الأحد، 13 يونيو 2010

يحيا الحب

الحب معناه:أن حبة القلب تعلقت بشىء ما ,وأن هذا التعلق قوة لها
تأثير ساحر على توجيه السلوك فى اتجاه معين .
فإذا أحببت شخصا ما دفعك هذا الحب إلى التفانى فى محاولة إرضائه ,وإذا أحببت كتابا دفعك حبه إلى بذل الجهد للحصول عليه
وإذا أحببت مبدءا ما استمت فى الدفاع عنه .
ومعنى كل هذا أن تأثير الحب لايقاوم ,ومعناه أيضا أن قناعة العقل شىء وقناعة القلب شىء آخر,وأن حركة القلب تسيطر على حركة العقل بل قد تلغيها .
فقط  انظر إلى هذا الطبيب البارع وهو يشعل سيجارته,إنه أول من يعلم خطورة التدخين وربما يحذر مرضاه منه ,ولكن ما باله
يدخن؟ إن عقله يبصم بالعشرة قائلا:لا,ولكن قلبه يقول :نعم ويخرج لسانه للعقل فينزوى خجلا.
ألا يعجبك هذا المثال؟ طيب خذ مثلا آخر...
هذا أبو جهل العدو اللدود للرسول صلى الله عليه وسلم يقول له 
عقله:إن محمدا لرسول فما جربت عليه كذبا قط ولكن قلبه المملوء حقدا وحسدا يصفع عقله صارخا :اسكت أيها الغبى أتريد
أن أخضع لمحمد؟وأتنازل له عن زعامتى ؟
وهكذا كان طغيان قلبه الذى قاده إلى قاع القليب يوم بدر.
أرأيت إنه الحب حديث القلب الذى وصفه القدماء فى عبارة صادقة تقول:(حبك الشىء يُعمى ويُصم) ووصفه المثل الشعبى
فى هذا القول العبقرى(حبيبك يبلع لك الزلط وعدوك يتمنى لك الغلط) والله كلام رائع ,يعبر عن حركة القلب فى الاتجاهين فهو
إذا أحب تغاضى عن كل عيب وإذا كره نقب عن أى ذنب .
خلاصته :أن القلب هو القائد هو المحرك إذا صحا صحا كل شىء
وإذا نام نام كل شىء .
ولقد سبق إلى هذا المعنى الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال:
"ألا إن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت 
فسد الجسد كله ألا وهى القلب".
أكاد أسمعك أيها القارىء العزيز تقول:وماذا تريد من تلك الفلسفة 
الفارغة ؟أقول لك:صلّ على النبى فهذا كلام مليان لافارغ .
هذا كلام معناه أننا جميعا -أنا وأنت-فى حاجة ماسة إلى يقظة قلوبنا التى ستجعل الواحد منا (إنسانا)بحق لامجرد كيس مملوء 
بالمعلومات .إن (الحاسوب) يمكن أن يضم ملايين المجلدات ولكنه لايمكن أن يرتجف حزنا أو يهتز طرباأويذرف دمعة .
أيها الأعزاء إذا صحت القلوب تغير وجه الحياة ...
فلن تجد ظلما ولا استبدادا ولا رشوة ولا وساطة ولا غشا ولا دكتاتورية ,لأن كل هؤلاء أبناء طبيعيون للعقول المتألقة فى غيبة
القلوب النائمة.
وبعبارة أكثر أناقة :إن العقول تمثل (النفس الأمارة بالسوء) والقلوب تمثل(النفس اللوامة)التى إذا استمرت واستقرت يمكن أن
تتحول إلى (النفس المطمئنة) وعندها ستكون سعادة الدنيا والآخرة
والمسألة جد خطيرة تستحق المغامرة والمخاطرة .
وفى النهاية أقترح أن نضيف إلى عنوان هذه المقالة كلمة واحدة
ليكون(يحيا الحب البنّاء).

ليست هناك تعليقات: