السبت، 16 مايو 2009

الدعوة بين الخصخصة والقصقصة

الدعوة بين الخصخصة والقصقصة
قال صاحبى:أريد أن نتحدث عن العلمانية حديثامستفيضاولكن قبل ذلك يلح علىّ سؤال:لماذا
تنتشر العلمانية فى بلدناهذا الانتشار؟ولماذاتبيض وتفرخ بهذه الحرية؟اقلت:لقد سألت عن أمرعسيرولكنه يسيرعلى من يسره الله عليه.لقد دأب المستعمرون ردحا من الزمن يحاولون
أن يصرفوا الناس عن دينهم بدعوى التطور والتحديث ولكنهم فشلوا فشلا ذريعالأنه ماكان
لمسلم سواء أكان من المثقفين أم من العوام أن يأخذ دعوى التقدم من عدوه الذى قهره واحتل أرضه خاصة وهو يراه يدعوه إلى نبذ دينه والتخلى عن لغته وقد أدرك المستعمرون ذلك فعمدوا إلى تغيير جلدهم وتغيير أسمائهم ليكون لهم صوت مسموع وشكل مقبول .
قال صاحبى:وكيف فعلوا ذلك؟قلت:عن طريق فئة منا ذهبوا إلى بلاد الغرب وبهرهم ما رأوا من حضارة فعادوا إليناوقدآمنوابحضارة الغرب وآلوا على أنفسهم أن يجعلوامن مصر قطعة من أوروبا بل جهر بعضهم بأن انتماء مصر إلى حضارة البحر الأبض المتوسط آكد من انتمائهاإلى حضارة الإسلام .ووجد المستعمر فى هؤلاءضالته المنشودة فهم عرب وربما مسلمون يتحدثون العربية ويلبسون (الطربوش)وربما(العمامة)أى أنهم أهل نصح غير متهمين ومن ثم كانواسفراء فوق العادة للفكرالغربى.قال صاحبى:ولكن الإنصاف يقتضى أن
نقول إنه ليس كل من ذهب إلى الغرب عاد متغرباوليس كل ما رأوا هناك سيئا.
قلت:هذا حق لاشك فيه ولكن الحديث عن الطائفة المفسدة من العلمانيين.وإلافقدذهب رجال أفاضل إلى أوروباوسجلواإعجابهم بما رأوا من إيجابيات تتفق مع الإسلام مثل حب العمل
واتقانه والصدق والأمانة كما سجلوا السلبيات المخالفة للإسلام مثل التفكك الأسٍِِرى والانحلال الجنسى.ولكن مصيبة العلمانيين أنهم رأواحضارة الغرب بعين المحب ودرسوها
بقلب الواله وعقل المقهورفكلها-عندهم-حسنات وهى-عندهم-مثل يجب أن يحتذى بل قالوا
إنهاالطريق الوحيدة إذاأردناالنهضة.ااوهم بهذا التعصب المقيت يشترون الضلالة ويحسبون
أنهم يحسنون صنعا ولو كانوا-حقا-ناصحين لفعلوا مثل أسلافهم الصادقين.
قال:وما فعلوارضى الله عنهم؟قلت:عندما انداح الإسلام فى أقطار الأرضوجدوا حضارات
لاعهد لهم بها فلم يقبلوها جملة وتفصيلا ولم يرفضوها جملة وتفصيلاوإنما عرضوها على محك الإسلام فما وافقه قبلوه ومااحتاج إلى تقويم قوموه وما تصادم مع ثوابته رفضوه وبذلك
استفادواوكان لهم جهود بارزة فى صنع الحضارة العالمية.
قال صاحبى:وعلى الرغم من ذلك نجد الفكرالعلمانى يبيض ويفرخ كما يحلو له.قلت:ولماذا
لايفعل ذلك وقد أتيح له أن يقول ما يشاء من خلال وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة فى الوقت الذى يمنح الفكر الإسلامى مساحة تتيح له التنفس بالكاد؟اا
قال صاحبى:ولكن الدعوة لها رجال ولهاإدارة فى وزارة الأوقاف وهناك آلاف الدعاة يهزون المنابر فى طول البلاد وعرضها.قلت:لقد وصلت إلى بيت القصيديا صاحبى .نعم
الدعاة كثيرولكن أى دعاة؟اهؤلاء الذين لايكادون يقيمون تلاوة القرآن؟ااقال:أرجو ألاتعمد إلى المبالغات فى هذا الأمر الخطير.قلت:يا عزيزى هذه حقيقة واقعة للأسف البالغ وسأحكى لك موقفا لو لم أكن طرفا فيه ما صدقته .كان ذلك فى رحلة فى القطاروقد جلس شاب إلى
جوارى وهويقرأفى المصحف الشريف وراعنى كثرة أخطائه ولكنى كنت معجبا به فهوأحد
شبابنا الذى يهتم بالقرآن والخطأ مقدور عليه بالتعلم ولكنى ذهلت عندما سألته عن ثقافته
فقال :إنه خريج كلية(أصول الدين)جامعة الأزهروأنه عين إما وخطيبا بمسجد فى غرب الإسكندرية ونصحته أن يلزم المقرىء فى هذا المسجد لكى يستطيع أن يقرأ القرآن قراءة
صحيحة ولا تقل إنها واقعة فردية لأنك تعلم أنهاأصبحت ظاهرة.قال صاحبى:لاحول ولاقوة
إلا بالله هذا أمر مشاهد فعلا ونحن نرى من هؤلاء جهلا مشيناباللغة العربية.قلت:يرحمك الله
أحد هؤلاء سمعته فىأحد المساجد بالزقازيق يقول على المنبر:إن الرسول-صلى الله عليه وسلم-سأل عن الحبل بين الساريتين فى المسجد فقالوا:لزينب تمسك به عندما تتعب فى قيام
الليل فقال:"حُلْوَة"هكذا نطقهاهذا الخطيب الهمام ومعلوم أنهصلى الله عليه وسلم قال:"حُلّوه"
وبقية الحديث توضح أن المراد فك الحبل لكن الشيخ الجاهل أتى بعكس المعنى ولما كلمته-بعد الصلاة-أخبرنى أنه مدرس فى المعهد الدينى.ااألم أقل لك إن الكارثة شديدة؟
قال صاحبى:وما سبب هذه الكارثة؟قلت :أن معظم هؤلاء لايحبون عملهم وهم غير مؤهلين
وإنما يدفعهم إلى ذلك الرغبة فى الوظيفة.قال:ولكن أين المتابعة والتدريب؟قلت:من يتابع؟
المفتشون؟هؤلاء أكل بعضهم الجهل وأكل البعض الآخرالروتين والبعض الآخرانعدام الضميرإلا من رحم الله وهم قليل قليل.قال صاحبى:وما المخرج من هذه المصيبة فى رأيك؟
قلت:الخصخصة.قال مندهشا:ماذا تعنى؟نحن نتحدث عن الدعوة لاعن مصنع.قلت :أنشدك الله هل سمعت خطيبا ينتمى إلى إحدى الجماعات الإسلامية على الساحة لايحسن تلاوة القرآن أو الحديث ؟أو لايهتم باللغة؟قال :أشهد أن جل هؤلاء ملتزمون الصواب يحاولون
تطوير أنفسهم.قلت:لأنهم يعتبرونها رسالة ويحملون همهاويقلقون من أجلهاوهذا يدفعهم إلى
الإجادة.قال:حسنا وماذا بعد؟قلت:أقرأما يدور فى رأسك .لعلك تخاف من هؤلاء أن يزرعوا التطرف وهذا غير صحيح ويمكن تداركه لو حدث قال:كيف ذلك؟قلت:أرى أن يشكل(المجلس الأعلى للدعوة)من كل القيادات الدينية على الساحة ويقوم هذا المجلس بوضع لائحة تنظم الدعوة والدعاة بعيدا عن (روتين)الحكومة.ويقوم هؤلاء العلماء المتنورون بالعمل على تحويل المساجد إلى مؤسسات دينية حقا تمارس فيها الشعائروتقام فيها الندوات ودروس العلوم المختلفة بل ويلحق بها النوادى لا العكس ويتم من خلالها رعاية الأيتام والقيام بحاجات الناس ألم يكن ذلك دور المسجد أيام عصور النهضة؟
إن إطلاق يدالجماعات الإسلامية المعلنة على الساحة ومد يد المساعدة لها والعمل المخلص
على توحيدهايعتبر فتح الفتوح فى عالم الدعوة وسيوجد قوة دفع هائلة تقوم بالتغييرالحقيقى
من خلال التنوير الحقيقى وسيوجد-حينئذ-سد فولاذىأمام المد الغربى وتكون بداية تألق هذه
الأمة من جديد وما ذلك على الله بعزيز.والله يقول الحق وهو يهدى السبيل.
مصطفى فهمى أبو المجد

ليست هناك تعليقات: