السبت، 28 يوليو 2012

رمضانيات -3

-ما رأيك فى سهرة الأمس ؟ألم تكن رائعة ؟لقد انشقت الحناجر إعجابا بالقارىء فلان.
-للأسف أعتقد أن هذه السهرة فى ميزان سيئاتهم .
-نعوذ بالله من هذا ولم ؟
-هل تعتقد أن القرآن نزل لهذه المهرجانات التى تفتح فيها الحناجر وتغلق فيها العقول ؟ القرآن -ياأخى -أجل من هذا وما كان لأولى الأمر أن يقدموا على هذا العمل الشنيع .-
-بالله أوضح فإنى لم أفهم عنك .ألم تعجبك قراءة الشيخ ؟إنه من الأعلام .
-أين ما حدث ويحدث من قوله تعالى :"وإذاقرىء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون" ؟ انظر كيف جعل الله تعالى رجاء الرحمة مرهونا بالاستماع بالأذن والإنصات بالقلب ؟ هل هذا ما حدث فى سهرتك المعجبة ؟
ولكن هؤلاء القراء أعلام فى مهنتهم ومشهود لهم .
-وهل سمعت أن فى الإسلام مهنة اسمها (قراءة القرآن) ؟ قراءة القرآن مهنة كل مسلم حين يحس أنه فى حاجة إلى مناجاة ربه ...أما هؤلاء فيجعلونها مهنة يتكسبون منها فإن أعطوا رضوا وإن لم يعطوا إذاهم يسخطون ...يمكن أن تكون المهنة (تعليم القرآن ) لقوله صلى الله عليه وسلم :"خيركم من تعلم القرآن وعلمه" أماالامتهان بقراءة القرآن فهذا امتهان له . على أن هؤلاء -رغم امتهانهم قراءة القرآن -لم يراعوا أصول القراءة 
-وما أصول القرآءة ؟
-هديه صلى الله عليه وسلم ,فقد كان يقرأ مترسلا يقف على رؤوس الآى إذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بآية عذاب استرجع وإذا مر بآية رحمة حمد واستبشر ,أما هؤلاء فتراهم يرفعون أصواتهم ثم يخفضونها ثم يرعدونها ...إنهم يغنون رجاء إلهاب حناجر العوام .
-ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا نا إلى التغنى بالقرآن .
-دعا صلى الله عليه وسلم إلى  التغنى بالقرآن على ما علمه جبريل عليه السلام عن الله تعالى وليس على طريقة السلم الموسيقى ...فقد قال له ربه جل وعلا "إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه " إنها طريقة واضحة تعلمها صلى الله عليه وسلم وعلمها أمته وهى معروفة من علم (القراءات ) .
-ولكن هؤلاء أعلام فى علم القراءات .
-و هم يسيئون استخدام هذا العلم ونحن نراهم يتبارون فى إظهار معرفتهم تلك فيقرأ أحدهم الكلمة مرات يقلبها على شتىأوجه القراءات دون حاجة لهذاإلا لإثبات علمهم ونيل إعجاب العوام الذين لاينقصهم إلاالتهاب أكفهم بالتصفيق .
-ولكن أليس من العجيب أن هذا الكلام الخطير لم يقله غيرك مع كثرة العلماء ؟
- أخطأت يا أخى فلست مبتدعا لهذا القول وهناك من العلماء الأتقياء من سبقنى إلى هذا ولكن القوم يذيعون ما يحلو لهم ويخفون ما يعكر ‘لى مصالحهم ولست أنسى موقفا حضرته مع الشيخ /محمد الغزالى رحمه الله تعالى فى مسجد (أولاد الشيخ ) بالإسكندريةوكان القارىء الشيخ /مصطفى إسماعيل رحمه الله ...وقد قرأ الشيخ وفعل بالناس الأفاعيل وخيل إلىّ أن حى (محرم بك ) كان يرجف من هول أصوات المعجبين الذين غص بهم المسجد وساحته الخارجية وكان الناس -من فرط النشوة -يقومون ويقعدون ...وكنت أنظر إلى وجه الشيخ الغزالى يتمعر غضبا وهو يضرب كفيه أسفا .وبعد أن وضع الشيخ مصطفى أوزاره تحدث الشيخ الغزالى حديثا عاطفيا باكيا وذكر الحضور بأن هذا القرآن سمعه الصحابة فخشعوا وبكوا رجاء رحمة الله وسمعه الكفار فبهتوا لإعجازه ثم لم يلبث كثير منهم أن آمنوا ..وأن المؤمنين جدير بهم "إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا "وأن هذا لايكون إلا بالتدبرلابالصياح 
-لقد فهمت الآن الحق فى هذا الأمر ولكن ألا ترى كثيرا من العلماء يبوء بإثم ما يجرى ؟
-لاشك أن من يرى هذا المنكر ولا ينهى عنه يبوء بإثمه .
-وعلى العلماء وسائر الدعاة أن ينبهوا إلى ذلك .
-الحمد لله .أنى قد فعلت .

ليست هناك تعليقات: