السبت، 12 يونيو 2010

الفن والأخلاق

الشعر والغناء والتمثيل والموسيقا والرسم .....الخ هذه فنون.
والفن رسالة ...هكذا يقول أهل الفن ...ولكن أية رسالة؟
أهل الفن أنفسهم يجيبون :
بعضهم يقول :الفن رسالة إمتاع .
وبعضهم يقول :بل رسالة تثقيف .
وبعضهم يقول:بل الفن غاية فى ذاته فالفن للفن .
وبعضهم يقول:بل هو تعبير خاص عن تجربة ذاتية.
وأنا كواحد من أهل الفن أكتب الشعر والمقال أقول:
لم لايكون الفن مجموعة هذه الأمور باستثناء حكاية الفن للفن؟
نعم ,لم لايكون الفن تعبير عن تجارب ذاتية فى إطار ثقافى ممتع؟
إن الشخصية البشرية فى كل صورها نموذج للإنسانية .ولكل شخصية بصمتها الخاصة ولكل تجربة طعمها المتميز فالحياة بطبيعتها ثرية ولكن مائدة الحياة تحتاج إلى من يحسن انتقاءألوان 
الطعوم ويتقن تقديمها,وصدق عمنا (الجاحظ) قديما عندما قال:
المعانى مطروحة فى الطريق يعرفها العربى والعجمى...
أى أن المشاعر الإنسانية مركوزة فى الأنفس كلها ولكن المهم من
يستطيع إخراج هذه المشاعر فى إطار فنى .
وقد يكون حديث الأستاذ الجاحظ صحيحاإذاقصدبه مجردالمشاعر
العامة ولكن الأمرلايكون هكذادائما فهناك من المعانى الدقيقة ما يستغلق على البسطاء بل هناك من المعانى ما يعد ترفالالزوم له.
وعلى الرغم من اتفاق أهل الفن على أن الفن رسالة واختلافهم فى مضمون هذه الرسالة إلا أنه لايمكن لأحد أن ينكر أن الفن وليد اجتماعى أى ظاهرة اجتماعية فلا يتصور من إنسان يعيش
وحيدا فى صحراءأن يصدر منه أى شكل من أشكال الفنون.
إن مثل هذا الإنسان سيكون غارقا فى تأمين حياته وطعامه وشرابه ,أما إذا وجد أنيسا له من بنى جنسه فهنا يكون المجتمع وهنا يكون التعاون وتوزيع الأدوار مما يتيح فرصة لالتقاط الأنفاس والتعبير عن الذات .
وما دام الفن ظاهرة اجتماعية فالمنطق أن يكون المجتمع فى بؤرة
اهتمامات الفن .
أيها الشعراء والكتاب والممثلون والمطربون والموسيقيون و.....
لمن تقدمون إبداعاتكم ؟أليس للناس؟وماذا تنتظرون من الناس؟
أليس التقدير المادى والمعنوى ؟
وماذا يفعل الممثل -مثلا-إذالم يحد جمهورا؟
أليس من المنطق والحالة هكذا أن يكون الهدف الأسمى (خدمة)
هذا الجمهور الذى لولاه ما كان فن ولا فنانون ؟
بصريح العبارة الفن خدمة كأى خدمة .فإذا أردت (زبونا)ممتازا
فعليك أن تقدم خدمة ممتازة .
ولكن من المشكلات أن هناك من الزبائن من يحب (الرمرمة) هذا
طبعهم ولهذا يشتهون فنا يناسبهم .
وهذا مأزق كبير يقع فيه كثير من أهل الفن .
إنهم ينظرون فيجدون هواة (الرمرمة)كثير فيقعون فى محظورات:
الأول:تكريس الاتجاه إلى التدنى والهبوط بتقديم ما يدغدغ مشاعر
العوام .
والثانى:حصار أصحاب الذوق الرفيع وتجويعهم بندرة ما يقدم لهم
والثالث:الضغط على هؤلاء وإشعارهم بأنهم غرباء عن الواقع وأنهم بانعزالهم فى أبراجهم يحرمون أنفسهم من لذائذ يستمتع بها
من هم دونهم ولذا فليس أمامهم إلا أن يموتوا كمدا أو أن يعبوامما
يعب العوام.
وبهذا ينحدر الفن نفسه إلى مستوى (الزبزن دائما على حق) 
و(اربط الحمار فى المكان الذى يريده صاحبه).
والجدير بالفن غير هذا...
فإذا كان الفنان إنسانا راقيا حقا فعليه أن يرتفع بمن حوله إلى رقيه
ومن العار أن يهبط هو إلى تدنيهم .
إن الأنبياء والزعماء والقادة والمعلمين والآباء يرون واجبهم فى 
التغيير فيمن حولهم برسم المنهج الذى يأتى إليه الآخرون وليس فى النزول عند رغبات الآخرين أيا تكون .
ومن هنا إذا نظرنا إلى واقع الفن حولنا فلن نجد فنا ولا فنانين بل
نجد سوقا للبضائع يتبارى فيه البائعون فى عرض بضائعهم فى 
أحسن صورة ولو غشا وتزييفا المهم (البيع)و(المكسب)
وإنها لتجارة كاسدة لأن البضائع مسمومة والضحية (الروح)التى
لاتقدر خسارتها بكل أموال الأرض.
فاتقوا الله أيها الفنانون ...

ليست هناك تعليقات: