الخميس، 27 مارس 2014

حوار مع كرسى الحكم

-يا كرسى الحكم...ما حكايتك ؟
-بل ما حكايتكم أنتم معى يابنى آدم ؟
-حكايتنا نحن ؟ كم حاكم رفعت وكم حاكم أذللت ...بصراحة لو كنتَ رجلا لقتلتك...
-سبحان الله بل أنتم تحرصون علىّ بكل طريق لاتراعون حلالاولا حراما وربما  سلك الواحد منكم الطريق إلىّ بالكذب والنفاق بل ربما وصل الأمر إلى القتل ...فهل هذا من العقل يابنى الإنسان ؟
-ولكن أتنكر -ياكرسى الحكم -أن لك بريقا يخطف الأبصارويذهل العقول ويفعل بالناس الأفاعيل ؟
- يا هذا..لاتخادع ..فالعيب ليس فى الكرسى فمتع الحياة كثيرة ولكنها النفوس وطبيعتها هى التى تلون الموقف كله ...
-كيف أيها الكرسى الفيلسوف ؟
-هناك نفوس عالية يطلبها الكرسى ويسعى إليها وهى تتأبى عليه ولاتقبله إلا كارهة ..وإذا قبلته أخذته بحقه وتعاملت معه على أنه وقر ووزر ووضعت نصب عينيها موقفها أمام الله وأمام الرعية 
وهؤلاء يملكون الكرسى ولايملكهم...
-والآخرون ؟
-والاخرون يلهثون ورائى تاركين دينهم وراء ظهورهم يحلمون بالمجد والسلطان وهؤلاء يستميلهم النفاق ..وفى سبيل الاحتفاظ بى لايرعون إلاولا ذمة ويبطشون بمن يرونه منافسا لهم ...وهؤلاء يملكهم الكرسى فيعطيهم زخرف الدنيا حتى إذا فرحوا بما أوتوا خدعهم وهوى بهم من حالق فصاروا إلى الهوان..
-ولكن هذه هى الحياة ياكرسى الحكم...تارة تعلو وتارة تهبط...
-لا...والله لايستويان..
-من هما ياكرسى الحكم ؟
-الذى يملك الكرسى يستطيع أن يتركه..ولا يحزن إذا ذهب منه بل لعله يفرح أن ارتاح من همه وهذا الحاكم العادل يعيش آمنا وينام ملء جفونه ...ولايخاف رعيته لأنها تحرسه بقلوبها...
أما الحاكم الذى يملكه الكرسى فهو عبد يخاف أن تضيع سيادته الفارغة ...ولهذا فهو فى فزع دائم وتوجس مستمر ويسوء ظنه بذوى الهمم العالية لأنه يرى نفسه دونهم ...ومن هنا يحوط نفسه بالحراس والأعوان الذين سرعان ما ينفضون عنه عند أول صيحة ...فهل يستويان أيها الإنسان ؟
-اللهم لا.
-وأهم من كل ذلك حكم التاريخ...فهو سجل الفخار والعزة للحاكم العادل وسجل الخزى والعار للحاكم الظالم ..ومن قبل ذلك ومن بعده..حكم الله تعالى ويكفى الحاكم العادل شرفا أنه أول السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لاظل إلا ظله ...ويكفى الحاكم الظالم أن عليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين..
-يكفينا الله شرك ياكرسى الحكم
-بل يكفيكم الله شر أنفسكم وجعلكم قوامين لله شهداء بالقسط ولو على أنفسكم لعلكم تفلحون وينفع الله بكم

ليست هناك تعليقات: