الأربعاء، 15 يونيو 2011

أبواب الصدقات

قال :العمل قانون الحياة وإثراء لجهود الإنسان وبناء لكرامته .
قلت :لا شك فى ذلك .
قال :فما بال الشريعة الإسلامية تفتح أبواب الصدقات وكأنها تشجع 
على الكسل والاستجداء ؟
قلت :تعال نقرأ معا تلك الآية التى تظن بها ذلك "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم "التوبة 60
هذه الآية تصنف مصارف الزكاة إلى :
1-العاجزين عن تدبير الحد الأدنى من حاجاتهم (الفقراء والمساكين )
2- العاملين فى مؤسسة الزكاة .
3-حديثو العهد بالإسلام أو المنصفون من أهل الرأى الذين يرجى خيرهم (المؤلفة قلوبهم )
4- الرقيق حيث ترصد بعض الأموال لتحريرهم .
5-المفلسون من أصحاب الديون والذين يتحملون غرامات الناس .
6- المساهمة فى تمويل المجاهدين فى سبيل الله .
7-مساعدة ابن السبيل على العودة إلى بلده .
قال :ولماذا لايترك الفقراء والمساكين بحيث تضطرهم الحاجة إلى العمل بدلا من الاعتماد على الاستجداء طول حيا تهم ؟
قلت :هنا تصحيح واجب فالذى يستحق الصدقة هو الفقير العاجز عن العمل لمرض أو شيخوخة مثلا وهو ما يسمى فى عصرنا (الضمان الاجتماعى ) كما أن الفقير الذى يمكنه العمل فى حرفة ما ولكنه لا يملك مقومات  حرفته من آلة مثلا تكون مساعدته فى هذا الإطار ليستأنف عمله .فالمساعدة هنا مؤقتة مشروطة .
قال :وحكاية المؤلفة قلوبهم هذه أليست رشوة صريحة ؟ فلماذا لا يتركون لقناعاتهم ؟وما الخير فى إنسان يأخذ أجرا على إسلامه أو قوله الحق ؟
قلت :ليس الأمر هكذا إنما (قد)يسلم شخص ما فيقع -نتيجة لإسلامه فى مشكلات معيشية فهل يكون من الإنسانية أن يترك لهذه الضغوط ؟إنه إنسان فى مأزق خارج عن إرادته فلماذا لا يساعده المجتمع الذى اختار الانضمام إليه ؟وهل ترى من الشهامة أن يترك يعانى ما يعانى والتفرج عليه ؟أما غيرالمسلم إذا كان مؤثرا 
بقلمه وكان منصفا فلماذا لايقدم له الدعم كنوع من الدعاية التى ترصد لها -فى عصرنا -الإمكانات الهائلة ؟ على أن هذا الصنف (المؤلفة قلوبهم ) يتوقف على حاجتهم والحاجة إليهم وهذا يخضع للظروف ولهذا (أوقف)عمر بن الخطاب رضى الله عنه العطاء لهذا الصنف عندما قوى المسلمون .
قال :أنا أثمن عاليا رصد بعض أموال دافعى الزكاة لفك الرقاب وهذا يجعلنى أحس أن ذلك واجب شعبى كما يعجبنى غوث الغارمين ففى ذلك إنقاذهم من الهم والمذلة مع رد الحقوق فى الوقت الذى تحكم فيه حضارتنا على هؤلاء بالسجن.كما يعجبنى هذا الاهتمام بالمسافر المحتاج .ولكنى لا أستريح إلى إرخاء العنان للكسالى بدلا من دفعهم إلى العمل .
قلت :هناك توجيه حاسم جدير أن يريحك تماما وهذا التوجيه يتبدى فى إجراءات قام بها النبى صلى الله عليه وسلم ...
فقد جاءه رجل شاب يريد صدقة فلم يعطه بل أمره أن يأتى(بأثاث بيته )فجاءه بوعاء وفراش هما كل ما يملك فباعهما الرسول صلى الله عليه وسلم فى المزاد ودفع المال إلى الرجل وأمره أن يشترى طعاما لأهله وأن يشترى بالباقى (قدوما)صنع له صلى الله عليه وسلم يدا وقال له:"إذهب واحتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يوما " ورجع الرجل بخير كثير فقال له صلى الله عليه وسلم :"هذا خير لك من أن تجىء المسألة نكتة فى وجهك يوم القيامة ومن أن تسال الناس أعطوك أو منعوك "
كما أنه صلى الله عليه وسلم حسم الأمر بقوله لمعاذ بن جبل رضى الله عنه :"إن المسالة لاتصلح إلا لذى فقر مدقع أوغرم مفظع أو دم موجع "
قال :بقى شىء يحوك فى نفسى ..قرأت أنه صلى الله عليه وسلم قال :"إن الصدقة لاتحل لمحمد ولا لآل محمد إنما هى أوساخ الناس"فإذا كان لايرضى لنفسه ولا لأهله أوساخ الناس فكيف يرضاها لغيره ؟
قلت :المغزى هنا -والله أعلم -أمران :
الأول :سد ثغرة يمكن أن ينفذ منها بعض الناس فيما يأتى من الزمان ويتذرعون بقرابتهم له صلى الله عليه وسلم ليأكلوا أموال الناس بالباطل .
الثانى :صور الرسول مال الصدقة بهذه الصورة القبيحة لينفر الناس منها والدعوة إلى عزة النفس والتعفف وأن تكون يدك هى العليا تعمل لتعطى ولا تكسل لتأخذ .ومع ذلك قد يضطر الجائع إلى أكل الميتة والضرورة تقدر بقدرها .
قال :/يبدو أن الزكاة لها شأن كبير فى الإسلام
قلت :أكبر مما يظن الناس إنها (مؤسسة الإسلام الكبرى ) ولعل الله ييسر لنا قريبا الحديث عنها تفصيلا .

ليست هناك تعليقات: