الخميس، 22 يناير 2015

الناس الناس الناس

الناس الناس الناس
أيها القارىء المحترم
تخيل أنك أصبحت (مليارديرا) وسألتك :ماذا تصنع بكل هاتيك الأموال ؟
أظن أنك ستقول : أعيش سعيدا قرير العين لاأحتاج إلى أحد
ولكن هل حقا لن تحتاج إلى أحد؟وأظنك تصيح منتشيا :بالتأكيد لن أحتاج إلى أحد وكيف أحتاج وعندى من الأموال ماأستطيع أن أشترى به ماأشاء متى أشاء ؟
ولكن -يا عزيزى الملياردير -ماذا تفعل إذارفض البائعون أن يبيعوك ماتريد؟
وأكاد أسمعك تقول :ماذا يعنى هذا ؟ هم فى حاجة إلى المال وهو معى
ياصاحبى :نعم ولكن أنت محتاج لبضائعهم وهى معهم ..
أرأيت هاهى الحيرة تبدو على محياك لتكشف الحقيقة أن كليكما فى حاجة إلى الآخر
وأن الكفتين متساويتان ....
أراك تنتفخ كبرا وتقول :لا لا ليستا متساويتين و أنهار المال تجرى من تحتى وليس من يملك كمن لايملك ...
حسنا ..حسنا دعنى أطرح المسألة بشكل آخر...
هب أنك -أيها الملياردير -وجدت نفسك مع أموالك فى جزيرة ليس بها أحد ماذا كنت تفعل ؟وماذا تجدى قناطيرك المقنطرة من الأموال ؟ماذا تشترى ؟ وممن تشترى ؟
إنك حينئذ ستأكل من ثمارالأشجار وتلبس من جلود الحيوان كما كان يفعل أخوك الموغل فى القدم وإذا لم تجد شجرا ولا حيوانا ستموت جوعا وبردا...
أراك وقد أسقط فى يدك ...لقد أدركت الحقيقة الدامغة التى تقول إن الذى يجعل للمال قيمة هم الناس ...
الناس الفقراء هم الذين يجعلون للصدقة معنى ...
والناس الجهلاء هم الذين يجعلون للعلم قيمة ...
والناس الضعفاء هم الذين يظهرون قوة القوى
والناس الأشرار هم الذين يبرزون فضل أهل الخير
والناس المنافقون هم الذين يجعلون للإخلاص معنى
و أينما التفت وجدت الناس لتظهر المعانى من خلال أفعالهم وأقوالهم
ليصدق قول الشاعر :
الناس للناس من عرب ومن عجم بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم
فلا تتعجب -أيها الملياردير- إذا قلت لك :إنك خادم للناس بمالك كما هم يخدمونك بمالديهم وتلك هى الحياة ...
وأدعوك إلى إعادة قراءة سورة "الناس " وملاحظة أن الله تعالى ذكر الناس فى تلك السورة القصيرة خمس مرات وكان يمكن أن يكون الكلام -فى غير القرآن -(قل أعوذ برب الناس ملكهم إلاههم من شر الوسواس الخناس الذى يوسوس فى صدورهم ) ولكن كلام الله تعالى صرح بلفظ الناس مع الربوبية والملكية والألوهية ليبين سبحانه أنه يربى الناس بالناس وهم فى قبضة ملكه وهيمنة ألوهيته وهى دعوة إلى اللجأ إلى عونه والاستقواء بقوته على شرور الأشرار من الجنة والناس
ودعوة إلى تعايش الإنسان مع أخيه الإنسان فى كنف الرحمان فهذا خير له وأبقى وأتقى وأنقى وأرقى

ليست هناك تعليقات: