السبت، 4 أبريل 2015

فقه الدنيا -2

فقه الدنيا -2
قال:توقفنا عند الحديث عن اعتزال الدنيا باعتبارها رجس لايليق بالمسلم أن يطلبه 
قلت:قلنا إن القرآن لم يرد فيه وصف الدنيا بالقبح ولا بالرجس أبدا بل الوارد عكس ذلك أنها زينة "زين للناس حب الشهوالت من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب "آلعمران 14
قال:أليس هذا فى مقام الذم ؟
قلت :لا بل فى مجال الموازنة بين متاع الدنيا ونعيم الآخرة ثم من الذى زين الدنيا ولمن زينها ؟
قال :الله هو الذى زين الدنيا وزينها للناس 
قلت:نعم سبحانه أبدع زينة الدنيا ودعا الناس إليها 
قال: الله يدعو الناس إلى زينة الدنيا ؟أين نجد ذلك ؟
قلت:فى قوله تعالى فى سورة الأعراف "قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هى للذين ءامنوا فى الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة "
قال:أحتاج لبعض الإيضاح 
قلت:يأمر الله محمدا صلى الله عليه وسلم أن يعلم الناس أن زينة الدنيا وطيباتها حلال وأن المؤمنين أحق الناس بالاستمتاع بمباهج الحياة مادامت حلالا 
قال:ولكن المشاهد الآن أن غير المسلمين يتمتعون بالحياة وأن المسلمين يرزحون تحت الفقر والجهل والمرض فكيف كان هذا ؟
قلت:هذا من جهل المسلمين بحقيقة دينهم الذى يدعو إلى العمل والسعى فى الأرض "فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور "فالمسلمون مأمورون بالحركة الحيوية الفاعلة على الأرض مع الرحص على تذكر الآخرة 
قال:وما فائدة تذكر الآخرة فى أثناء الضرب فى الأرض ؟
قلت :تذكر الآخرة يلجم رغبة التجاوز والظلم فى نفس الإنسان الأمارة بالسوء ويوجه النشاط الإنسانى وجهة الخير مادامت تراقب الله تعالى وعلى المسلم أن ينطلق معمرا ومبتكرا ومطورا لحياته إلى الأرقى فإذا رأينا غير ذلك فالعيب فى الناس لافى المنهج 
قال:وما موقف الإسلام من التعامل مع الغرائز ؟
قلت:موقف الدين الفطرى المستقيم الذى يحترم الغرائز الفطرية ويدعو إلى إسباعها من حلال ويعد ذلك من ضروب التقرب إلى الله تعالى 
قال:عجيب إشباع الغرائز تقرب إلى الله تعالى ؟اا
قلت:تعجب الصحابة رضوان الله عليهم مما تعجبت منه فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وسلم "هل إذا وضعها فى حرام أكان عليه وزر "؟ قالوا نعم قال "كذلك لو وضعها فى حلال كان له بها أجر" وهناك ما هو أروع من هذا 
قال:وما ذاك ؟
قلت:الإسلام هو الدين الوحيد الذى يتلى كتابه فى الصلاة وغير الصلاة وفيه آيات تدعو إلى الإحسان فى أشباع الغرائز 
قال:كيف هذا يرحمك الله ؟
قلت:يرحمنا الله جميعا للمسلم أن يقرأ وهو بين يدى الله تعالى مثل قوله عز وجل "نساوكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله "فانظر كيف ربط إتيان الزوجة والتقدمة لذلك بالتقوى وكأنه يلمح إلى وجوب الانتباه ألا يظلم الزوج زوجته بعدم الاهتمام بحاجتها إلى الإشباع 
قال :سبحان الله والله هذا أمر يثبت أن الإسلام دين الحياة والمتعة الحلال وأن فكرة اعتزال الدنيا غير إسلامية 
قلت:المعروف أن النيى صلى الله عليه وسلم لم يعتزل الحياة الدنيا أبدا منذ اختاره الله نبيا رسولا وأنه عندما فجأه الوحى أول مرة وذهب إلى زوجه خديجة رضى الله عنها وقال "زملونى زملونى دثرونى دثرونى "نزل عليه الوحى "يأيها المزمل قم الليل إلا قليلا " "يأيها المدثر قم فأنذر" فقال :"لقد فات أوان النوم ياخديجة "
قال: ومن المعروف حكاية الثلاثة الذين تقالوا عبادتهم فقال أحدهم أنا أصلى الليل ولاأرقد وقال الثانى وأنا أصوم ولاأفطر وقال الثالث وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا فلما بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم قولهم جاءهم فقال :"أنتم الذين قلتم كذا وكذا أماإنى أتقاكم لله وأخشاكم له ولكنى أصوم وأفطر وأصلى وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتى فليس منى "
قلت:فتح الله عليك وهذا وحده كاف قى دحض فكرة اعتزال الدنيا 
قال:البعض يقصر الدين على مجرد ممارسة الشعائر 
قلت:وينسون أن الإسلام جاء مشرعا فى كل الميادين جاء يعمنا كيف نأكل ونشرب ونلبس وجاء ينظم أحوالنا الاجتماعية مع أولادنا ونظم شئون الزواج والطلاق وحقوق الزوجين وجاء ينظم علائق المسلم بأهله وجيرانه وعموم المسلمين وغير المسلمين وجاء ينظم شئون الاقتصاد يا أخى الإسلام دين كامل متكامل يشمل الحياة الدنيا كلها ثم يتعداها إلى الآخرة 
قال:إذن فمن أين أتت فكرة اعتزال الدنيا هذه ؟
قلت:دع هذا إلى الجولة القادمة إن شاء الله تعالى

ليست هناك تعليقات: