الجمعة، 29 مايو 2009

الغش السام بلاغ إلى النائب العام

الغش السام بلاغ إلى النائب العام
قال صاحبى:قرأت أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قال:"من غشنا فليس منا"فما قصد هذا الحديث؟وما مبلغه من الصحة؟ قلت:أخرج الإمام مسلم-رحمه الله-عن أبى هريرة-رضى الله عنه-أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-مر على صُبرة طعام فأدخل يده فيها
فنالت أصابعه بللا فقال:"ما هذا ياصاحب الطعام"؟اقال:أصابته السماء يا رسول الله.
قال:"أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس؟من غشنا فليس منا".
وأخرج مسلم-أيضا-عن أبى هريرة أن الرسول-صلى الله عليه وسلم قال:"من حمل علينا السلاح فليس منا ومن غشنا فليس منا"
فالحديث-كما ترى-صحيح.قال صاحبى:فهل الغش-من واقع الحديث-يختص بالأمورالمادية ؟قلت:كلا.فإذا كان الحديث بسبب حادثة وقعت فإن العبرة بعموم اللفظ
لا بخصوص السبب.فالغش حرام أنىأنى كانت صفته وأنى كان موقعه.
قال:ولماذا كان الغش حراما؟
قلت:لأنه يعنى الخديعة والكذب والخيانة.لأن الغاش يغرر بالناس ويزيف لهم الأمروالغاش
يكذب على الناس حين يعرض عليهم الأمر على غير حقيقته.والغاش خائن لأن الأمانة تقتضى أداء الأمرعلى وجهه الصحيح.فالمسألة ليست هينة إنهاتصل إلى حد الشرخ المباشر
فى بناء العقيدة.إذ لو كان الغاش مؤمنا لكان أبعد الناس عن خداع الآخرين والكذب عليهم
وخيانة أماناتهم.والدليل على اتهام الغاش فى عقيدته الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن عمرو-رضى الله عنهما-أن النبى-صلى الله عليه وسلم قال:"أربع من كن فيه كان منافقا
خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها إذا اؤتمن خان وإذا
وإذا حدث كذب وإذاعاهد غدر وإذا خاصم فجر"فهذا الحديث يبين أن الغاش ثلاثة أرباع منافق لأنه خائن وكذاب وغادر.ومثل هذا العنصر من أخطر عوامل الفساد فى الأمة.
قال صاحبى:أحببت أن أثيرالحديث فى هذا الموضوع بمناسبة الامتحانات وما يجرى فيها من الغش العلنى والخفى الذى أصبح من الأمور المسلم بهابل أصبح وكأنه حق من حقوق
الطلاب وأصبح الناس يعتبرونه من الأمور العادية.
قلت:لقد فتحت بابا يعد مأساة حقيقية وأنا أقولها بكل صراحة-وقد كنت من رجال التعليم-
إن الغش فى دوائرناالتعليمية حقيقة واقعة لاينكرها إلاجاهل أو متجاهل وأقول لمن يهمه الأمر:إن الذى يتحمل وزر هذه الجريمة إنما هم المدرسون ومديرو المدارس والسبب:
أولا:رغبة مدير المدرسة فى الكسب المادى أوالمعنوى منأولياء الأمورذوى الثراء أوالنفوذ.
ثانيا:التعويض عن الخواء العلمى فالمدرس الضعيف فى مادته يلجأ إلى التحبب إلى الطلاب
عن طريق الغش تعويضاعن عجزه العلمى.ولذا يستحيل أن تجد مدرسا كفؤايسمح بالغش,
ثالث:الفهم الخاطىء والخائب للنصوص الدينية.ومن أعجب ما سمعت تلك المبررات المخجلة التى يسوقها البعض -ومن رجال الأزهر للأسف البالغ-يقول هؤلاء المعتوهون:
لقد ورد فى صحيح البخارى "إن الدين يسرلاعسر"وما رواه الترمذى عن عائشة"خيركم
خيركم لأهله"وقول الله تعالى:"وما جعل عليكم فى الدين من حرج"الحج78
أقول:هذااستدلال لو صدرعن قناعة فهو استدلال جاهل ولو صدر عنوعى فهو استدلال سافل
لأنه تلاعب وقح بنصوص صريحة وتبرير لجرية شنعاء.
قال صاحبى:أرى أن الأمر خطير ويحتاج لوقفة شجاعة.
قلت :بل هو الخطر بعينه وإذا كان المسؤول الأول يقول:إن التعليم هومشروع مصر القومى
فمعنى هذا أن الغش تدمير لهذا المشروع القومى .ويعنى هذاأن الغش إهدار لتلك المليارات
التى يقدمها دافعواالضرائب من أجل هذا المشروع الحيوى.
وإذا كان الهدف من التعليم إفراز كوادر علمية وثقافية تنهض بالأمة فإن الغشاشين يقدمون
للأمة أجيالا من الجهلاء المنحرفين ذوى الذمم الخربة الذين سينتشرون فى كل المواقع.
وهذا ما نشاهده الآن فساد على جميع المستويات لأن مدارسناأصبحت معامل لتفريخ المفسدين.وأصبحت القلة القليلة من العناصر الشريفة معزولة عن هذا الواقع العفن بل أصبحت تخاف أن يلصق بها هذا التيار الساحق السافل اتهامات التشدد والإرهاب.
قال صاحبى:أخبرنى مدرس قريب لى أنه ذهب يمتحن فى (الكادر)الذى ابتكرته الوزارة
وأن المدرسين كانوا كخلية نحل تدوى بالغش دون حياء أو رادع.
قلت:وما الغريب فى هذا؟إن فاقد الشىء لايعطيه وإن الفاجرلايتوقع منه إلا الفجوروكيف يستقيم الظل والعود أعوج؟اولا تعجب-ياصديقى-فقد سمعت ما هو أعجب.قال:وهل هناك
ماهو أعجب؟اقلت:أخبرنى من لاأشك فى صدقه أنه -وهو طالب فى جامعة الأزهر-رأى فى المدينة الجامعبة بعض الطلاب من كلية الطب أثناء سير الامتحانات فقال لأحدهم:هل أجلت امتحانك هذا العام؟فقال له طبيب المستقبل الأزهرى:لاتقلق الليلة ستكون كراسة
الإجابة فى (الكنترول)عشرة على عشرة.اااااا
قال صاحبى:"إنا لله وإنا إليه راجعون"لقد وصل إفساد الغش والغشاشين إلى كل مكان وحتى
النخاع فما المخرج من هذه الكارثة؟
هذا ما أوصلنا إليه العَلمانيون بقيادتهم فى المواقع المختلفة ولن يتبدل الحال ويعتدل إلا بالثورة المضادة .قال صاحبى-مذعورا-ثورة؟اا
قلت:لاتخف لاأدعوا إلى ثورة السلاح والعنف ولكن إلى انتفاضة الفكر المسؤول الذى يقوده
أهل الشرف والنزاهة .الذين يعطون الفرصة الكاملة للعلماء المستنيرين ليقيمواالدين الصحيح -بحكم الدستور-لكى يؤتى أكله الطيب الذى وعد به الرب تبارك وتعالى.
وهذا هو قارب النجاة الوحيد وسط طوفان الفساد العتيد.
والله يقول الحق وهو يهدى السبيل.
مصطفى فهمى أبو المجد

ليست هناك تعليقات: