الخميس، 27 أغسطس 2009

عطاء الحضارات-3

ضحك أحد الحضور عاليا وقال ساخرا:ياعم نحن فى القرن الواحد والعشرين والكلام عن عبادة التماثيل يعنى الأصنام أصبح شيئافى ذمة التاريخ ولامجال له فى هذا العصر المتحضروهذه آفة الأصوليين أنهم مازالوا يعيشون فى متاحف التاريخ ولا يريدون أن يعيشواواقعهم .
قال المحاضر :يقول التاريخ إنه فى مصر الإسلامية عندما جاء -أحمد بن طولون-حاكما لمصر فوجىء بكبار القوم يدعونه إلى ميدان-عين شمس-فى القاهرة لماذا؟ لكى يقدم القرابين إلى تمثال ضخم قابع فى الميدان.ويسأل ابن طولون-فى دهشة بالغة-عن هذا فيقولون له:إن هذا تقليد الحكام من قبلك ومن لا يفعل يكون نذير شؤم عليه .ويأمر الحاكم المسلم المستنيربنصب المنجنيق حول الصنم العتيق وحوله إلى أنقاض .
قال أحد الحضور:وأنا قرأت عن مثال إنجليزى لاأذكر اسمه أنه صنع تمثالا لامرأة وكان متقنا لدرجة أنه لم يكن ينقصه إلا النطق وإن هذا المثال عشق تمثاله لدرجة الجنون.
قال متحدث آخر:وكلنا سمعنا عن -عبدة الشيطان-فى قلب -أمريكاأم الحضارة الحديثة.
وغير خاف على المثقفين أن هناك من يعبدون الأبطال من البشرفى العصر الحديث تماماكما كان فى العصور القديمة وما قبل التاريخ.
قال المحاضر:لقد كفانى الأخوة مؤونة الرد والإنسان هو الإنسان قد تغير الحضارة بعض عاداته ولكن جوهره هو هو إنه ينزع إلى تجسيد الغيب فى صورة مادية يكون أقرب إليهاوتكون أقرب إليه وهذه هى فكرة عبادة الأصنام إنهم لا يعبدون الخشب والحجارة ولكن يعبدون الرمز الذى زعموه لها.ومن أجل ذلك قالوا-كما حكى القرآن عنهم-"ما نعبدهم إلاليقربونا إلى الله زلفى".ومن أجل ذلك كان تحريم الإسلام للتماثيل سدا للذرائع.
قال قائل :ولكن التماثيل قد تقام لتخليد عظيم أوواقعة أو معنى من المعانى.
قال المحاضر:ألا يمكن تخليد ما ذكرت بطريقة أكثرواقعية وفائدة؟
قال :كيف؟ قال :بالله عليكم كم واحد يقف ويتأمل التمثال ويسأل عن حكايته؟ألا يكون من الأفضل أن نخلد من نريد بإقامة (مستشفى)أو (مدرسة) أو (حديقة )أو (مدينة) إلى آخر هذه الأشياء التى تنفع الناس؟
إن التماثيل من عطاء الحضارة الحديثة والقديمة وهى تترجم ثقافة بعض الأمم وهى بالتالى غير ملزمة لكل الأمم ولا تلام أمة إن هى أعرضت عن هذا العطاء إذاما تعارض مع ثقافتها ولا يجوز أبدا أن ترمى الأمم الرافضة لهذا العطاء بالتخلف إلا إذاكان لزاماعلى الأمم جميعا أن تجبر على أن تلبس جلباب غيرها حتى ولو لم يكن على مقاسها وحتى لو حولها إلى مسخ
من المسوخ وما أظن ذلك من التحضر فى شىء.
مصطفى فهمى أبو المجد

ليست هناك تعليقات: