الأربعاء، 28 مارس 2012

سورة الرعد ومسارات الإدراك

0

"الله الذى رفع السموات بفير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجرى لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات

لعلكم بلقاء ربكم توقنون " الرعد -2

هذهالآيات تتحدث عن :

1-أن الله رفع السموات بغير عمد ترونها  و(ترونها) يمكن أن تعود على السموات فلا تكون هناك عمد وإما أن تعود على عمد فيكون

هناك أعمد ولكنها لاترى .

2-أن الله تعالى استوى على العرش .

3-أنه تعالى جعل الشمس والقمر فى خدمة الإنسان إلى أجل محتوم .

4-أن الكون يسير بتدبير الله ورعايته.

واضح أن هذه القضايا الأربع بعيدة عن مجال العقل والعلم .فالعلم لم -ولن -يعرف أين السموات ؟وما ورد من تفسيرات لها فى كتب التفسير مجرد آراء .وما معنى العرش ؟

وأين هو وكيف استوى سبحانه على العرش ؟وكيف سخر الله الشمس والقمر ؟وكيف يدبر الله الأمر ؟كل ذلك فوق إدراك العقل  ولا يمكن العلم بها إلا عن طريق الإيمان بالذى

خلق الخلق وأخبرنا بهذه المعارف عن طريق رسوله المبلغ عنه .ولهذا كان ختام هذه الآية "لعلكم بلقاء ربكم توقنون"

ولكن كثير من الناس يعتزون بعقولهم ويفضلون تحكيمها فى كل شىء ولهؤلاء جاءت الآية التالية "وهو الذى مد الأرض وجعل فيها رواسى وأنهارا ومن كل الثمرات جعل

فيها زوجين اثنين يغشى الليل النهار إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون "-3

لاشك أنكم تلاحظون النقلة الكبيرة هنا فهنا حديث عن مد الأرض وجعلها -فى عيون البشر -منبسطة لتكون حياتهم سهلة وهناك حديث عن الجبال وبعض وظائفها للأرض

وهناك حديث عن الأنهار وحديث عن الثمرات وتخليقها وحديث عن حركة الليل والنهار  .وكل هذه الأمور موضوعة أمام عقول العلماء وبحوثهم أى أنها مجال للفكر ولهذا

جاء ختام الآية "إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون " والتفكر   هو التأمل واستخدام كل إمكانات العقل ومعطيات العلم للوصول إلى الحقيقة .

وأيضا ليس كل الناس أصحاب عقول  متأملة فهناك الكثيرون من البشر البسطاء ذوى الفكر المحدود ولهؤلاء جاء قوله تعالى "وفى الأرض قطع متجاورات وجنات من

أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض فى الأكل إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون"-4

هذه المشاهد لاتجتاج -فى إدراكها إلى عناء فكرى بل هى مجرد المشاهدة إنها أمور محسوسة يحسمها مجرد النظر ومجرد التذوق مع أدنى مستويات العقل ولهذا جاء ختام

الآية "إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون "

وبعد :فهل بقيت أثارة من ريب على أن الإسلام استوعب كل طرائق الإدراك البشرى وأنه حفىّ جدا بأن يكون الإنسان صاحب رؤية للكون من حوله باعتباره جزءا أصيلا

من هذا الكون بل باعتباره من أشرف وأكرم مخلوقات الله عز وجل ؟

ليست هناك تعليقات: