الثلاثاء، 9 فبراير 2010

الانتماء

قديما قال الشاعر:
 وظلم ذوى القربى,أشد مضاضة
 على النفس من وقع الحسام المهند
تذكرت هذا البيت عندما دارت مناقشة حامية حول الانتماء.
قال بعض المتحدثين:إن الانتماء موجود فى أعماقنا,ويظهر جليا فى الأزمات .
وقال آخرون :إن الانتماءيولد ويقوى ويموت حسب ما يراه المواطن من معطيات ,فالمساواة والعدل واحترام الإنسان تثمر
الانتماء وتقويه ,والظلم والفساد والمحسوبية تقتل الانتماء .
ولكى نحسم هذه المسألة ,تعالوا نشاهد الواقع العملى ...
فهناك المهاجرون الذين يعيشون وينجبون فى المهجر كيف يكون
حالهم ؟لاشك أن وطنهم ومهد صباهم يعيش فى أعماقهم لأنه جزء
من حياتهم ,ولكن الأمر يختلف مع الأجيال التى ولدت فى المهجر
ولا يعرفون عن الموطن الأصلى إلا اسمه ,أى أن انتماءهم يكون
للوطن الذى يعيشون فيه ,و قد لايشاركون آباءهم فى حماستهم
للوطن الأصلى .
ومعنى هذا أن المواطنة شىء مكتسب .
ولكن الأعوام تمر ,والهواء الذى يعمر الرئتين ,والغبار الذى
يخالط الأنفاس ,ورائحة المكان ,كل ذلك يصنع بصمة تتغلغل فى
النفس لتشكل أعماق الكيان ,فإذا المصرى أبا وأما يصبح شخصا
آخر يتحدث لغة أخرى ,ويمارس عادات المجتمع الذى يعرفه 
ويخالطه ,ومن هنا يشعر هذا الجيل بالانتماء إلى البلد الذى لا
يعرف سواه .
إذن ,الانتماء ليس شيئا معنويا مجردا ,وإنما شىء له مقومات 
ودوافع وأسباب ,يتأثر بها الانتماء وجودا وعدما وقوة وضعفا .
وقريب من هذه القضية ,ما قاله لى زوج مغاضب لزوجته :
أنا لاأشعر بانتمائها إلىّ,إننى أحس معها بالغربة .
نفس الإحساس بالمرارة لدى المواطن المطحون الذى نسمعه يردد
(البلد ليست بلادنا ,البلد بلد القادرين ).
ألستم معى فى صدق الشاعرالقديم ؟
...مصطفى فهمى ابو المجد

ليست هناك تعليقات: