الأحد، 18 نوفمبر 2012

فوز بطعم الهزيمة


 قديما قال أمير شعراء العربية (المتنبى ) :

        وماذا بمصر من المضحكات    ولكنه ضحك كالبكا

وكان المتنبى قد قصد حاكم مصر (كافورا الإخشيدى ) فلم يعطه ما تمنى فعبر عن خيبة أمله بهذا البيت ..............وأنا أحس خيبة الأمل أضعاف أضعاف أبى الطيب .لأنى كنت أرجو أن أشاهد عطاء إنسانيا فوجدت عطاء أبعد ما يكون عن الإنسانية .............

أمس وعلى أنغام ركلات الأقدام فى تونس كانت (غزة)تحترق وتحترق معها أكباد أهالى واحد وخمسين طفلا فى (أسيوط )إثر تحطم سيارتهم تحت عجلات القطار............

كارثتان تشيب لهولهما الأطفال ولكن -يالفرط الشجاعة- لم تقف شعرة واحدة فى رأس منظمى هذه المباراة المشئومة .......سيقول السفهاء من الناس : ماذا نفعل ؟وهذا أمر قد تقرر وتمت الاستعدادات له ؟ نقول :وماضركم أن تؤجلوا (لعبكم )..حتى تخف الأحزان ؟ سيقول السفهاء من الناس : إننا أردنا أن نخفف عن الناس بعض معاناتهم وسط ظروف الحياة الكئيبة...ونقول :بئست المواساة التى تعنى أن بعض شباب الأمة يمتلئون حماسة على أرض الملعب فى وقت تتمزق أجساد الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال وتتمزق أكباد ذويهم ....فإلى من تهدون فوزكم أيها الفائزون وجهدكم أيها المجتهدون ؟

والشىء بالشىء يذكر....كانت مباراة مثل هذه فى القاهرة  وكانت كارثة العبارة التى فقدت مصر فيها أكثر من ألف قتيل ...ومع ذلك فقد استمرت المباراة بل قام رئيس الدولة بتفقد أحوال اللاعبين بدلا من تفقد أحوال المصابين .....ااا

ولكنى أرى كارثة الأمس أفدح ...فالخطب أعم والضالعون فى هذه الخسة كثيرون...

-من قام على تنظيم هذهالمباراة ولم يقترح إلغاءها أو تأجيلها.

-اللاعبون الذين قست قلوبهم فهى كالحجارة أو أشد قسوة وكان واجبا عليهم الامتناع عن اللعب تقديرا ومواساة  ولكنهم لم يفعلوا.

-وزيرا الرياضة فى البلدين اللذان لم يكونا على مستوى الأحداث .

-رئيس مصر وسوريا اللذان ربما كانا مشغولين بمأساة غزة  فلم ينتبها إلى أن هذه المباراة تعبيرصريح عن أن حزنهما على غزة أمر واجب يؤدى آليا كما يقدم سائر العزاء .وكان الأجدر أن يصدر أمر بإلغاء أو تأجيل هذه المباراة .

-هؤلاء الجماهير الذين ذهبوا لتشجيع اللاعبين ...ترى بأى قلب كانوا يهتفون وصراخ أهلهم فى غزة وأسيوط يصم الآذان ؟

.الحق أقول لكم :لقد كانت مباراة الأمس هزيمة كاملة لمصر وتونس والأمة العربية  التى كانت شاهدت على تناسى الأصول الشرعية والاجتماعية والإنسانية 

أما فوزكم أيها الأهلى فمردود عليك فارجعوا مأزورين غير مأجورين والعزاء خالص العزاء لأسر الشهداء والمصابين .

ليست هناك تعليقات: