قال صاحبى:كيف استطاع التشريع الإسلامى الحفاظ على الشخصية المسلمة مع الاستجابة لدواعى التطور ؟
قلت:للتشريع الإسلامى جوانب أربعة :العقيدة والأخلاق والعبادات
والمعاملات ,والعقيدة هى الركيزة الأساس التى تنبع منها الجوانب الأخرى,والكتلة الثابتة للتشريع الإسلامى (العقيدة والأخلاق والعبادات)وتستمد ثباتها من النصوص الشرعية القطعية الثبوت والدلالةوكذلك من جذور الفطرة التى فطر الله الناس عليها,كما أنها مناط القلب والروح وليس للعقل فيها مجال وإن جاز له أن يبرهن عليها.
وهذه المجالات الثلاثة ثابتة على الأزمان ,ولذا كانت شخصية المسلم ثابتة بثباتها .
قال صاحبى:ولكن أخلاق الناس تتغير.
قلت:لقد جاء الإسلام بنظام أخلاقى مرتبط بالعقيدة فلا سبيل إلى
تغيير الأخلاق إلا بالتخلى عن العقيدة ذاتها ,فالمسلم صادق لأن
الصدق قالب العقيدة ,التى هى رباط بينه وبين ربه,وهذا يقال عن
الأمانة وسائر الأخلاق,وإذا جاز لغير المسلم أن يلجأ إلى المعاذير ليدور حول المبادىء فليس للمسلم إلا الالتزام التام بالمبادىء مهما
كانت الظروف,فقد أوذى الرسول صلى الله عليه وسلم فى نفسه وماله,وقد واتته الفرصة ليسترد بعض الحقوق عندما هاجروعنده
أمانات أعدائه,ولكنه رد الودائع ,لأن الوفاء هو الوفاء,وقد كان
القرآن حاسما وصارما فى مسألة الأخلاق,فعندما توعدالنبى صلى الله عليه وسلم المشركين بأن يمثل بسبعين منهم ثأرا لعمه حمزة
رضى الله عنه الذى مثلوا بجسده نزل قوله تعالى "وإن عاقبتم
فعاقبوابمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهوخيرللصابرين"النحل126,والتزامالهذا المنهج لم يكن بوسعه
صلى الله عليه وسلم حين جاءه وحشى مسلما إلا أن يقبل منه وهوالذى مثل بعمه ,والحديث عن الجانب الخلقى له صلى الله عليه وسلم لاساحل له,وحسبه شهادة ربه له "وإنك لعلى خلق عظيم "القلم 4.
قال صاحبى:وعلى هديه كانت الأمة ,ولمامثل الفرس بقتلى المسلمين فى بعض المعارك وأقسم بعض المسلمين أن يفعل بالفرس مثلها قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه:(ومتى كان لنا فى الفرس أسوة ؟)هذا بينما نجد فى التوراة-المحرفة-إباحة التعامل بالربا مع غير اليهود,وقد حكى القرآن عن إباحة بعضهم
خيانة الأمانة مع غيرهم "ومنهم من إن تأمنه بدينار لايؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا فى الأميين سبيل "آلعمران 75,ولكننا نلاحظ تغير أخلاق الناس مسلمين وغير مسلمين.قلت:أما غير المسلمين فهذا شأنهم,وأما المسلمون فإنهم
حينئذ عن الصراط لناكبون,وإنك لن تجد عند مكسلم خللافى خلقه إلا وجدت كفاء له خللا فى عقيدته فكل سلوك المسلم يخرج من مشكاة العقيدة ,وإذا كان القرآن يقرر:إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر"العنكبوت 45فهذايعنى أن الأخلاق قيمة
فى ذاتها,ولذاكان الشرك بالله غير أخلاقى لأنه افتئات على حق الله جل وعلا. قال صاحبى:ولكن حكماء الغرب يزعمون أن قاعدة الأخلاق عندهم هى (الضمير)بغض النظر عن الإيمان
ويقولون :إن الصدق هو الصدق عند المؤمن وغيره.
قلت:خطأ هذامبنى على أنهم يعتبرون الأخلاق منتجا اجتماعيا فما تواضع الناس على أنه أخلاقى كان كذلك وما تواضعوا على تجريمه فهو كذلك,وبذلك تختلف القيم وتتغيرتبعا لإرادة الناس
فالضمير عندهم صناعة اجتماعية يمكن أن يسمح اليوم بما أنكره بالأمس ,وهذا هو الملاحظ ,فهذا الضمير الذى يبيح الزنا وزواج المثليين هو هو الذى كان يجرمهما فى عصرسابق .
أما فى الإسلام فالضمير-إذا جازت هذه التسمية-شىء ثابت ملتحم بالعقيدة متعال على الرغبات والأهواء .
وإذا كان هؤلاء يلتزمون بالأخلاق إرضاء لضمائرهم فإن المسلم
يلتزم إرضاء لله الذى لايتغير بتغير الأزمان والبيئات .
قال صاحبى:وكيف تكون الصلة بين الخلق والتطور العلمى ؟
قلت:الإسلام يجعل الخلق إطارا للتطور العلمى ,وهذا هو العاصم الوحيد لما نراه الآن من اختلال شائن بين التطور المادى والتطور المعنوى,فالمسافة العكسية بينهما تتنامى بسرعة مذهلة
وهذا يفسر خطر ارتباط التطور العلمى بالمصادر الآنية لابالمصدر الربانى,ولهذا اتجه المسلمون أيام مجدهم بالعلم وجهة
خيرة فأفادوا العباد والبلاد,ولم يكن من خلقهم قط استخدام قوتهم العسكرية والاقتصادية والفكرية للضغط على غيرهم لاعتناق
الإسلام "لاإكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى "البقرة256
قال صاحبى:وهل كانت للمسلمين الأوائل قوة اقتصادية يمكن
استغلالها؟ قلت:نعم ,فقد أسرت خيل المسلمين رجلا من بنى حنيفة اسمه(ثمامة)وكا من سادات اليمامة ,وقد أسلم ثمامة وأقسم
ليمنعن القمح عن قريش حتى أصابت قريشا مجاعة شديدة فكتبوا
إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ليخلى ثمامة بينهم وبين الطعام
ففعل صلى الله عليه وسلم رغم أنهم حاصروه فى شعب أبى طالب حتى أكل مع المسلمين أوراق الشجر,ذلك لأن الأخلاق فى
الإسلام والعقيدة منبعهما واحد هو الارتباط بالله تعالى,فهى ثابتة
على الدوام ,ولا تخضع لسنة التطور .
قال صاحبى :هذا عن الثوابت فماذاعن المتغيرات؟وهل للأخلاق
صلة بالمتغيرات ؟
قلت :أرجو أن يكون هذاحديثنا القادم .
قلت:للتشريع الإسلامى جوانب أربعة :العقيدة والأخلاق والعبادات
والمعاملات ,والعقيدة هى الركيزة الأساس التى تنبع منها الجوانب الأخرى,والكتلة الثابتة للتشريع الإسلامى (العقيدة والأخلاق والعبادات)وتستمد ثباتها من النصوص الشرعية القطعية الثبوت والدلالةوكذلك من جذور الفطرة التى فطر الله الناس عليها,كما أنها مناط القلب والروح وليس للعقل فيها مجال وإن جاز له أن يبرهن عليها.
وهذه المجالات الثلاثة ثابتة على الأزمان ,ولذا كانت شخصية المسلم ثابتة بثباتها .
قال صاحبى:ولكن أخلاق الناس تتغير.
قلت:لقد جاء الإسلام بنظام أخلاقى مرتبط بالعقيدة فلا سبيل إلى
تغيير الأخلاق إلا بالتخلى عن العقيدة ذاتها ,فالمسلم صادق لأن
الصدق قالب العقيدة ,التى هى رباط بينه وبين ربه,وهذا يقال عن
الأمانة وسائر الأخلاق,وإذا جاز لغير المسلم أن يلجأ إلى المعاذير ليدور حول المبادىء فليس للمسلم إلا الالتزام التام بالمبادىء مهما
كانت الظروف,فقد أوذى الرسول صلى الله عليه وسلم فى نفسه وماله,وقد واتته الفرصة ليسترد بعض الحقوق عندما هاجروعنده
أمانات أعدائه,ولكنه رد الودائع ,لأن الوفاء هو الوفاء,وقد كان
القرآن حاسما وصارما فى مسألة الأخلاق,فعندما توعدالنبى صلى الله عليه وسلم المشركين بأن يمثل بسبعين منهم ثأرا لعمه حمزة
رضى الله عنه الذى مثلوا بجسده نزل قوله تعالى "وإن عاقبتم
فعاقبوابمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهوخيرللصابرين"النحل126,والتزامالهذا المنهج لم يكن بوسعه
صلى الله عليه وسلم حين جاءه وحشى مسلما إلا أن يقبل منه وهوالذى مثل بعمه ,والحديث عن الجانب الخلقى له صلى الله عليه وسلم لاساحل له,وحسبه شهادة ربه له "وإنك لعلى خلق عظيم "القلم 4.
قال صاحبى:وعلى هديه كانت الأمة ,ولمامثل الفرس بقتلى المسلمين فى بعض المعارك وأقسم بعض المسلمين أن يفعل بالفرس مثلها قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه:(ومتى كان لنا فى الفرس أسوة ؟)هذا بينما نجد فى التوراة-المحرفة-إباحة التعامل بالربا مع غير اليهود,وقد حكى القرآن عن إباحة بعضهم
خيانة الأمانة مع غيرهم "ومنهم من إن تأمنه بدينار لايؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا فى الأميين سبيل "آلعمران 75,ولكننا نلاحظ تغير أخلاق الناس مسلمين وغير مسلمين.قلت:أما غير المسلمين فهذا شأنهم,وأما المسلمون فإنهم
حينئذ عن الصراط لناكبون,وإنك لن تجد عند مكسلم خللافى خلقه إلا وجدت كفاء له خللا فى عقيدته فكل سلوك المسلم يخرج من مشكاة العقيدة ,وإذا كان القرآن يقرر:إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر"العنكبوت 45فهذايعنى أن الأخلاق قيمة
فى ذاتها,ولذاكان الشرك بالله غير أخلاقى لأنه افتئات على حق الله جل وعلا. قال صاحبى:ولكن حكماء الغرب يزعمون أن قاعدة الأخلاق عندهم هى (الضمير)بغض النظر عن الإيمان
ويقولون :إن الصدق هو الصدق عند المؤمن وغيره.
قلت:خطأ هذامبنى على أنهم يعتبرون الأخلاق منتجا اجتماعيا فما تواضع الناس على أنه أخلاقى كان كذلك وما تواضعوا على تجريمه فهو كذلك,وبذلك تختلف القيم وتتغيرتبعا لإرادة الناس
فالضمير عندهم صناعة اجتماعية يمكن أن يسمح اليوم بما أنكره بالأمس ,وهذا هو الملاحظ ,فهذا الضمير الذى يبيح الزنا وزواج المثليين هو هو الذى كان يجرمهما فى عصرسابق .
أما فى الإسلام فالضمير-إذا جازت هذه التسمية-شىء ثابت ملتحم بالعقيدة متعال على الرغبات والأهواء .
وإذا كان هؤلاء يلتزمون بالأخلاق إرضاء لضمائرهم فإن المسلم
يلتزم إرضاء لله الذى لايتغير بتغير الأزمان والبيئات .
قال صاحبى:وكيف تكون الصلة بين الخلق والتطور العلمى ؟
قلت:الإسلام يجعل الخلق إطارا للتطور العلمى ,وهذا هو العاصم الوحيد لما نراه الآن من اختلال شائن بين التطور المادى والتطور المعنوى,فالمسافة العكسية بينهما تتنامى بسرعة مذهلة
وهذا يفسر خطر ارتباط التطور العلمى بالمصادر الآنية لابالمصدر الربانى,ولهذا اتجه المسلمون أيام مجدهم بالعلم وجهة
خيرة فأفادوا العباد والبلاد,ولم يكن من خلقهم قط استخدام قوتهم العسكرية والاقتصادية والفكرية للضغط على غيرهم لاعتناق
الإسلام "لاإكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى "البقرة256
قال صاحبى:وهل كانت للمسلمين الأوائل قوة اقتصادية يمكن
استغلالها؟ قلت:نعم ,فقد أسرت خيل المسلمين رجلا من بنى حنيفة اسمه(ثمامة)وكا من سادات اليمامة ,وقد أسلم ثمامة وأقسم
ليمنعن القمح عن قريش حتى أصابت قريشا مجاعة شديدة فكتبوا
إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ليخلى ثمامة بينهم وبين الطعام
ففعل صلى الله عليه وسلم رغم أنهم حاصروه فى شعب أبى طالب حتى أكل مع المسلمين أوراق الشجر,ذلك لأن الأخلاق فى
الإسلام والعقيدة منبعهما واحد هو الارتباط بالله تعالى,فهى ثابتة
على الدوام ,ولا تخضع لسنة التطور .
قال صاحبى :هذا عن الثوابت فماذاعن المتغيرات؟وهل للأخلاق
صلة بالمتغيرات ؟
قلت :أرجو أن يكون هذاحديثنا القادم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق