الأربعاء، 25 يوليو 2012

رمضانيات -2

هل رمضان حقا يقلب كيان الصائمين ؟ الحقيقة نعم ..يقلبها رأسا على عقب ..ولكن تأمل معى هذه العبارة المشهورة ..أليس الرأس أعلى العقب هو الوضع الطبيعى ؟فكيف يكون قلبا ؟أليس القلب أن يكون العقب على الرأس ؟هذا منطقى ..ومن هنايكون الصيام قلبا لنظام الحياة ذاته ولذلك حكمة عالية قد يغفل عنها الكثيرون .نحن نسير طيلة أحدعشر شهرا على وتيرة واحدة حياة مكرورة رتيبة أشبه ما تكون بحركة الآلات المبرمجة ..ولا يكاد الواحد منا يجد الوقت ليفكر أيهما فوق رأسه أم عقبه..وفجأة يتغير هذا كله بين عشية وضحاها فيصحو على نظام جديد يفرض عليه أمورا تتعلق بأصول حياته بل هو نظام حياة جديد تماما ..ويستمر ذلك مدة شهر كامل ثم تعود الحياة إلى مجراها المعتاد ...فهل هذه العملية عبث ومحض عشواء ؟..حاشا لشرع الله أن يكون كذلك .وإنما هناك رسالة مهمة وخطيرة يراد توصيلها إلى كل صائم ...هذه حياتك التى اعتدت عليها أحد عشر شهراأمكنك أن تغيرها فى لحظة ..فهل تعى أن بداخلك قوة هائلة على التغيير ؟وأنك قد تهمل تنمية هذه القوة فتبقى أسيرا لعاداتك ؟ ها هو رمضان يذكرك بهذه القوة ويدربك عليها شهرا كاملا لكى تستيقن أن التغيير ممكن وأنه يأتى من داخلك طبقا لقناعاتك ..وأن هناك صلة وثيقة بين ظاهرك وباطنك وخالقك وأن هذه الصلة لن يمنحك إياها إلا الصوم ....ومن هنا فالمطلوب أن تخرج من هذه التجربة بأنك سيد حواسك وغرائزك وأمورك كلها وأنك حين ينتهى رمضان ويأتى العيد يبدأ تنفيذ حصيلة التجربة تغييرا شاملا إلى الأفضل وهنا يكون العيد جائزة لك ..أما من يخرج من رمضان وهو لايحس أنه قد خاض تجربة وإنما هى العادة فهذا صام جسده بينما ظلت روحه فى إغماءتها وهذا يكون العيد عنده فكاكا من معاناة رمضان ...نعوذ بالله من ذلك .

ليست هناك تعليقات: