الخميس، 27 ديسمبر 2012

البعد السياسى للاقتصاد الإسلامى


الإسلام دين شامل متكامل يغطى جوانب الحياة الإنسانية الخاصة والعامة ومن هنا كان النظام الاقتصادى والاجتماعى جزءا أساسيا من شريعة الإسلام  وكان الارتباط بينهما وثيقا .

ويتضح هذا عند النظر فى ركائز الاقتصاد الإسلامى :

أولا:المال مال الله والإنسان مستخلف فيه "وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه "الحديد 7

وهذا المبدأ المهم يحدد سياسة الإنسان فى ماله فهو مسئول "من أين اكتسبه وفيم أنفقه " وهذا يحدد السلع التى يجوز إنتاجها وبيعها وتلك التى يحرم مزاولتها كذلك تحدد جهة الصرف فليس المسلم حرا فى صرف المال وهو مقيد بالبعد عن الإسراف والبخل "والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان ذلك قواما "الفرقان 67 

ثانيا:تحديد الأولويات :فهناك (ضرورات وحاجات وتحسينيات ) ولايجوز العناية بالتحسينيات على حساب الحاجيات والضروريات وهذا يؤثر مباشرة على نمط الاستهلاك ويعرض المسىء لكف يده عن التصرف فى أمواله إذا ثبت سفهه "ولاتؤتوا السفهاء أموالكم التى جعل الله لكم قياما"النساء 5وانظر كيف سلب الصفيه ملكية ماله ...ذلك لأنه وإن كان المال ملكية خاصة إلا أنه فى النهاية جزء من ثروة الأمة.

ثالثا:العمل :فالعمل أساس الكسب فى الإسلام وقد وردت مادة (العمل) فى القرآن كثيرا جدا "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون "التوبة 105 والرائع هنا أن الإسلام جعل العمل تحت مراقبة الله والرسول والمؤمنين  كى يبلغ غاية الإتقان والإخلاص ..وما دام العمل أساس الكسب فإن الربا محرم لأنه حركة المال دون عمل والمال -فى الإسلام -لايأتى بالمال بل بالعمل والمال الذى يحل بدون عمل هو ماجاء عن طريق (الميراث والهبة )  واللقطة بعدتعريفها وعدم وجود صاحب لها .

رابعا:التكافل :وهو القيام بحاجة العاجزين عن العمل لصغر أو مرض أو فقر"وفى أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم "المعارج 24و25 مع ملاحظة أن إعطاء السائل والفقير حتى يتمكن من الكسب .وأثر التكافل كف شر المحتاج إذا لم يجد من يقوم بحاجته وفى هذا إرساء لسلام المجتمع.

خامسا:عدالة التوزيع :فقد عمل الإسلام على عدم تركيز الثروة فى يد فئة معينة يمكن أن تستغل ثروتها فى توجيه النشاط الاقتصادى والسياسى فى صالحها (كما فى العالم الرأسمالى ) "ماأفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كى لايكون دولة بين الأغنياء منكم "الحشر7 والتعليل فى هذه الآية ليس قاصرا على الفىء بل يشمل كذلك (الميراث) الذى يفتت الثروة الكبيرة ويجعل المال فى يد الكثيرين وكذلك (الزكاة ) التى تجعل بعض المال فى يد الطوائف الثمانية المعروفة أو بعضها .

...........هذه الركائز الاقتصادية ترسم السياسات العامة للدولة الإسلامية فلايجوز لها أن تتعامل مع غيرها من الدول بما يخالف هذه الأصول .وجدير بالذكر أن هذه الركائز توضح أن النظام الاقتصادى الإسلامى ليس معدلا عن النظام الرأسمالى ولا تحريفا للنظام الاشتراكى :

أولا: لأنه سابق فى الوجود عليهما .

ثانيا:لأنه يربط التحرك الاقتصادى بالأخلاق والقيم ربطا وثيقا .

أى أنه نظام اقتصادى مستقل تمام الاستقلال . فما أجدر الأمة الإسلامية أن تعتمد الاقتصاد الإسلامى منهجا لها خاصة أنه لايمنع من مراعاة أساليب التطور والتحديث بل يحرض عليه .

 والله يقول الحق وهو يهدى السبيل .

ليست هناك تعليقات: