الاثنين، 8 مارس 2010

الإسلام وحده يكفى -3

قال صاحبى:انتهينا فى الحديث الماضى إلى أن الثوابت الإسلامية فى العقيدة والأخلاق والعبادات تكفل البقاء والتميزللشخصية المسلمة,كما أنها لاتعرقل التطور والنماء بل توجهه وجهة الخير.
والآن أرجو أن يكون الحديث عن المتغيرات من منظور التشريع الإسلامى ,فما المقصود بالمتغيرات ؟
قلت:إذا كانت الثوابت كل ماثبت بنص قطعى,فإن المتغيرات ما
سوى ذلك ,وهى تشمل مصالح الناس ومعاملاتهم .
قال:إذاكانت المتغيرات لم ترد بها نصوص قطعية,فكيف نفهم قوله تعالى :"ما فرطنا فى الكتاب من شىء"؟الأنعام 38
قلت:الجمهور على أن المراد بالكتاب فى الآية (اللوح المحفوظ)
ويؤيد ذلك أن الآية تتحدث عن أحوال الدواب والطير,وأنها أمم.
ويحتمل أن يراد بالكتاب القرآن الكريم باعتبار ما فيه من القواعد
الكلية التى تضبط كل حياة البشر.
قال:فلماذا لم ينص القرآن على أحكام المتغيرات ؟
ثم أليس ترك المتغيرات دون نص قطعى يجعلها بابا واسعاتدخل
منه مؤثرات غير إسلامية يمكن أن تبدل معالم الشخصية المسلمة ؟.قلت:لئن كان الله بنا رحيما حين ترك الكثير مما يتعلق بمصالح الناس وشئون معاشهم لعقول الناس ومقتضيات زمانهم وبيئاتهم
فإن الأمر لم يترك سدى,بل هناك قواعد وضوابط تنظم الخطى
على مسارات الحياة .قال:وما تلك الضوابط ؟قلت:إن للإسلام
مقاصد أساسية تسخر من أجلها قواعد العقيدة والعبادة والخلق والمعاملات,وهى التى سماها علماؤنا (الكليات الخمس)وهى:
الحفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال.وقد شرع لكل
واحدة من هذه الخمس قواعد كلية ,وللناس من بعد ذلك أن يختاروالأنفسهم من طرائق تؤدى إلى تحقيق تلك المقاصد مع 
الالتزام بهذه الضوابط .
قال :وما تلك الضوابط ؟قلت :هى قوانين حاكمة مستنبطة من الكتاب والسنة ,وهى شاملة لكل النشاط الإنسانى .
قال :مثل ماذا فى مجال الحكم ؟قلت:قاعدة (الشورى)المستنبطة من قوله تعالى :"وشاورهم فى الأمر"آلعمران159وقوله تعالى:
"وأمرهم شورى بينهم"الشورى38.فالقرآن وضع مبادىءولم يفرض نظاما بعينه,بل ترك للناس اختيار الإطارالذى يرتضون
بشرط أن يراعى الشورى,والذين نزل القرآن فيهم فهمواذلك من
أول الأمر,فكانت ولاية (أبى بكر)بعد حوار ثم بيعة,وكانت ولاية 
(عمر)بعد اختيار أبى بكر ثم إجماع الصحابة,وكانت ولاية (عثمان)بعد ترشيح ستة نفرثم البيعة,وكانت ولاية (على)بمبايعة
كثير من الصحابة على كره منه للظروف التاريخية المعروفة.
رضى الله عن الصحابة أجمعين ,فالمهم-إذن-فى نظر الإسلام 
القواعد التى تحكم ,وليس الشكل الخارجى ,وما قيل عن الشورى
يقال عن (العدل)المستنبط من القرآن"إن الله يأمربالعدل"النحل90 :"ولايجرمنكم شنآن قوم على ألاتعدلوااعدلوا"المائدة 8.
قال:وفى الشئون الاقتصادية .قلت :قاعدة العدل تشمل عدالة توزيع الثروة ,وقاعدة الزكاة "وفى أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم"المعارج 24,25,وقاعدة الوفاء "يأيهاالذين آمنواأوفوا
بالعقود"المائدة 1,وقاعدة تحريم الربا"وأحل الله البيع وحرم الربا "البقرة275 ,وفى هذه الآية يقول الشيخ جاد الحق -رحمه الله تعالى :(لم تعرض لحقيقة الربا وما يجرى فيه وصوره بحيث يتحدد الربا المحرم قطعا )كتابه الفقه الإسلامى 206 وجاءت السنة المطهرة لتبين بعض أنواع الربا,وليدلى المجتهدون بدلوهم فى هذه القضية التى تمس اقتصاديات المسلمين,وتتسع لمقتضيات
التطوربما لايخرق قاعدة أخرى مهمة وهى حرمة أكل أموال الناس بالباطل "لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل "النساء29 وقاعدة
لاضررولاضرار"لاتضار والدة بولدها ولا مولود له بولده "البقرة232 .
قال صاحبى :وفى شأن العقوبات ؟
قلت:وردت ضوابط محددة مثل جلد الزانى غيرالمحصن"الزانية 
والزانى فاجلدواكل واحد منهما مائة جلدة"النور 2ورجم الزانى
المحصن كما جاء به الحديث المتفق عليه ,وأكده حدوثه بأمره 
صلى الله عليه وسلم فى خمس حالات .
وهناك عقوبات غير محددة ,هى ما سماها علماؤنا(التعزير) وهذا
التعزير استجابة واضحة لحاجات الزمان والمكان والأشخاص.
فما يصلح عقابا لشخص قد لايصلح لشخص آخر,وما يكون عقابا 
فى وقت قد لا يجدى فى وقت آخر,وما يعد عقوبة فى بيئة قد يعد 
تكريما فى بيئة آخرى .
قال صاحبى:وفى العلاقات الدولية ؟ 
قلت:هناك مبادىء عامة أرساها الإسلام منها:
لاريبلا-الأخوة العامة فى الإنسانية "يأيهاالناس إناخلقناكم من ذكروأنثى
وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"الحجرات13"يأيهاالناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة "النساء1 وقاعدة العدل والوفاء 
حتى مع الأعداء"ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوااعدلواهو
أقرب للتقوى"المائدة 8"وأوفوا بالعهد إن العهدكان مسئولا" 
الإسراء34.قال :وفى مجال حقوق الإنسان ؟
قلت :لاريب أن الإسلام وضع أول وثيقة لحقوق الإنسان:
-فقد قررتكريم الإنسان من حيث هو إنسان بغض النظر عن الدين
واللون والجنس "ولقد كرمنا بنى آدم "الإسراء70
-قرر أساسا موضوعيا للتفاضل بين الناس"إن أكرمكم عند الله 
أتقاكم "الحجرات13
-حرية العقيدة "لاإكراه فى الدين "البقرة256
-حق التملك وحماية المال الخاص"ولاتأكلوا أموالكم بينكم بالباطل"البقرة188
-أهلية الإنسان لتحمل المسئولية "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى" 
النجم 39.
-عدم أخذ الإنسان بذنب غيره (شخصية العقوبة)"ولاتزروازرة وزرآخرى"فاطر18.
-حماية الضعيف فقال فى حق اليتيم "ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا "النساء2"إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون فى بطونهم نارا وسيصلون سعيرا " 
النساء10
-تقرير حقوق المرأة :حق الحياة"وإذا الموءودةسئلت بأى ذنب قتلت"التكوير8-حق الزواج والمودة والرحمة"ومن ءاياته أن خلق
لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " 
الروم21-حق الأمومة"والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة "البقرة232-حق الميراث"للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك  الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا "النساء7
ولاحجة لمن يزعم تفضيل الرجال لأن للذكر مثل حظ الأنثيين
فقد يفوق نصيب المرأة نصيب الرجل بل قد تحجب المرأة الرجل
عن الميراث تماما وتفصيل ذلك فى علم المواريث .-المساواة فى
الحقوق والواجبات العامة "ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف "
البقرة 228
قال:وفى علاقة المسلم بغير المسلم ؟
قلت:تقريرالأخوة العامة فى الإنسانية كما قدمنا -الدعوة بالحسنى"
"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة "النحل125
-حماية غير المسلم بعد سماع القرآن ورفضه الإسلام حتى بصل
إلى مأمنه "وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه "التوبة6-حق استرداد الزوج الكافرللمهر
الذى أعطاه لزوجته التى فارقته بالإسلام "وآتوهم ما أنفقوا"
الممتحنة10.
قال :وأهل الذمة ؟
قلت:وما معنى الذمة ؟
قال:العهد والميثاق .
قلت:وهل فى العهد والميثاق نقيصة ؟أن العهد والميثاق يربط بين
الأحرار المسئولين ,بين الأزواج والجيران والأصدقاء والحلفاء,
قال :والجزية ؟
قلت :ومن يدفع الجزية ؟
قال:الأحرار القادرون .
قلت:ومن يدفع الزكاة ؟
قال:الأحرار القادرون .
قلت:سبحان الله.فهل ترى أعدل من ذلك ؟إنه نفس العطاء,ولكن
الإسلام لم يسمها زكاة حتى لايكره القوم على شىء لايؤمنون به
وإنما هى(جزية)يجازبها غير المسلم كأحد الأفراد فى مجتمع
المسلمين .
قال صاحبى :وماذا عن الآداب العامة فى الإسلام؟
قلت:أرجو أن يكون ذلك حديثنا القادم إن شاء الله .

ليست هناك تعليقات: