الجمعة، 14 ديسمبر 2012

تعليق على خطبة الجمعة


أمس جلست مستمعا خطبة الجمعة ...واجتهد الخطيب -على مدى ساعة -يكيل الشتائم لليهود وركز على أنهم (حمير وكلاب ) بنص القرآن فقدقال الله تعالى "مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا "الجمعة 5  وقال سبحانه :"واتل عليهم نبأ الذى آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب " الأعراف 175/176....ولم يكن فى الخطبة إلا هذا المعنى...لذا لم أجد من التعليق ..

أولا:ضرب الله تعالى المثل للذين خانوا أمانة الرسالة التى حملوها فنكصوا عنها وهذا المثل ينطبق على كل حال مماثلة وبالتالى فنحن المسلمين داخلون فى هذا المثل ...وكم منا يحسن حمل هذه الأمانة ؟ ونحن نرى كثيرا من حملة القرآن يبتغون به وجاهة الدنيا ومغانمها ...بل نرى كثيرا من هؤلاء يتصدون للفتيا وليسوا لها بأهل فأى حمير شر من هؤلاء ؟

ثانيا:هذا القرآن العظيم خطاب خاص لكل منا انسلخ عنه معظمنا فسلك سبيل الشيطان فكان من الغاوين وكان من الممكن أن يرتفع بالقرآن ولكنه أخلد إلى الأرض مفضلا هواه فأى كلب شر منه ؟

ثالثا: زعم الخطيب أن اليهود -فيما بينهم -مرتشون قتلة ظالمون فما بالنا مع غيرهم ؟ويبدو أن هذا الخطيب مغيب لايدرى شيئا عن أحوال القوم الذين يحاسبون زعماءهم حسابا عسيرا وأن اليهودى لايقتل اليهودى وأن للعدالة الاجتماعية قيمة عالية لديهم .

رابعا :زعم الخطيب أن اليهود أثروا فى  العالم بالمال والجنس وقد يكون هذا بعض الحقيقة ولكن البعض الذى لاينكر أنهم أثروا كذلك بسبقهم العلمى والسياسى والاقتصادى وأثروا بجديتهم فى تحقيق أهدافهم بصرف النظر عن رفضنا لهذه الأهداف .

خامسا:أن الله عز وجل -الذى خلق الجميع -لايتعصب لأحد سبحانه وإنما يرتب الجزاء -فى هذه الدنيا -على الأخذ بالنواميس التى ألقاها فى الأرض ليحيا بها الناس ...وإذا كنا قد أعرضنا عن هذه النواميس و أخذ بها اليهود فهم أحق بنتائجها وهم -فى ذلك -أفضل منا .

سادسا: من حيل الضعيف الركون إلى السباب لأنه يفتقد همة الحركة والتغيير ..أما الأقوياء فهم الذين يبحثون عن أسباب القوة أينما تكون ولا يجدون حرجا فى أن يتعلموا من أعدائهم ولو كانوا على غير دينهم ألم يستعن الرسول صلى الله عليه وسلم بخبرة عبد الله بن أريقط فى مسالك الصحراء وهو مشرك ؟ ألم ينفذ صلى الله عليه وسلم مشورة /سلمان رضى الله عنه بحفر الخندق مع أنها فعل الفرس ؟

سابعا:متى يعلم كثير من الدعاة أن الدعوة مهمة سامية تقتضى إلى جانب الإخلاص لله الصنعة الفنية بما تعنى من سعة الاطلاع على أحوال الزمان والمكان والقضايا وأن اعتبار الدعوة مجرد (أكل عيش ) مصيبة كبرى لأن العوام لايحملون خطأ الداعية على شخصه وإنما يحملونه على الدين وهكذا يبدو الدين متخلفا عن ركب الحياة ...وكفى بها جريمة.

ليست هناك تعليقات: