(كأنى أكلته)
شعار رائع أو إلهام عبقرى أو سبحة روح خلاقة أو كل ذلك ,بل هو كل ذلك .
طبعا سمعتم عن ذلك المسلم التركى وهو يحكى ما
وفقه الله إليه وأنه كلما اشتهت نفسه شيئاتأكله قال
(كأنى أكلته)
وأدخر ثمنه وظل على هذا سنينا حتى كانت حصيلة المدخرات شيئا كثيراسمح له ببناءمسجد
أطلق عليه اسم
(كأنى أكلته)
وأناأرى أن هذا التركى الرائد قد وفقه الله تعالى
توفيقات :
فهو قد استن سنة حسنة له أجرها وأجرمن عمل بها إلى يوم القيامة .
وهو قد سبق إلى خطة بديعة فى(فن الزهد)أو فن
(الاستغناء)الذى كتبت عنه مؤخرا.
وهو قد بنى لله مسجدايفتح له (حسابا جاريا)فى
(بنك التقوى).
وهو قد أثبت لنفسه وللمسلمين وللناس كافة أن
الإنسان المسلم يستطيع أن يكون (فذا)وفوق العادة إذا أراد ,وأن الأفكار العملاقة ليست حكرا على أصحاب الحضارة الحديثة لأن الإسلام أيضا
حضارة حديثة أصيلة .
كأنى أكلته....كأنى شربته....كأنىلبسته....
كأنى....إلى آخر رغبات الإنسان التى لاتنتهى والتى تمثل عبئا على قلبه وعبئا على جيبه,ترى ما ذا سيحدث لو تحرر الإنسان من أسر الكثيرمن
هذه الرغبات ؟
أعتقد أنه سيكون ملكا,نعم ملكا على نفسه وملكا
على الأشياء من حوله .
إن نظرة واحدة إلى هذا الشخص الذى يصارع الحياة ولايكل ولا يهدأ ويتبع كل سبيل للحصول على سيارة (آخر موديل)لو نظرت إليه لأشفقت عليه وستشفق عليه أكثرعندمايحصل على تلك
(المعشوقة)وتراه بها مفتونا وعليها حريصا لقد
صار عبدا لها وهو سعيد بهذه العبودية وستشفق
عليه الشفقة كلها إذا ما نكب فى سيارته والله أعلم هل سيتحمل الصدمة أم لا؟ا
وقل مثل ذلك فى هذا الذى يلهث وراء تنمية ماله فى (البورصة )مثلا ....
وقل مثل ذلك فى هذه العروس التىلاتكف عن الشراء...عشرات الأطقم من الملبوسات والمفروشات وأدوات المطبخ مما يكفى لتأثيث عدة بيوت تشترى كل ذلك ثم لاتستخدمه .
تقول لنفسك إزاء هؤلاء :لم كل هذاالسُعاروإلهاب
القلب والجيب على أموريمكن أن يغنى القليل منها عن الكثير؟
ترى لو قال كل واحد من هؤلاء لنفسه مثلما قال
التركى الفاضل لنفسه (كأنى أكلته)ماذاسيحدث؟
سيريح نفسه وأعصابه من عناء اللهَث وراء مالا
يعيب فقده ولا يشرف تحصيله .
سيوفر ماله ليوجهه إلى ما يشرف تحصيله .
سيتيح لنفسه التى هدأت ونظرت إلى طلبات الدنيا
نظرة حقيقية-سيتيح لها أن تتنفس وتتألق وتحيا.
ولعل هذه المعانى بعض ما فى وصية الرسول صلى الله عليه وسلم :"اتقوا الله وأجملوافى الطلب "وبعض معانى قوله صلى الله عليه وسلم
"من بات آمنا فى سربه معافى فى بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها"
وقوله:"بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لابد فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنَفَسه".
إن تطبيق هذه السياسة الرائعة (كأنى أكلته )تعز
الإنسان أمام نفسه لأنه يأمرها ولاتقهره وأمام غيره فما دمت لاتحتاج إلى فلان فسترفع راسك
أمامه وعينك فى عينه .
بل إن الأمر له وجه أشمل وأخطر ستجدونه حقا
لو تأملتم فيه ..أليس إهدار هذا الشعار(كأنى أكلته )سببا فى جلب الاستعمار إلى الشعوب ؟ا
فالشعوب التى تريد أن تأكل حتى التخمة وتلبس
إلى حد الترف وتعيش حياة الاستهلاك بلا حدود
هذه الشعوب لن تجد وقتا للإبداع فتظل كسلى تتسول كل شىء وبذلك يحتل المنتجون الأجانب
نفوسها قبل أرضها .
يا أنا وياأنت وياهو أرأيتم أن هذا المبدأ العبقرى
فيه الدواء لكثير من أدوائنا ؟
وأن هذا المبدأ العبقرى(كأنى أكلته)من صميم ديننا ؟
وأن هذه المبادرة الرائدة من أخينا التركى قد أجرت كثيرا من المياه فى مجرى عقولنا الراكدة؟
وأنه جدير بأن يكون مثلا يحتذى ؟
بارك الله فيه ورضى عنه .
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق