كان النقاش حاميا حول ما أثاره خطيب الجمعة حول تربية الأولاد
جادل كثيرون يعترضون على تحميل الآباء المسئولية فى تربية الأولاد بأن وسائل الإعلام الملوثة والفن الهابط بتأثيرهما المدمر
كفيلان بهدم كل مايبنيه الآباء والأمهات كما أن للمدرسة دورا مهما فى تربية الأجيال فكيف يمكن اختزال كل ذلك فى دور الآباء والأمهات ؟
والجميل هنا أمران:
الأول:أن تكون خطبة الجمعة مرآة لمشكلات الناس.
والثانى:أن يكون للعقول هذا الحراك المعقول الذى يرفض مجرد
التلقى ولايرى فى صاحب المنبر هيمنة فكرية أو ولاية دينية وهذا أعظم إنجازات الخطيب والداعية فلهذا خلقت المنابر ولهذا
كان الدعاة العلماء ورثة الأنبياء.
نعود إلى موضوعنا ...
صحيح..ما مدى مصداقية تحميل الوالدين مسؤولية تربية الأولاد؟
تعالوا نلتمس الإجابة من المربى الأعظم صلى الله عليه وسلم
أنصتوا إليه وهو يقول:"كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" :كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته
فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته والرجل راع فى بيته وهومسئول عن رعيته والمرأة راعية فى بيت زوجها وهى مسؤولة عن رعيتها ".
هذا هو الأساس الصحيح الذى يجب أن ننطلق منه .على أن هذا الأساس معتبر جدا فى الناحية الجسدية فأهل الاختصاص يقررون
أن ولادة طفل مشوه لابد أن يعود إلى الوالدين خاصة الأم وأن
الأمر الطبيعى أن يولد الطفل سليما تماما.
إذا فهذا الأساس شامل للصحة الجسدية والنفسية معا.
ولكن ما حكاية وسائل الإعلام الملوثة والفن الهابط ؟
اسمعوايا أحبائى:
خلّوا بالكم من أمرين:
الأول:أن الإنسان هو الإنسان من أول الزمان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .هو هو بنفس الشهوات والرغبات والحاجات
قد تتطور الأمور فى كمها أو كيفها ولكن تظل الرغبات الرئيسة
هى هى مثلا (شهوة الطعام)قد تتخذ أشكالا وألوانا ومبتكرات فتجد لكل شعب مطبخه الخاص ولكن كل مطابخ الدنيا تلبى (شهوة الطعام) ومثلا(شهوة الجنس)قد تكون منضبطة فى أمة ومنفرطة فى أمة وقد يكون للزواج طقوس مختلفة هنا وهناك ولكن فى النهاية كل ذلك يلبى(شهوة الجنس)
قيسوا على ذلك شهوات حب المال والزعامة الخ..
والثانى:أن الفساد موجود منذ خلق الإنسان حتى قبل أن يأكل آدم عليه السلام من الشجرة كان الفساد موجودافى ذلك المخلوق التعيس المسمى إبليس .ومعنى هذا أن الفساد صنو هذه الحياة بل
يستحيل تصور هذه الحياة خالية نقية من الفساد .
لماذا؟
لأن الفساد هو الدافع لحركة الإنسان على هذه الأرض .
وقبل أن تقلب شفتيك وترفع حاجبيك عجبا أوضح لك ..
(الجوع) ماذا يعنى لك؟ألا يعنى تهديدا لحياتك؟ألا يعنى إفسادا لجسدك؟قل:بلى .يكفيك الله شرالبلا..فماذا تفعل لدرء هذا الفساد
إنك تبادر إلى الطعام .ومن أين يأتى الطعام يرحمك الله؟
إنها حركة بل حركات تملأ الأرض بالطول والعرض فهناك من يقوم على إصلاح الأرض وهناك من يقومون بشق الترع وهناك من يقومون باختراع الالات التى ترفع المياة وهناك من يقومون على استنباط أنواع جديدة من البذور وهناك من يقومون بتطوير أنظمة الرى وهناك من يقومون بمكافحة الحشرات وهناك من يقومون بتنظيم الدورات الزراعية وهناك من يقومون باختراع
آلات جنى المحاصيل وهناك من يقومون بتنقيته وتعبئته وهناك من يقومون بتجهيزه وهناك من يقومون بتوزيعه وهناك من يقوم
بطهوه وهناك من يقوم بتقديمه حتى يصل إلى فم سعادتك .
أرأيت إلى هذا النشاط الفوّار والعمل الجبار وهذه الملايين من الأيدى العاملة كل هذا من أجل إبعاد الفساد الذى يجلبه (الجوع)
فهل تتصورون أيها الجائعون دوما هذه الحياة بدون هذا الفساد ؟
وهكذايكون الحديث عن فساد (العطش)وفساد(الجنس)وفساد(حب
الشهرة)...الخ
نعود كرة أخرى لنذكر:
الإنسان هو الإنسان متى كان وحيث كان هو هو بشحمه ولحمه
وغرائزه التى ركزها خالقه فيه.
وأكاد أسمع البعض يقول:ولكن الزمان تغيرفلا يمكن بحال مقارنة
وسائل الإضلال الكاسحة فى هذا العصر بوسائل الإضلال الكسيحة فى الأعصر الغابرة.
وأبادر فأقول:هذا وهم كبير أيها المحترمون.
وسأسوق مثالا واحدا فيه الكفاية.
تروى السيدة(عائشة)رضى الله عنهافى حديثهاعن أنكحة الجاهلية
أن(صواحب الرايات الحمر)كان يدخل عليهن الرجال لاتمتنع عن
أحد منهم فإذا تبين حملها استدعتهم وقالت:قد علمتم ما كان منكم
ثم تلحق ولدها بمن تشاء منهم فلا يمتنع .
بالله عليكم هل شهد العالم المعاصر مثل هذا الفساد المركب؟ا
بعض البلادتبيح البغاء.نعم ولكن البغى ليس لهاحق إلحاق وليدها
بأحد فم أين لتلك البغى فى تلك الجاهلية الأولى بهذه القوة ؟
إنه الفساد الذى اتخذ شكل القانون الاحتماعى الملزم.
وقد يقول قائل:هؤلاء قوم متخلفون فلا وجه للمقارنة بينهم وبيننا نحن أصحاب الحضارة الراقية.
أقول :لقد اتفقنا أن الفساد فى الأرض منذ القديم وقد كان فى القدماء حضارات فذة اسمعوا قول ربنا جل وعلا:"ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التى لم يخلق مثلهافى البلاد وثمود الذين جابوا الصخربالواد وفرعون ذى الأوتاد"
فالله تعالى يصف حضارةقبيلة (ارم)بأنها شاهقة لم ير الناس مثلها
وهاذا وصف مهول يترك خيالك جامحا يتصور كيف كانت تلك الحضارة باذخة شامخة .
والله تعالى يصف حضارة ثمود بأنها ملكت آلات جبارة تشق الصخور وتبنى بها القصور"وتبنون من الجبال بيوتافارهين"
وأنهم كانوا أصحاب نهضة زراعية عظيمة"كم تركوا من جنات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم".
ويصف حضارة فرعون بأنها جمعت أوتاد أى أسباب القوة التى ثبتت ملكها وهى قوة المال والعلم والسلاح ...
إذن كانت هناك حضارات راقية وكان هناك فساد طاغ.
ألم أقل لحضراتكم :الإنسان هو الإنسان ؟
ونعود إلى موضوعنا...
لامعنى بالاحتجاج بوسائل الإعلام الملوثة والفن الهابط لسبب واضح هو أن هذه الوسائل مطروحة أمام الجميع فلماذا يذهب إليها هؤلاء ولماذا يذهب عنها هؤلاء؟
نعم.لماذا يذهب البعض إلى المساجدويذهب البعض إلى المراقص
إنها التربية الأولى ..
ولامعنى للاحتجاج بالمجتمع فما المجتمع إلا أنا وأنت وهو وهى وهما وهم وهن فإذا أردنا أن نلوم المجتمع فمعنى ذلك أننا نلوم أنفسنا من حيث لاندرى .
طيب ياعمنا .ما الحل؟
الحل أن نحسن تربية أولادنا.ونحن بذلك نقوم بتحصينهم ضد تلك
الضلالات المزعجة .لاحل إلا هذا.
طيب ياعمنا.كيف نقوم بهذه التربية؟
إبدأ بنفسك كن صادقا فلا يجرب أولادك عليك كذبا.
بادر إلى الاعتراف بالخطأ إذا أخطأت يتعلم منك ولدك دروسا:
أن الإنسان -مهما كان-يخطىءوأن الاعتراف بالخطأ ليس منقصة
وأن الرجوع إلى الحق فضيلة وأن التواضع للمبدأتاج عظيم.
باختصار كن قدوة لولدك قدوة واقعية دون تكلف أوتعسف .
تقول:هذا مفهوم مع الأولاد منذ الصغر كما يقول الشاعر:
وينشأ ناشىء الفتيان منا
على ماكان عوده أبوه
ولكن ما الحيلة مع هؤلاء الشبان وقد فات الأوان؟
أقول لك:دع التشاؤم .فما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسلمواأطفالا بل كانوا بالغين نشأوافى أوحال الجاهلية
الأولى فما ذا رأوا؟
رأوامحمدا صلى الله عليه وسلم قدوة لهم يقول فيفعل تحمل الأذى مثل ما يحتملون بل قد يتحمل الأذى الذين تسببوا هم فيه كما حدث فى غزاة (أحد)وجدوه يجوع كأحدهم وأكثر.وجدوه أمامهم فى الشدائد وجدوه لايستبد برأيه بلكما أمره ربه"وشاورهم فى الأمر" وجدوه عبدا يخاف الله ويرجوعطاياه .وجدوه-وهو الذى يتنزل عليه الوحى وهو المقرب من ربه-يأخذ لكل أمر أهبته ويحسن التدبير.وجدوه-رغم كل ذلك -يمكن أن يُخدع ويخطىء
عاش بينهم حياة طبيعية خالية من التكلف فحاولوا أن يكونواكذلك.
ليس مطلوبا من الآباء والأمهات إلاذلك أن يكونواقدوة لأولادهم
لأننا بالفعل-شئنا أم أبينا -قدوة لهم إما صالحة وإما طالحة.
أسمع قائلا يقول والدمع يغسل وجهه:والله العظيم أنا أحاول دوما
أن أكون قدوة ما قصرت والله يعلم بذلت جهدى ولكن هذا الولد
من بين إخوته شاذ لاأدرى كيف مع أنى لم أفرق بينه وبين أخوته فى التربية فكيف يكون هذا؟وما حدود مسئوليتى؟
يا أخى كفكف دموعك فأنا أصدقك .
ما قلته سابقا هو القاعدة الأساس.فلا يستقيم الظل والعود أعوج.
أقول:هذه هى القاعدة ولكن لكل قاعدة شواذ .فقد يكون الوالد مثاليا
ويكون الابن شيطانا مريدا.والمثل فى القرآن (نوح)عليه السلام
وابنه الذى هلك مع الكافرين .فهل قصر نوح عليه السلام فى تربية ابنه؟حاش لله أن يختار نبيا مهملافى أخص مسئولياته وإنما هوالابتلاء.نعم الابتلاء ويبتلى الله الأنبياء ليكون ذلك إعلانا من الله للبشر أن الله لايجامل أحدافليس من أجل نوح عليه السلام يتجاوز الله عن طغيان ابنه وليس من أجل محمدصلى الله عليه وسلم يتجاوز الله عن كفران عمه كلا إنه قانون الله "وأن ليس للإنسان إلاما سعى"و"ألاتزروازرة وزر أخرى""كل نفس بما كسبت رهينة".
هذه القلة المبتلاه ليست هى القاعدة ولابأس عليها وحسبها أنها أدت واجبها واتقت الله فى أماناتها.
وأعود فأهمس فى قلوب الآباءوالأمهات :
اقتربوا من أولادكم قولوا لهم لقد أخطأنا فى حقكم كنا نظن أن التربية مجرد توفير الغذاء والكساءوالمسكن ولكننا أدركنا خطأنا
فتعالوا نحاول أن نصلح أنفسنا .ساعدونا على أن نتقى الله نبهونا إلى أخطائنا ونحن ننبهكم إلى أخطائكم فنحن وأنتم عباد لله.نحن
نخاف أن يعذبنا الله بسببكم ونخاف أن يعذبكم الله بسببنا.ساعدونا على أن نبركم ونحن سنساعدكم على أن تبروناوغايتنا نحن وأنتم السعى إلى رضا الله تبارك وتعالى.
وبعد:فالخطب صعب والأمانة ثقيلة والحساب عظيم والطريق واضح والشياطين مترصدة متربصة فمن شاء أن يسيرفى طريق الرحمان فالطريق ممهدة ومن شاء أن يسر فى طرق الشيطان فالطرق ممهودة :فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"
وأمامك أيها الأ[ وأيتها الأم أن تقتدى بمحمد صلى الله عليه وسلم أو بنوح صلى الله عليه وسلم أو بإبليس لعنه الله.
جادل كثيرون يعترضون على تحميل الآباء المسئولية فى تربية الأولاد بأن وسائل الإعلام الملوثة والفن الهابط بتأثيرهما المدمر
كفيلان بهدم كل مايبنيه الآباء والأمهات كما أن للمدرسة دورا مهما فى تربية الأجيال فكيف يمكن اختزال كل ذلك فى دور الآباء والأمهات ؟
والجميل هنا أمران:
الأول:أن تكون خطبة الجمعة مرآة لمشكلات الناس.
والثانى:أن يكون للعقول هذا الحراك المعقول الذى يرفض مجرد
التلقى ولايرى فى صاحب المنبر هيمنة فكرية أو ولاية دينية وهذا أعظم إنجازات الخطيب والداعية فلهذا خلقت المنابر ولهذا
كان الدعاة العلماء ورثة الأنبياء.
نعود إلى موضوعنا ...
صحيح..ما مدى مصداقية تحميل الوالدين مسؤولية تربية الأولاد؟
تعالوا نلتمس الإجابة من المربى الأعظم صلى الله عليه وسلم
أنصتوا إليه وهو يقول:"كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" :كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته
فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته والرجل راع فى بيته وهومسئول عن رعيته والمرأة راعية فى بيت زوجها وهى مسؤولة عن رعيتها ".
هذا هو الأساس الصحيح الذى يجب أن ننطلق منه .على أن هذا الأساس معتبر جدا فى الناحية الجسدية فأهل الاختصاص يقررون
أن ولادة طفل مشوه لابد أن يعود إلى الوالدين خاصة الأم وأن
الأمر الطبيعى أن يولد الطفل سليما تماما.
إذا فهذا الأساس شامل للصحة الجسدية والنفسية معا.
ولكن ما حكاية وسائل الإعلام الملوثة والفن الهابط ؟
اسمعوايا أحبائى:
خلّوا بالكم من أمرين:
الأول:أن الإنسان هو الإنسان من أول الزمان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .هو هو بنفس الشهوات والرغبات والحاجات
قد تتطور الأمور فى كمها أو كيفها ولكن تظل الرغبات الرئيسة
هى هى مثلا (شهوة الطعام)قد تتخذ أشكالا وألوانا ومبتكرات فتجد لكل شعب مطبخه الخاص ولكن كل مطابخ الدنيا تلبى (شهوة الطعام) ومثلا(شهوة الجنس)قد تكون منضبطة فى أمة ومنفرطة فى أمة وقد يكون للزواج طقوس مختلفة هنا وهناك ولكن فى النهاية كل ذلك يلبى(شهوة الجنس)
قيسوا على ذلك شهوات حب المال والزعامة الخ..
والثانى:أن الفساد موجود منذ خلق الإنسان حتى قبل أن يأكل آدم عليه السلام من الشجرة كان الفساد موجودافى ذلك المخلوق التعيس المسمى إبليس .ومعنى هذا أن الفساد صنو هذه الحياة بل
يستحيل تصور هذه الحياة خالية نقية من الفساد .
لماذا؟
لأن الفساد هو الدافع لحركة الإنسان على هذه الأرض .
وقبل أن تقلب شفتيك وترفع حاجبيك عجبا أوضح لك ..
(الجوع) ماذا يعنى لك؟ألا يعنى تهديدا لحياتك؟ألا يعنى إفسادا لجسدك؟قل:بلى .يكفيك الله شرالبلا..فماذا تفعل لدرء هذا الفساد
إنك تبادر إلى الطعام .ومن أين يأتى الطعام يرحمك الله؟
إنها حركة بل حركات تملأ الأرض بالطول والعرض فهناك من يقوم على إصلاح الأرض وهناك من يقومون بشق الترع وهناك من يقومون باختراع الالات التى ترفع المياة وهناك من يقومون على استنباط أنواع جديدة من البذور وهناك من يقومون بتطوير أنظمة الرى وهناك من يقومون بمكافحة الحشرات وهناك من يقومون بتنظيم الدورات الزراعية وهناك من يقومون باختراع
آلات جنى المحاصيل وهناك من يقومون بتنقيته وتعبئته وهناك من يقومون بتجهيزه وهناك من يقومون بتوزيعه وهناك من يقوم
بطهوه وهناك من يقوم بتقديمه حتى يصل إلى فم سعادتك .
أرأيت إلى هذا النشاط الفوّار والعمل الجبار وهذه الملايين من الأيدى العاملة كل هذا من أجل إبعاد الفساد الذى يجلبه (الجوع)
فهل تتصورون أيها الجائعون دوما هذه الحياة بدون هذا الفساد ؟
وهكذايكون الحديث عن فساد (العطش)وفساد(الجنس)وفساد(حب
الشهرة)...الخ
نعود كرة أخرى لنذكر:
الإنسان هو الإنسان متى كان وحيث كان هو هو بشحمه ولحمه
وغرائزه التى ركزها خالقه فيه.
وأكاد أسمع البعض يقول:ولكن الزمان تغيرفلا يمكن بحال مقارنة
وسائل الإضلال الكاسحة فى هذا العصر بوسائل الإضلال الكسيحة فى الأعصر الغابرة.
وأبادر فأقول:هذا وهم كبير أيها المحترمون.
وسأسوق مثالا واحدا فيه الكفاية.
تروى السيدة(عائشة)رضى الله عنهافى حديثهاعن أنكحة الجاهلية
أن(صواحب الرايات الحمر)كان يدخل عليهن الرجال لاتمتنع عن
أحد منهم فإذا تبين حملها استدعتهم وقالت:قد علمتم ما كان منكم
ثم تلحق ولدها بمن تشاء منهم فلا يمتنع .
بالله عليكم هل شهد العالم المعاصر مثل هذا الفساد المركب؟ا
بعض البلادتبيح البغاء.نعم ولكن البغى ليس لهاحق إلحاق وليدها
بأحد فم أين لتلك البغى فى تلك الجاهلية الأولى بهذه القوة ؟
إنه الفساد الذى اتخذ شكل القانون الاحتماعى الملزم.
وقد يقول قائل:هؤلاء قوم متخلفون فلا وجه للمقارنة بينهم وبيننا نحن أصحاب الحضارة الراقية.
أقول :لقد اتفقنا أن الفساد فى الأرض منذ القديم وقد كان فى القدماء حضارات فذة اسمعوا قول ربنا جل وعلا:"ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التى لم يخلق مثلهافى البلاد وثمود الذين جابوا الصخربالواد وفرعون ذى الأوتاد"
فالله تعالى يصف حضارةقبيلة (ارم)بأنها شاهقة لم ير الناس مثلها
وهاذا وصف مهول يترك خيالك جامحا يتصور كيف كانت تلك الحضارة باذخة شامخة .
والله تعالى يصف حضارة ثمود بأنها ملكت آلات جبارة تشق الصخور وتبنى بها القصور"وتبنون من الجبال بيوتافارهين"
وأنهم كانوا أصحاب نهضة زراعية عظيمة"كم تركوا من جنات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم".
ويصف حضارة فرعون بأنها جمعت أوتاد أى أسباب القوة التى ثبتت ملكها وهى قوة المال والعلم والسلاح ...
إذن كانت هناك حضارات راقية وكان هناك فساد طاغ.
ألم أقل لحضراتكم :الإنسان هو الإنسان ؟
ونعود إلى موضوعنا...
لامعنى بالاحتجاج بوسائل الإعلام الملوثة والفن الهابط لسبب واضح هو أن هذه الوسائل مطروحة أمام الجميع فلماذا يذهب إليها هؤلاء ولماذا يذهب عنها هؤلاء؟
نعم.لماذا يذهب البعض إلى المساجدويذهب البعض إلى المراقص
إنها التربية الأولى ..
ولامعنى للاحتجاج بالمجتمع فما المجتمع إلا أنا وأنت وهو وهى وهما وهم وهن فإذا أردنا أن نلوم المجتمع فمعنى ذلك أننا نلوم أنفسنا من حيث لاندرى .
طيب ياعمنا .ما الحل؟
الحل أن نحسن تربية أولادنا.ونحن بذلك نقوم بتحصينهم ضد تلك
الضلالات المزعجة .لاحل إلا هذا.
طيب ياعمنا.كيف نقوم بهذه التربية؟
إبدأ بنفسك كن صادقا فلا يجرب أولادك عليك كذبا.
بادر إلى الاعتراف بالخطأ إذا أخطأت يتعلم منك ولدك دروسا:
أن الإنسان -مهما كان-يخطىءوأن الاعتراف بالخطأ ليس منقصة
وأن الرجوع إلى الحق فضيلة وأن التواضع للمبدأتاج عظيم.
باختصار كن قدوة لولدك قدوة واقعية دون تكلف أوتعسف .
تقول:هذا مفهوم مع الأولاد منذ الصغر كما يقول الشاعر:
وينشأ ناشىء الفتيان منا
على ماكان عوده أبوه
ولكن ما الحيلة مع هؤلاء الشبان وقد فات الأوان؟
أقول لك:دع التشاؤم .فما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسلمواأطفالا بل كانوا بالغين نشأوافى أوحال الجاهلية
الأولى فما ذا رأوا؟
رأوامحمدا صلى الله عليه وسلم قدوة لهم يقول فيفعل تحمل الأذى مثل ما يحتملون بل قد يتحمل الأذى الذين تسببوا هم فيه كما حدث فى غزاة (أحد)وجدوه يجوع كأحدهم وأكثر.وجدوه أمامهم فى الشدائد وجدوه لايستبد برأيه بلكما أمره ربه"وشاورهم فى الأمر" وجدوه عبدا يخاف الله ويرجوعطاياه .وجدوه-وهو الذى يتنزل عليه الوحى وهو المقرب من ربه-يأخذ لكل أمر أهبته ويحسن التدبير.وجدوه-رغم كل ذلك -يمكن أن يُخدع ويخطىء
عاش بينهم حياة طبيعية خالية من التكلف فحاولوا أن يكونواكذلك.
ليس مطلوبا من الآباء والأمهات إلاذلك أن يكونواقدوة لأولادهم
لأننا بالفعل-شئنا أم أبينا -قدوة لهم إما صالحة وإما طالحة.
أسمع قائلا يقول والدمع يغسل وجهه:والله العظيم أنا أحاول دوما
أن أكون قدوة ما قصرت والله يعلم بذلت جهدى ولكن هذا الولد
من بين إخوته شاذ لاأدرى كيف مع أنى لم أفرق بينه وبين أخوته فى التربية فكيف يكون هذا؟وما حدود مسئوليتى؟
يا أخى كفكف دموعك فأنا أصدقك .
ما قلته سابقا هو القاعدة الأساس.فلا يستقيم الظل والعود أعوج.
أقول:هذه هى القاعدة ولكن لكل قاعدة شواذ .فقد يكون الوالد مثاليا
ويكون الابن شيطانا مريدا.والمثل فى القرآن (نوح)عليه السلام
وابنه الذى هلك مع الكافرين .فهل قصر نوح عليه السلام فى تربية ابنه؟حاش لله أن يختار نبيا مهملافى أخص مسئولياته وإنما هوالابتلاء.نعم الابتلاء ويبتلى الله الأنبياء ليكون ذلك إعلانا من الله للبشر أن الله لايجامل أحدافليس من أجل نوح عليه السلام يتجاوز الله عن طغيان ابنه وليس من أجل محمدصلى الله عليه وسلم يتجاوز الله عن كفران عمه كلا إنه قانون الله "وأن ليس للإنسان إلاما سعى"و"ألاتزروازرة وزر أخرى""كل نفس بما كسبت رهينة".
هذه القلة المبتلاه ليست هى القاعدة ولابأس عليها وحسبها أنها أدت واجبها واتقت الله فى أماناتها.
وأعود فأهمس فى قلوب الآباءوالأمهات :
اقتربوا من أولادكم قولوا لهم لقد أخطأنا فى حقكم كنا نظن أن التربية مجرد توفير الغذاء والكساءوالمسكن ولكننا أدركنا خطأنا
فتعالوا نحاول أن نصلح أنفسنا .ساعدونا على أن نتقى الله نبهونا إلى أخطائنا ونحن ننبهكم إلى أخطائكم فنحن وأنتم عباد لله.نحن
نخاف أن يعذبنا الله بسببكم ونخاف أن يعذبكم الله بسببنا.ساعدونا على أن نبركم ونحن سنساعدكم على أن تبروناوغايتنا نحن وأنتم السعى إلى رضا الله تبارك وتعالى.
وبعد:فالخطب صعب والأمانة ثقيلة والحساب عظيم والطريق واضح والشياطين مترصدة متربصة فمن شاء أن يسيرفى طريق الرحمان فالطريق ممهدة ومن شاء أن يسر فى طرق الشيطان فالطرق ممهودة :فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"
وأمامك أيها الأ[ وأيتها الأم أن تقتدى بمحمد صلى الله عليه وسلم أو بنوح صلى الله عليه وسلم أو بإبليس لعنه الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق