السبت، 3 سبتمبر 2011

الجزء السابع والعشرون -سورة(الطور)

سورة(الطور)
هذه السورة تدعوإلى الله وحده -شأن القرآن كله-ولكنها تركز بشكل خاص على المعاندين الجاحدين الذين يرون الحق واضحا ولكنهم يقذفونه بالبهتان .ومن هنا فالسورة تبدأ بقصف مركز سريع الطلقات موجه إلى قلوب هؤلاء.ويقسم بداية بطور موسى عليه السلام وكتابه (التوراة)فما مناسبة الحديث عن موسى عليه السلام فى مجال الحديث إلى المعاندين ؟
كأن السورة تقول للمعاندين :أفيقوا فلستم بدعا فى عالم الإلحاد فقد سبقكم كثير من قوم موسى بعدما رأوا المعجزات الباهرات ووصل الحال بهم أن قالوا"لن نؤمن لك حتى نرى  الله جهرة "فأخذتهم الصاعقة جهرا .ثم يقسم الله بالبيت المعمور وهو فى السماء يدخله كل يوم سبعون ألف ملك يطوفون به ثم لايعودون 
أرأيتم أيها الملحدون ؟ما أنتم فى هذه الجماهير التى لايحصيها إلا الله يعبدون الله وحده لأنهم يقدرونه حق قدره فالله ليس فى حاجة إلى إيمانكم  بل أنتم فى حاجة إلى هذا الإيمان .
انظروا -أيها الملحدون-فوقكم هذه السماء التى تشكل سقفا فوق أرؤسكم ألا توحى لكم بشىء ؟ألا تدل على خالق قادر قاهر يحيط بكم من جانب هل تستطيعون اختراق هذاالإطار؟كيف ؟ وإلى أين ؟ألا يخيفكم ذلك ؟وأنتم تتحدثون عن ثقب الأوزون الذى يفتح عليكم أبواب الجحيم ؟فمن أين يأتى هذا الجحيم ؟إنه من فوقكم حيث لاحيلة لكم فى دفعه .
أيها الملحدون ليس هذا فقط بل انظروا تحت أرجلكم إلى "البحر المسجور"فهل تدرون ما البحر المسجور ؟إنه المملوء بالماء...
سيضحك السفهاء منكم ويقولون :ما الديد وهل يكون البحر إلا ممتلئا بالماء ؟أيها الغافلون الأمر هائل هائل ولعلكم فى هذا العصر
تشاهدون بين الحين والآخر ثوران هذا البحر المسجور وكيف يطغى على اليابسة فيفترس العباد والبلاد إنها رسالة الجبار إليكم 
هذه بعض قوتى فماذا أنتم فاعلون ؟هل ما زلتم تشكون فى الله الواحد القهار ؟إنه سبحانه ينذركم بيوم تنقلب فيه مظاهر الكون 
فالسماء الهادئة تضطرب وتنشق وتفور والجبال الراسيات تعود كثيبا مهيلا هل تستكثرون هذا على محرك البحر المسجور ؟
عندما يأتى هذا اليوم سيكون حالكم شنيعا شنيعا ستدفعكم الملائكة 
-الذين تكفرون بهم -إلى النار -التى تكذبون وترونها بأعينكم وتصلون حرها .فياله من مصير رهيب. لعلكم تقولون :هذا لن يحدث وأقول لكم :وماذا لو حدث ؟ ألا تؤمنون بنظرية الاحتمالات وهى إحدى ركائزالعلم الذى تتشدقون  به ؟أقول لكم :ماذا لو حدث ؟ألا يستحق الأمر منكم المراجعة ؟
وبعدما ترسم سورة الطور هذه الصورة البائسة اليائسة للملحدين 
تعرض الصورة الأخرى -وبضدها تتميز الأشياء-صورة مشرقة 
لقوم ينعمون بكل ما يشتهون وفوق ما يظنون من نعيم مادى من مأكل ومشرب وسعادة بالأهل والذرية فمن هؤلاء ؟
إنهم الذين فتحوا عقولهم وقلوبهم لتلقى نور الهدى الذى صادف قلوبا حية فتمكن .لقد أدركوا جلال الله وقوته فخافوه ورجوا عفوه ورضاه فوقاهم ربهم شر ذلك اليوم لقاهم نضرة وسرورا.
أيهاالملحدون...انتبهوا استيقظوا من نومكم المخزى وتفكروا..
أى الفريقين خير مقاما وأحسن نديا ؟
أى الفريقين أسلم قلبا وأفقه عقلا ؟
وأى الفريقين تختارون أن تكونوا منهم ؟
أيها الملاحدة 
لو كان عندكم براهين هاتوها....
لابرهان لديكم إن هى إلا مهاترات وسبابات شأن كل ضعيف الحجة ...
تقولون عن محمد صلى الله عليه وسلم إنه كاهن أو مجنون وأنتم أول من يعلم أنكم كاذبون أليس هو الصادق الأمين الذى عرفتموه 
طوال أربعين سنة ؟
وتقولون شاعر اتركوه حتى يموت وينتهى أمره ويفند بعضكم قول بعض لأنكم عارفون بالشعر وما هو بشاعر أما ترقب موته فليس الموت عنكم ببعيد .إنكم تدعون الحكمة فهل هذا تفكير الحكماء؟
هل الحكيم يلقى القول جزافا ويتهم الرسول بالكذب على الله ؟
لو كان الأمر كما تزعمون فالقرآن يتحداكم أن تأتوا بحديث مثله وأنتم أرباب الكلمة وفرسان البيان .
أيها الملاحدة 
أمركم عجيب وأنتم فى تناقض مرير فأنتم تقرون أن الله خلقكم فما لكم لاتعطون الخالق حقه ؟وهل أنتم خلقتكم السموات والأرض ؟
وهل أنتم تقسمون الأرزاق بين الخلق وتهيمنون على مصائرهم ؟
وهل يمكنكم أن تصعدوا إلى السماء لتتأكدوا أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يتلق وحيا من الله ؟
إن من أدلة تخبطكم دخولكم فيما لايعنيكم ظنا وجهلا فتسمون الملائكة بنات الله فمن أين لكم ذلك ؟
وماذا يقلقكم من محمد صلى الله عليه وسلم ؟هل يثقل كاهلكم بأموال يطلبها منكم ؟إنه لايريد منكم جزاء ولا شكورا إنما يدعوكم إلى الله فهل عندكم علم ليس عنده وأنتم أمة أمية ؟ 
وهل تظنون أنكم ستنجحون فى الكيد له والقضاء على دعوته ؟ إنكم واهمون وكيدكم سيرتد فى نحوركم .
هل لكم إله غير الله ؟إنكم تقرون أنه الله ولكنكم قوم تجحدون الحق
ولو رأيتم قطعة من السماء ساقطة لقلتم -عنادا-إنها سحاب كثيف ولاشك أنكم تعرفون الفرق بين قطعة من السماء وبين السحاب ولكنه العناد المقيت .
أيها الملاحدة
الأمر إذن جحود لايستند إلا دليل ومن هنا لاأمل فيكم ولا علاج لمن أصر على العناد فلا تأس عليهم يارسول الله ودعهم للمصير الأسود الذى ينتظرهم ولا يستطيعون له دفعا هذا وسينالهم ما يستحقون من عذاب فى هذه الدنيا .
دعهم يارسول الله واصبر لقضاء ربك الحفى بك فإن لك مقاما خاصا عنده .وإذا كان سبحانه قد قال لأخيك موسى صلى الله عليه وسلم "وأنا اخترتك فاستمع لمايوحى " وقال له"وألقيت عليك محبة منى ولتصنع على عينى "وقال له "واصطنعتك لنفسى " فإنه قال 
لك فى سابقة لم تتكرر"فإنك بأعيننا "فهنيئا لك هذا المقام الأسنى .
ولكنه مقام غالى الثمن فكن مسبحا لله فى كل وقت وعلى أى حال .
وبعد:
فهل آن الأوان أيها الملحدون أن تعيدوا حساباتكم ؟
 

ليست هناك تعليقات: