الاثنين، 31 أغسطس 2009

عطاء الحضارات (الحرية)

قال صاحبى:لعل (الحرية) أبرز العطاء فى الحضارة الحديثة فقد شهدت العصور السالفة أبرز ألوان القهر والتعسف على مستوى السلاطين والأمراء والحكام (الدكتاتوريين) بل على مستوى الأفراد بين الأزواج بل بين الآباءوالأبناء.
قلت:وما زال القهر موجودا على كل المستويات التى ذكرت حتى الآن على مرآى ومسمع من الحضارة الحديثة بل إن بعض ألوان القهر كان مظهرا من مظاهر الحضارة الحديثة.
قال :كيف ؟قلت :النظام (الاشتراكى) الذى مازال يتنفس على بعض الساحات أليس مستبدا
كاتما للحريات خانقا للإبداع ؟
قال :ولكنه أصبح منبوذا وهو على وشك الاحتضارواليد الطولى الآن للنظام الحرالذى تصبو إليه شعوب الأرض.
قلت :هذا جميل ولن نختلف عليه من حيث المبدأفلا ريب أن الحرية هى الأصل وأن ما عداها عدوان وخروج على الطبيعة التى طبع الله الناس بل الخلق عليها.ولكن تعال معا
ومعنا من يحضرنا نتساءل :هل هناك حرية مطلقة ؟قال:ماذا تعنى بكلمة مطلقة ؟
قلت:يعنى هل هناك حرية دون قيود من أى نوع ؟قال:كلمة (حرية )وكلمة (قيود )ضدان
لايجتمعان .قلت :هل تعنى أننى حر أن أفعل ما أراه صوابا؟قال :ولم لا ؟ قلت :مثلا إذا ما
رأيت أن من الصواب أن أصفعك على وجهك .هل لى أن أفعل هذا بحرية ؟
قال (فزعا):ماذا تقول ؟ماذا جنيت حتى تعتدى علىٍِ بدون حق ؟ا
قلت :إذن لابد من قيد بسيط على (الحرية) فلا بد أن تتقيد حرياتنا بعدم إيذاء الآخرين.
قال :طبعا طبعا .قلت :فهل أنت حر طليق فى حركتك ؟قال :طبعابما لا يتعارض مع حريات الآخرين كما اتفقنا.قلت :مفهوم ولكن هل يمكن أن تطير بدون أجنحة مثلا كالطير؟
قال (ضاحكا):ماهذا الذى تقول ؟ليس هذا من طبيعة البشر.قلت :هذا صحيح ولذا يجب أن
نضع قيدا آخر على الحرية أو بمعنى آخرنلاحظ هذا القيد لأنه مفروض شئنا أم أبينا.
قال:هذا بديهى .قلت :فهل تستطيع ألا تولد ؟وهل تقدر ألا تموت ؟قال :سبحان الله أنت تعقد
المسائل كثيرا.لا يستطيع أحد ألا يولد ولا ألا يموت .هات شيئا أسهل من هذا .قلت :الحق معك .فهل تستطيع -فخامتكم-أن تخالف قانون السيرفى بلدك ؟هذا شيىء سهل.
قال :نعم .ولكنى سأتعرض للعقاب زفهو غير مسموح به حفاظا على أرواح الناس .
قلت :تمام أى أنه قيد على حرية سعادتك .قال :إلام تريد أن تصل بهذه المحاورة ؟دوختنى.
قلت :أريد أن أقول :لاتوجد حرية مطلقة بل إن الحرية نظام (اجتماعى)يضيق ويتسع حسبما
ترتضيه الجماعة أو يفرضه النظام .فقد يكون سلوك بعينه مشروعا فى مجتمع ومجرمافى مجتمع آخر.أى أن (الحرية) شىء نسبى أيها العزيز.
قال :ما تقول صحيح ولكن -مع ذلك لا أظنك تمارى أن هذا العصر أكثر العصور حرية.
قلت :بل أمارى وأمارى .وأقول :إن الحرية النسبية هبة الله لاالحضارة الحديثة .وحضارة اليوم تشكل (الحرية)على مقاس الأقوياءالذين يمنحونها لأنفسهم بلا حدود فيفترسون الشعوب الضعيفة ويسمون دفاعها عن نفسهاوحشية وإرهابا.وتراهم يفعلون الشىءلأنهم أحراربينما
يحرمون نفس هذا الشىء على من لا يريدون .فهاهى الدول الكبرى تملك (السلاح النووى)
وتقف -بضراوة-ضد بعض الدول التى تسعى لامتلاك (السر النووى)ولو كان مدنيا.فأية حرية هذه ؟اااقال :للأسف هذا حق.قلت :على أن للحرية-فى الغرب-منطقا غير منطقى.
قال :ما معنى هذا ؟قلت :أنت -فى الغرب حر أن تقول ما تشاءدون قيد أو شرط حتى لو شككت فى المقدسات والثوابت أليس كذلك ؟قال :بلى على اعتبار أن حق الرد مكفول للجميع
ولا خوف من ذلك على أساس أن (البقاء للأصلح) قلت :هذه خرافة فلو كان البقاء للأصلح
لتحسنت أوضاع الحياة منذ زمن بعيد ولكن (البقاء للأقوى)ومع هذا فإن هذه القاعدة تلقى مخالفة غير مبررة.قال :مثل ماذا ؟قلت :الغرب يعتبر من المحرمات التشكيك فى (الهولوكوست)أى فى المذبحة التى ارتكبها -هتلر-فى حق اليهود وممنوع منعا باتاطرح هذا الأمر للنقاش وقد فصل أستاذ جامعى أمريكى لأنه تجرأوطالب أن يعاد البحث التاريخى فى
هذا الموضوع فأى حرية هذه ؟
قال :أنا شخصيا لا أجد مبررا لذلك .قلت :وما أظن أحدا يمكطن أن يجد له مبررا.على أن
الحرية -فى الغرب- لهل وجهها الاقتصادى العجيب .قال :كيف ؟قلت :(دعه يعمل دعه يمر )هذا شعارهم الاقتصادى ومعناه أن إطلاق حرية الفرد فى العمل كيفما يريد يطلق عملية
النمو الاقتصادى وأن تقييد حرية الأفراد يخنق ذلك النمو.
قال :وهذا صحيح إلى حد بعيد .قلت :معنى هذا أن (قانون العرض والطلب )هو الذى يصوغ نظام الحياة يعنى أن ما يريده الناس يجب أن يوجد حتى لو كان ضارا فبيع الخمور يحميه القانون لأن المستهلكين يريدونه والتحلل الجنسى متاح لأن هذه رغبة الناس وزواج الشواذ مباح لأن هذه رغبة الشواذ ولا أدرى إذا كان الأمر كذلك لماذا يحرمون المخدرات ؟
ولعل تحليلهايكون عطاء قادما للحضارة الحديثة.
قال :وهل هناك بديل عن (قانون العرض والطلب)الذى لا يعجبك ؟
قلت :بالتأكيد وقد طرحه الإسلام منذ وجد وهو (قانون التقوى).
قال :وما (قانون التقوى) ؟قلت :قانون ليس من صنع البشر ولكنه من صنع الذى خلق البشر ويعلم ما يصلحهم "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير"قانون عادل يخاطب الناس جميعا على قدم المساواة بمنهج يقرر ما يفيد وما يضرويضع الإطارالعام الذى يحقق الصلاح ويترك للناس أن يتحركوا داخل هذا الإطار استجابة لحاجات الزمان والمكان والأشخاص
يعطيهم ربهم الحرية التى تصلحهم ولا يكلهم إلى هوى أنفسهم التى قد تتصارع وتتناقض
وتظلم غيرها بل نفسها لأنه الرحمان الرحيم .
مصطفى فهمى أبو المجد

ليست هناك تعليقات: