الخميس، 12 يناير 2012

الإسلام وحرية الفكر

الحديدى ؟

قلت: سمعت ولكن الرجل قال وقال فما تقصد مما قال ؟

قال :أقصد   قوله :إن الإسلام يعطى العبودية فكلنا عباد لله .أما الحرية فهى من خارج الدين .

قلت :ولكن الإعلامية المتميزة ردت عليه قائلة : ولكن العبودية لله وحده   هى الحرية الكاملة .

قال:ولكن  الدكتور زيدان يحتج بأن الذين ينطقون باسم الإسلام يضعون الإنسان فى مواجهة مع الله بقولهم هذا حكم  الله وبهذا يغلقون أى مسار للفكر .

قلت: هذا منطق باطل تماما ..ويجب أن نراعى ما يلى :

أولا: لا قداسة لأحد من الدعاة أيا كان وكل ٌ يؤخذ من كلامه ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .ولهذا يجب ألا ترهبنا الأسماء والعمائم والألقاب .

ثانيا :يجب أن يكون مفهوما تماما أن هناك مبادىء لايختلف عليها اثنان مثل :العدل والصدق والأمانة ...إلخ وهناك مقاصد شرعية مقررة متفق عليها وهى

(حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال ) ولا أحد يختلف على ضرورة الحرص على هذه الكليات الخمس .

ثالثا :يجب أن يكون مفهوما أن الذين يطالبون بتطبيق أحكام الشريعة لا يطبقون حكم الله قطعا .بل يطبقون فهمهم لنصوص الأحكام .وأكرر :يطبقون فهمهم

لنصوص الأحكام .وهذه هى المسألة التى أثارت كل هذه البلبلة بسبب سوء الفهم .

قال :أرجو مزيدا من الإيضاح حول هذه النقطة .

قلت:النصوص الشرعية الثابتة لها اتجاه معين لأنها إما أن تتحدث عن مبادىء ومقاصد -كما قلنا -وهى فى هذه الحالة قطعية الدلالة يعنى واضحة بحيث لا تحتمل

الاختلاف فى التأويل .وإما تتحدث عن أمور أخرى متغيرة ليسن مبادىء ولا مقاصد  وهذه صاغها الله تعالى فى أسلوب مرن يقبل الاجتهاد .

قال :ولماذا جعلها الله تعالى هكذا ولم يحسمها مثل المبادىء والمقاصد ؟

قلت: هذا من رحمة  الله تعالى .فالمبادىء والمقاصد ثابتة لاتتغير على مدى الزمان والمكان أما ما عدا ذلك فهى عرضة للتغير حسب مقتضيات الزمان والمكان

وظروف الأشخاص . ومن هنا جاء مجال الاجتهادات المتعددة بتعدد الأفهام للنص الواحد .

قال :ومن هنا جاءت المذاهب الفقهية المختلفة ؟

قلت :تماما .فمن يمتلك  وسائل الاجتهاد كان من حقه أن يجتهد وأن يخرج برؤيته وفهمه للنص وقد يرى مجتهد آخر فهما آخر للنص نفسه .ولهذا قلت :إننا لانطبق

حكم الله تماما  وإنما نطبق فهمنا لنصوص الأحكام ولهذا يحرص العلماء على القول (والله أعلم )

قال:إذن فالفقيه أو الداعية لايضع الإنسان فى مواجهة الله تعالى كما يزعم الكثيرون .

قلت: هذه القضية محسومة من قديم وقد صرح الأئمة الأعلام وقال قائلهم (رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب ) فالمسألة مسألة رأى وليست

حكما إلاهيا مفروضا .وبالتا لى من حق كل إنسان أن يناقش الفقيه فى كل أمر وأن يطالبه بالدليل بل من حقه أن يترك فتوى الفقيه ويأخذ بفتوى فقيه آخر .ومن بدائع

التراث الإسلامى أن الإمام مالكا رضى الله عنه رفض أن يجبر الناس على اتباع مذهبه وقال :(إن أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم تفرقوا فى البلاد ومع كل واحد منهم

علم ) و كأن هذا الإمام الجليل أراد ألا يسقط علم الآخرين وأفهامهم للنصوص الشرعية لأن فى وجود هذه الأفهام المتعددة مايسع كل الظروف ودواعى التطور.

قال :وبهذا سقطت حجج هؤلاء الذين يرفعون شماعة الإرهاب الفكرى وتقييد الحريات ؟

قلت :تماما .فلاحجر على الفكر ويستطيع هؤلاء المنكرون أن يجتهدوا إذا كان عندهم أدوات الاجتهاد .أما إطلاق الكلام على عواهنه دون تمحيص  فهذا من الخيانة الفكرية

أو الغفلة الفكرية إذا افترضنا حسن النية .وخلاصة القول :أن الإسلام رائد الحرية  المسئولة الشاملة .

ليست هناك تعليقات: