الاثنين، 11 يوليو 2011

محمد اسد هدية اوروبا غلى الإسلام

 
الصحافي والرحالة والمفكر السياسي محمد أسد.. هدية أوروبا إلى الإسلام
أقام في المدينة وقابل الملك عبد العزيز وتزوج 3 سعوديات.. وعد أبرز الشخصيات ذات الحضور الفاعل في القرن الماضي
محمد أسد أبرز الشخصيات ذات الحضور الفاعل في القرن الماضي وأحد المؤلفات عن أسد («الشرق الأوسط»)
الصحافي والرحالة والمفكر والسياسي محمد أسد باللباس العربي يتوسط اثنين من مرافقيه («الشرق الأوسط»)
الرياض: بدر الخريف
يعد الصحافي الرحالة والمفكر الإسلامي والسياسي محمد أسد إحدى أبرز الشخصيات ذات الحضور الفاعل والأكثر تأثيرا في القرن العشرين، وبقيت شخصية هذا المستشرق النمساوي الأصل الذي تحول من اليهودية إلى الإسلام، ماثلة في أذهان الباحثين منذ ظهور كتابه الشهير «الطريق إلى مكة» الذي كتبه عام 1952 وترجم إلى لغات عدة، وصدرت ترجمته إلى العربية سنة 1956. واختصر المستشرق الألماني المسلم المعاصر الدكتور مراد هوفمان إسهامات المفكر الإسلامي محمد أسد بوصفه بأنه «هدية أوروبا إلى الإسلام»، ومع استلطاف هذه التسمية من قبل الدكتور عبد الرحمن الشبيلي، الباحث والمؤلف وكاتب السير وصاحب العشرين مؤلفا في الإعلام والأعلام، فقد قادته شخصية أسد، الذي أقام في المدينة المنورة وصاهر أهل الجزيرة واحتضنه الملك المؤسس بكرمه وصداقته، إلى تقديم قراءة موجزة في سيرة الراحل بعد مرور أكثر من عقدين على وفاته. وقد حفزت مناسبة عقد ندوة أقيمت في الرياض بمشاركة السفارة النمساوية نهاية العام الماضي الدكتور الشبيلي على تأليف كتاب عن أسد عنونه بـ«محمد أسد هبة الإسلام لأوروبا»، وصدر قبل أيام. وشدد الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، رئيس مجلس القضاء الأعلى في السعودية، من خلال تقديمه الكتاب على نقطتين تتعلقان بشخصية المفكر محمد أسد، وهما: أن أسد قرر في رحلة عمره الدينية والفكرية والعلمية أن ضعف المسلمين وتخلفهم عائد إلى بعدهم عن الإسلام وانصرافهم عن نهج الشريعة، مفندا ما يقوله الغرب وباحثوه بأن تخلف المسلمين بسبب دينهم، كما أن هذه الشخصية ذات التأثير العريض لم تحظ من الإعلام الغربي والإسلامي بما تستحق، ولم تقدر جهودها حق قدرها، ولم تنزل في منزلتها التي تستحقها.
من ليفو إلى المدينة المنورة
* ولد محمد أسد في أسرة يهودية متعصبة سنة 1900، في بلدة ليفو «البولندية حاليا»، الواقعة ضمن مقاطعة جاليزيا «النمساوية تاريخيا»، وكان يحمل اسم ليوبولد فايس، وبعد اعتناقه الإسلام سنة 1926 أطلق عليه رئيس الجالية الإسلامية في برلين - وهو صديق له من أصل هندي - اسم محمد تيمنا باسم المصطفى صلى الله عليه وسلم، و«أسد» الترجمة العربية لاسمه الأول «ليو» الذي يعني باليونانية المعنى نفسه، وكان قبيل إسلامه بفترة وجيزة قد تزوج، وعمره ستة وعشرون عاما، من أرملة ألمانية تدعى إلسا شايمان تعرف عليها قبل سنتين في برلين، وهي رسامة تكبره بخمسة عشر عاما (أو 22 عاما كما ذكر جونثر ويندهاغر في كتابه: «محمد أسد من جاليزيا إلى شبه الجزيرة العربية»)، ولها ابن في السادسة من عمره من زوجها السابق.
وقد ذكر محمد أسد في كتابه «الطريق إلى مكة» أن زوجته أبدت تفهما عميقا لانطباعاته عن العالم العربي، وأنها دخلت في الإسلام بعد أسابيع من إسلامه، وأنه بعد أن تنقل بين عامي 1922 و1926 بين أوروبا وبلاد الشام والعراق وفلسطين ومصر، رحل مع زوجته وابنها - الذي أصبح اسمه أحمد - إلى الديار المقدسة، والتقى الملك عبد العزيز سنة 1927، واتخذ من المدينة المنورة مقرا لإقامته، متجولا في ربوع البلاد مدة ست سنوات (1927م - 1933م)، وحج خمس مرات، وكان خلال إقامته تلك في ضيافة الملك عبد العزيز، وقد توفيت زوجته «إلسا» بعد أربعة أعوام - أو أقل - من زواجهما في المدينة المنورة، ودفنت في الأراضي المقدسة، وكانت قد تمكنت من أداء فريضة الحج، وعاد ابنها أحمد - وهو في العاشرة - إلى عائلة والدته في أوروبا.
أما محمد أسد، فيستفاد من كتابه «الطريق إلى مكة» ومن مصادر أخرى، أنه تزوج مرات عدة، الزيجة الأولى من فتاة، كانت أسرتها «المطيرية» تقطن المدينة المنورة، وقد طلقها في الليلة الأولى، بسبب صغر سنها (11 سنة)، إذ لم يكن يعرف سنها ولم تره أو يرها قبل الزواج، أما الزيجة الثانية فوردت الإشارة إليها عرضا في كتابه، ويبدو أنه تزوجها في الرياض سنة 1928، ثم طلقها بعد عام، وكانت الزيجة الثالثة من فتاة ولدت في حائل، وعاشت مع أسرتها في المدينة المنورة، واسمها منيرة حسين الموسى الشمري، وكان اقترانه بها سنة 1930، وهي خالة د.عبد العزيز ابن محمد الدخيل المستشار الاقتصادي المعروف (وكيل وزارة المالية والاقتصاد الوطني سابقا)، وقد رزقا في البداية بابنهما الأول طارق الذي توفي صغيرا، ثم بابنهما الوحيد «طلال» الذي ولد عام 1932 في المدينة المنورة، وقد ظهرت صورتها مع طفلها في إحدى طبعات الكتاب.
وكانت زوجته السعودية منيرة وابنهما طلال قد انتقلا معه إلى الهند، وظل ثلاثتهم على صلة وثيقة بالمملكة، ومحل رعاية قادتها، وقاموا بزيارات عدة لها، وقد ذكر ابنه د.طلال في مقابلة مع علي العميم في كتابه «العلمانية والممانعة الإسلامية» (دار الساقي، بيروت 1999)، أن محمد أسد وزوجته اعتقلا في الهند من قبل السلطات البريطانية بوصفه محسوبا على التبعية الألمانية، وذلك مع اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939، ولم يفرج عنه إلا بعد انتهاء الحرب (1945)، وأن والده تعرف في عام 1952 وهو في نيويورك إلى زوجته الأخيرة بولا حميدة، الأميركية الجنسية، وأنه طلق زوجته «أم طلال» رغبة في الزواج من الأخرى.
غادر محمد أسد الجزيرة العربية من ميناء جدة متوجها - كما سلف - إلى الهند سنة 1933، وكان عمره آنذاك ثلاثة وثلاثين عاما بعد أن عمر الإيمان قلبه، وتشبع ذهنه بفكر العقيدة، وبدأ ينصرف تدريجيا نحو الاهتمام بالدراسات الإسلامية، وإن ظل على علاقة بالصحيفة السويسرية «زيوريخ تسايتونغ»ن وذلك بالإضافة إلى انشغاله بإصدار مجلة «عرفات» المختصة بالدراسات الاستشراقية، لكن يبدو أن السياسة - حينها - بدأت تشغل جزءا من تفكيره ووقته.
وشدد المؤلف على أنه باستقراء ما كتبه، وبخاصة في سيرته الذاتية «الطريق إلى مكة» وما كتبه عنه غيره، وجد كيف أنه طوال الثلث الأول من عمره لم ينشغل بالسياسة، اللهم باستثناء موقفين مر بهما أثناء إقامته في المملكة العربية السعودية.. الموقف الأول كان ذا طبيعة إعلامية سياسية روى تفصيله في كتابه «الطريق إلى مكة»، حينما طلبه الملك عبد العزيز ذات يوم من عام 1929، وهما في الرياض، وكانت أمام الملك كومة من الصحف العربية وفي يده جريدة مصرية، وبعد أن امتدح الملك تقارير محمد أسد الصحافية، عن مشكلات الحدود مع العراق، قال له «أريد يا ولدي منك أن تقف بنفسك على مصادر بنادقهم وأموالهم، وإني على ثقة من معلوماتي، لكنني أحب من شخص مثلك، لا علاقة له مباشرة بالأمر، أن يخبر العالم بالحقيقة». ويبدو من سياق الحديث وتاريخه أن الملك عبد العزيز كان يقصد المجموعات المتشددة من قبائل البادية «المسماة تشكيلات الإخوان» الذين ناوأوا الملك عبد العزيز في تلك الفترة، ووقعت بينه وبينهم معركة «السبلة» عام 1928.
وقد رأى محمد أسد في استجابته لهذه المهمة تأكيدا للمحبة المتبادلة بينه وبين الملك عبد العزيز، كما أنها كانت تعد بفتح صحافي له، فقد دللت روايته لها على أنه استثمرها لأغراضه الصحافية إذ يقول «أما سلسلة المقالات التي كتبتها في ما بعد، فقد بينت لأول مرة أن وراء تلك المشكلة دولة أوروبية كبرى تهدف إلى إرجاع حدود ابن سعود نحو الجنوب، وسرت موجة من الحماسة إثر نشر مقالاتي في الصحف الأوروبية والعربية، المصرية بالذات».
وقد كانت تلك المهمة الإعلامية السياسية، التي كلفه بها الملك عبد العزيز، غاية في المخاطرة الأمنية، ذلك أنه اجتاز منطقة تسيطر عليها - في تلك الفترة - قوات مناوئة لحكم الملك عبد العزيز، ولا بد أن كتاباته الصحافية عن تلك الرحلة كانت تصف ما اعترض طريقه من صعوبات، وقد ورد وصف شائق لها في كتابه، فضلا عن أنها كشفت الدسائس التي كانت تحاك ضد الدولة السعودية.
ولم تكن مهمته الثانية في الذهاب إلى ليبيا بتكليف من الزعيم السياسي الليبي أحمد السنوسي، الذي كان يقيم في المدينة المنورة، بأقل خطورة ومجازفة من رحلته إلى الكويت، فقد دامت شهرين، وتخللها الكثير من المغامرات، ذلك أن السنوسي - بعد أن انحاز إلى تركيا في مطلع الثلاثينات الميلادية وأطبق الإيطاليون على بلاده - لجأ إلى البلاد السعودية متقدما به العمر، ومخلفا عمر المختار ورجاله، يقدمون أرواحهم في مقاومة الاحتلال، وكانت رغبة السنوسي إلى محمد أسد أن يقوم باستطلاع إمكانية تزويد المقاومة الليبية بالمؤن والسلاح من بلدة ليبية حدودية مع مصر.
وقد وجد محمد أسد، بعد أن قام بتلك المهمة، أن الوقت كان متأخرا لتقديم أي مساعدة، لأن البلدة المقصودة قد احتلها الإيطاليون، ولأن الجهاد الليبي كان يلفظ نفسه الأخير، فاستشهد المجاهد عمر المختار شنقا بعد ثمانية أشهر من ذلك التاريخ (1931/10/16)، وكانت صحيفة «أم القرى» قد أشارت إلى مقدم السنوسي إلى الحجاز وإقامته فيه في أعدادها «13 و14 و27» لعام 1925، والعدد «125» لعام 1927.
وفي ما عدا هذين الموقفين اللذين أوردهما محمد أسد في كتاب «الطريق إلى مكة»، فإننا لا نكاد نجد لنشاطه في أثناء إقامته في المملكة أي سمة سياسية، وذلك على النقيض من نشاطه في شبه القارة الهندية الذي كاد ينقسم بين السياسة والكتابة في الفكر الديني والتقارير الإعلامية.
الفكر الديني والإرث الصحافي
* يروي محمد أسد في كتابه «الطريق إلى مكة»، بأسلوب جاذب، وفي مواقع عدة، قصة اعتناقه الإسلام عند تردده على بلاد الشرق الأدنى، وبخاصة عند وصوله إلى القدس الشريف، وبين علامات فهمه المبكر لمعانيه ومقاصده الإيمانية والروحية والأخلاقية والاجتماعية، وما اشتمل عليه من سمو وكمال، وما تفوق به على ما سبقه من أديان، وما أعقبه من معتقدات.
ولم يتعرض محمد أسد - مثل غيره من الرحالة، وبخاصة فيليبي - إلى التشكيك كثيرا في إسلامه، وأهدافه من الإقامة في شبه الجزيرة العربية، لكنه في كتابه «الطريق إلى مكة»، يذكر في موقع واحد أن الملك عبد العزيز كان قد أبلغه تشكيك البعض في نواياه، لكن الملك تأكد - حسب قول الملك له - أنه مسلم حق.
والواقع أن من يقرأ في سيرته وفي كتبه، وفي الكيفية التي يدافع بها عن الإسلام والمراحل التي اعتمر فيها اليقين قلبه، لا يخامره شك في صحة إسلامه وعمق معتقده، وتأثره بمبادئه، كما كان قليل التدخل في الشؤون العامة والسياسية، ولعل اختياره الإقامة في المدينة المنورة معظم مدة مكوثه في البلاد، قد ساعده في ذلك.
كان محمد أسد بعد أن انتهت مهمته السياسية وزيرا مفوضا لباكستان لدى الأمم المتحدة، قد اتجه للإقامة في سويسرا متفرغا للكتابة والتأليف، حيث أمضى فيها عشر سنوات، ثم ارتحل إلى طنجة في المغرب، وأقام فيها نحو عقدين من الزمان، ثم انتقل إلى البرتغال، واستقر في مدينة ميخاس الإسبانية قرب ملقا حتى وفاته يوم (1412/8/16هـ - 1992/2/19م) عن عمر ناهز الحادية والتسعين، وقد دفن - بحسب وصيته - في مقبرة المسلمين في مدينة غرناطة الأندلسية، ويذكر أنه في هذه الأثناء كان يحظى بعطف خاص من الأمير سلمان بن عبد العزيز ومن بعض الوجهاء السعوديين.
وقد عاش محمد أسد في البلاد السعودية بين عامي 1927 و1933، أي أنه أقام فيها خلال السنوات الست التي سبقت إعلان توحيد المملكة، ثم غادرها بعد ذلك الإعلان بعام.
وفي الكتاب إشارات تفيد بأنه جاء إلى الديار المقدسة بوصفه صحافيا، فهو يقول في معرض حديثه عن أول لقاء مع الملك عبد العزيز سنة 1927 في مكة المكرمة «إنه يدعونني صديقه على الرغم من أنه ملك وأنني مجرد صحافي».
وتدل واقعة روى تفاصيلها على أنه كان يحمل آلة تصوير لتوثيق رحلاته وكتاباته، وقد طاله بسببها عناء كاد يودي به إلى هلاك قرب بلدة «القويعية» جنوب غربي الرياض.
ويشير الدكتور الشبيلي إلى أنه تلقى في صيف عام 2008، من جونثر ويندهاغر، وهو أستاذ الانثروبولوجيا الاجتماعية الثقافية في جامعة فيينا، ثلاثة نماذج من المقالات المبكرة لمحمد أسد في الصحف الألمانية والسويسرية، فأعد عنها عرضا نشر في جريدة «الشرق الأوسط»، وفي مجلة «السفير الثقافي» الصادرة عن الملحقية الثقافية السعودية في النمسا.. ومنها مقال ذو صفحات الخمس، يصف فيه محمد أسد حال الرياض التي يطلق عليها «قلب جزيرة العرب»، فيتحدث أولا عن وادي حنيفة الذي يحدها غربا، والواحات الواقعة في وسطه، ثم يتحول إلى وصف المدينة، وقصرها الملكي، والفانوس الكبير الذي يضاء في أعلاه عندما يكون الملك حاضرا، كما يتناول وصف قصر الضيافة في شمال العاصمة الذي يستقبل آلاف الضيوف يوميا يفدون للسلام على الملك في إعراب تلقائي عن إعجابهم بشخصيته وولائهم لقيادته.
كانت الرياض مدينة صغيرة جميلة محصورة في بضع بوابات، وعلى الرغم من أهميتها السياسية فإن سوقها التي تعج بالحركة لا تحاكي في حجمها سوقي بريدة وحائل، لذلك فإن زائريها لا يأتون للتبضع بقدر ما يفدون لأغراض سياسية واجتماعية أخرى، وهم خليط من كل شرائح المجتمع وبلدات الخليج والدول المحيطة، لا تكاد العين تخطئ ملامحهم واختلاف لباسهم نسبيا. ثم يختم وصفه الدقيق لوضع المدينة بقوله «إذا كانت الرياض تمثل قلب الجزيرة فإن شخصية الملك عبد العزيز هي في الحقيقة محركها»، وينهي مقاله بالحديث عن تكافؤ ديمقراطية الملك وتحليه بالعدل والإنصاف مع سلطته المطلقة، وذكر أنه لم يعرف ابنا في مثل سلطته عامل والده مثلما كان عبد العزيز - بكل الإجلال والتوقير - يعامل والده الإمام عبد الرحمن (المتوفى سنة 1346هـ/ 1928م، أي قبل عامين من تاريخ نشر المقال)، حيث كان الابن يقف في خدمة والده ولا يقعد طوال حضور الأخير في المجلس.
تراثه الفكري والتأليفي
* إن كان د.طلال أسد يذكر أن والده لم يحصل على درجة الدكتوراه، كما تلقبه بعض المراجع، فإنه بلا شك يعد من أبرز أقطاب الفكر الإسلامي المعاصر، وإذا كان كتابه «الطريق إلى مكة» الذي سماه في ما بعد «الطريق إلى الإسلام»، وهو ترجمة ذاتية لمسيرة حياته حتى عام 1932، ورواية للمؤثرات التي قادته إلى الإيمان، ورحلة في الجزيرة العربية وصحراء ليبيا، يعد أشهر مؤلفات محمد أسد وقد استرعى أنظار غير المسلمين إلى الإسلام وكان سببا في جذبهم إليه، فإن كتابه الأقدم «الإسلام في مفترق الطرق»، يعد من أعظم مؤلفاته (صدر الأصل في دلهي بالهند في أبريل/ نيسان سنة 1934)، ثم ترجمه عمر فروخ إلى العربية وطبعته دار العلم للملايين في بيروت، وقد صدرت في عام 2009 ترجمة جديدة لهذا الكتاب القيم قام بها الشيخ صالح الحصين، الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، من إصدار مكتبة الملك عبد العزيز العامة في الرياض.
وذكر شكري العناني في كتابه «المملكة العربية السعودية: دراسة بيبلوغرافية» (1978 - ص 73) أن هناك كتابا آخر لمحمد أسد يروي بقية سيرة حياته بعد عام 1952، يتمم كتاب «الطريق إلى مكة»، لكن محمد صلاح الدين الدندراوي، الناشر المعروف، ذكر لي أن الكتاب المذكور لا يزال مخطوطا.
أما الكتاب الثالث فهو «منهاج الإسلام في الحكم» وهو بحث دقيق تناول فيه محمد أسد أصول الدولة الإسلامية وقواعد الدستور ومقومات نظام الحكم في الإسلام، كالعدل والشورى، وقد ترجمه منصور محمد ماضي وصدر بالعربية سنة 1957.
وكان محمد أسد قد ذكر في كتابه «الطريق إلى مكة» أنه أنجز في ربيع عام 1924 كتابا وصف فيه أسفاره السابقة في رحلته الأولى إلى الشرق الأوسط، وأن الكتاب يأخذ اتجاها معاديا للصهيونية وأحدث دويا في الصحافة الألمانية، وقد ذكر المستشرق د.مراد هوفمان، في محاضرة ألقاها في النمسا بعنوان «محمد أسد: هدية أوروبا إلى الإسلام» عام 2000 ونشرتها مجلة الدراسات الإسلامية أن الكتاب غير مترجم، وأنه بعنوان «المشرق غير الرومانسي»، ويضم 59 صورة فوتوغرافية وثائقية، ويقع في «159» صفحة.
لكن الدكتور جونثر ويندهاغر، الأكاديمي النمساوي في جامعة فيينا، يظل أكثر من أحاط بسيرة محمد أسد من جميع جوانبها: السيرة والتراث التأليفي والصحافي.. ولعل ما كتبه يخلو من العواطف التي تعود المؤلفون العرب بخاصة تسريبها في كتاباتهم عندما يكون الحديث عن مفكر في مثل قامة محمد أسد وظروف تحوله إلى الإسلام.

ليست هناك تعليقات: