الثلاثاء، 19 يناير 2010

الدين والسياسة

(لا سياسة فى الدين ولا دين فى السياسة )
كلمة أطلقها الراحل -أنور السادات-غفر الله له.
وكان الرجل قد أطلق يد الجماعات الإسلامية لمقاومة تيارات لا 
تروق له ,ولما جاءت الريح بما لا يشتهى انقلب عليهاوأطلق تلك
المقولة التى لن تكون فى ميزان حسناته .
لماذا-ياريس -لاسياسة فى الدين ولا دين فى السياسة ؟
قال :لأن السياسة فيها الخداع والكذب والنفاق والغاية تبرر الوسيلة ,ونحن ننزه الدين عن ذلك .
كلام يشبه المعقول ,وإن كان ليس فيه رائحة من المعقول .
يا أعزاءنا المحترمين 
زمان أيام الخليفة العباسى -المأمون- دخل عليه أحد الشعراء 
فمدحه بعدة أبيات فلم يعطه المأمون شيئا وعبس فى وجهه فخرج
حزينا وقال لشاعر صديق له :إن أمير المؤمنين -على كماله-لا
علم له بالشعر,لقد أنشدته بيتا لوأعطانى عليه نصف ملكه لكان 
قليلا,قال صاحبه :وماذا قلت ؟فأنشد :
أضحى إمام الهدى المأمون مشتغلا
بالدين , والناس  بالدنيا    مشاغيل
قال صاحبه :
والله لقد كان أمير المؤمنين حليما إذ لم يؤدبك عليه ,والله مازدت
على أن جعلته عجوزا فى محرابها بيدها سبحتها ,فمن لسياسة
الدنيا وأمور الرعية ؟
أفلا قلت كما قال الآخر :
فلا هو فى الدنيا مُضٍِِيع نصيبه
ولا أمر الدنيا عن الدين شاغله
قال :الآن علمت أنى أخطأت .
والرجوع للحق فضيلة ,ولكن السادات-الله يرحمه-تمادى فى قوله
وجعله منهاجا ,وطاح فى خلق الله ,فكان ما كان .غفر الله له .
وتعالوا بالعقل والمنطق نتناقش...
ماهو الدين ؟
أليس-باختصار- سياسة الفرد أى سلوكه ومعتقده تجاه ربه ونفسه
وأهله ومجتمعه والناس أجمعين ؟
وماهى السياسة ؟
أليست مجموعة القوانين التى تحدد منطلقات الأفراد فى معتقداتهم
وعلاقاتهم وأنشطتهم ؟
وعلى هذا أليس الدين والسياسة ينطبقان تمام الانطباق ؟
أما عن الكذب والنفاق والغاية تبرر الوسيلة فهنا عبقرية الدين
وتفرده أيها الكرام .
جاء الإسلام ليقدم سياسة نظيفة ,ومجتمعا نظيفا ,وأمة هى خير أمة أخرجت للناس .
وبم كانت هذه الأمة خير أمة إلا بهذا الدين وهذا اللون والدم الجديد الذى لم يعهده الناس فى السياسة .
وهل الأصل أن تكون السياسة كذبا وخداعا لمجرد شيوع هذا
المظهر المنكر لها ؟
وهل لابد أن نعوم فى هذا البحر السياسى الملوث ؟
أليس من حقنا بل من واجبنا أن نقدم للعالم ما أكرمنا الله به من
نظام سياسى نقى راق ؟
أم أن مفهوم الدين يقتصر على الانزواء فى المساجد وتأدية بعض
الطقوس ؟
إن المساجد والطقوس وسائط من أجل تكوين السلوك الأمثل  
التعود عليه ليصبغ حركة الحياة كلها .
أما هذا الشعار المشئوم فيجعل من الناس عجائز فى المحاريب
يؤدون حركات ويتمتمون بكلمات لاتقيم قلبا حيا,ولامواطناواعيا
ولا مجتمعا سليما .
أيها العقلاء:
لاسياسة إلا بالدين ولا دين إلا بالسياسة
ولو وضعنا هذا الحق موضع التنفيذ لأضاءت القلوب بنورالرحمة
وأضاءت العقول بنور العلم المفيد الخيّر,وأضاءت بيوتنا بالسكينة
والمودة ,وأضاءت شوارعنا ومؤسساتنا بالانضباط والطهارة والإنتاج ,ولقدمنا النموذج الأمثل للعالم ,وبهذا نكون-بحق-خير
أمة أخرجت للناس .
..مصطفى فهمى ابو المجد

ليست هناك تعليقات: