الأحد، 31 يوليو 2011

بيان بشار إلى الأمة

يا شعب سورية العظيم :
زمان ونحن  صغار علمونا فى المدارس  (من علمنى حرفا صرت ل عبدا ) ولقد علمناكم كثيرا .فلا عجب أ ن تصيروا لنا عبيدا .
ولكى أكون صادقا معكم كما عهدتمونى فإنكم -كعبيد لنا-صنفان :
عبيد طيبون يعرفون قدر أنفسهم فهم أسلس قيادا وأطول آذانا .وهؤلاء لهم كل حقوق العبيد .
وهناك عبيد يعانون انفصاما فى الشخصية فيتخيلون ويحلمون 
غير مدركين أن العبد هو والواقع قطعة واحدة فليس له أن يتخيل 
أو أن يحلم .وهذا الصنف مشاكس لايصلحه إلا لىّ الذراع ودق العنق ....
على أننى -كزعيم يحب شعبه -قررت أن أكون أكثر كرما ...
فأصدرت الأوامر- التى لاقت كل الترحيب من بطانتى - بإرسال 
هؤلاء العبيد المتمردين إلى الجنة ...
ما رأيك ياشعبى العزيز ؟
أليست فكرة عبقرية ؟
مم يشكو هؤلاء العبيد المشاكسون ؟
هم يقولون :من الظلم ....من الفساد...من الفقر
هم يريدون الحرية ..والحياة الآمنة الرغيدة...
وهناك -فى الجنة -كل ما يطلبون  وأكثر...هكذا يقول علماؤهم 
عن نبيهم "فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر "....
هنيئا لهم ...مالهم ولهذه الدنيا الملأى بالتعاسة والنكد ؟
فليذهبوا راضين وليتركوا هذه الدنيا المتعبة للعبيد الغلابة الخانعين
أقصد القانعين .
يا شعبى الحبيب..
لا تشكرونى فهذا واجبى أن أسعد شعبى ولا شكر على واجب .
لقد آثرتكم على نفسى وتركت لكم هذه الجنة التى لا أريدها فعندى
جنتى الخاصة وهى تغنينى عنها .
ختاما لا أريد أن أطيل عليكم وأترككم تتهيأون إلى جنة عرضها السموات والأرض أو هكذا يقولون ....

صمتكم يقتلنا

يا شعبنا العظيم فى كل الساحات العربية:
نحن أشقاؤكم  فى سوريا  المناضلة...
وكالات الأنباء تتناقل أحوالنا وأهوالنا ...والتقارير تفصل ما يتعرض  له أطفالنا ونساؤنا ...فهل وصلتكم أخبارنا ؟اا
العالم كله شرقه وغربه يتحرق من أجلنا ويفرض عقوبات على جلادينا .فهل وصلت أخبار العالم إليكم ؟اا
أكباد نا تشوى على السفود ...وأعناقنا تدقها المدافع والأقدام ولكننا
ننهض  من بين الرغام  ونجهش بالحرية  ...فهل سمعتم  أصوات
عروقنا  وهى تتقطع ؟  وهل  زكمت أنوفكم  رائحة  أكبادنا  المشوية  ؟ أم أن  أنوفكم  الأبية  لا تكترث  لغير العطور الزكية؟ا
يا اشقاءنا  العرب  ...
تراثكم  شهامة ومروءة  ونجدة   وغوث  هكذا  كنتم  فى البداوة  
وفى عصور الإسلام  الزاهرة  ...فهل أصبحتم  أكثر حضارة  من 
البدو  وأعظم تطورا  من أسلافكم  الأماجد ؟اا
يا أبناء جلدتنا :
نفهم صمت الطغاة من الحكام العرب  لأنهم يخشون  الدوائر...
ولكن لا نفهم  صمت الشعوب  المقهورة  ....
زمان ونحن صغار كانوا  يحكون لنا  -فى المدرسة -حكاية  الأسد
والثيران الثلاثة  التى وقفت صفا ضد الأسد فلم يقدر عليها ولكنه 
عندما نجح فى تفريقها التهمها واحدا بعد الآخر...
الآن القصة تتحقق فهاهو (الأسد ) يستمتع بتمزيق أحشائنا وسفك 
دمائنا ويفعل ذلك على تصفيق أكف سكوتكم ومباركة صمتكم.
يا إخوتنا ...يا  أهلنا ..نذكركم :الأيام دول وإذا كان يومكم خمرا
ويومنا أمرا....فالدهر قُلّب وسبحان مغير الأحوال ....
يا شعبنا العربى....
"لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا "ونحن إن شاء الله صامدون واثقين 
من نصر الله فإن كان النصر فبعون الله وحمده وإن كانت الأخرى
فقد أعذرنا إلى الله .ولكن أنتم ماذا تقولون لله عندما يسألكم عن 
خذلان إخوانكم ؟
وماذا تقولون فى قول نبينا صلى الله عليه وسلم "انصر أخاك ظالما أو مظلوما " ؟ ماذا تقولون عندما تقبلون على حوضه يوم 
الدين والملائكة تقول له :(إنك لاتدرى ما أحدثوا بعدك ) فيقول :
"سحقا سحقا "؟ اا
يا قومنا :أفيقوا قبل فوات الأوان فنكون -لاقدر الله ضحية اليوم 
وتكونون ضحية الغد ...والله يهديكم سواء السبيل .

رحمتك يارب

خيرى شلبى...
كاتب كبير السن كبير القلم..
قال فى لقاء مرئى معلقا على ظهور الجماعات الإسلامية فى الجمعة الأخيرة :(أنا مش خايف أنا مرعوب )..
مرعوب ليه يا عم خيرى شلبى ؟
قال :لأن استقطاب جماعة معينة للمشهد السياسى كله غير مقبول .
وقال :الإسلاميون متعددون :إخوان  سلفيون جهاديون حتى الفصيل الواحد مختلفون فيما بينهم .
وقال :كيف نحكم بأناس يقولون :حرام ..حرام ..حرام .
..........................
خيل إلىّ -وأنا أسمع خيرى شلبى -أننى أمام مراهق سياسى ....
حزنت وحزنت  ثم حزنت وقلت لنفسى :
إذا كان رجل فى حجم خيرى شلبى يفكر بهذه الطريقة فمابال بقية
الناس ؟ااا
رحمتك يارب....
قلنا كثيرا وقال غيرنا أكثر :يا جماعة افهموا الحقيقة ...
الجماعات الإسلامية فصائل من فصائل المجتمع المصرى فيها ما فيه من ميزات وعيوب وليس أحد شيطانا ولا ملاكا ....
هذا أولا ....وثانيا هذه الجماعات الإسلامية كونت أحزابا شرعية 
لها برامجها المعلنة يعنى :تعمل فى النور ....
ثالثا :مسألة حرام حرام حرام كلام فارغ غير مقبول  فالأمر كما قلنا أمر برامج معنة تحكم العمل السياسى وليس للمزاج الشخصى 
دخل  فى الممنوع والمقبول ..
رابعا وهو الأهم القرار الأخير للشعب فماذا تقولون أيها الخائفون
إذا اختار الشعب إحدى هذه الجماعات ؟
يا حبايبنا....
ركزوا على القواعد التى تقيم نظاما سياسيا واضحا محدد السلطات
نظاما يسمج بالتجربة ولا يسمح بالتسلط 
نظاما يسمح بتنحية حاكم يرفضه الشعب
نظام يكون هدفه الأوحد احترام الإنسان فى ذاته ويومه وغده 
نظام كل المصريين ولو كان على قمته بعض المصريين .

الخميس، 28 يوليو 2011

الحراك الفلسطينى إلى أين ؟

المتأمل فى المشهد الفلسطينى يدهش أشد الدهش...
هذا الشعب المناضل برجاله ونسائه وأطفاله وحجارته ماذا حدث 
له ؟ أين الذين أشعلوا الأرض نارا فى الانتفاضة الأولى والثانية ؟
أين الذين دوخوا الصهاينة فى البر والبحر والجو ؟
هل يعقل أن هذا الشعب الثائر يفقد حماسه ؟ويخلد إلى الأرض ؟اا
لم أصدق أذنىّ وأنا أسمع الرئيس (أبامازن ) يناشد شعبه أن يدعم
تحركه السياسى ....
إن الشعوب لاتتحرك بدعوة من قادتها بل الشعوب هى التى تحرك
قادتها وتدفعهم إلى تحقيق آمالها ...فماذا جرى ؟ااا
عندما تحركت الجماهير العربية فى تونس ومصر وليبيا واليمن
كتبت (اللهم سوريا) وكأنما كانت أبواب السماء مفتوحة فانتفض
 الشعب السورى .وبعد قليل انتفض الشعب الفلسطينى مطالبا 
بإنهاء الانقسام ..فكانت (المصالحة ) وكانت الفرحة التى لم تكتمل فقد تراخت المشاعر ثم هدأت ثم صمتت ولا ندرى إلام تنتهى.
يا شعبنا الأبىّ فى فلسطين..
لقد كان الشعب العربى حربة مشرعة فى وجه الاستعمار الاستيطانى وكنتم رأس الحربة .ولا تصلح الحربة بلا رأس...
يا شعبنا البطل فى فلسطين..
لايوجد وقت أنسب من هذا الوقت لانتفاضة كبرى تهز ضمير العالم وتفنح عيونه التى أغلقتها أكاذيب الصهاينة ومصالح حماتها
لا أمل لكم فى الدول الكبرى ولا فى الشرعية الدولية....
أملكم فى الله الذى زرعكم فى هذه الأرض 
أملكم فى تاريخكم الطويل المعجون بدمائكم وبتراب أرضكم
أملكم فى شعوب العالم التى تريد السلام 
لابد أن تقف هذه الشعوب إلى جانبكم ونحن نرى كثيرا من أحرار العالم يتحركون لكسر الحصار عن غزة...
ومعنى هذا أن المناخ ملائم ولكنه يحتاج إلى رياح عاتية  إلى عاصفة تملأ الأشرعة وتقتحم العباب وهذه العاصفة هى أنتم...
أنتم أصحاب الحق ولن يضيع حق وراءه مطالب...
يا شعبنا فى فلسطين...
لابد أن ينتفض البشر والشجر والحجر
انتفضوا انتفاضة سلمية فلن تفقدوا أكثر مما فقدتم ....
انتفضوا مطالبين بالحرية وحق تقرير المصير الذى تكفله كل الشرائع والقوانين...
لاحل إلا فى الثورة السلمية المسلحة بالتصميم إلى آخر مدى...
والبديل هو السكوت الذى يؤدى إلى السكون الذى يؤدى إلى الخمود الذى يؤدى إلى الموت لاقدر الله 
...........(ممات لعمرى لم يقس بممات )

الأربعاء، 27 يوليو 2011

بين يدى رمضان

رمضان على الأبواب 
ولابد من همسات فى أذن من يريد أن يخرج من هذا الشهر أكثر 
صفاءونقاء وسموا ....
أولا :كف الأذى وذلك بغض البصر والسمع عمالا يليق .ومن باب أولى كف اليد عن البطش والرجل عن السعى الآثم .
ثانيا :بذل الخير المستطاع ماديا ومعنويا .
ثالثا :الحرص على الخفاء ..وذلك يعنى أمورا :
يعنى :أن يكون أقل الصلاة فى المسجد وأكثرها فى البيوت .وهذا توجيه النبى صلى الله عليه وسلم فى كل الأيام "أفضل صلاة المرء فى بيته إلا المكتوبة " "اجعلوا من صلاتكم فى بيوتكم " وهذا التوجيه النبوى ألزم فى رمضان .
ويعنى :عدم الحرص على الصلاة تحت الأضواء وأمام الشاشات
لأن فى هذا مدخلا من مداخل الشيطان ومظنة للرياء .
ويعنى :الحرص على الصلاة فى جوف الليل اتباعا للتوجيه الربانى "تتجافى قلوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا"
ويعنى (بالنسبة للدعاة )البعد عن استخدام مكبرات الصوت فى غير الأذان .لأن هذه المظاهرة الصوتية العاتية لاتعنى -أبدا- الإخلاص ولاتدل على التقوى بل هى مخالفة صريحة لعموم الأمر
الإلاهى:"واغضض من صوتك ".
رابعا :الدعاء الشرعى الذى يعنى :
أن تقتصد فى الدعاء فتدعو بجوامع الكلم كما علم النبى صلى الله عليه وسلم أن تسال الله "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنى"
وعدم الإطالة فى الدعاء ويكفى أن يتعلم الناس كل ليلة (ثلاث جمل) مأثورة .
وخير الدعاء ماعبر عن حاجة الداعى لأنه أدعى إلى الإخلاص .
خامسا :العناية بتلاوة القرآن بتدبر والاستعانة بما تيسر من التفاسير المشهورة بالتنقيح والبعد عن الإسرائيليات والشذوذ .
سادسا :الحرص على صلة الأرحام .
سابعا :السعى -قدر المستطاع -فى مصالح الناس والإصلاح بينهم.
ثامنا :الحرص على الاعتكاف كل يوم وليلة ولو قليلا وذلك بدخول المسجد بنية الاعتكاف وهذا زيادة على الاعتكاف فى العشر الأواخر .
تاسعا :الحرص على التزود بالعلم عن طريق حضور بعض الدروس أو قراءة بعض الكتب المختارة .
عاشرا :كثرة الدعاء بالعفو والعافية فى الدنيا والآخرة لنفسك ولغيرك من المسلمين وللناس جميعا بالهداية .
حادى عشر :إن كنت ممن وسع الله عليهم فى الرزق فاحذر من
(موائد الرحمان ) المزعومة ووجه مالك إلى إطعام الجائع وعلاج المريض وقضاء دين الغارمين وليكن ذلك بالطريقة اللائقة التى تحفظ الكرامة .حتى تكون من الذين يظلهم الله بظله يوم لاظل إلا ظله "ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لاتعلم شماله ما تنفق يمينه ".
نسأل الله عز وجل التوفيق والقبول .وكل العام أنتم بخير .

الاثنين، 25 يوليو 2011

ثورة وحقائق

ثورة يوليو52 فى مصر كانت أسرع حسما ففى شهور قليلة أسقطت النظام السابق وأقامت نظاما جديدا.
أما ثورة 25 يناير فقد بلغت شهرهاالسادس وما زالت تراوح مكانها..وإذا أردنا أن نتفهم الأمر كان علينا أن نلاحظ النقاط التالية
أولا:أن ثوار يوليو تسلموا الحكم فكانت نعهم السلطة التنفيذية .أما
ثوار يناير فظلوا ثوارا بينما تسلم غيرهم زمام السلطة .
ثانيا :يجب عدم الخلط بين الجيش وبين المجلس العسكرى .فالجيش كيان مادى ومعنوى ومن غير الوارد الشغب عليه .أما المجلس العسكرى فهم أشخاص بذاتهم لنا أن نحاورهم ونقترح 
عليهم ونعارضهم ومعارضتهم ليست انتقاضا على الدولة وإلا 
رجعنا إلى الفلسفة الخاطئة التى كانت تعد رئيس الدولة مقدسا وأنه
هو الدولة وهذا المفهوم الشائن سقط بسقوط أصحابه.
ثالثا :أن المجلس العسكرى كان من أعمدة النظام السابق ولكنه فى
اللحظة الفارقة قرر أن يكون بجانب الثورة وهذا موقف يذكر له 
ويشكر عليه ويثمن عاليا .
رابعا :أن المجلس العسكرى كانت تربطه بالنظام المباد علاقات 
مادية ومعنوية لذا هو فى حرج كبير فى التعامل مع أركان هذا النظام .ومن هنا كان تكليفه بمطالب الثوار كاملة تكليفا فوق طاقته.
خامسا :ومن هنا كانت مظاهرات الميادين فى مصلحة المجلس العسكرى لأنها ترفع الحرج عنه فى مواجهة فرقاء الأمس .
سادسا :أن اللاعبين على الساحة ثلاثة :الثوار والشعب والمجلس العسكرى وأنه يجب أن يقوم كل طرف بنصيبه .ولكن الملاحظ 
أن المجلس العسكرى يحاول أن يقوم بكل الأدوار ويهمش الباقين 
سابعا :تباطؤ المجلس العسكرى فى تنفيذ مطالب لا تكلف وقتا ولا جهدا ولا مالا هو أمر مستفز للشعب والثوار .فليس من الحكمة 
تعمد اختيار وزراء من أزلام النظام المباد وتجاهل ترشيحات الثوار.وليس من المفيد نقل بعض المحافظين من مكان إلى مكان 
رغم اعتراض الثوار وكأنما خلت مصر من الرجال .وليس من الحكمة التراخى الممل فى الانتصاف للشهداء والمصابين من القتلة
بل كان من المستفز جدا أن يذهب هؤلاء المتهمون إلى المحاكمة 
صباحا ثم يعودون إلى مكاتبهم .ولم يكن من الصعب أن تخصص
دوائر قضائية لمحاكمة الفاسدين .وكان من الممكن تحديد الحد الأدنى والأقصى للأجور وإعلان تنفيذ ذلك فى جدول زمنى معلن.
وقد يقال إن تنفيذ الحد الأدنى يحتاج إلى ميزانية وقد رد على ذلك بأن تحديد الحد الأقصى بالإضافة إلى الصناديق الخاصة يمكن أن يوفر الميزانية المطلوبة زولكن عدم الاتمام بالرد على تساؤلات 
الشعب جعل الكثيرين يقولون :إن الكبار لا يريدون حدا أقصى 
لدخولهم .وواضح أن هذا التصور كفيل بملء قلوب الناس بالغضب والتحدى .
ثامنا:من الأمور الخطيرة جدا البيان الذى أصدره المجلس العسكرى يتهم فيه فصيل 6 أبريل بالعمالة وتلقى تمويلا أجنبيا 
وأنه يسعى لزرع العداء بين الشعب والجيش .وهذا أسلوب النظام
السابق فى التعامل مع الخصوم .ولو صحت هذه الاتهامات لكان 
المجلس العسكرى هو المتهم الأول لسكوته عن العملاء المأجورين
ولو لم تصح هذه الاتهامات لكان على المجلس العسكرى أن يسارع إلى الاعتذار وسحب اتهاماته وعدم العود إلى أسلوب التخوين .ولو كنت مكان جماعة 6 أبريل لرفعت الأمر إلى القضاء .تاسعا :على الثوار أن يأخذوا العبرة مما حدث وأن يعيدوا تقويم
الموقف وأن يعملوا على أن يكون لهم إطار عام يقوم على الثوابت الوطنية التى يتفق عليها الجميع وأن ينحوا التفاصيل جانبا .وأن يكون لهم صوت واحد خاصة وأن المطالب المعلنة متفق عليها .
عاشرا :على المجلس العسكرى أن يستوعب الحدث الكبير وأنه 
ثورة بكل ماتعنى الثورة وليست (فورة )كما ادعى أحمد شفيق 
أحد أزلام النظام المباد ..وأن الشعب الذى صحا لن يعود إلى الرقاد .وأن الخوف قد أصبح من ذكريات الماضى الأسيف .وأن المجلس العسكرى إذا كان آمرا للجيش فإن الجيش هو الآخر جزء
من هذا الشعب وإذا كان القواد رفضوا قتل الثوار فى البداية فإن 
أفرادالجيش لن يقبلوا قتل الثوار فى النهاية .ومعنى ذلك أنه لا مخرج إلا بالتقاء اللاعبين الثلاثة على أمر سواء هو خير الوطن 
وتلبية آمال الجماهير .




































الجمعة، 22 يوليو 2011

الزواج الشرعى

الزواج..
أمل اليوم...وألم المستقبل...
العسل القليل ...والمرالطويل...
هذا هو الزواج عند الكثيرين من المصريين..
ترى لماذا ؟
هل هو سوء الاختيار ؟
أم قلة الإمكانات ؟
أم تدخل القساة القلوب من الحاسدين والسحرة المشعوذين؟
أم انعدام الثقافة الاجتماعية ؟
أم هى القسمة والنصيب ؟
أسباب يتجول بعضها فى البيوت وبعضها فى العقول.
ولكن الحراك الاجتماعى الذى يقوم على العادات والتقاليد له الحضور الطاغى والتأثير المباشر.
فتعالوا نرى...
هذا الشاب يريد أن يخطب فتاته فيجلس إلى أهلها الذين يركزون
على (العمل والشقة والمهر والشبكة والمقدم والمؤخر والأثاث وتكاليف الحفلات ...) ويخرج الشاب وهو يشعر أنه مثقل بالجراح  مقيد العنق واليد .وإذا كانت العاطفة تغلبه الآن فغدا ستذهب السكرة وتعود الفكرة وتستحيل العاطفة إلى عاصفة .
وهذا الشاب اتفق مع فتاته على كل شىء وهاهو يلقى من أهلها الترحيب الكامل ويمارسان علاقتهما بلا تحفظ ثم .....تجد أمور وتحدث ظروف لاندرى ماهى وإذا بالشاب يعرض عن فتاته وإذا
بالأهل يقعون فى حيص بيص من جراء الثمرة التى تقبع فى أحشاء ابنتهم ....
وهذه فتاة تستشيرنى فى شاب تقدم لها قالت عنه :إنه مناسب ومحترم ولكنه غير ملتح وضحكت من هذا الشرط العجيب ولكنها
أصرت ورفضت ثم...جاءها الخاطب المرغوب بلحيته التى (كلبشت )قلبها وأعمته عن تقصى الحقيقة وتم الزواج وبعد أشهر
كانت حكايتهما أمام المحاكم .
هذه لقطات واقعية تلوث وجه حياتنا الاجتماعية والنتائج قلوب ممزقة وأسر مفككة...
ثم نزعم أننا مسلمون...ويقول لنا غير المسلمين ساخرين :لماذا لم يفلح دينكم فى إصلاح أسركم ؟ااا
طيب لابد أن نتعرف على موقف ديننا من الزواج وكيف يكون...
"ولاتنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين الله آياته للناس لعلهم يتذكرون "البقرة 221"تنكح المرأة لأربع لدينها ولمالها ولحسبها ولجمالها فاظفر بذات الدين تربت يداك ".
"خيرهن أيسرهن مهورا "
ورد أن النبى صلى الله عليه وسلم سأل رجلا عما يقدم لمخطوبته
من مهر فلم يجد عنده شيئا فقال :"ماتحفظ من القرآن"؟قال :سورة كذا وكذا فقال :"زوجتكها بما معك من القرآن "فجعل مهرها تعليمها مامعه من القرآن .
وفى واقعة أخرى لم يجد عند الخاطب إلا (نعلين ) فأمسكهما صلى الله عليه وسلم وقال للمرأة:"أترضين بنعلين ؟"قالت :(نعم ) .
ومعنى هذا ببساطة أن يكون الدين (والدين هنا هو السلوك الطيب
الذى يبين صدق تدين صاحبه ) هو الأساس فى الزواج .
يعنى :الزواج -فى الإسلام -إيجاب وقبول ورضا الزوجة بمهر 
معين..
وليس من شروط الزواج ولا مفرداته -فى الإسلام - غير هذا اللهم 
إلا اشتراط (التكافؤ) على اختلاف كبير فيه عند الفقهاء .
والصورة المعتادة لزواج المسلم أن يختار الرجل والمراة على أساس الدين ثم لايكون من بعد ذلك شروط وطلبات متعسفة..
تخيلوا -رحمنى الله وإياكم - الشاب المؤمن يتزوج الفتاة المؤمنة 
على مهر متفق عليه هذا المهر أعطى للزوجة-فهو حقها الخاص-
ثم يؤثث الزوج بيته بما يراه دون أى شروط ثم تبدأ الحياة الزوجية
دون ديون ودون قيود ...
هنا تكون حياة الزوجين طبيعية فإذا كان الوفاق والوئام فهذا هو المطلوب وإذا كانت الأخرى كان الفراق بالمعروف سهلا...
فلا توجد (شيكات ) ولا(قوائم أثاث ) ولا محاكم ..
الزواج عقد اتفاق بين شريكين يبقى مابقى التوافق وينتهى إذا غاب  والقاعدة الذهبية "إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان "
نسأل الله تعالى صلاح الأحوال .  



























 

الأحد، 17 يوليو 2011

العقيدة أولا

" ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا "النساء 124                     
(لايزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن ولا يسرق السارق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ).
(لا إيمان لمن لاأمانة له ).
(المسلم من سلم الناس من لسانه ويده ).
(أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها :إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر وإذا اؤتمن خان ) .
(ليس منا من بات شبعان وجاره جوعان ) . 
..................................................
هذه النصوص من القرآن والسنة وهناك مئات غيرها كلها تركز
على العمل النابع من العقيدة .ومعنى هذا -صراحة -أن العمل الصالح الذى لايستند إلى عقيدة صالحة غير مقبول عند الله وهذا
معنى قوله تعالى "وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا " الفرقان 23
فهذه الآية تقرر أن الكفار يأتون يوم القيامة بأعمال طيبة ولكنها تكون هباء منثورا لاقيمة لها لأنها لم تنبثق من عقيدة صالحة ولأنها كانت أعملا طيبة فقد أخذوا أجرها فى الدنيا وما لهم فى الآخرة من نصيب .وهذا ما نصت عليه آية سورة هود صراحة "من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لايبخسون أولئك الذين ليس لهم فى الآخرة إلا النار وحبط ما 
صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون "15-16
إلى هذا الحد كان للعقيدة الدور الأكبر فى حركة الحياة ...ولكن 
لماذا ؟
لأن الإنسان كائن مفكر وفكره هو الذى يحركه سلبا وإيجابا ....
إن اللص يدفعه إلى السرقة عقل سارق والزانى تحركه عقل يطلق إفرازات شهوية وهكذا لاينفك الإنسان عن الفكر مهما كان مستواه
العقلى والاجتماعى.
ومن هذا المنطلق يرتبط العمل بالعقيدة ...
فإذا رأيت شخصا يخون الأمانة وهو مع ذلك يصلى فالخلل يعود إلى عقيدته وعليه أن يرجع ليجلو الران عن قلبه ...
حكى لى  أحد العلمانيين عن تاجر ملتح كتب على باب متجره (نحن لا نبيع الدخان لأنه حرام ) وكان يبيع المواد الغذائية بسعر أقل .ولكن كانت المفاجأة أنه يبيع الأغذية المنتهية الصلاحية....
مثل هذا النموذج البائس المتاجر بالدين ليس هو الأول ولن يكون الأخير ما بقى الخير والشر فقديما كان النبى صلى الله عليه وسلم يمر فى السوق فوجد رجلا يبيع تمرا فوضع يده فى أسفل الوعاء
فوجد به بللا قال :"ما هذا يا صاحب الطعام "؟ قال :أصابته السماء (أى المطر )يارسول الله .فقال :"فهلا أظهرته ليراه الناس ؟ من غشنا فليس منا "
خلاصة القول أيها الأحبة :أن العقيدة لها القيادة فإذا فسدت فسد العمل وإذا فسدت فسد العمل .ولا غرابة فى ذلك لأن العقيدة تربطك مباشرة بالله خالق الكون والمهيمن عليه فإذا صحت هذه العلاقة استقام كل شىء.
نسأل الله تعالى صلاع العقيدة وصلاع الأعمال . 

السبت، 16 يوليو 2011

الديون السيادية الأمريكية

(مقالة خاصة): مخاطر الدين السيادي الأمريكي تدق ناقوس الإنذار للمسؤولين بالولايات المتحدة

2011:04:22.14:40
اعلنت وكالة ((ستاندرد اند بورز)) في بيان لها يوم 18 ابريل الجارى, أنها خفضت توقعاتها للتصنيف الائتماني السيادي طويل الأمد للولايات المتحدة من "ثابت" إلى "سلبي"، نظرا لارتفاع العجز فى الميزانية الأمريكية , الامر الذى زاد مخاوف المجتمع الدولي ازاء المشكلات المالية الامريكية وأوضاع الاقراض ومستقبل الانتعاش الاقتصادي في العالم بأسره على خلفية استمرار أزمة الديون السيادية في الدول الأوروبية.

-- ازمة الدين السيادي بالارقام :

على الرغم من أن الانتعاش الاقتصادي الأمريكي أفضل مما كان متوقعا, أصبحت الديون الأمريكية المتراكمة الناجمة عن السياسة المالية العاجزة والركود الاقتصادي العميق إحدى "العقبات" الكبرى في طريق الانتعاش الاقتصادي في البلاد وتعد ايضا أكبر التحديات أمام استمرار النمو الاقتصادي فيها.

وبحلول نهاية شهر فبراير من هذا العام, تجاوز اجمالي الدين العام للولايات المتحدة 14.1 تريليون دولار امريكى, وهذا الرقم قريب من الحد الأقصى الذى وافق عليه الكونغرس الأمريكى بواقع 14.29تريليون دولار امريكى.

وذكرت ((ستاندرد اند بورز)) انه خلال الفترة ما بين عامي 2003 و2008, احتل العجز في ميزانية الحكومة الأمريكية ما يتراوح بين 2 فى المائة و5 فى المائة من إجمالي الناتج المحلي, أي أعلى بكثير مما كان عليه فى معظم الاقتصادات الأخرى المماثلة في نفس التصنيف الائتماني السيادي في العالم. وارتفعت هذه النسبة بشكل حاد لتصل الى 11 فى المائة عام 2009, ولم تنخفض بعد حتى الآن .

واقترح الرئيس الأمريكى باراك اوباما مؤخرا خفض العجز فى الميزانية فى غضون السنوات الـ 12 القادمة بأربعة تريليونات دولار أمريكي, ولكن اقتراحه لم يحصل على موافقة الكونغرس الذى يقوده الجمهوريون.

واعتقدت الوكالة انه من غير المرجح ان يتفق البيت الأبيض والكونغرس على خطة لخفض العجز المالى فى الميزانية قبل الانتخابات الرئاسية المقرر اجراؤها عام 2012.

-- خلافات بين البيت الأبيض والكونغرس:

تطرقت توقعات ((ستاندرد اند بورز)) الى نقطة حساسة بالنسبة لصناع السياسة الأمريكية , فاستجاب البيت الأبيض والكونغرس بسرعة ولكن هناك خلافات كبيرة بينهما ويبدو انه من الصعب القضاء على هذه الخلافات بشأن المسائل المالية على الامد القصير.

صرحت مساعدة وزير الخزانة الأمريكى المسؤولة عن الأسواق المالية مريم ميلر بأن ((ستاندرد اند بورز)) قللت من قدرة قادة الولايات المتحدة على مواجهة التحديات المالية, مؤكدة على"أهمية تعزيز التعاون بين الجمهوريين والديمقراطيين ازاء الاصلاح المالى".

وقال اوستن غولسبى، احد كبار مستشاري الرئيس الامريكي باراك اوباما, ان هذا القرار مجرد "أحكام سياسية", وان الخلافات بين ادارة اوباما والكونغرس بشأن خطة خفض العجز المالى تقتصر على الفترة الزمنية فقط .

ومع ذلك, اعتقد زعيم الأغلبية بمجلس النواب اريك كانتور ان تقرير مؤسسة ((ستاندرد اند بورز)) بمثابة "جرس انذار لصناع القرار السياسى بالولايات المتحدة، وانه وينبغى على ادارة اوباما ان تجرى اصلاحات مالية فعالة اذا ارادت رفع سقف الدين العام بالبلاد".

منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية, لم تتخذ حكومة الولايات المتحدة أى اجراءات فعالة للتعامل مع التحديات المالية على الأمدين المتوسط والطويل بسبب استمرار الخلافات بين البيت الأبيض والكونغرس. ويعتقد محللون ان هذا الانذار ربما يدفع صناع القرار السياسى بالولايات المتحدة الى التوصل سريعا الى حلول واضحة.

-- اضطرابات الأسواق المالية الدولية:

بعد نشر توقعات وكالة ((ستاندرد اند بورز)) الخاصة بخفض تصنيف الدين السيادى للولايات المتحدة, عانت ثقة المستهلكين الأمريكيين نكسة, ما زاد مشاعر تجنب المخاطر المالية وبدأت الاضطرابات تدب فى الأسواق المالية الدولية.

وفى 18 ابريل الجارى, انخفضت أسعار السندات الأمريكية , ما رفع معدل عوائد السندات لمدة 10 سنوات من 3.38 فى المائة الى 3.47 فى المائة. وفى نفس اليوم, انخفضت المؤشرات الرئيسية الثلاثة (داو جونز وستاندرد اند بورز 500 الاوسع نطاقا وناسداك) فى بورصة نيويورك, بنسبة نحو 2 فى المائة, ما سجل أكبر انخفاض فى يوم واحد منذ شهر واحد.

وقال احد المحللين فى بورصة نيويورك جون غيلداف, انه نتجية لقرار وكالة ((ستاندرد اند بورز)), واجه الوضع فى الديون الأمريكية اختبارا حقيقيا .

-- آثار مرتبطة:

ألمح بعض المحللين الى ان أزمة الديون السيادية للدول الأوروبية هى من أكبر المخاطر الاقتصادية على العالم كله. وفى هذا السياق, سوف يزيد خفض تصنيف الائتمان السيادى للولايات المتحدة، التى تعد اكبر اقتصاد فى العالم ، من مخاوف الناس ازاء مستقبل الأسواق العالمية.

وقال وزير الخزانة الأمريكى تيموثي غيتنر ان اجمالى الدين العام للولايات المتحدة سوف يتجاوز السقف الذى وافق عليه الكونغرس فى موعد لا يتجاوز 16 مايو هذا العام. واذا كان الكونغرس لا يستطيع رفع سقف الدين العام فى الوقت المناسب, فلا بد ان تتخذ الحكومة تدابير عاجلة لخفض الانفاق، ما يؤثر على النفقات العسكرية ومعاشات التقاعد والرعاية الاجتماعية والتأمين الصحي.

وبعد اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، اظهر ((تقرير الرصد المالي)) الذى اصدره صندوق النقد الدولى انه على الرغم من انخفاض العجز المالى فى العديد من الدول الأوروبية , لم يتم تنفيذ خطة التعزيز المالى فى منطقة اليورو بالكامل، وان التكيف المالى للولايات المتحدة عالق، ما يشكل خطرا على الاستقرار المالى العالمى.

واذا تم خفض اخر لتصنيف الدين السيادى الامريكي فى المستقبل القريب, فسيشهد معدل عوائد السندات الطويلة الأمد هناك ارتفاعا ملحوظا. كما قد تشهد عوائد السندات للشركات التى تجرى طبقا لمعيار عوائد السندات طويلة الأمد ومعدلات الرهن العقارى ومعدلات الفائدة ارتفاعا أيضا, ما يزيد من تكاليف العملية الاقتصادية ويعوق النمو الاقتصادى الأمريكى , الأمر الذى يشكل تأثيرا سلبيا على الانتعاش الاقتصادى العالمى فى نهاية المطاف.

مسلم ولا فخر

كتب الأستاذ أحمد قيقى مقالا بعنوان (عقيدتك لاتجعلك الأفضل ) وهويركز على :
1-التنابذ بالعقائد .
2-التعالى بالإسلام .
3-عقيدة الإنسان لاتجعله أفضل .
وأنا أتفق معه تماما على بغض التنابذ بالعقائد لأن هذالاقيمة له ولا يفضى إلى خير فكل حر فى اختيار عقيدته .وله أو عليه نتائج ذلك.
كذلك أتفق معه على بغض فكرة التعالى لأن التعالى ليس من خلق المسلم بل هو من الخلق التى ذم الله بها الطفاة "إن فرعون علا فى الأرض "القصص 3"تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لايريدون علوا فى الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين "القصص83
والتعالى صنو التكبر الذى لُعن به إبليس "قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين "الأعراف 13
وعلى هذا فلاينبغى لمسلم أن يتعالى على غير المسلمين .
ولكن إذا لفظ (الاعتزاز)بلفظ (التعالى )لاستقام الأمر .وما إخال أحدا ينازع أحدا فى حقه فى الاعتزاز بما يعتقد .لأنه من البدهى أنه لو لم يعتز بعقيدته ما اعتقدها وما دافع عنها .فهذه قناعات يجب
ألا يمارَى فيها .
أما القول بأن (عقيدتك لاتجعلك الأفضل ) فهو يثير أقصى الجدل 
ويستحق النقاش ..
ولو كان ذلك صحيحا لاستوت العقائد صحيحها وباطلها...
وإنى أسأل أصحاب تلك المقولة :هل الشخص الذى يعبد الشجر والحجر فى نفس المكانة العقلية للشخص الذى يعبد الله ؟ولنفترض أن كلا الشخصين على نفس المستوى الأخلاقى...
أنا أقول :إن الذى يعبد الله أرقى فكرا من عابد الحجر ولاينبغى أن يختلف فى هذا أصحاب العقول .
إن التفاضل (لاالتنابذ) بالعقائد واقع بل وواجب وهذا ما قرره القرآن فى سورة الحجرات "إن أكرمكم عند الله أتقاكم "13
والتقوى هنا العمل الصالح على أساس العقيدة الصالحة .
إن للمسلم أن (يعتز )بدينه وهذا الاعتزازيجب أن يدفعه إلى حسن الأداء فى القيام بتبعاته وحسن عرضه على الآخرين والإحسان إلى
غير المسلمين بالعدل والرحمة احترام عقائدهم .
أما سب غير المسلمين فهو منهى عنه بنص القرآن حتى لو جاهروا بالشرك "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم "الأنعام 108
ولكن السؤال المهم هنا :
................ من هو المسلم ؟
إنه هو الذى سلم الناس من لسانه ويده...
إنه الإنسان النافع لمجتمعه الباذل الخير للبشر جميعا...
إنه الإنسان المتواضع فى نفسه  المتواضع مع غيره الذى يشتغل 
بعيوبه عن عيوب الناس ..
إنه الإنسان الذى يعتز بدينه ولا يسفه عقائد الآخرين بل يدعوهم 
إلى دينه بالحكمة والموعظة الحسنة ثم لايجوز له أن يكرههم عليه.
وعندما يكون المسلم على هذا المستوى يكون خيرا لنفسه وللناس أجمعين ..
وعندما يكون حظه من الإسلام مجرد التقليد وشقشة اللسان فليس بمسلم وإن زعم ما زعم وقال ما قال .

الخميس، 14 يوليو 2011



أيــــام الغضب في الكتب السماوية
نهاية رجسة الخراب والتنين العظيم المحاط بالمياه



كتاب بوم الغضب لفضيلة الشيخ سفر الحوالي ، من الكتب الفريدة في المكتبة الإسلامية ، وفي الحقيقية فأبحاث الدكتور سفر هي من أميز الأبحاث المتعلقة بقضية القدس ، وهي تعطي تصور واضح وعقدي للقضية نفتقده - عند عموم الأمة - مع شدة الحاجة إليه...


والعجيب في هذا الكتاب أنه قائم على النبوءات الواردة في الكتب السابقة ، وخاصة نبواءت النبي دانيال والتي يغلب على الظن عدم تحريف الجزء الأكبر منها ....

و لقد
ذكرت نبوءات النبي دانيــال بوضوح : -

1- صفات الجيش المنتصر.
2- انهيار الجيش الصهيوني.
3- مصير الحلفاء الاستراتيجيين للدولة الصهيونية.

بل والعجيب أن هذه النبوءة تتحدث عن أمور تتعلق بأمريكا والعراق ومجاهدين من أقصى الشرق ...

وتذكر نوعين من العقوبات على أمريكا ربانية كالزلازل والأعاصير ، وبشرية من مجاهدي أمة القديسين...

وكذلك تذكر رجسة الخراب والتي فسرها الشيخ بدولة إسرائيل ، والتي تصاحب محاولات هدم المسجـــد الأقصى (بيـــت الرب)...

ومن المعالم الواضحة في النبـــوءة :
- كون بيت الرب ( المسجد الأقصى ) هو محور النبوءة ..
- وأن تدنيسه وتدنيس أرضه هو علامة رجسة الخراب وإيذانٌ بهلاك دولة إسرائيل المتصفة بالرذائل والتي دنست الأرض بالدماء البريئة ...
- وأن هلاكها سيصاحب سقوط التنين المساعد لها بالحديد والذي يخسر تجار العالم بهلاكه لتعلق تجارتهم به والذي يصيح الضعفاء في العالم أن سقوطه علامة عظمة الرب وقدرته ...
- وأن هلاكها على أيد أمة قديسي العلي الذين يعظمون الله ويتبعون نبي آخر الزمان الذي يخرج من الأرض المحاطة بالجبال حول بيت الرب (مكعب الشكل)...
وغير ذلك كثير لا أستبقه معكم...

وفي نهاية البحث يفجر الشيخ مفاجأة حيث استنتج أن الحساب الزمني الوارد يتحدث عن حرب 67 وأن نهاية رجسة الخراب بعد 45 سنة أي في 2012م...

وأعتقد أن الشيخ أجل التفسير الزمني إلى النهاية ، لسببين :
1- أن التحديد الزمني قد يكون أضعف جزء في البحث ( وقد يكون العكس )، فهو أمر احتمالي بالنسبة للأوصاف والعلامات الواضحة التي تصف انتصار أمة الإسلام على شعب رجسة الخراب (القرن الصغير) ونصيره (التنين في المحاط بالمياه)..
2- والسبب الثاني – في ظني – أنه لم يحب أن يتعلق المسلمون بنتائج دون السعي لتحصيل أسبابها ...

في الحقيقة لما اطلعت مرة أخرى على الكتاب وجدت أنه معين خصب للكتاب والباحثين الاستراتيجين والمعنين بالمستقبليات ، ليس لكون النبوءة مصدر للإلهام أو التصديق ولكن لما فيها من أوصاف عجيبة وتتابع للأخبار وتوضيح للعلاقات بين معسكر الشر وبين الأحداث وبعضها بأوصاف عجيبة ...

وأنا هنا أورد بعض فصول الكتاب وقد حذفت منها المناقشات للتفسيرات اليهودية والنصرانية واكتفيت بأصل النبوءات وشرح الشيخ وتعليقاته...

ومازال هناك مجهود آخر مطلوب يحتاجه هذا الكتاب ، وهو القراءة لمحاور الطرح وتوضيحها والدلالة التي كان يقصدها الشيخ بذكر هذه المحاور ، أو عكس الطرح بدلا أن يكون معتمدا على النصوص وتوضيحها يكون مبني على أحداث الواقع ومحاوره ويمزج فيها بين ما ذكره الشيخ ودلالات النصوص الشرعية ومجريات الواقع وأحداثه ، وهذه المقترحات أضعها بين أيدي الإخوة الباحثين...

والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون



أولاً :

(نبوءة دانيال العظمى:


دانيال عليه السلام نبي من أنبياء بني إسرائيل، له سفر باسمه في كتاب أهل الكتاب يتميز عن أكثر الأسفار بأمور، وإن كان يشاركها في المشكلة العامة وهي وقوع التحريف أو التعديل، ومن ميزاته:-

1 - وضوح عقيدة التوحيد، فهو يُسمي الله تعالى بـ"إله السموات" خلافاً لتلك الأسفار التي تسميه "رب القوات" -وهي تسمية يهودية تكشف عن النظرة اليهودية لله وللناس- وهو يصف الله بما لا نظير لـه في غيره، فهو الحي القيوم الذي لـه الحكمة والجبروت والعلم والتدبير والقدرة، وأنه رب الملوك وكاشف الأسرار والمستحق وحده للسجود والعبادة، وأن السحر والكهانة والتنجيم باطل... إلخ.

2- تطابق ما فيه من النبوءات مع الواقع المعلوم بالتواتر من أحداث التاريخ؛ بحيث لا يشك فيها إلا مغرض.

3- اشتماله على بشارات صريحة بختم النبوة وظهور الرسالة الأبدية.

4- اشتمال نبوءته على أرقام محددة ظلت مدار بحث وجدل طوال التاريخ.


أما دانيال نفسه فهو أشبه الأنبياء بيوسف عليه السلام، إذ هو غريب مضطهد، لكن الله رفعه بالعلم وتعبير الرؤيا لدى الملك، وهو داعية توحيد لا تثنيه الفتن عن ذلك.

ولـه في الإسلام حادثة مشهورة رواها ابن إسحاق وابن أبي شيبة والبيهقي وابن أبي الدنيا وغيرهم، عن التابعين الذين شهدوا فتح " تستر" - ومنهم أبو العالية ومطرف بن مالك- وفيها مما يهم موضوعنا هنا أن الجيش الإسلامي الفاتح وجدوا دانيال وهو ميت على سرير لم يتغير منه شيء إلا شعيرات من قفاه، وعند رأسه مصحف، فأخذوا المصحف فحملوه إلى عمر رضي الله عنه، فدعا لـه كعب الأحبار فنسخه بالعربية، قال أبو العالية: " فأنا أول رجل قرأه، قال الراوي عنه: فقلت لأبي العالية: ما كان فيه؟ قال: سيرتكم، وأموركم، ولحون كلامكم، وما هو كائن بعد!"([1]).

فالنص إذن مترجم إلى العربية، وعلى يد الماهر الخبير كعب الأحبار، وقرأه من قرأه، فلا يستبعد أن يكون علماء الإسلام المؤلفون في البشارة بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الكتب السابقة كابن قتيبة، وابن ظفر قد اطلعوا عليه، وإن لم يكن الأمر كذلك، وكان مصدرهم نسخ التوراة في عصرهم فهو أبلغ وأقوى.ط فهم غير متهمين في نقلهم، وأهل الكتاب المعاصرون لهم لم يكذِّبوهم فيه!!

بل قال ابن قتيبة كما نقل عنه شَيْخ الإِسْلامِ في الجواب الصحيح: "وهذه البشارة الآن عند اليهود والنصارى يقرأونها ويقولون: لم يظهر صاحبها بعد!"

ومع ذلك فنحن هنا لن نعتمد على ما ننقله عن العلماء المسلمين؛ بل على ما هو موجود بين أيدي أهل الكتاب اليوم. )


([1]) انظر ابن كثير: البداية والنهاية: (1- 40/ 42)، دلائل النبوة للبيهقي: (1/ 381)، المصنف لابن أبي شيبة: (7/4) وشفاء الصدور لمرعي الكرمي (ص:336) تحقيق جمال حبيب.





رد باقتباس

  #2  
قديم 04-05-2010, 02:55 PM
فارس نشيط

د.سعد فياض غير متصل




افتراضي رد: أيــــام الغضب في الكتب السابقة .. نهاية رجسة الخراب ودمار التنين العظيم خلف المي

ثــانياً :

(نبوءة دانيال العظمى:

رأى الملك نبوخذ نصر أو " بختنصر" رؤيا أزعجته، استدعى السحرة والعرافين لبيانها وتأويلها فعجزوا كلهم، ولكن دانيال تضرع إلى الله تعالى، فألهمه الرؤيا وتفسيرها، ولما دخل على الملك، قال له: "السر الذي طلبه الملك لا تقدر الحكماء ولا السحرة ولا المجوس ولا المنجمون أن يبينوه للملك، لكن يوجد إله في السموات كاشف الأسرار وقد عرَّف [الإلـهُ] الملكَ ما يكون في الأيام الأخيرة -وشرح ذلك قائلاً: أنت أيها الملك كنت تنظر وإذا بتمثال عظيم.

هذا التمثال العظيم البهي جداً وقف قبالتك ومنظره هائل، رأس هذا التمثال من ذهب جيد، صدره وذراعاه من فضة. بطنه وفخذاه من نحاس، ساقاه من حديد، قدماه بعضها من حديد والبعض من خزف، كنت تنظر إلى أن قطع حجر بغير يدين فضرب التمثال على قدميه اللتين من حديد وخزف فسحقهما. فانسحق حينئذ الحديد والخزف والنحاس والفضة والذهب معاً وصارت كعصافة البيدر في الصيف، فحملتها الريح فلم يوجد لها مكان، أما الحجر الذي ضرب التمثال فصار جبلاً كبيراً وملأ الأرض كلها، هذا هو الحلم، فنخبر بتعبيره قدام الملك: -

أنت أيها الملك ملك ملوك، لأن إله السموات أعطاك مملكة واقتداراً وسلطاناً وفخراً، وحيثما يسكن بنو البشر ووحوش البر وطيور السماء دفعها ليدك وسلطك عليها جميعها، فأنت هذا الرأس من ذهب، وبعدك تقوم مملكة أخرى أصغر منك، ومملكة ثالثة أخرى من نحاس فتتسلط على كل الأرض، وتكون مملكة رابعة صلبة كالحديد، لأن الحديد يدك ويسحق كل شيء، وكالحديد الذي يكسر تسحق وتكسر كل هؤلاء.

وبما رأيت القدمين والأصابع بعضها من خزف الفخار والبعض من حديد فالمملكة تكون منقسمة ويكون فيها قوة الحديد من حيث إنك رأيت الحديد مختلطاً بخزف الطين، وأصابع القدمين بعضها من حديد والبعض من خزف، فبعض المملكة يكون قوياً والبعض قصماً، وبما رأيت الحديد مختلطاً بخزف الطين فإنهم يختلطون بنسل الناس ولكن لا يتلاصق هذا بذاك كما أن الحديد لا يختلط بالخزف، وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إلـه السموات مملكة لن تنقرض أبداً وملكها لا يترك لشعب آخر، وتسحق وتفني كل هذه الممالك وهي تثبت إلى الأبد، لأنك رأيت أنه قد قطع حجر من جبل لا بيدين فسحق الحديد والنحاس والخزف والفضة والذهب.

الله العظيم قد عرّف الملكَ ما سيأتي بعد هذا. الحلم حق وتعبيره يقين.

حينئذ خرَّ بختنصر على وجهه وسجد "لـدانيال" وأمر بأن يقدموا لـه تقدمة وروائح سرور. فأجاب الملك دانيال وقال: حقاً إن إلهكم إله الآلهة ورب الملوك وكاشف الأسرار إذ استطعت على كشف هذا السر".


هذا نص الرؤيا التي توصف دائماً بأنها أشهر وأصدق الرؤى الكتابية التاريخية، وتأويلها لا يحتاج إلى ذكاء ولا يصح فيه الخلاف؛ لأن النبي نفسه قد أوّلها، ولكن أهل الكتاب تعمدوا التلبيس وافتعلوا الاختلاف حسداً من عند أنفسهم من بعدما تبين لهم الحق، فقد أقروا بهذه الرؤيا وتأويلها قروناً، دون أن يدخلهم ريب في أنها على ظاهرها، وأن المملكة الأولى (الرأس الذهبي) هي مملكة بابل، وأن المملكة الثانية (الصدر الفضي) هي مملكة فارس، التي قامت بعد بابل وسيطرت على العراق وبلاد الشام ومصر، وأن المملكة الثالثة (الفخذ من النحاس) هي مملكة اليونان الذين اجتاحوا مملكة الفرس بقيادة الإسكندر المقدوني سنة (333 ق.م) وأن المملكة الرابعة (الرجلين من حديد ثم حديد وخزف) هي الامبراطورية الرومانية التي انقسمت إلى شرقية عاصمتها بيزنطة
= القسطنطينية، وغربية عاصمتها روما.

لم يكن أحد من أهل الكتاب يشك في هذا إطلاقاً، بل كانوا جميعاً - لشدة إيمانهم به - ينتظرون المملكة الخامسة (مملكة الله)، التي تدمر ممالك الشرك والكفر والظلم، لاسيما المملكة الرابعة التي اضطهدتهم، فهي التي أذاقت اليهود الخسف والهوان ودمرت القدس سنة (70م) ونصبت الأصنام في المسجد، كما اشتهر عدد من أباطرتها بتعذيب النصارى بألوان من البشاعة والفظاعة قلَّ نظيرها في التاريخ، وليس نيرون الطاغية المشهور إلا واحداً منهم، وظلوا مضطهدين لهم ثلاثة قرون حتى دخل قسطنطين في النصرانية المحرفة، واستمر الاضطهاد لليهود والموحدين من النصارى وسائر الفرق المخالفة.
.............
.............
في ذلك الجو القاتم من الاضطهاد كان أهل الكتاب ينتظرون المملكة الخامسة بفارغ الصبر، وكانوا يعلمون يقيناً أنها ستقوم على يد نبي آخر الزمان، المسمى عندهم "أركون السلام"، الذي على كتفه خاتم النبوة، والذي بشَّر به الأنبياء كلهم، حتى أن المهتدين من علمائهم جمعوا من سفر أشعياء وحده ثلاثين بشرى به([1]) وكانوا يعرفون زمن بعثته بكثير من الدلائل النصية، والعلامات الكونية، ويترقبون تلك الدلائل والعلامات حتى جاء اليوم الذي قال فيه الامبراطور المتعبد العالم بدينهم هرقل: "قد ظهر ملك أمة الختان"، وأيقن بذلك وشهد وهو زعيم الكفر الكتابي لزعيم الكفر الأمي حينذاك أبي سفيان [[بأن ملكه سيبلغ موضع قدميَّ]] كما ثبت في الحديث الصحيح المشهور.

وفعلاً! قامت المملكة الربانية الخامسة، وملكت موضع قدمي هرقل، وغادر الشام وهو يقول: "سلام عليكِ يا سورية، سلام لا لقاء بعده!!"

قامت فسحقت ممالك الوثنية، وسيطرت على معظم المعمورة بالعدل والسلام، وكانت مساحتها تزيد على مساحة القمر. ودخل تحت لوائها من كل شعوب الأرض طوائف عظيمة، وهنا فقط! تفرق أهل الكتاب واختلفوا!!
((وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ)) [البينة:4] ))

..............
الرؤيا رسمت صورة بليغة لممالك الكفر، التي تعبد الأصنام المنحوتة من دون الله تعالى.
إن هذه الممالك هي بذاتها صنم لـه رأس، وصدر، وفخذ، ورجلان، وأصابع، صنم يجسد الوثنيات كلها؛ لكي تتضح في المقابل صورة الجبل الذي ينتصب مكان الصنم.

رمز في منتهى البساطة وصورة في غاية الوضوح، وما فعله هؤلاء هو تشويه هائل لا يتسق مع الصورة بحال.

فهم - لكي يجعلوا الجبل هو الألفية عند نـزول المسيح الثاني كما يعتقد النصارى، أو مملكة داود العظمى التي يرأسها المسيح اليهودي كما يعتقد اليهود - قالوا: إن هناك فجوة في نبوءة دانيال، وجعلوها بين الساقين والقدمين!!! ومن المعلوم أن طول المسافة الزمنية بين رأس التمثال وساقيه - أي: بين مملكتي بابل والروم (من وفاة بختنصر إلى استيلاء تيطس على القدس) هو ستة قرون تقريباً لا أكثر.

وهذه الفجوة التي يفتعلونها بين الساق والقدم طولها ألفا سنة!!

والمصيبة أنها ستظل تطول حتى قيام الساعة! فلنتخيل هذا التمثال الغريب الذي تطول الفجوة بين أعلاه وأسفله كل يوم!!
...........
..........

تقول الرؤيا الأخيرة: "إن دانيال رأى أنه صعد من البحر المحيط أربعة حيوانات عظيمة مختلفة: - الأول: كالأسد، ولـه جناحا نسر...، والثاني: كالدب، وفي فمه ثلاثة أضلع، والثالث: مثل النمر، وله أربعة أجنحة وأربعة رءوس، والرابع: حيوان هائل قوي لـه أسنان من حديد، أكل وداس بقية الحيوانات برجليه، وله عشرة قرون طلع بينها قرن صغير طلعت من قدامه ثلاثة قرون، وظهر لهذا القرن الصغير عيون، وفم إنسان، فتكلم بإلحاد وكفر، ثم تكون نهاية القرن الصغير هي الهلاك على يد قديم الأيام ذي العرش الذي تخدمه الألوف المؤلفة!!

وبقيت الحيوانات الأخرى حية لكن نزع عنهم سلطانهم!!".

وقد فسرت الرواية نفسها الحيوان الرابع بأنه "مملكة رابعة على الأرض مخالفة لسائر الممالك تأكل الأرض كلها وتدوسها، والقرون العشرة من المملكة هي عشرة ملوك يقومون ويقوم بعدهم آخر وهو مخالف الأولين ويذل ثلاثة ملوك ويتكلم بكلامٍ ضد العليّ".

وأخيراً يبيد ملكه على يد "قديسي العليّ" الذين تؤكد هذه الرؤيا مراراً أن العاقبة لهم، وأنهم يمتلكون المملكة التي لا تزول!!

ربما لأن للحيوان الرابع أسناناً من حديد، والمملكة الرابعة تكون من حديد، قالوا: إن المملكة الرابعة هي الحيوان الرابع - لاسيما وكل منهما هو "الرابع" لما سبقه - وقالوا: إن هذه المملكة رمز لأوروبا التي سيكون فيها عشر دول قومية يخضع لها العالم قبل نزول المسيح!!......
..........
..........
ونحن لا نريد أن نخوض في تعبير الرؤيا، لكن في إمكاننا أن نقول: إن الحيوانات الأربع التي طلعت من وراء المحيط هي الامبراطورية البريطانية الأسد، وروسيا الشيوعية الدب.

أما الثالث: شبيه النمر ذو الرءوس الأربعة والأجنحة الأربعة، فقد يكون الدول الكاثوليكية الاستعمارية الأربع فرنسا، وإيطاليا، وأسبانيا، والبرتغال أو تحالف دول آسيا المسماة: النمور وهي ثمان!!
وبالطبع سيكون الحيوان الرابع الذي أكلها وداسها هو الولايات المتحدة الأمريكية (أو حلف الناتو عموماً)، أما القديسون الذين سيدوسون أمريكا فلا يحتاجون إلى تفسير؛ بل إلى الانتظار....
...............
..............
أما اليقين بهذا الشأن فهو أمران:

1- أن الروم ذات قرون كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فارس نطحة أو نطحتان، ثم يفتحها الله، ولكن الروم ذات القرون كلما هلك قرن قام قرن آخر}.

2- أن المعركة بيننا وبينهم سجال إلى أن يكون الفتح الأخير لروما وينـزل المسيح عليه السلام، وهذا ما لا يعلم زمان وقوعه إلا الله، وعليه فلا يعلم عدد قرون الروم إلا الله تعالى، وربما كانت العشرة المذكورة في الرؤيا لا مفهوم لها؛ بل مجرد رمز، وهذا مذهبٌ لهم في الأعداد المذكورة في الكتاب المقدس كله،([2]) هذا إن لم نقل: إن في الرؤيا تحريفاً وإضافة!!

وعلى أي حال نحن نعلم أن هذه الرؤيا والخلاف فيها قد لا يثير ثائرة القوم إلا إذا تعرفنا على القرن الصغير الملحد من هو؟!

فقد ذهب طائفة منهم إلى أنه دولة الإسلام؟
وأن التجديف والإلحاد هو إنكار المسلمين لألوهية المسيح!!

وهذا عجيب! إذ كيف تكون المملكة الخامسة العظمى الأبدية قرناً صغيراً من قرون حيوان من الحيوانات الأربعة الذي له غير هذا القرن عشرة قرون كبرى؟!!

وكيف تكون الأمة الإسلامية التي شملت العرب والفرس والترك والبربر والزنج والهنود والتتار وغيرهم مجرد قرن من الروم؟! وقرن صغير أيضاً؟!

إن النـزول بالبحث العلمي إلى هذا الحد يوجب الإعراض والضرب صفحاً عن هذا اللغو؛ لاسيما وأنه لا علاقة للمسيح وألوهيته بالرؤيا من قريب ولا من بعيد، بل السفر كله توحيد..........
................
................
يقول سفر الرؤيا: "ثم وقفت على رمل البحر، فرأيت وحشاً طالعاً من البحر لـه سبعة رءوس وعشرة قرون، وعلى قرونه عشرة تيجان، وعلى رءوسه اسم تجديف (أي إلحاد وزندقة)، والوحش الذي رأيته كان شبه نمر، وقوائمه كقوائم دب، وفمه كفم أسد، وأعطاه التنين قدرته وعرشه وسلطاناً عظيماً، ورأيت واحداً من رؤوسه كأنه مذبوح للموت وجرحه المميت قد شفي، وتعجبت كل الأرض وراء الوحش"......
.......
.........
فلنتابع معه الأحوال والأحداث المتعلقة بالوحش لكي نعرف هذا القرن الصغير المشئوم؟!

عن هذا يقرر بيتز أمورا:

1 - أن الوحش سيكون في أورشليم (193). ويقرر: "إن أورشليم هي النقطة المركزية التي تتجمع حولها الحوادث المذكورة هنا بلغة الرموز" (ونذكِّر القراء بأنه كتب هذا والقدس شبه منسية عندهم إلا من قليل من السّوّاح أو الزائرين).

2 - الوحش (إسرائيلي لكنه لا يبالي بيَهْوَه إلـه الأمة، ولا بالمسيَّا ((الموعود المنتظر)) رجاء الأمة، ولا حتى بالآلهة الباطلة التي طالما مالت إليـها الأمة...).

3 - يتحالف الوحش مـع (رأس الامبراطورية الرومانية ومركز القوة والسلطة العالمية) (200).

4 - يجزم (بيتز) أن هذا الرئيس الروماني ليس أحداً من الأباطرة السابقين، بل هو الذي سيأتي عند قيام رجسة الخراب التي تحدث عنها دانيال وذكّر بها المسيح مرة أخرى، ويقول: "من مواضع كثيرة في كلمة الله -أي الكتاب المقدس - يتبين أن العشرة الأسباط سيجتمعون في أورشليم بعد خلاصها وعتقها - أي: قبل نزول المسيح - وهناك يحتملون نار الضيقة العظيمة في أشدها، بينما إسرائيل الذين رفضوا المسيح سيجتمعون إليها قبل ذلك" أي: في يوم غضب الرب على الدولة الرجسة، الذي سنعقد لـه فصلاً قادماً بعنوان (يوم غضب الرب).

مرة أخرى ينبغي أن نتذكّر أنه هلك قبل قيام دولة إسرائيل بكثير:

1 - حكومة الوحش ستكون ملحدة على النظام الغربي، لا على هدي الوحي؛ بل هي من أكبر أسباب الإلحاد والظلام. يقول: "في أوروبا الغربية الوطن المختار للمدنية والحرية والاستنارة والتقدم، كانت نتيجة تفاعل تلك المبادئ البشرية هي قيام حكومة الوحش ملتقى الطغيان والظلام والتعاسة والتجديف".

2 - وتحت زعامة الوحش يقرر بيتز اعتماداً على مفهومه لرؤيا دانيال: "سوف تتكون عصبة من الحكومات المتحالفة مؤقتاً".

وصفة الحلف الذي ستعقده الامبراطورية الرومانية الجديدة هو أن: "العشرة ملوك الذين يحكمونها يصنعون رأياً واحداً ويعطون الوحش ملكهم" (ص:253).

والعجب حقاً هو أنه "ليس الوحش هو الذي يجبرهم على إطاعة أمره؛ بل هو عمل تطوعي يقومون به من جانبهم" 253).

كما أنه ليس من شرط الوحش أن يحكم كملك بل "بواسطة نفوذه في مؤامرات ومشورات على أرض الامبراطورية الرومانية القديمة، أو على الأقل الجزء الغربي منها" (ص:254).

(ونُذَكِّر بأنه كتب هذا قبل قيام الأمم المتحدة، وظهور السيطرة الصهيونية على السياسة الغربية عامة والأمريكية خاصة)!!

3 - وعن عدو الوحش والمعركة بينهما يقول بيتز: - "إن الحلف القائم بين الامبراطور الروماني واليهود غير المؤمنين لا يمنع غزو الجيش الشمالي، الذي -بسبب العبادة الوثنية القائمة في أورشليم في ذلك الوقت- سيباغتهم كسيل جارف، ويجلب الخراب على الأرض".

ولتفسير الجيش الشمالي نجده يقول: "يجمع ملوك المشرق قواتهم ليغيروا على حدود أملاك الوحش، ومن الناحية الأخرى سيجمع الوحش باتفاقه مع ملوك الغرب قواته ويزحف إلى معركة هرمجدون المشئومة".
........
وأخيراً يحدثنا بيتز عن نتيجة المعركة: "قل أن يحلم الوحش ومساعده الأثيم أنهما سيؤخذان أسيرين من ساحة القتال التي يعجلان إليها! وأنه سيلقى بهما حيين إلى عذابات بحيرة النار الأبدية، وقلّ أن يجرؤ القديسون المتألمون المختبئون بين الجبال والمغاير فيؤمِّلون بأنهم سيرفعون رءوسهم آخر الأمر".

والآن وقد عرفنا الوحش نسأل: هل هذه النهاية لا تكون إلا في هرمجدون وعلى يد المسيح؟.

إن افتراض ذلك هو الخطأ المشترك بين هؤلاء وبين بعض الباحثين المسلمين أيضاً، والفرق أن هؤلاء لا يحسبون حساباً للمنطق والعقل وسنة الله في التاريخ، أما المسلمون فيبحثون غالباً عن سنن طبيعية لتفسير الأحداث... المسلمون كمن يخطئ طريقه في النهار، أما هؤلاء فكل سيرهم في الظلمات إلا بقايا من البصيص الباهت!!

لقد قلنا: إن بيتز كاد أن يصيب الحقيقة، ............، ولو أعدنا نحن كتابة الموضوع فسنقول ببساطة:

1- دولة إسرائيل قرن صغير خرج من الروم من بين قرونهم الاستعمارية الكبرى وقد رجع إلى الأرض المقدسة غازياً مدنساً.

2- الوحش أو الوحشان هما: الصهيونية ذات الوجهين أحدهما يهودي والآخر نصراني.

3- اليهود عامة والصهيونيون خاصة، هم دعاة الإلحاد والفساد في الأرض، وأكثر أصحاب النظريات الإلحادية منهم: ماركس، وفرويد، ودور كايم، وفيشتة وأرلر، وماركوز، وهسّرل، وشيلر، وبرجسون، ومارتن بوبر.

4- قيام رجسة الخراب في القدس هو احتلال اليهود لها واتخاذها عاصمة لحكمهم، وهذا مما سنفصل الحديث عنه لاحقاً.

5- الامبراطورية الرومانية الجديدة: هي الولايات المتحدة الأمريكية، ويمكن أن يشتمل الاسم: الغرب كله، وهنا تتداخل مع بابل الجديدة المذكورة في النبوءات الأخرى، وهي التنين الذي أعطى الوحش القدرة والسلطان!! وسنرى نهاية هذا التنين مع نهاية رجسة الخراب في يوم غضب الرب.

6- الجيش الآتي من الشمال أومن الشرق هم المجاهدون المسلمون ولهذا أيضاً تفصيله في فصل آتٍ من نبوءات أخرى!!

وبقية القصة من التحالف والحرب وحلول غضب الرب لا إشكال فيها حينئذٍ!! ،........،

والعنصر الأساس في المسرحية هو (عودة اليهود إلى الأرض المقدسة بلا إيمان) بل بكفرهم القديم وإلحادهم الحديث، ومن هنا أقاموا على الأرض المباركة الطاهرة دولتهم التي سماها دانيال (رجسة الخراب) وهذا هو موضوع الفصل التالي.


([1]) انظر كتاب: (مسلمو أهل الكتاب.) ص (543-573) للدكتور محمد بن عبد الله السحيم.
([2]) انظر كلمة (عدد) في: دراسات في الكتاب المقدس، تعريب معجم اللاهوت الكتابي.



رد باقتباس

  #3  
قديم 04-05-2010, 02:57 PM
فارس نشيط

د.سعد فياض غير متصل




افتراضي رد: أيــــام الغضب في الكتب السابقة .. نهاية رجسة الخراب ودمار التنين العظيم خلف المي

ثـــالثاً:
(رجسة الخراب:

(رجسة الخراب) مصطلح كتابي مهم جداً، وهو واضح؛ لكن القوم كالعادة أحاطوه بهالة من الغموض في لفظه وفي تأويله.

وهذا التركيب بصيغة المضاف والمضاف إليه له مترادفات أخرى مثل: "وحشة الخراب"، و"شناعة - أو شنيعة - الخراب"، وله ترجمات بالمعنى مثل: "معصية الخراب"، و"المعصية المدمرة" أو "الخطيئة المدمرة"... وجاء بمعنى أوضح وهو "المملكة الخاطئة"!!

أما بيـتـز فقد حقق أنها: "المُخَرِّب الشنيع" ويمكن ترجمتها ب"المخرِّب النجس أو الرجس" ولعل الأصح في الترجمة والأوفق لكلمات الله أن تسمى (المفسد الرجس) أو (الرجس المفسد).
فلنقرأ ما قال سفر دانيال عنها، فهو الذي جعل لها هذه الأهمية الكبرى في التاريخ.

ونبدأ ببيان أنه بعد أن أوَّل المَلَك (من الملائكة) لدانيال رؤيا الحيوانات الأربعة -السابق ذكرها- ختم بخاتمة حاسمة فقال: "والمملكة والسلطان وعظمة المملكة تحت كل السماء تعطى لشعب قديسي العلي ملكوته ملكوت أبدي، وجميع السلاطين إياه يعبدون ويطيعون. إلى هنا نهاية الأمر".

ولكن دانيال فزع كثيراً ولا يزال في حاجة إلى معرفة أكثر، وكأنما رأى أن رؤيا التمثال عامةٌ وتتعلق برائيها "المَلِك"، ورؤيا الحيوانات الأربعة تُهِمّه هو. فأراد تفسيراً أوضح لما يجري في قريب الزمان وفي نهايته، وهما الطرفان المهمان عادة لكل إنسان. أما المستقبل القريب فكل إنسان يتطلع إلى معرفة مصير هؤلاء البشر، وهذه الأحداث التي يعيش بينها ولا يكاد أحد - جاهلاً أو عالماً - يخلو من هذا، وأما المستقبل البعيد فالنهاية دائماً موضع تساؤل واهتمام:

نهاية العالم كله، ونهاية الأمة التي ينتمي إليها نهاية أهل الإيمان وأهل الكفران؛ لاسيما لمن كان نبياً أو من أتباع الأنبياء.


وهكذا كانت الرؤيا الثالثة: - "رأيت وإذا بكبش واقف عند النهر، وله قرنان، والقرنان عاليان، والواحد أعلى من الآخر، والأعلى طالع أخيراً، ورأيت الكبش ينطح غرباً وشمالاً وجنوباً، فلم يقف حيوان قدامه ولا منقذ من يده... وإذا بتيس من المعز جاء من المغرب على وجه كل الأرض ولم يمس الأرض، وللتيس قرن معتبرٌ بين عينيه وجاء إلى الكبش صاحب القرنين.. فاستشاط عليه وضرب الكبش وكسر قرنيه، فلم تكن للكبش قوة على الوقوف أمامه وطرحه على الأرض وداسه.. فتعظم تيس المعز جداً، ولما اعتـز انكسر القرن العظيم وطلع عوضاً عنه أربعة قرون معتبرة نحو رياح السماء الأربع، ومن واحدٍ منها خرج قرن صغير وعظم جداً نحو الجنوب ونحو الشرق ونحو فخر الأراضي، وتعظم حتى إلى جند السماوات وطرح بعضاً من الجند والنجوم إلى الأرض وداسهم، وحتى إلى رئيس الجند تعظم، وبه أبطلت المحرقة الدائمة وهدم مسكن (بيت) مَقْدِسِه وجعل جند على المحرقة الدائمة بالمعصية فطرح الحق على الأرض وفعل ونجح".


قال دانيال: "فسمعت قدوساً واحداً يتكلم، فقال قدوس واحد لفلانٍ المتكلم إلى متى الرؤيا من جهة المحرقة الدائمة ومعصية الخراب لبذل القدس والجند مدوسين؟ فقال لي: إلى ألفين وثلاث مئة صباح ومساء. فيتبرأ القدس".

وفي الطبعة الكاثوليكية: "إلى ألفين وثلاث مئة مساء وصباح ثم تُرد إلى القدس حقوقه".

وهكذا طلب دانيال من المَلَك أن يعبر الرؤيا، فخاطبه قائلاً: "يا ابن آدم إن الرؤيا لوقت المنتهى... هأنذا أعرفك ما يكون في آخر السخط؛ لأن الرؤيا لميعاد الانتهاء، أما الكبش الذي رأيته ذا القرنين فهو ملوك مادي وفارس، والتيس العافي مُلْك اليونان، والقرن العظيم الذي بين عينيه هو الملك الأول، وإذا انكسر وقام أربعة عوضاً عنه، فستقوم أربع ممالك من الأمة ليس في قوته،([1]) وفي آخر مملكتهم عند تمام المعاصي يقوم ملك جافي الوجه وفاهم الحيل، وتعظم قوته ولكن ليس بقوته، يهلك عجباً وينجح ويفعل ويبيد العظماء وشعب القديسين، وبحذاقته ينجح -أيضاً- المكر في يده، ويتعظم بقلبه وفي الاطمئنان يهلك كثيرين ويقوم على رئيس الرؤساء وبلا يد ينكسر، فرؤيا المساء والصباح التي قيلت هي حق، أما أنت فاكتم الرؤيا لأنها إلى أيامٍ كثيرة".
ولكن الشوق إلى المعرفة يزداد؛ لاسيما ودانيال يعيش زمن أحداث كبرى بين إمبراطوريتي بابل وفارس، ويهمه جداً مصير شعبه البائس المسبي، ويهمه شأن القدس ومن يسيطر عليها، فأخذ يتضرع ويبكي ويصلي؛ حتى أراه الله رؤيا أكثر دقة من جهة الزمن والعدد، ولكن تعبيرها مشكل جداً ولا نشك أن القوم حرفوها، وأحالوا وضوحها ودقتها غموضاً.

إنها رؤيا "الأسابيع" المشهورة، وفيها يقول الملَك له: "سبعون أسبوعاً قضيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة لتكميل المعصية وتتميم الخطايا ولكفارة الإثم، وليؤتى بالبر الأبدي، ولختم الرؤيا والنبوة ولمسح قدوس القديسين، فاعلم وافهم أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع واثنان وستون أسبوعاً... إلى أن يقول: وشعب رئيس آتٍ يخرب المدينة والقدس، وانتهاؤه بغمارة (طوفان) وإلى النهاية حرب وخِرَبٌ قضى بها، ويثبت عهداً مع كثيرين في أسبوع واحد وفي وسط الأسبوع يبطِّل الذبيحة والتقدمة، وعلى جناح الأرجاس مُخَرِّب حتى يتم ويصب القضاء على المخرَّب".

وفي الطبعة الكاثوليكية: "ويأتي شعب رئيس فيدمروا المدينة والقدس وبالطوفان تكون نهايتها، وإلى النهاية يكون ما قضى من القتال والتخريب، وفي أسبوع واحد يقطع عهداً مع كثيرين عهداً ثابتاً وفي نصف الأسبوع يبطل الذبيحة والتقدمة، وفي جناح الهيكل تكون شناعة الخراب إلى أن ينصب الإقناء المقضي على المخرب".

إن هذا الغموض يجعلنا نجزم بوقوع التحريف، وإن كان بعض الباحثين بذلوا جهوداً حسنة لتفسير هذه النبوءة لتطابق مولد المسيح أو بعثة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وعلى أي حال عرف دانيال التسلسل الزمني للأحداث ولكن كيف تقع؟

لا يزال الإنسان في شوق شديد إلى المعرفة، والرب كريم يعطي كل مرة.

يعود دانيال إلى الصلاة والضراعة فيأتيه الملك قائلاً: "جئت لأفهمك ما يصيب شعبك في الأيام الأخيرة لأن الرؤيا إلى أيامٍ بعد".
هنا نلحظ تكرار التنبيه إلى تأخر زمان وقوع التأويل بهذه العبارة وما في معناها حتى لا يخطئ دانيال.

فقد كان دانيال يريد المستقبل القريب، والرؤيا تحدد الأهم وهو النهايات البعيدة، والمَلَك يوصي دانيال ألا ينسى هذا فيظن أن هذا في القريب، وهو مع ذلك يخبره بما سيقع مـن حروب بين ملوك فارس واليونان، وملك الشمال وملك الجنوب يهمنا منه قوله: "وتقوم منه -أي من ملك الشمال - أذرع وتنجِّس المقدس الحصين وتنـزع المحرقة الدائمة وتجعل الرجس المخرِّب" (11: 21).

وهو يشير إلى حكومة وثنية تتسلط على بيت المقدس وتقيم فيه عبادتها، فاختلف أهل الكتاب ما هي، وهذا لا يهمنا؛ بل المهم هو أن هذا يوضح ماهية الرجس المخرب الآخر - الذي سيأتي بعد - ويقيمه الوحش أو القرن الصغير في الأرض نفسها وأنه دولة، فالاسم واحد لكن المذكور هنا وثني، أما الآخر فقد سبق بيان أنه إسرائيلي!!

ويختم الحديث عن تلك الأحداث بقيام الساعة وبعث الأموات ويوصي دانيال قائلاً: "أما أنت يا دانيال، فأخفِ الكلام واختم السفر إلى وقت النهاية".

ولكن الملكين يخاطب أحدهما الآخر ليسمع دانيال ويفهم قائلاً: "إذا تم تفريق الشعب المقدس تتم هذه".

وعندها يقول دانيال: "وأنا سمعت وما فهمت، فقلت: يا سيدي! ما هي آخر هذه؟ فقال: اذهب يا دانيال لأن الكلمات مخفية ومختومة إلى وقت النهاية... من وقت إزالة المحرقة الدائمة وإقامة رجس المخرِّب (وفي ترجمة أخرى: شناعة الخراب) ألف ومائتان وتسعون يوماً، طوبى لمن ينتظر ويبلغ إلى الألف والثلاث مئة والخمسة والثلاثين يوماً، أما أنت فاذهب إلى النهاية فتستريح...".
وانتهى السفر واستراح دانيال ولاسيما وقد اطمأن إلى أن القدس ستعود لـه حقوقه بعد 45 سنة!!

ولكن أهل الكتاب لم يستريحوا ولن يستريحوا بشأن هذه الأحداث، إلا مَن ترك التعصب وفتح عينيه على الحقائق، لقد تعبوا وأتعبوا العالم وأتعبونا..

إن ما تقدم هو عرض موجز لأهم النبوءات في الكتاب المقدس كله - نبوءات دانيال - ومنه نلحظ أموراً كثيرة، منها: -


1 - زيادة توكيد لما سبق من الحديث عن القرن الصغير فهو ماكر محتال زنديق لا يقوم بقوته بل بالاعتماد على غيره، وعدوه هم شعب القديسين أتباع خاتم الأنبياء، فهو يتعالى عليهم ويسقط رئيس رؤسائهم (الخليفة) بلا جيش، وأخبث أعماله أنه يدوس القدس ويهينها بجنده، ويبطل الصلاة،([2]) ويهدم بيت الله فيها، ويقيم فيها دولته الموصوفة بـ(الرجس المخرِّب).


2 - هذا القرن الصغير يفعل ذلك في أيام سلطان المملكة الأخيرة - مملكة القديسين - لا في أيام فارس والروم.. وقيام دولة الرجس لا يدل على انقضاء تلك المملكة الأبدية، وهذا ما أكده السفر مراراً، وإنما هو حدث عارض محدود المدة والمكان، فهو ليس من جنس ما في رؤيا التمثال حيث تسقط مملكة وتقوم أخرى مكانها، ولا من جنس ما في رؤيا الحيوانات الأربعة حيث يتغلب واحد ضخم هائل على الأخرى. لا، لاشيء من ذلك، فهذا قرن صغير، ومجال سيطرته محدود، لكن مكره كبير ودهاؤه عظيم ووراءه قوة عظمى تمده، ويصادف ذلك حالة ضيق شديدة [أشار إليها دانيال (12: 1)] وضعف شديد لدى شعب القديسين، لكن الضيقة تـزول والقديسون ينتصرون من جديد، ويفرحون بيوم زوال رجسة الخراب وتطهير القدس منها.

إن هذا القرن الصغير الخبيث المفسد يهدم ويقيم، يهدم بيت قدس الله ويقيم الرجسة مكانه، ومن هـنا قال بعض شراح أهل الكتاب: إن الرجسة هي صنم يقوم في الهيكل، وبالأصح هيكل يقام في المسجد وليس هذا الخلاف في معنى الرجسة مؤثراً؛ لأنه لا يقام بناءٌ أجنبيٌّ عدوٌ في معبد أمة ما إلا بجند وسلطة، فالرجس مدلوله عام وخاص، العام: قيام الدولة الرجسة نفسها، والخاص: بناؤها للصنم أو الرجس الذي تتعبد لـه أو فيه!! كما أن إزالة الصنم من بيت الله لا تكون إلا بجند وسلطة.

هكذا فعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين فتح مكة، وهكذا سيفعل أتباعه إذا دخلوا المسجد ووجدوا فيه بناءً رجساً لدولة الرجس!! (وربما لا يكون الرجس الذي فيه إلا علم الدولة الصهيونية)، ولهذا كان أكثر الشراح لا يرتابون في أن قيام الرجسة هو قيام دولة رجسة مخربة على أرض القدس ، ............،
أما من فسرها بالسنين فقد لزمه يقيناً أن يعترف بأن ذلك لم يقع ولن يقع إلا بعد مرور ألفين وثلاث مئة سنة، وخاصة أنه لم يقع في التاريخ أن دولة جاءت بعد (2300) يومٍ وأقامت دولة لمدة (45) يوماً ورحلت!!

إن هذا من التفاهة بحيث لا يستحق أن يدونه التاريخ إلا عبوراً!!

وذلك أن الأسفار نفسها تحدد اليوم بالسنة كما في حزقيال "قد جعلت لك كل يوم بسنة. 4: 6" كما أن لفظ الرؤيا (طوبى لمن ينتظر...) لا يدل على (45) يوماً، فالانتظار إنما يكون لخمسة وأربعين سنة.

على أن لدينا شهادة مهمة من اليهود أنفسهم، فإن طائفة عظيمة منهم كانت - ولا تـزال - تقول: إن الكيان الصهيوني القائم حالياً هو الرجسة، وهم الذين حذروا أتباعهم من الفكر الصهيوني قديماً وحديثاً، ولديهم إيمان عميق بأن تجمع اليهود هو لحلول غضب الله عليهم وانتقامه منهم، وهم طائفة كبيرة في أمريكا وغيرها، ومنهم من يؤمن بهذه الحقيقة ولكنه يفسرها تفسيراً علمانياً، وأشهرهم المفكر اللغوي العالمي نعوم شومسكي، ومنهم مجموعات في الأرض المحتلة نفسها، ومنهم الحاخام " هيرش" وزير الشئون اليهودية في السلطة العرفاتية، ومجموعته تسمى (ناتوريم كارتا) نواطير القرية (حراس القرية).،..................، وهنا لا بد أن نعرج على أرقام دانيال، وإن كنا نحب تأخير الحديث عنها؛ لأن الوقائع والحقائق الثابتة تجعلنا في غنى عنها، ولكن ما من الأمر بد لاستكمال الصورة:

يقول دانيال: إن قيام رجسة الخراب إلى (2300) سنة أي سيكون بعد (2300) سنة - كما أوضحنا - فهذا الأسلوب (إلى متى.. إلى كذا) متكرر في الرؤيا نفسها وغيرها من الأسفار، وهو من الخطأ في الترجمة أو من الترجمة الحرفية غالباً؛ لاسيما وقد رأينا التوكيد على أنها في آخر الزمان، وعند حلول السخط وبعيدة الوقوع.

ولا يخالفنا في هذا أحد من الباحثين الذين يُفسرون اليوم بالسنة، وقد تبين لنا سقوط التفسير الحرفي بأنه اليوم المعروف.

ولكن الاختلاف والإشكال هو من أين يبدأ؟

يمكن معرفة الأقوال من شرح جانسي الذي جمعه حسب قوله من خمسة وثمانين تفسيراً كتابياً، وقال فيه كما لخصه الشيخ رحمة الله الهندي: "تعيين زمان مبدأ هذا الخبر في غاية الإشكال عند العلماء من قديم الأيام، ومختار الأكثر أن زمان مبدئه واحد من الأزمنة الأربعة التي صدر فيها أربعة فرامين (مراسيم) سلاطين إيران:

الأول: سنة (636) قبل ميلاد المسيح التي صدر فيها فرمان قورش.

الثاني: سنة (518) قبل الميلاد التي صدر فيها فرمان دارا.

الثالث: سنة (458) قبل الميلاد التي حصل فيها فرمان أردشير لعزرا...

الرابع: سنة (444) قبل الميلاد التي حصل فيها لنحميا فرمان أردشير (الأخير)..

والمراد بالأيام السنون،....................،إن أصل الخطأ في الأقوال الأربعة هو تحديد المبدأ بصدور المرسوم بتجديد أورشليم، وهذا ما لا ذكر له في الرؤيا نفسها -رؤيا الكبش والتيس- وإنما ورد في رؤيا الأسابيع السالف ذكرها، وهي رؤيا أخرى -والأرجح عندنا أن العبارة نفسها مقحمة في الرؤيا (أي عبارة: منذ صدور الأمر...) والله أعلم، فالذين فسروا المبدأ بظهور الإسكندر أرجح؛ لأنهم استنبطوه من الرؤيا نفسها.

وبعد موت دانيال اتخذ الناس التاريخ الإسكندري، ومبدؤه من حادثة استيلائه على آسيا وهي سنة (334) عند البعض، ولكنها سنة (333) على الصحيح المشهور، وظل هو التاريخ العالمي حتى وضعت الكنيسة التاريخ الميلادي، وعليه فيكون:

قيام رجسة الخراب هو (2300 -333) = سنة (1967)!!

وهو ما حدث فعلاً وكان وقعه أليماً شديداً على أمة القديسين!!

وكان فرحاً عظيماً للصهاينة والأصوليين!!

وهو فعلاً - بغض النظر عن الأرقام والنبوءات - أعظم حدث تاريخي لليهود منذ قرابة ألفي سنة!!

والآن وقد رأينا رجسة الخراب قائمة برجسها وخرابها، بوحشيتها وشناعتها، بوثنيتها وإلحادها، بتعطيل الصلوات في المسجد الأقصى وهدمه وحرقه -ونسأل الله أن يكف شرها فلا تقضي على البقية الباقية منه -.


الآن نعود إلى قول المسيح عليه السلام عنها لنرى حقيقة هؤلاء الصهاينة الإنجيليين: أهم مسيحيون كما يدعون أم أتباع الوحش الصهيوني وهم يشعرون أو لا يشعرون.

في إنجيل متّى عن المسيح: "وفيما هو جالس على جبل الزيتون تقدم إليه التلاميذ على انفراد قائلين:

قل لنا متى يكون هذا (هدم الهيكل)؟ وما هي علامة مجيئك وانقضاء الدهر؟

فأجاب يسوع وقال لهم: انظروا لا يضلكم أحد، فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين: أنا المسيح، ويضلون كثيرين، وسوف تسمعون بحروب وأخبار حروب. انظروا لا ترتاعوا؛ لأنه لابد أن تكون هذه كلها، ولكن ليس المنتهى بعد. لأنه تقوم أمة على أمة، ومملكة على مملكة، وتكون مجاعات وأوبئة وزلازل في أماكن، ولكن هذه كلها مبتدأ الأوجاع... ويقوم أنبياء كذبة كثيرون.. ولكن الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلَّص ويكرِّز (أي: يذكر ويعظ) ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الأمم، ثم يأتي المنتهى.

فمتى نظرتم رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي قائمة في المكان المقدس - ليفهم القارئ - فحينئذٍ ليهرب الذين في اليهودية إلى الجبال، والذي على السطح فلا ينـزل ليأخذ من بيته شيئاً، والذي في الحقل فلا يرجع إلى ورائه ليأخذ ثيابه...

وحينئذٍ إن قال لكم أحد: هو ذا المسيح هنا أو هناك فلا تصدقوا؛ لأنه سيقوم مسحاء كذبة، وأنبياء كذبة، ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضاً. ها أنا قد سبقت وأخبرتكم، فإن قالوا لكم: ها هو في البرية فلا تخرجوا، ها هو في المخدع فلا تصدقوا؛ لأنه كما أن البرق يخرج من المشارق، ويظهر إلى المغارب هكذا يكون أيضاً مجيء ابن الإنسان؛ لأنه حيثما تكون الجثة فهناك تجتمع النسور".

كالعادة.. نصوص عن أحداث هائلة لكن غموضها محير واختلافهم فيها شديد، وذلك بسبب التحريف بالزيادة والنقصان، ومع ذلك فلها تفسير وحيد لا يصح غيره، وكلما نرجوه أن يستعين أهل الكتاب بمفاتيح الرموز التي أهديناها لهم مجاناً، وسيجدون التفسيرات المقبولة - بشرط افتراض التحريف دائماً - والمفتاح هنا هو ابن الإنسان أو ابن الرجل وهو محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو مذكور بهذه الصفة في الأناجيل لهدف واضح وهو التفريق بينه وبين ابن العذراء عيسى عليه السلام.

ورجسة الخراب قد عرفناها، وإذا قامت فالذي سيأتي هو ابن الإنسان بجيوشه لا بذاته.

فالموضوع متحد بين ما في سفر دانيال وما هنا فممالك تقوم على ممالك، وخاتمتها في كليهما هو قيام مملكة ابن الإنسان وتداعي جيوشه للقضاء على الرجسة أو (الجثة). (دانيال: 7: 13 -14) و(متّى: 24 -31)

ورجسة الخراب هي هي. بل تصريح باسم دانيال في متّى ومرقص (13-15) إلا أن لوقا يشرح الرجسة بما يؤيد ما قلنا، فهو يقول: "متى رأيتم أورشليم محاطة بجيوش... إلخ 12: 2" هو موضوع واحد لا أظن أن أحداً من الأصوليين وغيرهم يجادل فيه، وعليه: فما وصية المسيح عليه السلام؟ وما أمره لمن أدرك ذلك الزمان، زمان قيام رجسة الخراب؟!

لقد حذَّر أبلغ تحذير من المسحاء الكذابين في أول كلامه وفي آخره، وحذَّر من الاغترار بقولهم: إن المسيح نـزل أو موجود هنا أو هناك، وزجر عن البقاء مع الأرجاس، مشدداً على الهرب العاجل من بينهم؛ لأن عقوبة الله الأليمة ستنـزل بهم على يد جيوش المسيح الآخر ابن الرجل، لا ابن العذراء، الذي ستهاجم جيوشه دولة صهيون كما تهاجم النسور الجثة، وكلتاهما رجس منتن!!
وصية عظيمة، وقضية واضحة كالشمس، فهل يعي ذلك جيري فولويل، وبات روبنسون، وجيمي سواجارات وأمثالهم وأشياعهم؟!

وهل يسمع المختارون (أمة الإسلام)؛ فلا يضلون كما ضل أهل الكتاب؟

ربما يجادل الأصوليون في تفسير النص كالعادة قائلين: " إن ابن الإنسان شخصية سماوية"([3]).

فليكن؛ ولكن ماذا يقولون في وصية المسيح حين تقوم الرجسة؟!
أتتفق مع الضجة الكبرى التي يفتعلونها والصخب الهائل الذي يثيرونه فرحاً وابتهاجاً بقيام رجسة الخراب، وتبشيراً للعالم بأن قيامها هو تمهيد لنـزول المسيح، وحضاً للأتباع على زيارتها والحج إليها لملاقاته حين ينزل فجأة، وضغطاً شديداً لكي تقف أمريكا والعالم دائماً مع دولة الرجس والعدوان؟

أليس هذا أعظم المناقضة والمعاندة لما قال المسيح؟!

ثم أليست أناجيلهم كلها تنسب قتل ربهم المزعوم والتآمر عليه إلى اليهود؟! فهل رأى عقلاء العالم أمة تقدس قاتل معبودها؟! وتعادي من يحب رسولها ويؤمن به أشد الحب وأعظم الإيمان؟!

ألم يصف المسيح عليه السلام اليهود بمثل ما ورد في الأسفار (أولاد الأفاعي، قتلة الأنبياء، المراءون، القادة العميان، الغشاشون... وحسبك بالفصل الثالث والعشرين من متّى..؟!

فمتى يفيق الملايين من الأصوليين أتباع هؤلاء المسحاء الكذابين.
- الأسفار كلها تحدد الرجسة:

...........،إن التوراة كلها - وليس سفر دانيال وحده - تحدد المراد برجسة الخراب على مدى فصول طويلة، ..........، أما الصفات المذمومة فلا حصر لها، إنها تشمل كل خلق ذميم بلا استثناء، إلا أن وصفاً واحداً - يتكرر كقافية الشعر العربي - في كل سفر،مما يدهش قارئ التوراة أياً كان، ويزيد الدهشة أن هذا الوصف خاصة يجب أن يكون أبعد الأوصاف عن شعب يدعي أنه شعب الله المختار استناداً إلى هذا الكتاب نفسه، هذا الوصف هو: النجاسة، وهي نجاسة مركبة معجونة بدم الطمث، ومعصرة الوحشية والعنف، ممزوجة بالغدر والصلف، نجاسة ذاتية لا يطهرها شيء..
"إنك لو اغتسلت بالنطرون، وأكثرت من الأشنان، لا تـزالين ملطخة بإثمك يقول السيد الرب: كيف تقولين لم أتنجس؟".

"خطئت أورشليم خطيئة لذلك صارت نجسة،.وفي الترجمة الأخرى: (رجسة)".

وهي نجاسة زانية: "دنست الأرض بزناها" أرمياء 3:2) "بل تحت كل شجرة خضراء زنت -وليس مع فاجر واحد- بل زنت مع أخلاء كثيرين (ن.م) لا؛ بل: زنت مع الحجر ومع الخشب".
وقضى الله أن لا تطهر من نجاستها أبداً. "إن في نجاستك فجوراً لأني أردت أن أطهرك فلم تطهري ولن تطهري بعد اليوم من نجاستك إلى أن أريح فيك غضبي".

ولهذا يذكر سفر أرمياء أن الرب قال له: "إني بسبب زنى المرتدة إسرائيل قد طلقتها فأعطيتها كتاب طلاق".

وسبب هذه العقوبة واضح متكرر. "تدنست الأرض تحت سكانها؛ لأنهم تعدوا الشرائع ونقضوا الحكم ونكثوا العهد الأبدي فلذلك أكلت اللعنة الأرض!!".

هذه اللعنات مسطورة في سفر التثنية يقول: "وإن لم تسمع لصوت الرب إلهك حافظاً وصاياه وفرائضه التي أنا آمرك بها اليوم، ولم تعمل بها، تأتي عليك هذه اللعنات كلها وتدركك؛ فتكون ملعوناً في المدينة، وملعوناً في البرية، وتكون ملعونة سلتك ومعجنك، وملعوناً ثمر بطنك وثمر أرضك ونتاج بقرك وغنمك، وتكون ملعوناً أنت في دخولك، وملعوناً أنت في خروجك، يرسل الرب عليك اللعنة والاضطراب والوعيد في كل ما تمتد عليه يدك وما تصنعه، حتى تبيد وتهلك سريعاً بسبب سوء أعمالك بعدما تركتني".

وعلى مدى أربعة وعشرين فقرة تستمر هذه اللعنات في أسلوب لا نظـير له، ثم تختتم قائلاً: "هذه اللعنات كلها تأتي عليك وتطاردك وتدركك حتى تبيد، لأنك لم تسمع لصوت الرب إلهك لتحفظ وصاياه وفرائضه التي أمرك بها فتكون فيك آية وخارقة وفي نسلك للأبد".
وكما أن تلك النجاسة مزيجها اللعنة؛ فإن الخزي قرينها "كما يخزى السارق حين يضبط كذلك خزي بيت إسرائيل هم وملوكهم ورؤساؤهم وكهنتهم".

ونجاسة إسرائيل هذه تخرج من فوق كما تخرج من أسفل، ولذلك قال أشعياء في سفره: "أنا مقيم بين شعب نجس الشفاه".
وحتى بعد موتهم وطردهم من الأرض المقدسة تلاحقهم النجاسة، ففي عاموس: "على بيت إسحاق، هكذا قال الرب: إن امرأتك تـزني في المدينة وبنيك وبناتك يسقطون بالسيف، وأرضك تقسم بالحبل، وتموت أنت في أرض نجسة، وإسرائيل يطرد من أرضه طرداً".

لقد فاقت في رجاستها وفواحشها ومظالمها أكثـر الأمم نجاسة في التاريخ: "صار إثم بنت شعبي أورشليم أعظم خطيئة من سدوم التي قُلِبت في لحظة ولم تمد إليها يد".

" إن سدوم أختك لم تصنع هي وتوابعها مثلما صنعت أنت وتوابعك".

ومن أعظمها: الوحشية والإفراط في سفك الدم؛ ولهذا فحين يسأل حزقيال ربه "أتهلك جميع بقية إسرئيل في صب غضبك على أورشليم؟".

يقول الرب: "إن إثم بيت إسرائيل ويهودا عظيم جداً جداً، وقد امتلأت الأرض دماءً، وامتلأت المدينة انحرافاً" 9: 8، 9).
وفي مراثي أرمياء يصور حالة الوحشية والفوضى الصهيونية وكأنه يتحدث عن الانتفاضة المعاصرة: "سفكوا في وسطها دم الأبرار، تاهوا كعميان في الشوارع، تلطخوا بالدم حتى لم يطق أحد أن يلمس ملابسهم، نادوهم: تنحوا، هناك نجس، تنحوا تنحوا ولا تلمسوا".،............

ويقول سفر هوشع عن الرب: "رأيت في بيت إسرائيل ما يقشعر منه، هناك زنى أفرائيم وتنجس إسرائيل".

وحرصاً على وقتنا ووقت القارئ وخوفاً من مقص الرقيب الأخلاقي لا نفيض في ذكر هذه النجاسات والأرجاس، ونكتفي بما قال حزقيال عن جرائم أفرائيم كما في هذه الألفاظ: "وكانت إليَّ كلمة الرب قائلاً: وأنت يا ابن الإنسان، هلاَّ تدين، هلاَّ تدين، مدينة الدماء وتعلمها بجميع قبائحها. فقل: هكذا قال السيد الرب: المدينة التي تسفك الدم في وسطها يأتي وقتها، فإنها تصنع قذارات لتتنجس بها.

لقد أثمت بدمك الذي سفكته، ونجستِ بقذاراتك التي صنعتها، فأدنيت أيامك وبلغتِ إلى سنيّك، فلذلك قد جعلتك عاراً للأمم، وسخرة لجميع الأراضي.
...........
.............
" إنكِ أرض غير مطهرة، لم تمطر في يوم الغضب. في وسطها مؤامرة أنبيائها (الدجالين) كأسد زائر مفترس فريسة قد التهموا النفوس وأخذوا المال والنفيس، وكثروا الأرامل في وسطها، كهنتها تعدَّوا على شريعتي ودنسوا أقداسي، ولم يميزوا بين المقدس والحلال، ولم يُعلِموا الفرق بين النجس والطاهر، وحجبوا عيونهم عن سبوتي، فتدنست في وسطهم، ورؤساؤها في وسطها كالذئاب المفترسة الفريسة، سافكين الدم، مهلكين النفوس، لكي يكسبوا كسباً... جاروا جوراً على شعب الأرض، واختلسوا خلسة، وظلموا البائس والمسكين، وجاروا على النـزيل بغير حق" نعم! لقد جاروا على شعب الأرض جوراً عظيماً، واختلسوا أمنهم وراحتهم وبلادهم ومزارعهم!

فهل نستمر مع حزقيال في استعراض أرجاس "رجسة الخراب" أم ننتقل إلى حديثه عن العقوبة؟!!

الجواب: يجب أن نقف، ليس لأننا خرجنا عن منهجنا في الاختصار؛ بل حياءً من القارئ -وربما خوفاً من مقص الرقيب الأخلاقي- فإن السفر ضرب بعد هذا -مثلاً- للرجستين السامرة وأورشليم اليهوديتين، بامرأتين زانيتين سماهما (أهله وأهليبه)، وفي التسمية تورية لفظية عنهما، وهما قصتان تليقان بما يكتبه الإعلام الأمريكي عن جيمي سواجارات وأمثاله من قادة الصهيونية النصرانيةأصحاب السيرة الأخلاقية السيئة، لكنها لا تليق ببحثنا ونستحيي من إيرادها، ولا أدري هل المتدينون النصارى يسمحون لأبنائهم وبناتهم بقراءة مثل هذه الموضوعات في (الكتاب المقدس)؟! أم يقرأونها وحدهم عند مشاهدة أفلام آخر الليل التي لا يراها من هم دون الثامنة عشرة؟!

أما عقوبة "أهله " وأختها فلا بأس من ذكرها كما أوردها السفر: "هكذا قال السيد الرب لتُستدعَ عليهما جماعة، ولتسلما إلى الذعر والنهب،فترجمهما الجماعة بالحجارة وتقطعهما بسيوفهما، ويقتلون بنيهما وبناتهما، ويحرقون بيوتهما بالنار، فأبطل الفجور من تلك الأرض".

فهنيئاً لأبطال الحجارة وهم يرجمون "أهله وأهليبه" المعاصرتين!!

أما السيف والنار فعمَّا قريبٍ بإذن الله، فالفصل التالي سوف يعرض لنا بالتفصيل ما هو مجمل هنا


([2]) أصل كلام انيال (ويبطل اليومية) أي العبادة اليومية، وهي الصلاة اليومية لكن العبادة اليهودية مرتبطة بالمحرقة، فذكروا الموصوف المحذوف وجعلوه المحرقة فأصبحت العبارة المحرقة اليومية أو المحرقة الدائمة والنسخ الإنجليزية واضحة في هذا.
([3]) حاشية مرقص، ص (167) العهد الجديد من الطبعة الكاثوليكية.



رد باقتباس

  #4  
قديم 04-05-2010, 02:59 PM
فارس نشيط

د.سعد فياض غير متصل




افتراضي رد: أيــــام الغضب في الكتب السابقة .. نهاية رجسة الخراب ودمار التنين العظيم خلف المي

أخيـــراً:( محاكمة لا مصالحة:

يعتقد الصهيونيون بوجهيهم - اليهودي والنصراني - أن اجتماع بقية بني إسرائيل على أرض فلسطين هو تحقيق لوعد الله بالمصالحة بينه وبين شعبه المختار، ولذلك نصرهم على العرب، وبارك من يباركهم - أمريكا- ولعن من يلعنهم..!!

والواقع أن أسفار التوراة لا تخلو من دعوة لليهود إلى المصالحة مع الرب، ولكن بماذا؟

إنها دعوة إلى التوبة، وترك الكفر بالله ورسله، ونبذ عبادة غير الله، وحفظ فرائضه، والشفقة على الضعفاء والأيتام، والإحسان إلى الخلق.

هذا ما نجده بوضوح في معظم الأسفار، ومعه في الوقت نفسه الوعيد الشديد عليهم إن هم خالفوا ذلك ونكثوا العهد، ونقضوا الميثاق، وهو ما لا علاقة له ضرورة بالنبوءات وأحداث آخر الزمان؛ بل هو دعوة عامة للتوبة والإيمان للفرد والجماعة في كل مكان، أما اجتماع البقية الشريرة المطرودة، وعودتها إلى الأرض المقدسة ليحل عليها غضب الله، فالنبوءات فيه صريحة وخاصة، وهي من الكثرة والوضوح بحيث يصعب حصرها وإيرادها إلا من خلال أمثلة وإشارات فقط...........،...............

ولنبدأ بالملخص الذي شرح به ناشرو الكتاب المقدس كلمة "بقية" لدى ورودها في سفر أشعياء وهو: "سيُعاقَب إسرائيل (أي الشعب) على خيانته، ولكن بما أن الله يحب شعبه فهناك بقية صغيرة تنجو من سيف المجتاحين"

ثم أحال إلى مواضع كثيرة واستمر قائلاً: "ستبقى هذه البقية في أورشليم، وتُطَهَّر وتصبح أمينة فتصير أمة قديرة!! وبعد كارثة السنة (587) -يعني: السبي- ظهرت فكرة جديدة، وهي أن البقية ستكون بين المجلوين، وتتوب في الجلاء -وذكر مصادر - فيجمعها الله عندئذٍ؛ لإحياء المملكة المشيحية -وذكر مصادر- وبعد العودة من الجلاء ستكون البقية غير أمينة مرة أخرى وتطهر بالقضاء على قسم منها.."

هذا هو مجمل الفكرة؛ حيث يزعم الأصوليون أن المملكة المشيحية قد تمثلت بقيام دولة إسرائيل التي سينـزل فيها المسيح!

أما كونها ستكون غير أمينة، وسوف تطهر بالقضاء على قسم منها؛ فيغضون الطرف عنه كأن لم يكن!!

وأما الأمة القديرة فإنهم أنفسهم ذكروا بعد ثلاث صفحات فقط أن الله يتخذ أمة قديرة للانتقام من بني إسرائيل، فهي إذن ستقضي على القسم المقضي عليه بغضب الله وهلاكه منهم.

فأداة الانتقام هي: الأمة القديرة المطهرة الأمينة.

ونحن سندلهم على القراءة الحقيقية لما جاء عن هذه البقية ونوردها على محاور:

الأول: أن هذه البقية لا عهد لها مع الله، فليس لله عهدٌ دائمٌ مع أحدٍ إلا بالالتزام بتقواه وطاعته: ((وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)) [البقرة:124].

وتاريخ بني إسرائيل هو دورات متعاقبة من الإيمان والكفر، لا يفرقه عن تاريخ بقية الأمم إلا غلظ كفرهم وزيادته مقارنةً بكثرة أنبيائهم، وتتابع إمهال الله لهم، ونعمه عليهم لعلهم يرجعون............

والبقية الباقية إنما تبقى للابتلاء والامتحان، فإن وفَّت وفَّى الله معها، وإن نقضت عاقبها الله، وليس بقاؤها لأنها طاهرة أمينة طهارة وأمانة أبديتين، بل إن هذه البقية تبقى لتكون عبرة للأمم كلها وإمهالاً منه لها لكي تتوب.
...............

أما التائبون العائدون إلى الله فهم قليلٌ، وهم الذين يسلمون فيكونون البقية المقدسة التي سيأتي الحديث عنها في آخر هذا الفصل، ويكون هذا بعد أن تفقد الصهيونية القوة التي تسندها فتسقط كل عروشها وتخسر كل دعاواها.
..............
الثاني: لا حق لها في وراثة إبراهيم عليه السلام:
يقول حزقيال في سفره: "وكانت إليَّ كلمة الرب قائلاً: يا ابن الإنسان إن سكان تلك الأخربة في أرض إسرائيل يتكلمون قائلين: كان إبراهيم وحده وورث الأرض، ونحن كثيرون، فقد أعطينا الأرض ميراثاً، لذلك قل لهم: هكذا قال السيد الرب: إنكم تأكلون بدم، وترفعون عيونكم إلى قذاراتكم وتسفكون الدم أفترثون الأرض؟ إنكم اعتمدتم على سيوفكم وصنعتم القبيحة (وفي الترجمة الأخرى: وفعلتم الرجس) ونجستم كلّ رجلٍ امرأةَ قريبه أفترثون الأرض؟".

إنه خطاب لشعب "رجسة الخراب"، وإلا فقد جاءت هذه النبوءة زمن النفي، وليس لليهود قوة ولا سلطان، ودماؤهم مسفوكة، أما الأرجاس المعاصرون فكل ما قيل هنا صادقٌ عليهم.
................
بل إنه ينفي نسبهم إلى إبراهيم عليه السلام، وهو عماد دعوى الميراث المزعوم، يقول: "يا ابن الإنسان: أخبر أورشليم بقبائحها، - وفي الترجمة الأخرى: عرّف أورشليم برجاستها - وقل: هكذا قال السيد الرب لأورشليم: أصلك ومولدك من أرض الكنعانيين وأبوك أموري وأمك حثية".

وبعد أن يفيض في نجاستها وزناها وفجورها جداً يعود فيقول: "إنما أنت ابنةٌ أمِّك التي عافت رَجُلَها وبنيها، وأنت أخت أخواتك اللاتي عفن رجالهن وبنيهن إن أُمّكن حثية وأبوكن أموري، فأختك الكبرى هي السامرة مع توابعها الساكنة عن يسارك، وأختك الصغرى الساكنة عن يمينك هي سدوم وتوابعها، وأنت لم تقتصري على القليل في سيرك في طريقهن وصنعت مثل قبائحهن (في الأخرى: رجاستهن)، بل زدت عليهن فساداً في كل سلوك، حي أنا، يقول السيد الرب: إن سدوم أختك لم تصنع هي وتوابعها مثلما صنعت أنت وتوابعك".

وسواء كان هذا من قبيل "إنه ليس من أهلك"، ومن قبيل قول المسيح عليه السلام لهم: "أنتم من أبٍ هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا".

أو أنه حقيقة قد انقطعت صلتهم بإبراهيم عليه السلام.

والذي لا جدال فيه أن اليهود اليوم هم خليطٌ غريبٌ من حثالات شعوب كثيرة، إلا أن أغلبهم من الأصل الخزري، وربما كان في قوله (حِثِّيَّة) إشارة لهذا، فالحثيون شعب مجهول، كان يسكن في جهة الشمال بالنسبة للأرض المقدسة -في تركية اليوم-، فلا يبعد أن يكون الموطن الأصلي للخزر، أو أن المقصود الإشارة إلى تلك الجهة التي سيكون منها معظم اليهود؛ لا سيما عند قيام رجسة الخراب "دولة إسرائيل".

لقد عجزت كل الحيل الصهيونية عن إثبات النسب السامي لليهود، ولم يستطع أحدٌ ممن يوثق بعلمه من دارسي السلالات البشرية أن يشهد لهم بهذا!!

كيف وهم من الفلاشا إلى المغاربة، ومن الفرس إلى الأسبان، ومن البولنديين إلى جنوب إفريقيا؟!!

ومن هنا كان سفر هوشع يقطع كل صلة لهؤلاء بالله ورسله، حين رمز لهم بامرأة زانية تلد ولداً فيأمره الرب أن يسميه (يزراعيل)، وهو الوادي الذي ستقع فيه معركة مجدو أو هرمجدون، ثم تلد بنتاً فيأمره أن يسميها (غير مرحومة)، ثم تلد ولداً فيقول الرب: سمه (لا شعبي) أو (ليس شعبي)، وهذا الرمز الأخير هو الذي يستخدمه الكاثوليك ومن وافقهم في تسمية اليهود!!

فنسبهم باطل، وأمهم غير مرحومة، وذريتهم ليست شعب الله!!

الثالث: أن الله سيعيدها إلى الأرض المقدسة للمحاكمة والعقوبة لا للصلح والمثوبة:
يقول حزقيال: "يقول السيد الرب: إني بيد قوية وذراعٍ مبسوطة وغضب مصبوب أملك عليكم وأخرجكم من بين الشعوب وأجمعكم من الأراضي التي شُتِّتم فيها بيد قوية وذراعٍ مبسوطة وغضبٍ مصبوب، وآتي إلى برية الشعوب وأحاكمكم هناك وجهاً لوجه كما حاكمت آباءكم في برية مصر" (20: 33-36).

وهذا إحالة إلى ما عاقبهم الله به من التيه أربعين سنة، وما حل بهم هناك من العقوبات المتتابعة.

ويوضحه ما في سفر صفنيا: "تكدّسي تكدّسي - في الترجمة الأخرى: تجمّعي تجمّعي - أيتها الأمة التي لا حياء لها قبل أن تطردوا كالعصافة العابرة في يوم واحد، قبل أن يحل بكم اضطرام غضب الرب، قبل أن يحل بكم يوم غضب الرب!".

ثم يتوجه بالخطاب إلى المظلومين المستضعفين في أرض فلسطين: "التمسوا الرب يا جميع وضعاء -في الترجمة الأخرى: يا بائسي- الرب الذين نفذوا حكمه، التمسوا البر، التمسوا الضعة، فعسى أن تستتروا في يوم غضب الرب" (2: 1-3).

وهكذا فاجتماعها إنما هو لحلول غضب الرب عليها، وحينئذٍ تطرد وتذاد عن الأرض المقدسة كما تكون العصافة في البيدر، تذهب بها الرياح كل مكان، وينجو المستضعفون المتمسكون بحبل الله وتقواه.

لكن الطرد لا يعني أنهم يستطيعون الفرار؛ بل يلوذ بعضهم به عائدين إلى مواطنهم الأولى أو غيرها، أما الأكثرون فمصيرهم كما في حزقيال: "من حيث إنكم صرتم زغلاً؛ فلذلك هأنذا أجمعكم في وسط أورشليم جمع فضة ونحاس وحديد ورصاص وقصدير، إلى وسط كور - (كير) (في الكاثوليكية: الأتون) - لنفخ النار عليها لسبكها، كذلك أجمعكم بغضبي وسخطي وأطرحكم وأسبككم فأجمعكم فأنفخ عليكم في نار غضبي، فتسبكون في وسطها كما تسبك الفضة في وسط الكور، كذلك تسبكون في وسطها، فتعلمون أني أنا الرب سكب سخطي عليكم".
...
وهذا ما سيكون في يوم الغضب الآتي ذكره قريباً.

....................
أما نحن فنقول:

حين يسترد المسلمون القدس بإذن الله، ويدمرون الرجس، تتحقق هذه النبوءات، فمن اليهود من يُقتل، ومنهم من يفر ويتشتت في الأرض، ومنهم من يبقى فيدخل في عهدنا وذمتنا ويرعى ولا يفزعه أحد، ومنهم من يسلم وجهه لله ويهتدي وهو البقية المقدسة.

ومن البقية التي تفر، ومن اليهود الذين لم يأتوا إلى فلسطين أصلاً تكون البقية الأخيرة التي تتبع الدجال في آخر الزمان، وحين ينزل عيسى عليه السلام لا يكون هناك ثلاثة أثلاث، بل نصفان: نصفٌ يُقتل ضمن المقتولين من جيش الدجال، ونصفٌ يُسْلِم مع عيسى عليه السلام؛ لأنه - كما ثبت عندنا بالخبر الصادق - يضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام أو السيف.

- يوم غضب الرب:

كيف يحل يوم غضب الله وتنـزل العقوبة على دولة الرجس والظلم والعدوان "إسرائيل"؟!

تُحدثنا الأسفار بوضوح عن هذه الأمور: -

1- صفات الجيش المنتصر.
2- انهيار الجيش الصهيوني.
3- مصير الحلفاء الاستراتيجيين للدولة الصهيونية.

وفي ثنايا كل سياق تتكرر أسباب العقوبة والخراب:

"الشرك بالله والكفر برسله والتمرد على أمره، سفك الدم البريء، والظلم والعدوان، المكر والغش والغدر، الفواحش، اضطهاد البائس والأرملة"...إلخ.

يبدأ الزمن الجديد بإعلان الجهاد، والمرجو أن تكون هذه الانتفاضة هي بدايته، فإن لم تكن فهي بلا شك تمهيد له. فلابد أن يعلن وأن تسقط الشعارات الأخرى.

لقد وضع ناشرو الكتاب المقدس عنوان (الزمن الجديد ويوم الرب) لما جاء في سفر يوئيل عن تصور هذا اليوم العظيم، الذي يبدأ بأن يتداعى جند الله للجهاد - بل إن السفر نفسه يدعو ويحض-، ولأنه في الغالب جهاد شعوب لا تملك الطائرات والعتاد الثقيل؛ بل أكثرهم لا يملك من الحديد إلا أدوات الفلاحة، ولأن بعضهم أو أكثرهم من شعوب فقيرة، اصطلت بنير الاحتكار الرأسمالي والربا اليهودي والتسلط الاستبدادي والحصار الأمريكي.. وفيهم ضعاف البنية، ويداخلهم لأجل ذلك شيء من التخوف، فالعدو جيش نووي قوي، ووراءه بالطبع قوى عالمية حاشدة؛ لأن ذلك كله واقع تأتي البشرى لتنفض الوهن وتشحذ العزائم:

"أعلنوا حرباً مقدسة
وأنهضوا الأبطال
وليتقدم رجال القتال ويصعدوا
اطرقوا محاريثكم سيوفاً
ومناجلكم رماحاً
وليقل الضعيف: إني بطل
أسرعوا وهلموا
يا جميع الأمم من كل ناحية
واجتمعوا هناك".

هكذا: جهاد وتوكل، إعداد بحسب الاستطاعة، لا استجداء للسلاح من أعداء الله.

أما سفر أرمياء فيحث على مسابقة الزمن وتدمير دولة الترف ومجتمع العنف:

"أعلنوا عليها حرباً مقدسة

قوموا نصعد عند الظهيرة
ويل لنا فإن النهار قد مال
وظلال المساء قد امتدت
قوموا نصعد في الليل
ونهدم قصورها
فإنه هكذا قال رب القوات
اقطعوا خشباً واركموا على أورشليم مردوماً
هذه هي المدينة التي ستفتقد
التي ليس فيها إلا ظلم
كما أن البئر تنبع مياهها
فكذلك هي تنبع شرها
فيها يسمع بالعنف والنهب
وأمامي كل حين مرض وضربة"

" هوذا شعب مقبل من أرض الشمال
وأمة عظيمة ناهضة من أقاصي الأرض
قابضون على القوس والحربة
قساة لا يرحمون
صوتهم كهدير البحر
وعلى الخيول راكبون مصطفون
كرجل واحد للمعركة
ضدَّكِ يا بنت صهيون".

ولأن السؤال يظل وارداً بإلحاح: أين الجيش الذي لا يقهر؟ أين جيش الخراب المتسمي بجيش الدفاع؟! يجيب سفر أشعياء جواباً قطعياً مختوماً ناسخاً لا منسوخاً([1]).

بأن الرب ناداه:

"فهلمّ الآن واكتب ذلك على لوح أمامهم

وارسمه في سفر
ليكون لليوم الأخير
دائماً وللأبد!
بما أنكم نبذتم هذه الكلمة
وتوكلتم على الظلم والالتواء!
واعتمدتم عليها
لذلك يكون هذا الاثم لكم
كصدع يحصل فيتضخم في سور عالٍ
فيحدث انهدامه بغتة على الفور
فينهدم مثل إناء الخزّافين
الذي يسحق بغير رفق
فلا يوجد في مسحوقه شقفة
لأخذ نار من الموقد!!
أو لغرف ماء من الجب!!
......................
ألف معاً تجاه تهديد واحد!!
وتجاه تهديد خمسة تهربون!!
حتى تتركوا كسارية على رأس الجبل
وكراية على التلة".

ويؤكد سفر عاموس ذلك:

"قد أتت النهاية لشعبي إسرائيل

فلا أعود أعفو عنه
فتصير أغاني القصر ولوالاً
في ذلك اليوم، يقول السيد الرب
وتكثر الجثث
وتلقى في كل مكان بصمت".

أما صفات المجاهدين وبسالتهم فيرسمها يوئيل في صورة بيانية بديعة: -
"كما ينتشر الفجر على الجبال

شعب كثير مقتدر
لم يكن له شبيه منذ الأزل
ولن يكون له من بعد
إلى سني جيل وجيل
...................
قدامه النار تأكل
وخلفه اللهيب يحرق
قدامه الأرض كجنة عدن
وخلفه قفر وخراب
ولا ينجو منه شيء
كمنظر الخيل منظره
ومثل الفرسان يسرعون
كصوت المركبات
على رءوس الجبال يقفزون
كصوت لهيب النار الآكلة القش
وكشعب مقتدر مصطف للقتال
من وجهه يرتعد الشعوب
وجميع الوجوه قد شحبت
كالأبطال يسرعون
وكرجال الحرب يتسلقون السور
وكل منهم يسير في طريقه
ولا يحيد عن سبله
ولا يزاحم أحد أخاه
بل يسيرون كل واحد في طريقه
ومن خلال السهام يهجمون
ولا يتبددون
يثبون إلى المدينة
ويسرعون إلى السور
ويصعدون إلى البيوت
ويدخلون من النوافذ".

ويصفها أشعياء هكذا:

"فيرفع راية لأمة بعيدة
ويصفر لها من أقصى الأرض
فإذا بها مقبلة بسرعة وخفة
ليس فيها منهك ولا عاثر
لاتنعس ولا تنام
ولا يحل حزام حقويها
ولا يفك رباط نعليها
سهامها محددة
وجميع قسيها مشدودة
تحسب حوافر خيلها صواناً
ومركباتها إعصاراً
لها زئير كاللبؤة
وهي تـزأر كالأشبال
وتزمجر وتمسك الفريسة
وتخطفها وليس من ينقذ
فتزمجر عليه في ذلك اليوم كزمجرة البحر
وتنظر إلى الأرض فإذا بالظلام والضيق
وقد أظلم النور في غمام حالك"([2]).

أما الأسرى الصهاينة فتحدد الأسفار مصيرهم هكذا:

في سفر التثنية: "ويردك الرب إلى مصر في سفن في الطريق التي قلت لك لا تعد تراها، فتباعون هناك لأعدائك عبيداً وإماءً وليس من يشتري".

ويوضحه ما في أرمياء: "هأنذا أحاكمك على قولك لم أخطئ.. إنك تخزين من مصر كما خزيت من آشور""أعبدٌ إسرائيل أم هو مولود بيت، عليه زأرت الأشبال، وأطلقت أصواتها، وجعلت أرضه دماراً، ومدنه احترقت بلا ساكن فيها وبنو نوف وتحفنحيس -مدينتان مصريتان معروفتان في ذلك الوقت- أيضاً حلقوا هامتك".

لاشك أن المجاهدين سيكونون من كل بلاد الإسلام، ولكن التبكيت والخزي بمصر له دلالته، فهي التي أخرجوا منها أول عهدهم حين أنجاهم الله من العبودية لآل فرعون، والآن بسبب ردتهم -التي صرح بها السفر مراراً- سيعادون إليها عبيداً، لكن لا أحد يشتري هذه المرة..! لماذا..؟ لأنهم رجس..!

فهم يحملون في أبدانهم فيروسات الإيدز، ويحملون في قلوبهم الحقد والغدر، فلا يريدهم أحد، ولو عبيداً وإماءً.

وفي الاتجاه المقابل وفيما يشبه النفخ في الصور يعود اللاجئون الفلسطينيون إلى ديارهم، ويتداعى المسلمون بعد المعركة الكبرى والنصر العظيم إلى الأرض المباركة للزيارة والاعتكاف، ولاسيما من العراق ومصر.

يقول أشعياء: "في ذلك اليوم يدوس الرب قمحه من مجرى النهر إلى وادي مصر، وأنتم تلقطون واحداً فواحداً يا بني إسرائيل.
وفي ذلك اليوم ينفخ في بوق عظيم ويأتي الهالكون في أرض آشور والمنفيون في أرض مصر ويسجدون للرب في جبل القدس في أورشليم".

أما العراق فلأن الله قد فك عنهم الحصار الذي أهلكهم وأجهدهم!
وأما مصر فلأنها تشعر بالحرج البالغ بسبب كامب ديفيد!

أما مصير الحليف الاستراتيجي فقد سبق ما يمهد لـه في الكلام عن نبوءة دانيال، فهناك اتفقنا نحن وهم على أن الامبراطورية الرومانية الجديدة هي ذلك الحليف، ولكن لأن الذين كتبوا عن النبوءات قبل قيام دولة إسرائيل فسروا بابل الجديدة بأنها القديمة، أي أن النبوءة قد مضت([3]) -أو فسروها بأنها روما مقر الكنيسة الكاثوليكية- ولأن الذين كتبوا بعد قيام دولة الرجس أغفلوا هذا؛ بل هم يزعمون أن عظمة أمريكا وقوتها هو ببركة نصرتها لـإسرائيل؛ لأجل ذلك ضاعت الحقيقة عن مصير هذا الحليف المجرم.

فلنذكر نحن ما قالت الأسفار عن وصفه ومصيره:

1- يخاطب سفر أشعياء دولة الرجس قائلاً: "إذا صرختِِ فلتنقذك مجموعاتك، لكن الريح سترفعها جميعاً،والنسيم يذبها، أما الذي يعتصم بي فيملك الأرض ويرث جبل قدسي".
وفي الترجمة الأخرى: "ولكن الريح تحملهم كلهم تأخذهم نفخة أما المتوكل عليّ فيملك الأرض ويرث جبل قدسي"
ويذكرهم قائلاً: "إذا مد الرب يده عثر الناصر وسقط المنصور وفنوا كلهم جميعاً".

2- يصف أرمياء حال بابل الجديدة قائلاً: "كيف كسرت وحطّمت مطرقة الأرض بأسرها؟ كيف صارت بابل دهشاً عند الأمم، نصبتُ لكِ فخاً فأُخذتِ يا بابل ولم تشعري، لقد وجدتِ نقيضي عليكِ لأنك تحديتِ الرب".

ويصفها بأنها: "اعتدّت بنفسها على الرب..."

ويقول: "هأنذا عليك أيها الاعتداد بالنفس.. لأنه قد أتى يومك وقت افتقادك، سيعثر الاعتداد بالنفس ويسقط وليس أحد ينهضه وأوقد ناراً في مدنه فتلتهم كل ما حوله".


ومن أوصافها فيه:

أ- هي "كأس ذهب بيد الرب، تسكر كل الأرض. من خمرها شربت الأمم ولذلك فقدت رشدها".

ب- "قائمة على المياه الغزيرة وكثيرة الكنوز".

ج- هي خليط من الشعوب، ولذلك هم عند بداية يوم غضب الله عليها ينصح بعضهم بعضاً: "اهجروها ولنذهب كل واحد إلى أرضه؛ فإن الحكم عليها بلغ أعلى السماوات ورفع إلى الغيوم".

3- يذكر أشعياء أن العقوبة في يوم الغضب لا تختص بالرجسة وحدها بل: "في ذلك اليوم يعاقب الرب بسيفه القاسي العظيم الشديد، لاوياثان الحية الهاربة، ولاوياثان الحية الملتوية، ويقتل التنين الذي في البحر".

لقد حار شراحهم في تفسير ذلك، ولكن المتأمل في قيام رجسة الخراب يجد أن ثلاث حيات أنشأتها: -

1- الحية الهاربة التي أعطت وعد بلفور وهيأت للعصابات الصهيونية ثم هربت بريطانيا.

2- الحية الملتوية التي التفت على الأرض المقدسة وهي دولة صهيون.

3- التنين أو الحية العظمى التي في البحر -إذ في البحر حاملات طائراتها ومدمراتها لإرهاب المسلمين- وهي أمريكا!!

ويؤيده ما سبق (ص:75-81) عن الوحش، وأن التنين هو الذي يعطيه القدرة والملك..........، بذكر الصفات .............. نقلاً عن السفر: -

أ- "الزانية العظيمة الجالسة على المياه الكثيرة التي زنى معها ملوك الأرض وسكر كل سكان الأرض من خمر زناها".

ب- "لمياه التي رأيت حيث الزانية جالسة هي: شعوب وجموع وأمم وألسنة".

ج- بعد تدميرها "يبكي تجار الأرض وينوحون عليها؛ لأن بضائعهم لا يشتريها أحد فيما بعد، بضائع من الذهب والفضة والحجر الكريم واللؤلؤ والبز والأرجوان والحرير والقرمز..والعاج والخشب والنحاس والحديد والقرفة والبخور والطيب والخرد والزيت والحنطة والبهائم غنماً وخيلاً ومركبات... كل هذه البضائع تجارها سيقفون من بعيد من أجل خوف عذابها، يبكون وينوحون، ويقولون: ويل! ويل! خربت في ساعة واحدة".

إنها دولة الرفاهية والتجارة العالمية والشركات العملاقة.. إنها الدولة التي إذا نزلت بها كارثة كسد الاقتصاد العالمي، .........، ويقول: "لأن تجارك كانوا عظماء الأرض إذ بسحرك ضلت جميع الأمم وفيها وجد دم أتباع أنبياء وقديسين وجميع من قتل على الأرض".

وحينئذٍ كما يقول السفر: تهلل الشعوب ويهلل من في السماء قائلين: "المجد والكرامة والقدرة للرب إلهنا لأن أحكامه حق وعادلة إذ قد دان الزانية العظيمة التي أفسدت الأرض بزناها وانتقم لدم عبيده من يدها".

إذن ليست روما، ولكنها أمريكا، وإلا فليشطب الأصوليون هذه النبوءات ويستريحوا ويريحوا، وعقوبتها في الأسفار:

إما ربانية "رياح " - كما سبق - أو إعصار. "كيف صارت بابل دهشاً بين الشعوب؟
طلع البحر على بابل فغمرها بهدير أمواجه، وصارت مدنها دماراً. أرضاً قاحلة مقفرة...".
وفي دانيال ومتّى "زلازل وأوبئة" على الأرض، ولبابل -بلا ريب- النصيب الأوفر منها!!

..وإما بشرية يرسلها الله: "أيتها القائمة على المياه الغزيرة الكثيرة الكنوز، قد حان أجلكِ، بنفسه أقسم رب القوات: أملأك رجالاً كالجنادب فيصيحون عليك بهتاف الانتصار! هو الذي صنع الأرض بقوته وثبّت الدنيا بحكمته".
هكذا تقول النبوءات الكتابية.

فما هتاف الانتصار الذي ينشده جند الله بعد تدمير رجسة الخراب يقيناً أو بعد تدمير أمريكا غالباً.

إنه هتاف عجيب يورده أشعياء:

"استيقظي استيقظي
البسي عزك يا فلسطين -في الأصل صهيون-
البسي ثياب فخرك يا أورشليم
يا مدينة القدس
فإنه لا يعود يدخلك أقلف ولا نجس
انفضي الغبار عنك
قومي اجلسي يا أورشليم
حُلَّت قيود عنقك
أيتها الأسيرة".

...............، ثم تذكر النبوءة كيف يمتن الله على عباده المؤمنين الذين يفرحون بنصره قائلاً: "لأني حينئذٍ أجعل للأميين (في الأصل الشعوب) شفة نقية (لا شفة نجسة كشفة إسرائيل) ليدعوا جميعاً باسم الرب وليعبدوه كتفاً على كتف".

يعلم الناس عامة وأهل الكتاب خاصة أنه ما من أمة تعبد الله كتفاً على كتف كالبنيان المرصوص إلا أمة الإسلام. وهم أطهر الناس شفة، وحسب شفاههم طهارة أنها لا تسب الله، فتقول: إن لـه ابناً، أو إنه يجهل وينسى ويندم -تعالى الله عما يقول المشركون علواً كبيراً-.


- فسقولون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريباً:

بقي السؤال الأخير والصعب:
متى يحل يوم الغضب؟
ومتى يُدمر الله رجسة الخراب؟
ومتى تفك قيود القدس وتعود لها حقوقها؟


إن الإجابة قد سبقت ضمناً فحين حدد دانيال المدة بين الكرب والفرج، وبين عهد الضيقة وعهد الطوبى، كانت كما سبق (45) سنة!!
وقد رأينا أن تحديده قيام دولة الرجس في القدس كان سنة (1967م) وهو ما قد وقع.

وعليه فتكون النهاية أو بداية النهاية سنة (1967 + 45) = 2012م
أي سنة (1387+45) = 1433هـ.


وهو ما نرجو وقوعه ولا نجزم - إلا إذا صدقه الواقع - لكن لو دخل معنا الأصوليون في رهان كما دخلت قريش مع أبي بكر الصديق بشأن الروم، فسوف يخسرون قطعاً وبلا أدنى ريب، وبدون أن نلتـزم بتحديد سنة معينة!!




([1]) لأن اليهود يعتقدون النسخ في الأخبار.([2]) وقد نقل شيخ الإسلام عن ابن قتيبة وابن ظفر (الجواب الصحيح 5/ 258) أول هذه البشارة، وقالوا: إنها في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، لكن قالوا إن ذلك في الحج. وهذا إن صدق على أولها فآخرها في الجهاد قطعاً.([3]) وقد سبق بيان بطلان ذلك، وخاصة أن بعض الأنبياء كان بعد تدمير بابل الأولى بقرون، ومجرد وصف بابل بالجديدة يكفي للدلالة على أنها غير الأولى، فهو كما جاء أن أبا جهل فرعون هذه الأمة أو القول بأن أمريكا هي "عاد" هذا العصر ونحوه.