الأحد، 4 أبريل 2010

الإسلام وحده يكفى-4

قال صاحبى:تحدثنا عن ثوابت التشريع الإسلامى وعن المتغيرات فى ميدان المعاملات واليوم موعدنا مع التحدث عن الآداب العامة فى الإسلام .
قلت:الآداب العامة أوالفضائل كما يسميها الفقهاءجزء لاينفصم من دعوى الإسلام وإنك لن تبحث فى فضيلة من الفضائل إلا وجدت أن الإسلام قد حث عليهافهو دين الفضائل عامة وعلى وجه الخصوص .
قال:حتى الفضائل المستحدثة ؟
قلت:ليس هناك فضائل قديمة وأخرى مستحدثة فالفضائل هى الفضائل .والإنسان هو الإنسان وقد يكون المستحدث هو المظهرأو
طريقة الأداءوبوسعك أن تقترح الحديث عما تظن من الفضائل المستحدثة .
قال :إن من أشهر وأخطر أدواء هذا العصر(التلوث)فماموقف الإسلام منهذا الداء الوبيلوما الأدب الإسلامى فى سبيل القضاء عليه ؟
قلت :التلوث أنواع فهناك تلوث البيئة والتلوث البصرى والتلوث السمعى والتلوث العقلى فأيها تعنى ؟
قال :كلها أعنى .
قلت:لقد انطلق الإسلام لمحاربة كل أنواع التلوث من منطلق عام
هو أنه دين الطهارة التامة التى تشمل ظاهر الإنسان وباطنه ومن
بعد ينطلق فى مسارات ثلاث :
أولها:أن يأخذ المسلم بأدب الإسلام فى خاصة نفسه أولا بحيث يكون ما استطاع مثلا حيا للنقاء فى أموره كافة .ذلك لأن الإنسان هو الطرف الفاعل والحاسم فى مواجهة هذا الداء وكل داءومن أجل تربية المثل الإسلامى شرع الإسلام للمسلم آدابا واضحة :
1-أوجب على المسلم نظافة جسمه ومن أجل ذلك شرع (الاستنجاء
والوضوء والاغتسال والسواك وحلق العانة ونتف الإبط وتقليم الأظفار ) وجعل طهارة (البدن والثياب والمكان)شرطالصحة الصلاة .
2-دعا المسلم إلى إصلاح مظهره فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم من جاءه ثائر الرأس أن يرجع ويصلح من شأنه فلما رجع قال:"هذا خيرمن أن يأتى أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان "ولقد ضرب صلى الله عليه وسلم المثل بنفسه فعن البراء رضى الله عنه
قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربعة -أو مربوعا-ولقد 
رأيته فى حلة حمراءما رأيت شيئا قط أحسن منه)متفق عليه وعن
أبى رمثة رفاعة التميمىرضى الله عنه قال:(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثوبان أخضران)رواه أبوداودوالترمذى
وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن الله يحب أن يرى أثر نعمته على
عبده وهو صلى الله عليه وسلم يتأدب بأدب القرآن الذى يسجل أمر الله عباده بالتزين عندالصلاة "يابنى آدم خذوازينتكم عندكل مسجد"الأعراف 31و"قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق "الأعراف 32.
قال صاحبى :وماذا بعد أن يعنى المسلم بنظافته الشخصية ؟
قلت:يأمره الإسلام بنظافة المكان فيجب أن يكون طاهرالتصح صلاته وإذا كانت الأرض كلها مسجدا فعلى المسلم أن يحرص على طهارتها وهذه الأرض فيها موارد للمياه وأماكن الظلال فلابد
من الحفاظ عليها فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اتقوا اللاعنين"قالوا:وما اللاعنان؟قال:
"الذى يتخلى فى طريق الناس أو فى ظلهم "رواه مسلم فانظركيف
بين صلى الله عليه وسلم أن الاعتداءعلى الطريق أو الظل فعل يستوجب اللعنة أى الطرد من رحمة الله ؟
قال صاحبى:هذا هو المسار الأول فما المسار الثانى؟
قلت:التنبيه على بعض الأمور التى يظن البعض أنها تافهة فإذاتم 
التحذير منها كان التحذير مما هو أخطرأولى وسنكتفى بمثلين :
1-النهى عن البصاق فى المسجد فعن أنس رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"البصاق فى المسجد خطيئة وكفارتها دفنها "متفق عليه والمراد بدفنها إزالتها بالوسائل المتاحة
بل لقد قام صلى الله عليه وسلم بنفسم بإزالة القذر فعن عائشة رضى الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم رأى فى جدارالقبلة مخاطا
أو بزاقاأو نخامة فحكه"متفق عليه.وقد كان هذا الأمر متفقا عليه على عهده صلى الله عليه وسلم وهذا واضح مما رواه الشيخان عن المرأة التى كانت تقم المسجدفسأل عنها فأخبر بموتها فأتى قبرها فصلى عليها تكريما لها وحسبك أن تعلم أنه ورد فى النهى عن البصاق فى المسجد ثلاثة عشر حديثا فى صحيح مسلم.
2-التحذير من قربان المسجد لمن كان به رائحة ثوم أو بصل فعن 
عمربن الخطاب رضى الله عنه أنه خطب يوم الجمعة فقال :(أيها
الناس إنكم تأكلون شجرتين ما أراهماإلا خبيثتين البصل والثوم ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهمامن الرجل فى المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع فمن أكلهما فليمتهما طبخا )متفق عليه.فهو صلى الله عليه وسلم يأمر بإبعاد هذا الرجل وحرمانه من الصلاة معه وكفى بهذا عقابا وقد روى عن أنس رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من أكل من
هذه الشجرة فلا يقربنا ولا يصلى معنا "متفق عليه وقد ورد فى النهى عن ذلك اثنا عشر حديثا فى صحيح مسلم.
قال صاحبى:ولكن كل هذاالنهى من أجل المساجد .
قلت:أنت تعلم أن المسجد كان فى العهد الأول ملتقى الناس ومجلسهم ومنتداهم ودار حكمهم وقضائهم فهو يقوم فى عصرنا مقام المؤسسات والأماكن العامة .
قال :وما علاقة ذلك بالحديث عن (التلوث)؟
قلت :أوثق علاقة فإذا كان هذا الحشد من الأحاديث عن البصاق والرائحة الكريهة فمن باب أولى يكون التحذير مما هو أخطر كالدخان سواء أكان منبعثا من لفافة تبغ أم من مدخة مصنع أم من عادم سيارة أم من محرقة قمامة .
قال صاحبى :هذا هو المسار الثانى فما الثالث ؟
قلت:صياغة ضابط عام هو "لاضر ولا ضرار" رواه مالك فى الموطأ والدارقطنى وابن ماجة فى السنن.وهذه القاعدة تشمل كل ماكان أو هو كائن أو سيكون إلى يوم القيامة من ملوثات للبيئة فهى
منهى عنها بصريح النص .
ومن أعجب العجب أن يلجأدعاة الحفاظ على البيئة إلى مختلف الأساليب فى دعاياتهم وإعلاناتهم ثم يتناسون توجيهات الإسلام فى
ذلك مع أنها أكثر وجاهة ونفعا وتأثيراولا أرى سببا لهذا إلا الجهل 
أو التجاهل وكلاهما عار على من ينتسب إلى الإسلام.
قال صاحبى:هذاعن الحفاظ على البيئة فما عن الحفاظ على الموارد وهى جزء من البيئة ؟
قلت :موعدنا الحديث القادم .والله يقول الحق وهو يهدى السبيل.

ليست هناك تعليقات: