الخميس، 27 نوفمبر 2014

الغيب شبهات وردود (2)

 وقالوا :
إن الإيمان يعوق انطلاق حركة الحياة ويحرض على الاستكانة  اتكالا على الجنة الموعودة كتعويض عن الظلم والفقر فى الحياة الدنيا ....
وأقول :إن واقع المسلمين الذين آمنوا بالغيب يؤكد عكس ماقالوا
فقد كانوا يقرءون مع آيات الغيب آيات العمل الصالح وماأكثرها فى القرآن الكريم...ولقد قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله يحب أذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" و"ماأكل أحد طعاما خيرا من أن يأكل من عمل يده" و"من أمسى كالا من عمل يده غفر له ما تقدم  من ذنبه " و"لأن يأخذ أحكم حبله فيحتطب فيأكل ويتصدق خيرا من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه "إلى آخر ماقاله صلى الله عليه وهو كثير وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم نماذج حية لهذا الهدى العالى  فكان منهم الأغنياء وكان فقراؤهم كماقال أحدهم :(كنا نحمل على ظهورنا فنأكل ونتصدق ) ومن هذا الفهم نبغت تجارات المسلمين الأول وصناعاتهم وزراعاتهم وعلومهم ..ولم يكن الإيمان بالغيب عائقا لهم عن حركة الحياة ...بل إن الإيمان بالغيب كان دافعا عظيما على مواصلة الإعمار فى الأرض تحقيقا للخلافة التى أمر هم الله بها 
وهم مدعوون إلى المشى فى الأرض وابتغاء رزق الله وفى الوقت ذاته تكون عيونهم على الآخرة "فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور " والإيمان بالنشور يضبط إيقاع حركة الحياة فيكون المشى فى الأرض والأكل  فى نطاق ما شرع الله تعالى فلا ظلم ولا خداع ولا غش ...
بل إن الإيمان بالغيب يدعو المؤمنين إلى السير فى الأرض من أجل العلم والبحث فى نشأة الحياة "قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشىء النشأة الآخرة "العنكبوت 
والإيمان بالغيب هو الذى جعل المؤمن المجاهد يساوى عشرة من غيره من المقاتلين "إن يكن منهكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين "الأنفال  وفى أدنى الحالات لاينبغى لمؤمن أن يتساوى مع الكافر "الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين "الأنفال  ومعلوم أن هذه الزيادة تمثل ثقل العقيدة التى تؤمن بالغيب ...
وعلى الذين يتهمون المؤمنين بأنهم ضد الوطنية لايهتمون كثيرا لأوطانهم -عليهم أن يراجعوا مواقفهم فإن غير المؤمن يمكن أن يفر من المعركة وأن ينسحب خارج الوطن ويشكل حكومة فى المنفى -كما فعل ديجول بعد اجتياح الألمان لفرنسا-أما المؤمن فليس أمامه إلا النصر أو الشهادة "ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومؤواه جهنم "الأنفال  إذن فالمؤمن عندما يجاهد فى سبيل الله بالأصل يجاهد بالتبعية فى سبيل الوطن وهذا فى مصلحة الوطن ذلم بأن الدين رسالة حياة    تمارس على   الأ{ض ونسوق لهؤلاء موقف النبى صلى الله عليه وسلم فى غزوة بدر حين ناجى ربه قائلا "اللهم إن تهلك هذه العصابة  فلن تعبد فى الأرض بعد اليوم "
إذن فالأرض هى الوطن الذى يمارس عليه المؤمن حياته طبق منهج الله ...
وقد يقولون :
ولكن الكافرين بالغيب هم الذين يقودون الآن حركة الحياة وما منعهم كفرانهم من التقدم كما لم ينفع المؤمنين بالغيب إيمانهم ..
ونحن نقول  :إن مبادىء التقدم من اصول الإسلام وإذا أخذ بها الكفار وأحدثوا بها التقدم فهذه شهادة واقع لهذه المبادىء ..وإذا أهملها  المسلمون فلابد أن يلاقوا جزاء إهمالهم تأخرا وعجزا فالعيب فى الأشخاص لافى المبادىء وفى غزاة أحد عندما خالف الرماة أمر النبى صلى الله عليه وسلم وقواعد الحرب نكبوا نكبة شديدة ...وهذا تحقيق لكون الإيمان التزام وعلم وعمل لامجرد كلمات وشعارات  ..
إن الإيمان بالغيب دافع داخلى نحو حياة أنظف وأصلح وأقوم ولهذا كان من أول صفات المتقين . 

ليست هناك تعليقات: