الاثنين، 20 أكتوبر 2014

متفق عليه

 (متفق عليه )
مصطلح اتفق عليه علماء الحديث فى كل حديث اتفق عليه البخارى ومسلم فى صحيحيهما....
ومعلوم أن العلماء قالوا  عن صحيحى البخارى ومسلم إنما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى ...ولم يقولوا هذا من منطلق التعصب بل من منطلق النقد الصارم لمنهج البخارى ومسلم ...
ومعلوم أن البخارى أخذ نفسه بضوابط صارمة لاعتماد الحديث  وهو نفسه قال إنه اختار هذه الأحاديث التى تبلغ أربعة آلاف دون المكرر من بين ثلاثمئة ألف حديث ...ولم يقبل الحديث إلا من ثقة معروف بالضبط والعدالة حتى وفاته ويشترط البخارى أن يكون الراوى معاصرا لمن روى عنه وأن يسمع منه شفاها...
ومعلوم أن مسلم اشترط المعاصرة ولكنه لم يشترط اللقاء  ولهذا جعل علماء الحديث صحيح مسلم بعد صحيح البخارى ..
ومن المعلوم أيضا أن علماء الحديث أفنوا أعمارهم فى جلاء كل ماقيل عنه إنه حديث نبوى شريف  ودققوا كثيرا فى رواة الحديث واخترعوا لذلك علم الرجال الذى يتناول حياة رواة الأحاديث وبيان حالتهم من حيث التقوى والضبط والعدالة  وألفوا كتبا فى الرواة الكذابين  وكذلك توفروا على دراسة متن الحديث ونقده وبيان درجته من حيث البطلان والصحة والضعف ...
جهود هائلة بذلها علماء المسلمين وقدموا للبشرية علما إسلاميا غير مسبوق  يقوم العقل والبحث العلمى الموضوعى فيه بإصدار الأحكام ...
ولم يدع البخارى  ولامسلم العصمة  بل إن علماء آخرين قاموا بنقدهم والاستدراك عليهم ....
ولكن نفرا من قومنا لم يعجبهم هذا التبحر العلمى الفائق وهذه الجهود المخلصة فقاموا يخذلون الناس عن البخارى ومسلم بدعوى أنهما سيطرا على عقول الأمة تحت قداسة مصطلح (متفق عليه ) وما دام الأمر متفقا عليه فليخرس كل لسان وليسجد كل عقل ...هكذا قال أحد هؤلاء ...
ويدعو هذا القائل الناس إلى رفض البخارى ومسلم والتمرد على استبدادهما  وإطلاق العقول للبحث عما يصلح حياتنا الحاضرة التى اختلفت كثيرا عن حياة البخارى ومسلم ...
ويقول هذا المخلوق...إنه على احسن الأحوال يجب أن يوضع صحيح البخارى ومسلم فى المتحف باعتباره أثرا من الآثار...
وهنا لنا أن نتساءل :
أولا:من هؤلاء الرافضون للبخارى ومسلم ؟ هل هم من علماء الحديث ؟ هل هم من الدارسين المحترمين الذين قدموا نتاج قرائحهم وأثبتوا أنهم أهل للنقد ؟
ثانيا :إذا كانوا يدعون إلى نبذ البخارى ومسلم وإعمال العقل فإن البخارى ومسلم لم يقدموا عملهم إلا بإعمال العقل ...ثم هل يمكن أن يطلب من العوام -كما قال قائل هؤلاء -تحكيم عقولهم فى أمور تتطلب البحث والاستناط التى تحتاج أدوات خاصة ؟
ثالثا:هل يمكن لأمة أن تنهض باعتماد سياسة هدم كل قديم بدعوى المصلحة والتطور ؟ مع إن الحضارة ماهى إلا بناء تراكمى تقدم فيه الأجيال من كل الأمم خبراتها وتجاربها  فكيف يكون تقدم إذا كان الحاضر ينسف جذوره مع الماضى ؟ مع أن حضارة الفراعنة التى يقدسونها والتى يقدرها العالم ماهى إلاآثار خاضعة للدراسة ...
رابعا:يقول الحكماء :(الحكم على الشىء فرع عن تصوره) بمعنى أنك لايصح أن تحكم على شىء إلا بعد أن تحيط علما بدقائقه فهل أحاط هؤلاء علما بجهود البخارى ومسلم ؟وهل بذلوا ما بذلاه حتى قدموا إلينا علمهم ؟
خامسا:هؤلاء الذين يدعون إلى طرح التراث القيم لماذا لايشمرون عن سواعدهم ويقدمون لنا البدليل  ؟فإذا رأينا ما قدموا خيرا مما قدم أسلافنا أخذنا فكرهم وشكرنا جهدهم .
إن صحيحى البخارى ومسلم محاولة ناجحة وجهد مشكور لتأصيل التراث النبوى الشريف وليس سيفا مسلطا على العقول وللعلماء طرائق عديدة فى الاستدلال بهذا الحديث أو ذاك بصرف النظر عن مخرج الحديث وهى قواعد منضبطة يعرفها أهل الفقه والحديث ...
إن هدم القمم يقضى على إمكان تقديم الأسوة الحسنة وهذا أمر لايمكن أن يصنع أمة متقدمة 
رحم الله البخارى ومسلم جزاء ما قدما للإسلام والمسلمين وهدى قومنا سواء السبيل 

ليست هناك تعليقات: