الاثنين، 16 يناير 2012

تاريخ العلمانية

0

هل أتى على أوربا حين من الدهر لم تكن شيئا مذكورا؟ نعم كان ذلك فى العصور الوسطى حين كان ظلام الجهالة والتعصب

والهمجية تلف القارة وكان سفك الدماء السمة البادية على علاقات الناس .وفى تلك العصور الكئيبة كانت شمس الإسلام سراجا وهاجا على السواحل الجنوبية والشرقية للبحر المتوسط وما وراءهازوعاشالقوم أعصرا زاهرة من السلام والتقدم الشامل والعلاقات الإنسانية .وشاء الله أن ترسو أمواج الدين الجديد على شواطىء جنوب غرب أوربا وأصبحت الأندلس مثابة للناس وأمنا وموئلا للحضارة الرائدة الزاحفة بنورها وخيرها إلى العالم .واستفاقت الكنيسة الغربية على روح عاتية تدق أعناقها فهذا دين جديد لاقداسة فيه لبشر ويعلن فى جلاء "كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون " لقد كانت صيحة داوية (الكمال لله وحده ولاعصمة لبشر) يا ألله .حتى الأنبياء يخطئون ويصوب الله لهم ...وعلى قدر ما ارتاعت الكنيسة ارتاحت العقول التى كانت تحاول أن تقول شيئا جديدا فتكبتها الكنيسة بالحرق والخنق ....

الآن حصحص الحق  وجاء من يقول للعقل :اقرأوارتق "اقرأ باسم ربك الذى خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذى

علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم " ويقول للإنسان :"تفكر ساعة خير من عبادة ستين سنة "...

وافتتن القوم بهذا المد العظيم وانداحت أفواجهم إلى الأندلس يتعلمون ويعيشون العلم فى حياة الناس  وفتحوا أعينهم على أمور لم

يكونوا يعرفون عنها شيئا ...وجدوا المسلمين وقد تعلموا علم من كان من قبلهم من اليونان والروم والفرس والمصريين وغربلوا

هذه المعارف وأضافوا إليها وصاغوا منها حضارة جديدة آتت أكلها بإذن ربها .

وشهد القرن الثالث عشر أول تلميحات عن الفكر الجديد (العلمانية ) على يد /مارسيل البدوانى الذى دعا إلى استقلال الملك عن

الكنيسة  وقد كان البابا هو المهيمن على الحياة يعين الملوك ويعزلهم .

ثم جاء القرن الخامس عشر ليسجل نقلة نوعية حين كتب /جيوم الأوكامى عن فصل السلطة الزمنية (الملك) عن السلطة الروحية.(الكنيسة )

ثم جاء القرن السابع عشر ليرى (العلمانية )وقد صارت مذهبا فكريا على يد المفكر اليهودى الملحد فى هولندا/اسبينوزا الذى قال:

(إن الدين يحول قوانين الدولة إلى مجرد قوانين تأديبية ) وأشار إلى أن (الدولة كيان متطور تحتاج باستمرار إلى التطوير عكس

شريعة ثابتة موحاة) وغنى عن الذكر أنه كان يتحدث عن الكنيسة .

ثم جاء النصف الثانى من القرن التاسع عشر ليعلن الكاتب الإنجليزى /هوليوك نحت مصطلح (العلمانية )

ومن ذالك الوقت بدأت شمس الحضارة الأوربية فى الشروق بينما أخذت شمس الحضارة الإسلامية فى الغروب بدافع الاغتراب

عن الإسلام النقى مما أدى إلى التناحر والتفكك فأصابت المسلمين سنة الله التى لاتتبدل فى أن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .

و كانت شهادة التاريخ (إن الحضارة الإنسانية محيط هادر هائل تصب فيه كل أمة بروافدها يستفيد اللاحق  من السابق ويقدم إلى العالم عطاءه

ولقد قدم المسلمون عطاء حضارتهم التى ترتكز على قواعد إلاهية ثابتة وجهود بشرية متطورة وهدفها الأسمى ربط الإنسان بربه عبدا له

فقط ليكون حرا سيدا على كل الخلائق ويقوم بأعباء الخلافة فى الأرض ليعلى قيم الحق والخير والجمال )

ليست هناك تعليقات: