الثلاثاء، 11 أغسطس 2009

الفكرة العابدة والفكرة العابثة

رمضان على الأبواب وهناك من يستعد لاستقباله على عدة محاور:
-الدولة بما ترصد من أموال وبما تحشد من أنواع الطعام والشراب وما يلزم من دواعى الشهرالكريم كما يزعمون.
-الفنانون بما استعدوا به طوال أحد عشر شهرامن مسلسلات صنعت خصيصا من أجل رمضان ورمضان ينظر إليها فاغرا فاه دهشة وغضبا وأسفا.
-أصحاب رؤو س الأموال الذين يقيمون(موائد الرحمان)التى أصبحت ميدانا للتفاخرو(البزنس) والله من وراء النيات.
-الأفراد بما يرصدون من ميزانيات مضاعفة من أجل شهر (الصيام).
وكل ذلك يدور فى دائرة (الفكرة العابثة) التى ترى فى (رمضان)شهر الطعام و(المسلسلات) والسهراللاهى حتى مطلع الفجر(بدون صلاة الفجر)كذلك هؤلاء الذين يرون فى رمضان فرصة ذهبية للدعاية والإعلان عن أنفسهم ومشروعاتهم .
وكل ذلك يصب فى خانة واحدة هى إفراغ هذا الشهر من محتواه عن طريق هذا العبث سواء
أكان عن عمد أم عن جهل وغفلة.
وإذا كانت غاية (الفكرة العابثة)-كما سبق-مادية فإن الأخطر أن تأخذ(بعدا دينيا)فإن هناك
من قومنا من يعدون لاستقبال رمضان على طريقتهم فينصبون مزيدا من مكبرات الصوت
ويزرعون مزيدا من الأضواء الباهرة على المساجد والساحات حتى مطلع الفجر فى إسراف
يتأفف منه (رمضان) المسكين .
ولست أنسى أبداهذا الحفل الساهرالجاهرالذى أقيم فى ميدان المحطة ب(أبى قير)بالإسكندرية والذى استدعى إليه أحد مشاهير(القارئين)للقرآن الكريم وليعذرنى القارىء الكريم فى عدم تسمية هؤلاء (بالقراء)فالقراء أهل القرآن كانواعلماء مجاهدين استشهد منهم الكثير فى المعارك حتى خشى (عمر)رضى الله عنه أن يضيع القرآن بموتهم فأشار على(أبى بكر)رضى الله عنه بجمع القرآن .أما (قارئوا)اليوم فمرتزقة يتأكلون بالقرآن وقد كشفهم الإمام (القرطبى)فى مقدمة تفسيره ودعا عليهم بما هم أهله.
أعود إلى ذلك الحفل الساهر الجاهرفى ميدان محطة (أبى قير)والذى استمر حتى مطلع الفجرومكبرات الصوت الفائقة القوة ترج البلدة رجاوالقارىء(الآثم)يبذل كل ما عنده من أفانين التلحين والطرب من خلال سورة(مريم) عليها السلام وكلما ختمها بدأها من جديد
حتى مطلع الفجر .....
ولما قلت لأحد معدى هذا المهرجان (العابث) معاتبا:ماذا فعلتم بالأمس؟قال مزهوا:
لقد أرعبناهم حقا وكانت ليلة فى سبيل الله .ااا
قلت:من ؟قال:النصارى(باعتبارأن هناك كثير من النصارى فى أبى قير)
قلت:والله لقد أرعبتم المسلمين وأخجلتم الإسلام أيما خجل فقد أظهرتم بجهلكم أن الإسلام
بعيد عن الرحمة بعيد عن الذوق وهو دين الرحمة والذوق ونسيتم -لحمقكم-قول الله تعالى:
"واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير"ولعمرى لقد اشتكت الحميرمن صوت قارئكم مر الشكوى إلى الله تعالى.
أعود فأقول هذا كله من تداعيات (الفكرة العابثة).
وما أحوجنا أن نحيى (الفكرة العابدة)
التى تتعامل مع رمضان على أنه موسم (الفكر) ومسرح (الروح) والمعراج إلى (الأرقى)
و(الأبقى) و(الأتقى) و(الأنقى)هذه الرباعية الخالدة التى تلخص الإسلام وتقدمه فى ثوبه الحق كما أراد الله له.ولن يكون ذلك إلا بالفقه ..فقه المقاصد والغايات والوسائل .
أيها المصلون .نبيكم -صلى الله عليه وسلم -يقول:"أفضل صلاة المرء فى بيته إلا المكتوبة"
فإذا أردتم صلا ة القيام فى المساجد فلا بأس ولكن مع مراعاة أدب الإسلام من رحمة الضعاف وعدم إزعاج الناس والاقتصار على (السماعات)الداخلية الهادئة.
أيها الأغنياء الكرماء.اقصدوا وجه الله تعالى وأخفوا صدقاتكم واحذوا حذو الجماعات الواعية التى دربت شبابها على إيصال الصدقات فى جوف الليل فى حقيبة فيها المعقول من
الطعام وبعض النقود فهذا أكرم للآخذ وأفضل للمعطى وأصدق دينا
ومن بعد ذلك ومن قبله تبقى صلة المؤمن بربه الذى يعلم عباده أن الصوم لله وأنه وحده الذى يجزى به وفى هذا ما فيه من فقه إخفاء العبادة"تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا
يعملون"...وذلك-ياقومنا-فقه (الفكرة العابدة).
مصطفى فهمى أبوالمجد

ليست هناك تعليقات: