الجمعة، 28 مارس 2014

إدارة الصارع بين محمد صلى الله عليه وسلم وأبى جهل

لم يكن محمد صلى الله عليه وسلم -قبل البعثة-باحثا عن زعامة أو جاه وإنما كان رجلا شغل نفسه فترة برعى الغنم ثم بالتجارة ثم تفرغ للتأمل فى غار حراء ...
أجل لم يكن باحثا عن زعامة أو سيادة ...فلم يكن منافسا لزعماء قريش ...ولكنه صلى الله عليه وسلم -بطيعة تكوينه-كان يتمتع بكل قدرات الزعامة والسيادة ...ولعل ذلك تبدى فى مواقف ...
منها أن قومه ارتضوه حكما حين عنّ النزاع بينهم لما أعادوا بناء الكعبة على من يضع الحجرالأسود فى مكانه وكادت الحرب تنشب بينهم ...وهتفوا حين دخل عليهم محمد (هذا الصادق الأمين )وتقدم فحل المشكلة حلاارتضاه الجميع...
كذلك تبدت أمارة السيادة فيه لما قام /عبد الله بن جدعان بدعوة كبار رجلات قريش إلى وليمة وعند الباب التقى /محمد  و/عمرو بن هشام (أبوجهل )فيمابعد فتزاحما...فزحمه محمد صلى الله عليه وسلم وألقاه أرضا فجحشت ركبتاه...
ولاشك أن محمدا وعمرو بن هشام لم يكونا الوحيدين اللذين تزاحما عند الباب ولكن الأمر مختلف هذه المرة فحين يتزاحم الأكفاء يمكن أن يقدم كلا منهما الآخر تكرمة له أما عندما يرى أحدهما نفسه فوق الآخر فهنا لابد من وقفة تردع المتكبروتضعه فى حجمه الحقيقى وهذا ما فعله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ...
ولم ينسها عمرو بن هشام وظلت توجه سلوكه كله فى صراعه مع الرسول صلى الله عليه وسلم ...
إنه يسعى للنيل من محمد والحط من كبريائه بأى طريقة شفاء لما يملأ قلبه من غل ...
فهاهو يستغل سجوده صلى الله عليه وسلم فى الكعبة ليلقى عليه بقايا شاة مذبوحة...ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعره اهتماما واكتفى بأن يذهب إلى ابنته /فاطمة لتزيل عنه الأقذار,,ولاريب أن هذا زاد من حنق أبى جهل الذى رأى فيه محمد شخصا أقل من أن يلتف إليه..
وهاهو يقول للرسول صلى الله عليه وسلم بعدما فرغ من صلاته:ألم أنهك عن الصلاة ؟ وفى هذه المرة لم يدعه صلى الله عليه وسلم يفلت بصلفه بل هزه هزا عنيفا وقال له :"إياك أن تعود لمثلها )...وتضاءل أبوجهل وانسحب صغيرا...
ووصلت الأمور إلى حد خطير حين جمع أبو جهل كتيبة من شباب قريش أمام بيته صلى الله عليه وسلم لينتظروه فيضربوه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه فى القبائل...ولكنه صلى الله عليه وسلم يخرج عليهم ويضع على أرؤسهم بعض التراب ومضى لهجرته ليتجرع أبو جهل كأس الخيبة والفشل ...
وجاءت الفرصة لأبى جهل على طبق من ذهب ليرد الصاع صاعين إلى محمد بل ليقضى عليه وعلى دعوته...
فقد أفلتت قافلة قريش التجارية من قبضة المسلمين وطمأنهم /أبوسفيان وطلب منهم العودة إلى مكة ..ولكن أبا جهل يتأبى وينفخ فى بوق الحرب ويرى انها فرصة ليقضى على غريمه القضاء الأخير...ولكن الأمورتمضى على غير هواه وتسدل الستارعلى حياة أبى جهل فى قاع القليب فى بدر....
هذه ملامح مسيرة أبى جهل ضد الرسول صلى الله عليه وسلم وهى مسيرة تمثل قريشا المعادية لدعوة محمد صلى الله عليه وسلم ..والتى ينكم أن نطلق عليها بالتعبيرالعصرى (الحل الأمنى )...نعم لم يترك القوم مجالا للحوار أو الحكمة...إنما هو العداء السافر والمبادرة بالإيذاء المادى والمعنوى...
ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يكن من دعاة (الحل الأمنى )فقد كان يقرأ القرآن على معارضيه وكان يقول لهم :"لو أخبرتكم أن خيلا وراء هذا الوادى تريد أن تغير عليكم أنتم مصدقىّ؟"فيقولون :(ماجربنا عليك كذبا قط )فيقول:"فإنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد " ولكن القوم الجاحدين ناجزوه العداء وتجمعوا له يوم أحد ورغم أنهم نالوا منه شرا إلا أنهم فشلوا فى القضاء عليه وعلى دعوته ...ولما حشدوا له يوم الأحزاب عشرة آلاف مقاتل  وظنوا أنهم بالغوا غرضهم أرسل الله عليهم ريحا وجنودا لم يروها وأعز الله جنده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده...
أقول :إن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يعتمد (الحل الأمنى )إلا مضطرا..وحين يفرض عليه فرضا...
ولكنه لما استجمع القوة فى يديه وفاجأ أعداءه على أعتاب مكة بجيش لجب وصاح أحدالقادة من أنصاره (اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة اليوم أذل الله قريشا)بادر  بعزل هذا القائد وقال :"اليوم يوم المرحمة اليوم أعز الله قريشا "...
ولما وقف أعداؤه بين يديه صاغرين  لم يستطل ولم يستعل بل قال :"ما تظنون أنى فاعل بكم "؟قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم قال :"اذهبوافأنتم الطلقاء "......
هذا هو الأسلوب الذى أدار به محمد صلى الله عليه وسلم الصراع بينه وبين أعدائه...
فانظروا -رحمنى الله وإياكم -إلى نتيجة كلا الأسلوبين...
أما أسلوب (الحل الأمنى )فباء بالفشل التام والخذلان المبين ...
وأما اسلوب (الحكمة )فكان أثره دخول الناس فى دين الله أفواجا وصدق الله العظيم "فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لأنفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر" وصارمن هؤلاء (الطلقاء )أبطال كبار مثل /عكرمة بن أبى جهل و/وحشى قاتل /حمزة وهو هو الذى قتل /مسيلمة الكذاب وقال (قتلت خير الناس وقتلت شر الناس )
وبعد:
فهذه صفحة من تاريخنا المجيد وجدير بناأن نتعلم منها كيف ندير الصراع إن نشب بيننا ...وعليناأن نختار...
هل ندير الصارع بأسلوب أبى جهل أم بأسلوب محمد صلى الله عليه وسلم ؟
والله يقول الحق وهو يهدى السبيل  

هناك تعليقان (2):

كتب اسلامية-مصطفى فهمى ابو المجد يقول...

أعزائى الكرام قراء هذه المدونة ...أعتذر بشدة عن جهلى الالكترونى الذى ادى إلى عدم تمكنى من الاطلاع على تعليقاتكم المهمة لأنها لاتظهر تلقائيا تحت المقالات ولاأدرى لماذا وما علاج ذلك لذا أكرر اعتذارى وتقديم المساعدة الممكنة وشكرا لحضراتكم جميعا

كتب اسلامية-مصطفى فهمى ابو المجد يقول...

أعزائى الكرام قراء هذه المدونة ...أعتذر بشدة عن جهلى الالكترونى الذى ادى إلى عدم تمكنى من الاطلاع على تعليقاتكم المهمة لأنها لاتظهر تلقائيا تحت المقالات ولاأدرى لماذا وما علاج ذلك لذا أكرر اعتذارى وتقديم المساعدة الممكنة وشكرا لحضراتكم جميعا