سائل يسأل :هل الكذب جائز شرعا ؟ قلت :نعم ,وأحيانا يكون من
الكياسة ,وأحيانا يكون واجبا .
قال :أنا أقصد كذب الزوج وقوله لزوجته :أنا أحبك ,وهو ليس كذلك ,قلت :وأنا أقصد هذا عندما قلت :قد يكون الكذب كياسة .
قال :أليس من النفاق أن يظهر الإنسان خلاف ما يبطن ؟
قلت :قف هنا كثيرا,وتفكر مليا ,فسوء فهم هذه القضية ,قد يوقع فى كثير من البلايا .
النفاق شرعا :أن يظهر المنافق الإسلام ,وهو يبطن الكفر .
قال :يعنى النفاق خاص بالعقيدة ؟قلت :نعم .قال :فما بال السلوك؟
قلت :هو ميدان يتسع للمصارحة ,والمجاملة .والمداراة ,والتجمل.
وتلك أمور تحتمها كثيراضرورات الحياة .قال :هذا أمر غير مفهوم بالنسبة لى ,وما الذى يمنعنى من قول الحق مهما كان الأمر ؟أليس ذلك أجدر بالمسلم ؟
قلت :جميل منك هذه الكلمة (المسلم ),أليس المسلم من سلم الناس
من لسانه ويده ؟قال :بلى .قلت :فهل تزعم أن لسانك معصوم لا
يزل أبدا ؟قال :اللهم لا,قلت :إذن يمكن أن أقول رأيا فى شخص ما ثم يستبين خطؤه ,والكياسة تقول :لابد أن تكون هناك نافذة
للعودة إلى ما قد يتضح صوابه ,ويكون القطع والحسم فى الرأى
نوعا من التهور لامبرر له ,مثلا :زميل لك اختلف معك فى أمر
ما فصارحته برأيك فيه ,وأنه سمج ثقيل الظل ,لايطاق .
لقد قلت رأيك فيه ,وقد تشعر بالراحة لأنك أفرغت شحنة شحنائك
ولكن فى الحقيقة قد خسرت زميلك هذا,لأنه سيصنفك كما صنفته.
أما كان من الكياسة أن تكون موضوعيا فى رأيك ولا تجرح شخصه ؟وأن يكون حديثك عنه حديثا مرنا ,يجامل ولا يغلق الأبواب ؟قال :أليس هذا نفاقا أو رياءً؟
قلت :إذا كان القصد أن أجعل من الزنديق وليا ,ومن المفسد مصلحا ,رغم سطوع الأمر فهذا نفاق ورياء ,أما إذا كان الأمر مسألة علاقات عامة ,وأسلوب للتعايش بين الناس ,فأعتقد أن اعتماد أسلوب التصادم حماقة ضارة .
قال :تعال نعود ونركز على النقطى التى قصدتها من البداية,أعنى
علاقة الزوجين ,ما الفائدة من قول أحدهما للآخر :إنى أحبك .مع
أن الأمر على خلاف ذلك ؟
قلت :حسنا ,تعال نفترض أن زوجا قال لزوجه :أنا أكرهك ,ماذا
كسب هذا الزوج الصريح بهذا التصريح ؟أليس محتملا أن تثور
كرامتها فتبادله كراهية بكراهية ؟وربما زادت وأعادت ,فزاد وأعاد ,وربما تحول عراك الألسن إلى حراك الأيدى وال...الخ
أليس الأكيس والأحكم أن يقول لها :أنت حبى ولأرجو الله أن يجعلك قرة عينى وأن يجعلنى قرة عينك ,وأن يديم علىّ سعادتى؟
قال :ولكن الواقع يختلف .قلت :دع القلوب لبارئها,وانظر إلى
الى الأثر,وقارن بين جو الرضا والهدوء,ولو على حذر,وبين جو المشاكسة السابق ,وما يدريك ,ألا يمكن أن يكون افتعال الحب
طريقا إلى الحب فعلا ؟إن الحرص على التهدئة يحقق الهدوء
وتكرار افتعال الرقة,يمكن أن يولدها فى النفس,وكأنى بالرسول
صلى الله عليه وسلم يعنى ذلك عندما ينصح المسلم عند قراءة القرآن أن يخشع ويبكى ,فإن لم يستطع فليتخاشع وليتباكى أملا فى
أن تثمر هذه المحاولات فى إيجاد قلب ضارع أواه ,ويكفى أن تكون المحاولة جادة لتدل على صدق التوجه .
على أنى أقول :إن الأصل فى القلوب أن تكون نابضة بالشعور
ولكن ران الحياة وأمواجها المتلاطمة ,قد تطغى وتغطى تلك الأحاسيس الجياشة ,وتهمشها ,بل قد تجعلها نوعا من الترف الذى
لا لزوم له .
وأنا أنقل لك تجربتى مع أبى رحمه الله ,لقد كان رجلا طيب القلب
ولكنه لم يعط موهبة إعلان مشاعره ,ولم يكن يقول لى كلمة حب
ولا لمسة حنان ,ولكنى كشفت -قدرا-أنه بحر من العواطف ,فقد
كنت متناوما عندما أقبل ونادانى فلم أجب ,ولما تأكد من نومى
رأيته من بين رموشى الماكرة وهو ينظر إلىّ بالحنلن كله ثم يقبلنى ,ويمسح على رأسى ,وكاد أمرى ينكشف عندما اهتز كيانى
لدموعه التى غسلت وجهى .
يا عزيزى ,بل يا أيها الأعزاء ,البخلاء بمشاعرهم ,لاتفعلوا ,أنتم
تملكون كنوزا حقيقية ,أطلقوها ,دعوها تعمل عملها ,وتؤتى أكلها
وهى والله دليل قوة ,لاأمارة ضعف ,دليل على أنك إنسان صاحب
قلب شفيف ,وتذكر أن نبيك صلى الله عليه وسلم وهوسيدالأزواج
والآباء ,والأقوياء ,لم يكن يفلت هذه اللمسات الحانية,فقد زار ابنته الزهراء رضى الله عنها وهى تتهيأللنوم بعد يوم شاق,فهبت وزوجها لاستقباله ,فقال :"على رسلكما "ووضع كفيه على صدر كل منهما ,وهو يلقنهما بعض الأذكار ,وكأنى به صاى الله عليه وسلم أستاذا فى العلاقات الإنساية الحميمة وهو يشرب فيضع فمه على موضع فم عائشة رضى الله عنهامن الكوب كما تحكى هى.
واظروا إليه صلى الله عليه وسلم وهو يستنكر قول الأعرابى:
أتقبلون صبيانكم؟ فيقول له:"وهل أملك أن نزع الله الحمة من قلبك
من لايرحم لايرحم ".صدقت يا رحمة الله للعالمين .
قل لزوجتك ما تشتهى من كلمات الحب التى تفتح ورودها,وتبهج
نفسها ,فتزيد عطاءها ,والسعيد أولا وآخرا هو أنت .
الكياسة ,وأحيانا يكون واجبا .
قال :أنا أقصد كذب الزوج وقوله لزوجته :أنا أحبك ,وهو ليس كذلك ,قلت :وأنا أقصد هذا عندما قلت :قد يكون الكذب كياسة .
قال :أليس من النفاق أن يظهر الإنسان خلاف ما يبطن ؟
قلت :قف هنا كثيرا,وتفكر مليا ,فسوء فهم هذه القضية ,قد يوقع فى كثير من البلايا .
النفاق شرعا :أن يظهر المنافق الإسلام ,وهو يبطن الكفر .
قال :يعنى النفاق خاص بالعقيدة ؟قلت :نعم .قال :فما بال السلوك؟
قلت :هو ميدان يتسع للمصارحة ,والمجاملة .والمداراة ,والتجمل.
وتلك أمور تحتمها كثيراضرورات الحياة .قال :هذا أمر غير مفهوم بالنسبة لى ,وما الذى يمنعنى من قول الحق مهما كان الأمر ؟أليس ذلك أجدر بالمسلم ؟
قلت :جميل منك هذه الكلمة (المسلم ),أليس المسلم من سلم الناس
من لسانه ويده ؟قال :بلى .قلت :فهل تزعم أن لسانك معصوم لا
يزل أبدا ؟قال :اللهم لا,قلت :إذن يمكن أن أقول رأيا فى شخص ما ثم يستبين خطؤه ,والكياسة تقول :لابد أن تكون هناك نافذة
للعودة إلى ما قد يتضح صوابه ,ويكون القطع والحسم فى الرأى
نوعا من التهور لامبرر له ,مثلا :زميل لك اختلف معك فى أمر
ما فصارحته برأيك فيه ,وأنه سمج ثقيل الظل ,لايطاق .
لقد قلت رأيك فيه ,وقد تشعر بالراحة لأنك أفرغت شحنة شحنائك
ولكن فى الحقيقة قد خسرت زميلك هذا,لأنه سيصنفك كما صنفته.
أما كان من الكياسة أن تكون موضوعيا فى رأيك ولا تجرح شخصه ؟وأن يكون حديثك عنه حديثا مرنا ,يجامل ولا يغلق الأبواب ؟قال :أليس هذا نفاقا أو رياءً؟
قلت :إذا كان القصد أن أجعل من الزنديق وليا ,ومن المفسد مصلحا ,رغم سطوع الأمر فهذا نفاق ورياء ,أما إذا كان الأمر مسألة علاقات عامة ,وأسلوب للتعايش بين الناس ,فأعتقد أن اعتماد أسلوب التصادم حماقة ضارة .
قال :تعال نعود ونركز على النقطى التى قصدتها من البداية,أعنى
علاقة الزوجين ,ما الفائدة من قول أحدهما للآخر :إنى أحبك .مع
أن الأمر على خلاف ذلك ؟
قلت :حسنا ,تعال نفترض أن زوجا قال لزوجه :أنا أكرهك ,ماذا
كسب هذا الزوج الصريح بهذا التصريح ؟أليس محتملا أن تثور
كرامتها فتبادله كراهية بكراهية ؟وربما زادت وأعادت ,فزاد وأعاد ,وربما تحول عراك الألسن إلى حراك الأيدى وال...الخ
أليس الأكيس والأحكم أن يقول لها :أنت حبى ولأرجو الله أن يجعلك قرة عينى وأن يجعلنى قرة عينك ,وأن يديم علىّ سعادتى؟
قال :ولكن الواقع يختلف .قلت :دع القلوب لبارئها,وانظر إلى
الى الأثر,وقارن بين جو الرضا والهدوء,ولو على حذر,وبين جو المشاكسة السابق ,وما يدريك ,ألا يمكن أن يكون افتعال الحب
طريقا إلى الحب فعلا ؟إن الحرص على التهدئة يحقق الهدوء
وتكرار افتعال الرقة,يمكن أن يولدها فى النفس,وكأنى بالرسول
صلى الله عليه وسلم يعنى ذلك عندما ينصح المسلم عند قراءة القرآن أن يخشع ويبكى ,فإن لم يستطع فليتخاشع وليتباكى أملا فى
أن تثمر هذه المحاولات فى إيجاد قلب ضارع أواه ,ويكفى أن تكون المحاولة جادة لتدل على صدق التوجه .
على أنى أقول :إن الأصل فى القلوب أن تكون نابضة بالشعور
ولكن ران الحياة وأمواجها المتلاطمة ,قد تطغى وتغطى تلك الأحاسيس الجياشة ,وتهمشها ,بل قد تجعلها نوعا من الترف الذى
لا لزوم له .
وأنا أنقل لك تجربتى مع أبى رحمه الله ,لقد كان رجلا طيب القلب
ولكنه لم يعط موهبة إعلان مشاعره ,ولم يكن يقول لى كلمة حب
ولا لمسة حنان ,ولكنى كشفت -قدرا-أنه بحر من العواطف ,فقد
كنت متناوما عندما أقبل ونادانى فلم أجب ,ولما تأكد من نومى
رأيته من بين رموشى الماكرة وهو ينظر إلىّ بالحنلن كله ثم يقبلنى ,ويمسح على رأسى ,وكاد أمرى ينكشف عندما اهتز كيانى
لدموعه التى غسلت وجهى .
يا عزيزى ,بل يا أيها الأعزاء ,البخلاء بمشاعرهم ,لاتفعلوا ,أنتم
تملكون كنوزا حقيقية ,أطلقوها ,دعوها تعمل عملها ,وتؤتى أكلها
وهى والله دليل قوة ,لاأمارة ضعف ,دليل على أنك إنسان صاحب
قلب شفيف ,وتذكر أن نبيك صلى الله عليه وسلم وهوسيدالأزواج
والآباء ,والأقوياء ,لم يكن يفلت هذه اللمسات الحانية,فقد زار ابنته الزهراء رضى الله عنها وهى تتهيأللنوم بعد يوم شاق,فهبت وزوجها لاستقباله ,فقال :"على رسلكما "ووضع كفيه على صدر كل منهما ,وهو يلقنهما بعض الأذكار ,وكأنى به صاى الله عليه وسلم أستاذا فى العلاقات الإنساية الحميمة وهو يشرب فيضع فمه على موضع فم عائشة رضى الله عنهامن الكوب كما تحكى هى.
واظروا إليه صلى الله عليه وسلم وهو يستنكر قول الأعرابى:
أتقبلون صبيانكم؟ فيقول له:"وهل أملك أن نزع الله الحمة من قلبك
من لايرحم لايرحم ".صدقت يا رحمة الله للعالمين .
قل لزوجتك ما تشتهى من كلمات الحب التى تفتح ورودها,وتبهج
نفسها ,فتزيد عطاءها ,والسعيد أولا وآخرا هو أنت .