الجمعة، 20 مارس 2009

التصوير بالمفردات

التصوير بالمفردات(4)
قال تعالى:(قال ياقوم أرءيتم ان كنت على بينة من ربى وءاتانى رحمة من عنده فعميت عليكم انلزمكموها وانتم لها كارهون)هود28نوح-عليه السلام-يقول لقومه:انى لعلى يقين أن الله واحد لاشريك له وأنه ناصرى وقد أنعم على بالرسالة التى لا تؤمنون بها ونحن لن نكرهكم على الايمان.هذا هو المعنى العام ولكن انظروا -رحمنى الله واياكم-الى الأداء القرآنى.ان كلمة(عميت عليكم) تصور حال القوم وقد استغلقت عقولهم فجمدت عند حد التكذيب فلاينفذ اليها بصيص من نور الهدى ثم هم من بعد ذلك (كارهون)لهذه الدعوة لا يقبلون أى حوار حولها. فتأتى بعد ذلك الكلمة العبقرية(أنلزمكموها)لتصور تصويرا رائعا حالة الانضغاط النفسى للقوم وأن فرض الدعوة عليهم يمثل ضيقا شديدا يأبى نوح
أن يمارسه عليهم واذا تأملت أحرف:الهمزة والنون واللام والزاى وتكرير الميم مع فصلهما بالكاف مع المد بالواوثم حرف الهاء الصادر من أعماق الحلق كل هذا يمثل شحنة طا غية من الضغوط التى يأبى نوح-عليه السلام-أن يمارسها على قومه.
وقال تعالى:(قالت امرأت العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وانه لمن الصا دقين)يوسف51
كانت وزوجها -بتوجيه الله عز وجل-صاحبى الفضل عليه ولكن صاحبة القصر امرأة ناعمة مترفة تعودت ان تأمر فتطاع
وقد ساقها الترف الى تعشق يوسف(وغلقت الأبواب وقالت هيت لك)وانظر الى (غلقت) بلامها المشددة من بعدها القاف
المفتوحة ثم التاءالساكنة لتتصورما قامت به من استحكامات شديدة وتعرض نفسها على فتاها (وقالت هيت لك)وأغلب الظن أنها لم تكن تشك فى استجابته ولكن استعصامه أصابها بصدمة هائلة فاقضت عليه وفر أمامها فجرت وراءه وقدت قميصه من دبر .وكان ماكان من اتهام ظالم وسريان الأمر فى المدينة مسرى النار فى الهشيم ثم انعقاد مؤتمر النسوة
ثم ادخال الفتى البرئ السجن لاسدال الستار على ما كان . ويرى الملك رؤياه ولا يستطيع أى من أعوانه تأويلها وهنا يتذكر ساقى الملك-الذى كان صاحب يوسف فى السجن-موهبة يوسف فى تأويل الأحلام فأتاه وفسر رؤيا الملك ولكنه رفض دعوته الى الخروج حتى تثبت براءته ومن ثم كان لا بد من المواجهة ويا لها من مواجهة.
انعقدت الجلسة الرهيبة وشهدت النسوة ببراءته وجاء دور امرأة العزيز وكانت شهادتها:
(الآن)بعد المعانات الجسدية والنفسية وانقضاء السنوات العديدة فى السجن .(حصحص الحق)ثبت واستقر بعد ما كان مثار أخذ ورد وكأن الحرفين الحاء والصاد تنطقان بأن الحق كان نائما فصحا.(أنا راودته عن نفسه) ما أقساه من اعتراف
تعلنه امرأة عن نفسها أمام الملأ غير عابئة بما تصم نفسها به.ترى أية مشاعر كانت تعصف بنفسها فى هذا المو قف؟
أهى مشاعر الندم؟ أم طغيان الحق الذى لم يعد ممكنا المراء فيه؟ أم جيشان الحب الذى ما زال أواره يكوى جوانحها؟
أم هى اشعاعات الهدى أشرقت أخيرا فى تلك النفس المعذبة؟ أيا كان الأمر فقد ألقت بقنبلة الحقيقة.
(وانه لمن الصادقين) ولكن لماذا كل هذه المؤكدات...والأمر لم يعد فى حاجة الى تأكيد بعد اعترافها السافر؟
انه التتويج لهذا الانسان الفاضل الرائع الصابر النبيل.فلم تختر له صفة البراءة التى كان ينشدها بل وضعته فى مكانته اللائقةبه(وانه لمن الصادقين) ولو درت لعلمت أن أمر يوسف كله على الصدق يدور فهو-بحق-(يوسف الصديق).

ليست هناك تعليقات: