الأربعاء، 28 أبريل 2010

الإسلام وحده يكفى -7(التلوث السمعى)

قال صاحبى:موعدنا اليوم مع الحديث عن (التلوث السمعى).
قلت:هذا التلوث الآخذ بخناق آذاننا المصدع لجدران عقولنا.تجده على كل الساحات:
-على الساحة السياسية:تجد مهرجانات الانتخابات مواسم مزمنة للصداع الرهيب وبدلا من أن يعرض المرشحون برامجهم فى اجتماعات هادئة ومناقشات مقنعة يعلمون من خلالها الجماهير التفكير الموضوعى نجدهم بدلا من ذلك يلجأون إلى تجمعات هادرة صاخبة تنفث الشعارات اللاهبة والوعود الكاذبة وترى مواكب النفاق قائمة على قدم وساق.ولقد أتى علينا حين من الدهر
كان الناس يجمعون من أعمالهم ويزرعون فى بعض المواقع من 
أجل التصفيق والنعيق بشعارات لايفقهون لها معنى تحتية لزائر 
كبير .ومن المضحكات المبكيات أيام (الاشتراكية) مارأيت وسمعت مسيرة من العمال فى (الزقازيق)يهتفون:(لااشتراكية ولا استعمار).ااا
قال صاحبى:وما موقف الاسلام من الصخب السياسى؟
قلت:التربية السياسية جزء من التربية الدينية .فالإسلام منهاج شامل .ولا عبرة بالقول (لاسياسة فى الدين ولا دين فى السياسة)
وهذا إفلاس دينى وسياسى معاوماذا يبقى من الدين إذا أبعدناه عن مصالح العباد والبلاد؟وهل جاء الدين إلا لهذا؟
إن الخطاب السياسى الإسلامى بعيد عن السفسطة والشقشقة والرياء .إنه يقوم مباشرة على توخى المصلحة القائمة على الحق والوصول إليها من أقرب طريق بالهدوء"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)النحل 125والموضوعية"وشاورهم فى الأمر"آلعمران159"وأمرهم شورى بينهم"الشورى38
"ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن"العنكبوت 46
تأمل هذا الهدوء وهذه الموضوعية وتذكر مع ما يحدث على الساحة من خطاب بين إخوة الوطن الواحد من المسلمين والنصارى من مهاترات سفيهة تثبت أن هؤلاء ليسوامسلمين حقا 
وأن أولئك ليسوا نصارى حقا .فليس فى الإسلام أبدا إلزام الخصم بالتنازل عن قناعاته .تجد ذلك والإسلام فى مهده والرسول صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على الأفراد والقبائل ,وتجدذلك فى خطاب الإسلام لليهود والنصارى وتجد ذلك حين قوى عوده وصارت له اليد الطولى "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"الكهف29"لاإكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى "البقرة256.فما اجدرنا أن نتعلم آداب الخطاب السياسى فى
الإسلام وما أفدح خسارتنا حين نتعامى عن نوره وننأى عن هديه.
قال صاحبى:هذا على الساحة السياسية .
قلت:أما عن الساحة الاجتماعية فحدث ولا حرج .
فالمحزونون يصرون على توزيع أحزانهم على الناس فترى هذه
السرادقات تضيق على الناس طرقهم وهذه مكبرات الصوت تصم
آذانهم ولا يجرؤ أحد على الإنكار أو الشكوى وإلا اتهم بقلة الذوق
وهذا جهل شنيع بأدب الإسلام فى العزاء الذى لايكلف أصحابه أكثر من مواساة أهل الميت (أعظم الله أجرك وغفر لميتك)هذه 
الكلمات البليغة الوافية ماذا تكلف من وقت وجهد ومال ؟وماذا 
تكلف تلك الطريقة الشائنة الشائهة من وقت وجهد ومال ؟ااا
شتان شتان ما بين الحق والباطل .نعصى ربنا بارتكاب البدع ثم
ندفع من وقتنا وجهدنا ومالنا الكثير.ولعل هذه الخسائرهى العقاب
العاجل قبل العقاب الآجل على انتهاك آداب الإسلام.
ومثل ذلك يقال عن الأفراح حيث تقام الليالى الملاح حتى الصباح
وقد ازدحم الهواء بالصياح دون مراعاة لحق الضعاف والمرضى
والطلاب .
وما يفعله عشاق (الكرة)حين تستحيل جموعهم إلى عناصر 
الإرهاب والبلطجة والهلوسة .
وإذا تركت كل المناسبات جانبا وعدت إلى بيتك فى سيارة عامة
كان على أذنيك أن تنفتحا على كل الجبهات وترغم على سماع
كل شىء .فالكل يتحدثون بأصوات عالية وهم يجلسون متلاصقين
ويتطوع البعض-خاصة فى الريف- بإطلاع الركاب على كل شىء :الأزواج والزوجات والأولاد والأسعار والجيران بل وأخبار الجيش.ومما لا أنساه .أننى كنت فى حافلة عامة على طريق بين بعض القرى وإذا بالسائق الهمام يصرخ باعلى صوته:
(محطة القاعدة السرية)وكان ذلك أيام حرب الاستنزاف.وبهذا 
الوعى الأحمق قدم للعدو هدفا على طبق من ذهب.وقد ذهب.
وإذا كان هذا أمرامبكيافلا بأس أن نضحك قليلامع تلك السيدة التى كانت تحكى لجارتها -فى حافلة عامة-بصوت عال عن زوج ابنتها وتذكر أشياء دقيقة وأحيانا مخجلة مما أثار ثائرة كثير من الركاب فسكتت قليلا ثم عادت ولم تبتلع لسانها إلا بعد أن أقسم
السائق بالطلاق أن يلقيها فى الطريق .
قال صاحبى:وكيف يعالج الأدب الإسلامى هذه الأحوال؟
قلت:الإسلام يجعل المسلم مسئولا عن سياسة سمعه وبصره وعقله
"إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا"
الإسراء 36 وهو مسؤول عن حركة جسده ولسانه "واقصد فى مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير"
لقمان 19والآية دعوة إلى التواضع فى المشى فلا يثير جلبة ولا
يرفع صوته فى غير ضرورة فأن الصوت العالى ليس دليل حق
ولا عزة .فإن أذل الحيوانات أعلاها صوتا وفى هذاالتعبير تبشيع
للصوت المزعج .
ومما يجدر ذكره هنا ما روته كتب السيرة فى غزوة (بدر)وقد 
اصطف المسلمون لملاقات عدوهم .وقفوا صامتين.ورآهم عين 
لقريش.فعاد وقد أخذ منه الفزع كل مأخذ ليقول لقومه:(لقد رأيت البلايا تحمل المنايا)ونصح قومه بالرجوع فما كان من أبى جهل إلا أن قام يصيح:(والله لانرجع حتى نقتل محمدا وأصحابه وننحر الجزور وتغنينا القيان)وأقبلت قريش زحفا على المسلمين بصخبها
وضجيجها .وكان ما كان.
قال صاحبى:وهذا يذكرنى بتقليدمتبع هو تشييع جنازة بعض الموتى بالموسيقا.
قلت:تقليد سخيف فى مقام لايحتمل السخف وهذا مخالف أشد المخالفة لأدب الإسلام فى تشييع الجنائز فى سكينة وتدبر.ولكنه
اتباع سنن غير المسلمين شبرا بشبركما قال صلى الله عليه وسلم.
قال صاحبى:وهل هناك ميادين للصخب غير ما ذكرنا؟
قلت:نعم وأشد ما يحزننى ويقلقنى (الصخب الدينى )
قال:وما مظاهر الصخب الدينى؟
قلت:ذهبت مرة إلى دار الكتب فى إحدى المحافظات وجاء أحد الموظفين وجلس على مقربة وفتح مذياعا صغيرا على إذاعة القرآن الكريم وكان الصوت عاليا .وتلفت الحاضرون ولم يتكلموا
 فقلت :يا أخى الإخوة محرجون من الصوت العالى .اخفض الصوت وخل الناس لحالهم .فأرغى وأزبد وقال:(سبحان الله وصلت للقرآن ؟ماذاجرى للناس؟اا)
ومن الظواهر التى يوظف فيها الدين توظيفا سيئا مايحدث فى كثير من المساجد حيث تركب مكبرات الصوت مثنى وثلاث ورباع وتستعمل لا للأذان فقط بل ولإذاعات شتى :تواشيح طويلة مزعجة قبل الفجر وصلوات وقرآن فإذا ذهبت تفهمهم أن ذلك كله
بدع منكرة بإجماع العلماء وجدت من لايفهم بل من ينكر ويعاند ويعتبر ما يفعله جهادا فى سبيل الله.
ومن مظاهر الصخب الدينى :ما يفعله كثير من أئمة المساجد من
استخدام مكبرات الصوت فى (خطبة الجمعة) وإلى جواره مسجد أو مسجدان .فتسمع ما يسثير العجب والقرف خليطا مزعجا من الأصوات والكلمات غير المفهومة مما يستحيل معه على المصلين فى تلك المساجد أن يسمعوا ويعوا.فإذا ذهبت تقول لهم:
لاداعى للمكبرات الخارجية يكفى داخل المسجد وجدت من لايفهم
ووجدت من يعاند ويطالب الآخرين أن يفعلوا أولا .
قال صاحبى:ولكن هذه التجاوزات يقوم بها صغار الدعاة.وعلى كبارالدعاة أن يقوموا بدورهم فى توعية تلامذتهم.
قلت:ياليت الأمر كما تقول ولكن هناك من الذين تدعوهم (كبار الدعاة)من لا يختلف كثيرا عن عوام الدعاة.
قال:كيف ذلك يرحمك الله؟
 قلت:للحديث بقية إن شاء الله .
والله يقول الحق وهو يهدى السبيل.

ليست هناك تعليقات: