -أن النبى-صلى الله عليه وسلم-قال: "لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا
التراب ويتوب الله على من تاب " ألا يفصح ذلك عن أن رغبات الإنسان بحر لا ساحل له؟
قال:وماله؟فماعند الغنى يسع أضعاف أضعاف ذلك .
قلت:هذا لاشك فيه ولكن هناك بعد آخروهوتعارض رغبات الناسوكما قيل (لو تحققت رغبة كل إنسان لما تحققت أى رغبة لإنسان)
قال:كيف ذلك؟ قلت:يعبر عن ذلك ما حكاه (الجاحظ)على سبيل الطرفة أن رجلا قال لصاحبه:ماذاتشتهى فى الدنيا؟قال :قطيعامن الغنم وأنت ماذا تشتهى؟قال:قطيعا من الذئاب لأرسله على غنمك.هذاتعبيريمثل كثيرا من الأنفس التى لايسعدها إلا إتعاس الآخرين لمجرد التشفى فهل من مصلحة البشر أن يحقق الله رغبات هؤلاء؟
على أن هناك بعدا آخرهو أن الإنسان قد يتمنى شيئاويعتبره محور حياته ومنتهى أمله ولكن
الله -سبحانه-لا يحقق له أمله فيخيل إليه أن الزمن توقف وأن الله-جل شأنه-يناصبه العداء
وربما هم بإنهاء حياته ثم تمر الأيام وتتكشف المفاجأة المذهلة..أنه لو كان هذا الأمل تحقق
لكانت كارثة وأن ما قدره الله هو عين المصلحة فأى رغبات ترى أن يحققهاالله عز وجل؟
قال صاحبى:صدقت والله صدقت وقد عشت تجربة تثبت ذلك فقد زارنا بعض أشقائنامن بلد شقيق وبعد انتهاء الزيارة ذهبنا إلى المطارلتوديعهم ولكن تأخرناوغادرت الطائرة ورجعنا
إلى البيت وقد انزعج الضيوف كل الانزعاج فقد ضاعت مواعيد عديدة يترتب عليهاأمور
مهمة وأخذنا نهون عليهم وفجأة سمعنا الإذاعة تعلن عن تحطم الطائرة فى حادث مروع.
ولك أن تتصوركيف انقلب الحال وكيف سجدوالله شكراوكيف كانت التهانى بالنجاة وسبحان
مغير الأحوال.قلت:وأناأحكى لك ماسمعت من صاحب التجربة قال:كنت أسير فى الشارع
فرأيت سيارة فارهة لم تكن سيارة كانت حلما شيئالايوصف شدت بصرى وقلبى وتمنيت
مثلها مهما كلفنى ذلك وصرت أترقب تلك السيارة فى طريقها اليومى وأنا أحس بالحسد يأكل
قلبى تجاه ذلك الشاب الوسيم الذى يجلس فىالمقعد الخلفى مزهوا بشبابه ووجهه الأحمرالذى
ينبض بالصحة والنعيم وذات يوم جاءت فاتنتى ووقفت أمام منزل قريب ونزل السائق ومعه شاب آخر وفتحا حقيبة السيارة وأخرجا مقعدا متحركاوسحبا(الباشا)وأجلساه عليه........
وبدون أن اشعر وجدتنى أجرى وأنا أسمع صوتى يقول:اللهم لا تستجب لى..اللهم لاتستجب لى .فهل ترى-بعد ذلك-أن يجيب الله كل من دعاه؟ويققله مبتغاه؟
قال صاحبى:اللهم لا ولكن كيف يكون موقف الواحد منا إزاء آماله؟
قلت:نقول كما علمنا الحبيب-صلى الله عليه وسلم-"اللهم أحينى ما كانت الحياة خيرا لى وأمتنى ما كان الموت خيرا لى واجعل الحياة زيادة لنافى كل خيرواجعل الموت راحة لنامن
كل شر"وأن تكون ثقتنا بما فى يد الله تعالى أعظم من ثقتنا بما فى أيديناوأن نحسن التوكل على الله وتذكر أن الحكيم العليم -جل وعلا-يدبر الأمربما فيه خيرناوإن قصرت أبصارنا
وعجزت عقولنا عن فهم قدره الحكيم .واستمع معى إلى قوله -عز وجل-:"ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن"المؤمنون71
والله يقول الحق وهو يهدى السبيل.
مصطفى فهمى أبو المجد

ليست هناك تعليقات: