الثلاثاء، 9 سبتمبر 2014

وماذا لو ؟40
وماذا لو تأملنا مليا (الحج )كفريضة إسلامية ؟
وكنا قد توقفنا عند الأعمال التعبدية فى الحج ...وأعنى بها تلك الأعمال التى لاتبدو من ورائها حكمة ظاهرة يقبلها العقل...
وهذه نقطة يقول البعض إنها مزلق يجلب وساوس الشيطان حيث ينفث فى روع المرء....ماهذا الذى تفعل أيها الإنسان العاقل ؟ تطوف بحجرة صنعها البشر من الحجر ؟وتقبل حجرا لايضر ولا ينفع ؟ ثم تقول إنك ترجم الشيطان بالحصى ؟أى شيطان ترجم ؟ وأى حصى يؤثر فى مارد الجن ؟
ألا ترى أنك تلغى عقلك أيها العاقل ؟وتؤدى أعمالا لاطائل من تحتها ؟
ألاترى أن أعمال الحج هذه تدحض مرة واحدة وبقوة تلك المقولة التى يروجونهالك قائلين إن الإسلام دين العقل ؟ فأين العقل من تلكم الأعمال التى يستنكرها العقل ؟
وأنا أقول إن فى أعمال الحج ترغيما للشيطان وإعلاء للعقل ....
ترغيم للشيطان لأنها ترد الأمر كله إلى الله ولاتجعل للشيطان حظا فيه فهى الطاعة المطلقة ...لاالطاعة العمياء لأنها على بصيرة ..بأن الآمر الناهى هو الخالق الحكيم رب العالمين وهى ترغيم للشيطان بأنها مسارعة إلى الطاعة بمجرد صدورالأمر دون توقف لاستيثاق ...ومن هنا خرس الشيطان وتصاغر وذل حين يرى المؤمن الحاج يؤكد تلبيته أمر ربه مقرا بوحدانيته وأنه وحده سبحانه أهل الحمد وصاحب النعة ...
والحاج حين يلقى بجمراته إنما يرجم فكرة الشيطان وهى أهم من الشيطان ذاته ...
فنحن لاينينا ذات الشيطان فهو مخلوق من مخلوقات الله ولكن يعنينا وسواسه تماما كما يعنينا سم الأفعى فنلتمس السبيل لتحاشيه أو إبطال مفعوله والأمر فى الثعبان سهل لأنه جسد مادى أما الشيطان فأفكار وضلالات وشبهات ولذا كان رجم الفكرة أبلغ من رجم الذات ...
والحاج حين يطوف بالبيت ويقبل الحجر لايعبد الأصنام ولايتأوثن ..لأن القضية ليست فى البناء الحجرى ولكن فى المكان فهذا المكان أمر أبو الأنبياء أن يقيم فيه بيتا يوحد الله فيه وأن يدعو الناس إليه فأطاع أبو الأنبياء وأطاع المؤمنون ..وهذا ما يحزن الشيطان لأن من يطيع فيما لاتظهر فيه علة أجدرأن يطيع فيما تظهر علته وهنا يفقد الشيطان منطقه وزخرفه ...
وفى اعمال الحج إعلاء للعقل أيما إعلاء ...
ذلك بأنك إذا أردت تكريم إنسان فإنك نكلفه بما يقدر عليه حتى يبدع ويستحق المكافأة وإذا أردت إعناته كلفته مالا يطيق حتى يعجز ويكون أهلا للمؤاخذة ...
والله الذى خلق العقل يعلم أنه معقول بحدود مايرى ومايسمع ومايدخل تحت حواسه ولاشأن له ولاطاقة بما وراء الحس ...ولذلك لم يكلفه ما لا طاقة له به رحمة به وصونا لطاقته أن تهرف بمالاتعرف فتضل وتضل وتبدد إمكاناتها فيما لايفيد ...
وهذه هى لعبة الشيطان أن يقحم عقلك فيما وراء العقل فيضنيك ثم لاتجد جوابا يشفيك ...
أين الله ؟ مابدايته ..مانهايته ؟
هذا الكون مخلوق كل مخلوق له بداية وحدود ؟ ألا تقولون هذا ؟ فأين بداية الكون ؟ وأين حدوده شرقا وغربا وشمالا وجنوبا ؟
ورغم أن الإسلام أطلق العقل وأمره أن يسير فى الأرض فينظر كيف بدأ الله الخلق إلا أن الله عزوجل وجه نظر العقل إلى التماس الحكمة من هذا الأمر فى الوصول إلى "ثم ينشىء الله النشأة الآخرة "
إن للعقل مجالات رحيبة فى إعمار الأرض وإقامة الحياة الفاضلة وحسب العقل أن ينجح فى هذه المهمة الثقيلة ...
ثم إن العقل ليس هو اللطيفة الوحيدة التى تعمر بدن الإنسان فإن هناك الروح وهى أعلى جوهرا من العقل ولها طموحاتها وإشراقاتها ..وصلاتها بربها أوثق وأحكم ...ولها فى طاعة الله معارج ومعارج لايدركها العقل ولا يرقى إليها ...
وأخيرا هناك أضعف الحلقات ..هذا الجسد ...هذا الهيكل الطينى ...إنه فى حاجة إلى أن يتعلم كيف يترقى ويسمو على حمأته والطريق إلى ذلك ترويضه على كبح شهواته ومحاولة التطلع إلى أفق الروح الأسنى حينا من الدهر فى صلاة أو صيام أو نسك ...
وبذلك يكون الحج مائدة للروح والعقل والجسد ومعراجا للإنسان

ليست هناك تعليقات: