الأحد، 17 مايو 2009

بين النفس والعقل

بين النفس والعقل
فى ليلة من ليالى رمضان فى هدأة السحرحيث تخف هموم البشروتصفو النفوس من كل كدر
تمددت فى مقعدى وقلبت وجهى فى السماء فأحسست بوزنى يخف وروحى تشف ورحت أُحِِدّالبصيرة وأُرهف السمع....
أيها العقل ماذا تفعل هنا؟
العقل:أتفرس فى الملكوت وأتكلم بلسان السكوت لأرى فى صفحة المساء بيارق الرجاء وفى
رحابة الكون ملاجىء الأمن.
قلت:عجبا..أنت العقل عاشق البحث والتجربة تقول هذا القول الذى لايدخل تحت عدسات
المجاهرولا فى بوتقات المعامل؟إلى من تتجه فى هذه المناجاة الحالمة؟
العقل:إلى الله.
قلت:إلى الله ؟اإلى من لا تراه؟كيف تؤمن بشىء لايقره منهجك التجريبى؟ا
العقل:حقا إننى لاأراه.وهذا دليل على أنه الله.
قلت:كيف ذلك أيها العقل الهمام؟ا
العقل:عندما أكون فى المعمل يكون بأدواته فى محيط إدراكى.أعرف آلاته أستخدمها أصلحها أدمرها..إذن أنا أكبر من هذا المعمل لأنى أراه ولذا لا يمكن أن أرى الله لأنه الله.
قلت:ولكنك تؤمن بأنه لا موجود سوى المحسوسز
العقل:مقولة خاطئة غير منطقية وغير علمية.
قلت:كيف ذلك؟
العقل:أخبرنى عن الجراثيم التى كشف العلم وجودها بعد ما تطورت أدواته ألم تكن موجودة من قبل؟أنظر إلى تيار الكهرباء وهو بين أيدينا نحسه ولا نراهبل لايمكن أن نراه مع يقيننا أنه موجود.فالعيب فى قصورنا نحن عن الإدراك لأن الموجود أخفى منقدراتنا أو أقوى من
طاقاتنا.بل إن هناك ما هو أعجب من ذلك .أنا العقل..أين أنا؟ كيف ينبثق فىّ نور الفكر؟اوما هذه التيارات التى تصطرع فى داخلى؟ااوما هذه المنظومةالمحكمة التى تحكمنى؟اااولماذا
أكون أحيانا فى قمة التوثب ثم أكون أحيانا فى قاع الخمول؟اولماذا أبدوأحياناجبارا أمام أكبر
الأشياء وأحيانا أكون عاجزا أمام أصغر الأشياء؟ااالا أدرى لا أدرى وإذاكنت لاأدرى كُنه
ذاتى فكيف أحيط بخالقى؟اا
قلت:ولماذا تفترض أن لك خالقا؟
العقل:لأن منهجى يقول:(كل موجود لابد له من موجد أقوى منه )فمن أوجدنى؟
قلت:أنت فى معملك قد تقودك المصادفة ألى كشف لم يخطر لك على بال فلم لا تكون قد وجدت بالمصادفة؟
العقل:أنتِتعنين بالصدفة العشوائية أى حدوث الأمردون أسباب أو مقدمات أى دون تدبير.
قلت:نعم أقصد هذا لم لايكون وجودك هكذا؟
العقل:إذا كنتِ على قناعة بما تقولين فتقبلى منى هذه الصفعة .
-ما هذا أيها العقل؟انحن نناقش الأمر بحرية.فلماذا تصفعنى؟هل يعنى ذلك عجزك؟ أم انسحابا من الميدان بعدما أفحمتك؟
العقل:لاهذا ولاذاك إنماجاءت هذه الصفعة من قبيل المصادفة فتقبلى أسفى.
قلت:كيف يعقل أن تكون هذه صدفة وأنت رفعت كفك وهويت بها على وجهى متعمدا؟اا
العقل:إذا كان-من وجهة نظرك-غير معقول أن تكون صفعة بسيطة مجرد صدفة فكيف يكون مقبولاأن يوجد هذا الكون بكل ضخامته وإعجازه وإحكامه بمحض الصدفة؟ااااألا فاعلمى أن الصدفة ليست من منهجى إنما منهجى مقدمات ونتائج وأسباب ومسببات أما الصدفة فشىء عارض قد يأتى وقد لايأتى ومع ذلك إذاقلنا بالصدفة بقى السؤال قائما:من خلق الصدفة؟اا
قلت: الطبيعة.
العقل:ومن أوجد الطبيعة؟
قلت أوجدت نفسها.
العقل:كلام فارغ لايقبله عقل لأن الشيءلايوجد نفسه.
قلت :وما المانع من هذا.؟
العقل:كيف تخلق الطبيعة نفسها وهى قبل أن توجد كانت عدما؟من أين جاءتها نفحة الحياة؟
إن فاقد الشىء لايعطيه .والذى يوجد غيره لابد أن يكون أقوى منه وهو باستعلائه عليه وتمكنه منه قدر عليه فأوجده.قلت:ولكن عقول بعض كبار الفلاسفة قالت إن الطبيعة اوجدت نفسها.
العقل:فليقل من شاء ما شاء فكم تلفظ الألسن من أقوال وكم تخرج المطابع من كتب.والقيّم من
كل ذلك ما وافق الطبع السليم أما من تذكرين فهم فهم علماء المادة الجامدين وهم فى تناقض
ظاهروتناقص مستمرلأن العقلعندما يناقض نفسه يجمد ويصيرآلة فهل سمعت عن آلة خلقت
آلة؟اا
قلت:نعم الآلات تصنع الآلات والعقول الآلية تبرمج العقول الآلية.
العقل:خطأ..خطأ العقل البشرى يصنع الآلات ويبرمج العقول الآلية وهى مسخرة له يمكنها أن تعمل كثيرا وبدقة بالغة ربما أكثر منه ولكن وفقا لأوامره ويمكن أن يدمرها وقتما يريد.
قلت:وهى أيضا يمكن أن تدمره.
العقل:يدمرها وهو يعلم متى وكيف ولماذا؟وتدمره وهى لاتعلم من أمره ولا من أمر نفسها شيئا.
قلت:فأنت إذا بالنسبة لله آلة؟
العقل:أنا خلق من خلق الله منحنى الفكر لأحيا به حياة صالحة فإذاأسأت استعماله دفعت نفسى ومن حولى إلى الهاوية.
قلت: وكيف تحسن استخدام الفكر؟
العقل:الله سمانى العقل والعقل هو القيد فأنا أسيح فى نطاق خلقه الله لى وخلقنى له فيه كل ما أطيقه وأقدر عليه فإذا تخطيت ذلك إلى ما فوق قدرى تعبت وأتعبت وضللت وأضللت.ولقد منحنى الهادى علامات هادية ترشدنى إليه وتدل على وحدانيته وعظمته التى تعنولها كل العقول.ولكن من أنت يا صاحبة هذا الجدال الكثير؟
قلت:أنا النفس الأمارة بالسوء ........................................................
فنفخ عليها العقل نفخة هائلة فرأيتها تتلاشى لتشرق مكانها النفس المطمئنة التى تسبح مع أذان الفجر.
مصطفى فهمى أبو المجد

ليست هناك تعليقات: