الاثنين، 4 يونيو 2012

اللغة ليست ترفا


نحن عندما نفكر نستخدم اللغة حتى ولو لم ننطق بحرف واحد لأن الكلمات وعاء الأفكار وإنسان بدون قاموس لفظى حيوان أعجم إذن لاانفكاك بين اللغة والتفكير عند العامى والعالم على السواء...وعلى هذا فإن قاموس الشخص اللفظى يبين طابع شخصيته بل ويظهر كثيرا من أماراتها...

زمان...كان الجاهليون يتعرفون على قبيلة الشخص من بعض ألفاظه فقد روى أن /حاتما الطائى وقع فىالأسر ولم يعرفه آسره وذات يوم أمره سيده أن يفصد الناقة (أى يجرحها ويأخذ بعض دمها ليخلطه بشىء من الوبر للأكل وكانوا يفعلون ذلك فى المجاعات )المهم حاتم أخذ السكين وذبح الناقة فلما رآه سيده صرخ فيه :ألم أقل لك :افصد الناقة ؟قال حاتم :هذا فزدى أنه .فانتبه سيده إلى لهجته وعرف أنه حاتم لأن تلك اللهجة لهجة طىء ...وفى زماننا هذا نجد كل طائفة من الحرفيين تتخذ لغة لايعرفها غيرهم تقوم على مصطلحات خاصة بالمهنة ..وكذلك يمكنك أن تعرف أن محدثك طبيب أو مهندس أو مدرس بل ومدرس مادة معينة ...

كذلك الحكام لهم لغتهم فلغة الحاكم الديمقراطى غير لغة الطاغية ولغة الرؤساء غير لغة الملوك ....وعندما تدير مؤشر المذياع تسمع لغات شتى ..وتلك من آيات الله "ومن ءاياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن فى ذلك لآيات للعالمين"الروم22 وانظر رعاك الله كيف قرن عزوجل تعدد اللغات مع خلق السماوات والأرض فى سياق واحد ؟وما ذاك إلالأهمية اللغة  ..

ولهذا كانت الأمم الحية حريصة كل الحرص على رعاية لغتها ومدها بدماء الحياة عن طريق توظيفها رسميا وشعبيا ...وغاية القوة فى اللغة أن تتوحد بين الخاصة والعامة وذلك لايحدث إلا حين تتألق الأمة على مساحة العالم فتتربع لغتها فى قلوب أصحابها وعلى ألسنتهم بل وتغزو ألسنة الشعوب الأخرى ...وغاية الضعف فى اللغة أن تستخذى فى مهدها وأن يتنكر لها أهلها ويهجرون مفرداتها إلى مفردات أجنبية ظنا منهم أن هذه دلالة الثقافة والتميز وحينئذ تموت اللغة بين يدى ذويها..

ولغتنا العربية ليست بدعا بين اللغات وعلى الرغم من أنها استطاعت الحياة عبر قرون متطاولة إلاأنها أصابها كثير من الوهن ولولا القرآن الكريم لاندثرت فى طيات الزمان ...والذى يرى كيف تتحدث النخبة وكيف يتكلم المذيعون ويكتب الإعلاميون يرى جناية هؤلاء على اللغة العربية ولايكاد يقوم بأود اللغة العربية إلا بعض شعرائها النابغين أو أدبائها الكبار

وإذاأردنا النهوض بلغتنا فلن يعجزنا ذلك بشرط الإرادة الصادقة فى القيام بمتطلبات ذلك من :

أولا:التشجيع على حفظ القرآن الكريم مع دراسة مبسطة لأساليبه .

ثانيا :التشجيع على حفظ الأحاديث النبوية الثابتة باعتبار النبى صلى الله عليه وسلم أفصح العرب .

ثالثا:الحث على حفظ الشعر العربى الفصيح ومعرفة مواطن الجمال فيه

رابعا:تقديم المسلسلات باللغة العربية المفهومة سواء مسلسلات الصغار أو الكبار وهناك على الساحة الفنية أعمال ممتازة ولكنها قليلة,

خامسا:عدم تعليم الأطفال لغة أجنبية فى المراحل الأولى وتأجيل ذلك إلى حين استقامة ألسنتهم على لغتهم .

سادسا:مدارس اللغات الأجنبية تقوم بدور كارثى فى تحجيم بل وتقبيح اللغة العربية إلى أبنائنا وهذا ما لم تفعله أمة من الأمم .

سابعا:تدريس اللغة العربية بالطرق العتيقة التى تعتمد على الإلقاء تجعل اللغة عبئا ثقيلا مملا والصواب استخام الوسائل الحديثة التربوية فى تدريسها ..

إن لغتنا ليست ترفا إنها وعاء شخصيتنا وقوام تاريخنا ومداد مستقبلنا وهى جديرة بأن تبذل الجهود فى إحيائها ومدها بأسباب العافية .

ليست هناك تعليقات: