الجمعة، 19 ديسمبر 2014

من أجل لغتنا الجميلة

من أجل لغتنا الجميلة
لغة أى شعب لاتعنى فقط وسيلة التخاطب والتواصل بل هى وعاء شخصيته وعنوان هويته ومن هنا كان اهتمام المم المتقدمة بلغتها وأمامنا مثل يجب أن يحتذى فالعدو الصهيونى الذى أتى بأشتات من الناس وزرعهم فى أرضنا قد عمل على أن يخلق لهذه العصابات شخصية تجمعهم فأحيا اللغة العبرية وهى لغة كانت قد ماتت ولكنه بعثها من رميمها وجعلها لغة حياة يومية .
أقدم هذا بين يدى هذه الكلمة امتدادا لمقالة الأستاذ /عمر غورانى عن اللغة العربية وأوافقه على توصياته ولكنى أركز على نقطة وأزيد أخرى ...
أركز على فاعلية الأعمال الفنية باللغة العربية لأنها ذات تأثير بالغ فى إحياء لغتنا الجميلة وأذكر أننى شاهدت فى أوائل السبعينات مع أطفالى مسلسلات عن التاريخ الإسلامى باللغة العربية وقد شارك فيها لفيف من الممثلين المصريين والسوريين وكانت بالغة الروعة لغة وتمثيلا وإخراجا وقد شدت اهتمام الكبار والصغار وكان من آثارها الإيجابية التدريب التلقائى لأطفالى على اللغة الفصيحة ومثل ذلك فى مسلسلات الأطفال بأنواعها ...فحبذا ثم حبذا لو تنبه المسئولون عن التعليم إلى ذلك وجعلوا المواد الدراسية فى قالب فنى عربى فصيح قريب ...
ونقطة ثانية :
من الملفت للنظر أن تكون للغة العربية حصص خاصة تدرس فيها ثم يأتى المعلمون للمواد الأخرى ليحرثوا ما فعله معلم اللغة العربية وكأن العربية لاتصلح لأداء تلك العلوم ومعنى هذا أن معلمى المواد الأخرى لايلقون بالا إلى العربية وفى ذلك مافيه من تهوين شأن اللغة العربية ..
أما النقطة التى أريد أن أضيفها فهى :
طريقة تأليف الكتب التى تقدم اللغة العربية إلى الطلاب فهناك دروس للنحو ودروس للقراءة ودروس للنصوص وحصص للتعبير الخ ...وفى هذا تقطيع لجسد اللغة وإنهاك للطالب وأقترح تدريس اللغة العربية من خلال النص العربى الجيد بمعنى أن يكون المقرر عدة نصوص من الشعر والنثر المنتخب ثم تعالج هذه النصوص علاجا متكاملا فتقرأ قراءة جيدة من قبل المعلم ثم الطلاب ولابأس أن تستغرق تلك القراءة ما تستغرق من الحصص فالإجادة هنا مكسب كبير ومن بعد ذلك يتناول النص بلاغيا ونحويا مع بيان أن المعنى يترتب على النحو فقد تؤثر الضمة والفتحة والكسرة فى المعنى فكلمة (كتب )كفعل ماض غير كلمة (كتب )جمع كتاب مثلا ...
وقد قمت بهذه التجربة إبان عملى فى التدريس بالمدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية والمعاهد العليا وكان أكلها رائعا جدا وتناولها مستساغا للطلاب
و من طرائف الأمور أن هذه الطريقة أنقذتنى من كيد بعض الموجهين فى سالف الأزمان فقد اتفق أن زارنى أجد الموجهين وكان الجدول يشمل أربع حصص متوالية للغة العربية فى فصل واحد وهذا من سوء التخطيط ...إذ ما عسى أن يقول المعلم لطلابه طوال ثلاث ساعات ؟
ولكنى أقول لحضراتكم إن تلك الطريقة العبقرية كان لها فعل السحر فقد استغرقت قراءة النص حصتين كاملتين إذ حرصت على أن تقرأ كل طالبة جزءا معقولا من النص فإذا أخطأت طلبت من زميلاتها التصويب ...ثم جاءت معالجة العاطفة التى دفعت الشاعر إلى تأليف قصيدته ثم جاءت معالجة الفكرة العامة فى النص ثم معالجة الأفكار الجزئية وكل ذلك من خلال المناقشة وفى غضون ذلك تعالج مسائل النحو والبلاغة بسؤالات من قبيل :لماذا قال الشاعر كذا ولم يقل كذا ؟وهل هناك فرق ؟ وما موقع هذه الكلمة من الإعراب ؟ وماذا لو كانت منصوبة أو مجرورة ؟
وبهذه الطريقة -أيها الأفاضل -مضت الحصص الأربع ولما يكتمل النص وخرج الموجه بغير الوجه الذى دخل به ولله الحمد
ومن هنا أدعو إلى إعادة النظر فى طريقة تدريس اللغة العربية واعتبارها كيانا متكاملا أساسه النص والحس البلاغى ...
اللهم أطل عمر لغتنا الجميلة واجعلها الوارثة منا يا أرحم الراحمين ولاتسلط علينا بذنوبنا من يهدم لغتنا على أرؤسنا . والحمد لله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات: